x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في المحتوى

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

النحو

اقسام الكلام

الكلام وما يتالف منه

الجمل وانواعها

اقسام الفعل وعلاماته

المعرب والمبني

أنواع الإعراب

علامات الاسم

الأسماء الستة

النكرة والمعرفة

الأفعال الخمسة

المثنى

جمع المذكر السالم

جمع المؤنث السالم

العلم

الضمائر

اسم الإشارة

الاسم الموصول

المعرف بـ (ال)

المبتدا والخبر

كان وأخواتها

المشبهات بـ(ليس)

كاد واخواتها (أفعال المقاربة)

إن وأخواتها

لا النافية للجنس

ظن وأخواتها

الافعال الناصبة لثلاثة مفاعيل

الأفعال الناصبة لمفعولين

الفاعل

نائب الفاعل

تعدي الفعل ولزومه

العامل والمعمول واشتغالهما

التنازع والاشتغال

المفعول المطلق

المفعول فيه

المفعول لأجله

المفعول به

المفعول معه

الاستثناء

الحال

التمييز

الحروف وأنواعها

الإضافة

المصدر وانواعه

اسم الفاعل

اسم المفعول

صيغة المبالغة

الصفة المشبهة بالفعل

اسم التفضيل

التعجب

أفعال المدح والذم

النعت (الصفة)

التوكيد

العطف

البدل

النداء

الاستفهام

الاستغاثة

الندبة

الترخيم

الاختصاص

الإغراء والتحذير

أسماء الأفعال وأسماء الأصوات

نون التوكيد

الممنوع من الصرف

الفعل المضارع وأحواله

القسم

أدوات الجزم

العدد

الحكاية

الشرط وجوابه

الصرف

موضوع علم الصرف وميدانه

تعريف علم الصرف

بين الصرف والنحو

فائدة علم الصرف

الميزان الصرفي

الفعل المجرد وأبوابه

الفعل المزيد وأبوابه

أحرف الزيادة ومعانيها (معاني صيغ الزيادة)

اسناد الفعل الى الضمائر

توكيد الفعل

تصريف الاسماء

الفعل المبني للمجهول

المقصور والممدود والمنقوص

جمع التكسير

المصادر وابنيتها

اسم الفاعل

صيغة المبالغة

اسم المفعول

الصفة المشبهة

اسم التفضيل

اسما الزمان والمكان

اسم المرة

اسم الآلة

اسم الهيئة

المصدر الميمي

النسب

التصغير

الابدال

الاعلال

الفعل الصحيح والمعتل

الفعل الجامد والمتصرف

الإمالة

الوقف

الادغام

القلب المكاني

الحذف

المدارس النحوية

النحو ونشأته

دوافع نشأة النحو العربي

اراء حول النحو العربي واصالته

النحو العربي و واضعه

أوائل النحويين

المدرسة البصرية

بيئة البصرة ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو في البصرة وطابعه

أهم نحاة المدرسة البصرية

جهود علماء المدرسة البصرية

كتاب سيبويه

جهود الخليل بن احمد الفراهيدي

كتاب المقتضب - للمبرد

المدرسة الكوفية

بيئة الكوفة ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو في الكوفة وطابعه

أهم نحاة المدرسة الكوفية

جهود علماء المدرسة الكوفية

جهود الكسائي

الفراء وكتاب (معاني القرآن)

الخلاف بين البصريين والكوفيين

الخلاف اسبابه ونتائجه

الخلاف في المصطلح

الخلاف في المنهج

الخلاف في المسائل النحوية

المدرسة البغدادية

بيئة بغداد ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو في بغداد وطابعه

أهم نحاة المدرسة البغدادية

جهود علماء المدرسة البغدادية

المفصل للزمخشري

شرح الرضي على الكافية

جهود الزجاجي

جهود السيرافي

جهود ابن جني

جهود ابو البركات ابن الانباري

المدرسة المصرية

بيئة مصر ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو المصري وطابعه

أهم نحاة المدرسة المصرية

جهود علماء المدرسة المصرية

كتاب شرح الاشموني على الفية ابن مالك

جهود ابن هشام الانصاري

جهود السيوطي

شرح ابن عقيل لالفية ابن مالك

المدرسة الاندلسية

بيئة الاندلس ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو في الاندلس وطابعه

أهم نحاة المدرسة الاندلسية

جهود علماء المدرسة الاندلسية

كتاب الرد على النحاة

جهود ابن مالك

اللغة العربية

لمحة عامة عن اللغة العربية

العربية الشمالية (العربية البائدة والعربية الباقية)

العربية الجنوبية (العربية اليمنية)

اللغة المشتركة (الفصحى)

فقه اللغة

مصطلح فقه اللغة ومفهومه

اهداف فقه اللغة وموضوعاته

بين فقه اللغة وعلم اللغة

جهود القدامى والمحدثين ومؤلفاتهم في فقه اللغة

جهود القدامى

جهود المحدثين

اللغة ونظريات نشأتها

حول اللغة ونظريات نشأتها

نظرية التوقيف والإلهام

نظرية التواضع والاصطلاح

نظرية التوفيق بين التوقيف والاصطلاح

نظرية محاكات أصوات الطبيعة

نظرية الغريزة والانفعال

نظرية محاكات الاصوات معانيها

نظرية الاستجابة الصوتية للحركات العضلية

نظريات تقسيم اللغات

تقسيم ماكس مولر

تقسيم شليجل

فصائل اللغات الجزرية (السامية - الحامية)

لمحة تاريخية عن اللغات الجزرية

موطن الساميين الاول

خصائص اللغات الجزرية المشتركة

اوجه الاختلاف في اللغات الجزرية

تقسيم اللغات السامية (المشجر السامي)

اللغات الشرقية

اللغات الغربية

اللهجات العربية

معنى اللهجة

اهمية دراسة اللهجات العربية

أشهر اللهجات العربية وخصائصها

كيف تتكون اللهجات

اللهجات الشاذة والقابها

خصائص اللغة العربية

الترادف

الاشتراك اللفظي

التضاد

الاشتقاق

مقدمة حول الاشتقاق

الاشتقاق الصغير

الاشتقاق الكبير

الاشتقاق الاكبر

اشتقاق الكبار - النحت

التعرب - الدخيل

الإعراب

مناسبة الحروف لمعانيها

صيغ اوزان العربية

الخط العربي

الخط العربي وأصله، اعجامه

الكتابة قبل الاسلام

الكتابة بعد الاسلام

عيوب الخط العربي ومحاولات اصلاحه

أصوات اللغة العربية

الأصوات اللغوية

جهود العرب القدامى في علم الصوت

اعضاء الجهاز النطقي

مخارج الاصوات العربية

صفات الاصوات العربية

المعاجم العربية

علم اللغة

مدخل إلى علم اللغة

ماهية علم اللغة

الجهود اللغوية عند العرب

الجهود اللغوية عند غير العرب

مناهج البحث في اللغة

المنهج الوصفي

المنهج التوليدي

المنهج النحوي

المنهج الصرفي

منهج الدلالة

منهج الدراسات الانسانية

منهج التشكيل الصوتي

علم اللغة والعلوم الأخرى

علم اللغة وعلم النفس

علم اللغة وعلم الاجتماع

علم اللغة والانثروبولوجيا

علم اللغة و الجغرافية

مستويات علم اللغة

المستوى الصوتي

المستوى الصرفي

المستوى الدلالي

المستوى النحوي

وظيفة اللغة

اللغة والكتابة

اللغة والكلام

تكون اللغات الانسانية

اللغة واللغات

اللهجات

اللغات المشتركة

القرابة اللغوية

احتكاك اللغات

قضايا لغوية أخرى

علم الدلالة

ماهية علم الدلالة وتعريفه

نشأة علم الدلالة

مفهوم الدلالة

جهود القدامى في الدراسات الدلالية

جهود الجاحظ

جهود الجرجاني

جهود الآمدي

جهود اخرى

جهود ابن جني

مقدمة حول جهود العرب

التطور الدلالي

ماهية التطور الدلالي

اسباب التطور الدلالي

تخصيص الدلالة

تعميم الدلالة

انتقال الدلالة

رقي الدلالة

انحطاط الدلالة

اسباب التغير الدلالي

التحول نحو المعاني المتضادة

الدال و المدلول

الدلالة والمجاز

تحليل المعنى

المشكلات الدلالية

ماهية المشكلات الدلالية

التضاد

المشترك اللفظي

غموض المعنى

تغير المعنى

قضايا دلالية اخرى

نظريات علم الدلالة الحديثة

نظرية السياق

نظرية الحقول الدلالية

النظرية التصورية

النظرية التحليلية

نظريات اخرى

النظرية الاشارية

مقدمة حول النظريات الدلالية

المستثنى

المؤلف:  جلال الدين السيوطي

المصدر:  همع الهوامع

الجزء والصفحة:  ج1/ ص248-292

20-10-2014

14229

المستثني هو المخرج ب ( إلا ) أو إحدى أخواتها بشرط الإفادة فإن كان بعضا فمتصل وإلا فمنقطع يقدر ب ( لكن ) وقال الكوفية بسوى وابن يسعون ( إلا ) فيه مع ما بعدها كلام مستأنف ولا يستثني بفعل فإن حذف المستثنى منه فله مع ( إلا ) ما له مع سقوطها ولا يكون بعد مصدر مؤكد قطعا ولا في غير نفي وشبهه في الأصح وفي لازمه ك ( لولا ) ولو خلف وجوز الزجاج الإبدال في التحضيض وقوم نصب ما قام إلا زيدا وإن ذكر نصب ب ( إلا ) أو ب ( ما ) قبلها أو به بواسطتها أو بأن مقدرة بعدها أو بأن مخففة من أن ركبت إلا منها ومن ( لا ) أو بخلافه للأول أو ( بأستثني ) أقوال فإن كان متصلا مؤخرا منفيا أو كمنفي اختير إتباعه بدلا وقال الكوفية عطفا ولا يشترط إفراد المستثنى منه ولا عدم صلاحيته للإيجاب ولا في نصبه تعريف المستثنى منه ولا يختار النصب في متراخ ولا مردود به متضمن الاستثناء خلافا لزاعميها فإن توسط بين المستثنى منه وصفته فكذلك وقيل النصب راجح وقيل مساو وقيل واجب وإتباع منقطع صح إغناؤه ومتصل متقدم وموجب لغة وهل المتقدم بدل أو مبدل أو يقاس خلف

ص248

ولا يتبع مجرور بزائد واسم لا التبرئة على اللفظ وجوزه الكوفية في نكرة لمجرور ب ( من ) والأخفش ومعرفة وإن عاد قبل صالح للإتباع على مبتدأ أو منسوخ بغير زال وأخواته ضمير خبر أو وصف قال أبو حيان أو حال اتبع العائد جوازا وصاحبه اختيارا وكذا مضاف ومضاف إليه ( ش ) عبرت بالمستثني كابن مالك في ( التسهيل ) خلاف تعبير النحاة سيبويه فمن بعده بالاستثناء لأن الباب للمنصوبات والمستثني أحدها لا الاستثناء كما ترجم في بقية الأبواب بالمفعول والحال دون المفعولية والحالية قال أبو حيان أجري ابن مالك الباب على ما قبله من المفعول معه فكما بوب لما بعد واو ( مع ) بالمعفول معه كذلك بوب لما بعد ( إلا ) وشبهها بالمستثنى وحده المخرج بإلا أو إحدى أخواتها تحقيقا أو تقديرا من مذكور أو متروك بشرط الفائدة فالمخرج شامل لجميع المخصصات وبإلا يخرج ما عدا المستثنى منها وتحقيقا هو المتصل فإن بعض المخرج منه نحو قام إخوانك إلا زيدا وتقديرا هو المنقطع نحو : , ( ما لهم به من علم إلا اتباع الظن ) , النساء : 157 فإن الظن وإن لم يدخل في العلم تحقيقا لأنه ليس بعضه فهو في تقدير الداخل فيه إذ هو مستحضر بذكره لقيامه مقامه في كثير من المواضع فهو حين استثنى مخرج مما قبله تقديرا ومن هذا القبيل : , ( إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين ) , الحجر : 42 إذا لحظ في الإضافة معنى الإخلاص : , ( لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم ) , هود : 43 , ( ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف ) , النساء : 22 لأن السابق زمانه لا يصح دخوله ومثال المذكور ما تقدم والمتروك ما ضربت إلا زيدا أي أحدا وقولنا بشرط الفائدة لبيان أن النكرة لا يستثنى منها في الموجب ما لم تفد فلا يقال جاء قوم إلا رجلا ولا قام رجال إلا زيدا لعدم الفائدة فإن أفاد جاز

ص249

نحو : , ( فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين ) , العنكبوت : 14 وقام رجال كانوا في دارك إلا رجلا والفائدة حاصلة في النفي للعموم نحو ما جاءني أحد إلا رجلا أو إلا زيدا وكذا لا يستثنى من المعرفة النكرة التي لم تخصص نحو قام القوم إلا رجلا فإن تخصصت جاز نحو قام القوم إلا رجلا منهم ثم المنقطع يقدر عند البصريين ب ( لكن ) المشددة لأنه في حكم جملة منفصلة عن الأولى فقولك ما في الدار أحد إلا حمارا في تقدير لكن فيها حمارا على أنه استدراك مخالف ما بعد ( لكن ) فيه ما قبلها غير أنهم اتسعوا فأجروا ( إلا ) مجرى ( لكن ) ولما كانت لا يقع بعدها إلا المفرد بخلاف ( لكن ) فإنه لا يقع بعدها إلا كلام تام لقبوه بالاستثناء تشبيها بها إذا كانت استثناء حقيقة وتفريقا بينها وبين لكن والكوفيون يقدرونه ب ( سوى ) وقال قوم منهم أبو الحجاج وابن يسعون إلا مع الاسم الواقع بعدها في المنقطع يكون كلاما متسأنفا وقال في نحو قوله : –

( وما بالرَّبْعِ مِنْ أَحِدٍ إلاّ الأوارِيَّ ** )

ص250

 ( إلا ) فيه بمعنى لكن والأواري اسم لها منصوب بها والخبر محذوف كأنه قال لكن الأواري بالربع وحذف خبر إلا كما حذف خبر لكن في قوله :–

( ولكِنَّ زنْجيًّا عَظِيمَ المشَافِر ** )

قال أبو حيان ولا يستوي المتصل والمنقطع في الأدوات فإن الأفعال التي يستثني بها لا تقع في المنقطع لا تقول ما في الدار أحد خلا حمارا ثم المستثنى منه تارة يكون محذوفا وتارة يكون مذكورا فالأول يجري على حسب ما يقتضيه العامل قبله من رفع أو نصب أو جر بحرفه لتفريغه له ووجود ( إلا) كسقوطها نحو ما قام إلا زيد وما ضربت إلا زيدا وما مررت إلا بزيد , ( وما محمد إلا رسول ) ,آل عمران : 144 وما في الدار إلا عمرو ولا يكون ذلك عند أكثر النحاة إلا في غير الموجب وهو النفي كما مثل والنهي والاستفهام نحو : , ( ولا تقولوا على الله إلا الحق ) , النساء : 171 (لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللهَ ) البقرة : 83 ( هَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ القَوْمُ الظَّالِمُونَ ) الأنعام : 47 وجوز بعضهم وقوعه في الموجب أيضا نحو قام إلا زيد وضربت إلا زيدا ومررت إلا بزيد والجمهور على منعه لأنه يلزم منه الكذب إذ تقديره ثبوت القيام والضرب والمرور بجميع الناس إلا زيدا وهو غير جائز بخلاف النفي فإنه جائز ولو كان الموجب لازما له نفي ك ( لو ) و ( لولا ) فذهب المبرد إلى جواز التفريغ نحو لولا القوم إلا زيدا لأكرمتك ولو كان معنا إلا زيد لأكرمتك وأباه غيره لأن التفريغ يدخل في الجملة الثابتة وأما الجواب الذي هو منفي فخارج عما دخلت فيه إلا وأجاز الزجاج الإبدال في التحضيض إجراء له مجرى النفي نحو : ( فَلَوْلاَ كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ ) يونس : 98

ص251

والتفريغ يكون في كل المعمولات من فاعل ومفعول به وغيره إلا المصدر المؤكد فإنه لا يكون فيه ولذلك أولوا قوله تعالى : , ( إن نظن إلا ظنا ) , الجاثية : 32 على حذف الوصف أي ظنا ضعيفا وأجاز الكسائي في نحو ما قام إلا زيد مع الرفع على الفاعلية النصب على الاستثناء قال ابو حيان وهو مبني على ما أجازه من حذف الفاعل وجوز أيضا بناء عليه الرفع على البدل من الفاعل المحذوف ووافق الكسائي على إجازة النصب طائفة واستدلوا بقوله : –

( لم يبق إلا المَجْدَ والقَصائِدَا ** غَيْرَكََ يا ابن الأكرمين وَالِدَا )

يروى بنصب ( المجد ) و ( غير ) أي لم يبق أحد غيرك وأجيب ب أن ( غير ) فاعل مرفوع والفتحة بناء لإضافته إلى مبني والثاني وهو المستثنى من مذكور ينصب على التفصيل الآتي وفي ناصبه أقوال أحدها أنه ( إلا ) وصححه ابن مالك وعزاه لسيبويه والمبرد واستدل بأنها مختصة بدخولها على الاسم وليست كجزء منه فعملت فيه ك ( إن ) و ( لا ) التبرئة الثاني أنه بما قبل ( إلا ) من فعل ونحوه من غير أن يعدى إليه بواسطة إلا وعزي لابن خروف لابتصاب ( غير ) به بلا واسطة إذا وقعت موقع إلا الثالث أنه بما قبل ( إلا ) معدى إليه بواسطتها وعليه السيرافي وابن الباذش والفارسي وابن بابشاذ والرندي وعزاه الشلوبين للمحققين قياسا على المفعول معه فإن ناصبه الفعل بواسطة الواو ونسبه ابن عصفور لسيبويه واختاره ابن الضائع وفرقوا بينه وبين ( غير ) بأن ما بعد ( إلا ) مشبه بالظرف المختص الذي لا يصل فيه الفعل إلا بواسطة حرف الجر و ( غير )

ص252

لإبهامها كالظرف المبهم يصل إليه الفعل بنفسه وقدح فيه بأنه قد لا يكون قبل إلا فعل نحو القوم إخوتك إلا زيدا الرابع أنه ب ( أن ) مقدرة بعد ( إلا ) وعليه الكسائي فيما نقله السيرافي قال التقدير إلا أن زيدا لم يقم الخامس أنه ب ( إن ) مخففة ركبت ( إلا ) منها ومن ( لا ) وعليه الفراء قال ولهذا رفع من رفع تغليبا لحكم لا ) ومن نصب غلب حكم ( إن ) السادس أنه انتصب لمخالفة الأول لأن المستثنى موجب له القيام بعد نفيه عن الأول أو عكسه وعليه الكسائي فيما نقله ابن عصفور السابع أنه ب ( أستنثى ) مضمرا وعليه المبرد والزجاج فيما نقله السيرافي ولم يترجح عندي قول منها فلذا أرسلت الخلاف وأقواها الثلاثة الأول والأخير وسواء في نصب المستنثنى من المذكور المتصل والمنقطع الموجب وغيره نحو قام القوم إلا زيدا وجاء القوم إلا حمارا وما قام أحد إلا زيدا وما في الدار أحد إلا حمارا لكن يختار الإتباع في المتصل المؤخر المنفي وشبهه نحو ما قام أحد إلا زيد وما ضربت أحدا إلا زيدا وما مررت بأحد إلا زيد وقال تعالى , ( ومن يغفر الذنوب إلا الله ) , آل عمران : 135 , (ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون ) , الحجر : 56 , ( ما فعلوه إلا قليل منهم ) , النساء : 66 وهو بدل عند البصريين بدل بعض من كل لأنه على نية تكرار العامل وعطف عند الكوفيين و ( إلا ) عندهم حرف عطف لأنه مخالف للأول والمخالفة لا تكون في البدل وتكون في العطف ب ( بل ) و ( لا ) و ( لكن ) وأجيب بأن المخالفة واقعة في بدل البعض لأن الثاني فيه مخالف للأول في المعنى وقد قالوا مررت برجل لا زيد ولا عمرو وهو بدل ولا عطف لأن من شرط ( لا ) العاطفة ألا تكرر وقال ابن الضائع لو قيل إن البدل في الاستثناء قسم على حدته ليس من تلك الأبدال التي عينت في باب البدل لكان وجها وهو الحق وحقيقة البدل هنا أنه يقع موقع الأول ويبدل مكانه .

ص253

وزعم بعض النحويين أن الإتباع يختص بما يكون به المستثنى منه مفردا وقد رد عليه سيبويه بقوله تعالى , ( ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم ) , النور : 6 ( فشهداء ) جمع وقد أبدل منه وشرط بعض القدماء للإتباع عدم صلاحية المستثنى منه للإيجاب كأحد ونحوه ورد بالسماع قال تعالى , ( ما فعلوه إلا قليل منهم ) , النساء : 66 وشرط الفراء لجواز النصب فيما اختير فيه الإتباع أن يكون المستثنى منه معرفة ورد بالسماع قال تعالى ( وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ امْرَأَتَكَ ) هود : 81 فيمن نصب وحكى سيبويه ما مررت بأحد إلا زيدا وما أتاني أحد إلا زيدا واختار ابن مالك النصب في المتراخي نحو ما ثبت أحد في الحرب ثباتا نفع الناس إلى زيدا ولا تنزل علي أحد من بني تميم إن وافينهم إلا قيسا قال لأنه قد ضعف التشاكل بالبدل لطول الفصل بين البدل والمبدل منه قال أبو حيان وهذا والذي ذكره لم يذكره أصحابنا واختار ابن مالك أيضا النصب فيمارد به كلام تضمني الاستثناء كقول القائل قاموا إلا زيدا وأنت تعلم أن الأمر بخلافه فتقول ما قام القوم إلا زيدا فتنصب ولا ترفع لأنه غير مستقل والبدل في حكم الاستقلال قال أبو حيان وهذا أيضا لم يذكره أصحابنا إلا أن ابن عصفور حكى نحوه عن ابن السراج ورده وإذا أتبع المجرور ب ( من ) أو الباء الزائدتين أو اسم ( لا ) الجنسية تعين اعتبار المحل نحو ما في الدار من أحد إلا زيد وما من إله إلا إله واحد وليس زيد بشيء إلا شيئا لا يعبأ به ولا إله إلا الله

ص254

وإنما لم يجز الإتباع على اللفظ لأنها لا تعمل في المعرفة سوي الباء ولا في الموجب وأجازه الكوفيون في مجرور ( من ) إذا كان المستثنى نكرة وأجاز الأخفش ولو كان معرفة بناء على رأيه من جواز زيادة ( من ) في المعرفة والموجب وأنشد عليه قوله :-

( وما بالرّبْع مِن أحد ** إلاّ الأواريِّ . . . . . . . . . )

بالخفض وعلم من القيود أن المتصل والمنقطع المقدم والمؤخر الموجب لا يختار فيه الإتباع بل يجب النصب في الثلاثة في اللغة الشهيرة نحو , ( ما لهم به من علم إلا اتباع الظن ) , النساء : 157:

 ( وَمَا لِيَ إلاّ آلَ أحْمَدَ شِيعَةٌ ** )

ص255

، ( فشربوا منه إلا قليلا منهم ) , البقرة : 249 وفي لغة تميم يتبع المنقطع بشرط صحة إغنائه عن المستثنى منه نحو ما في الدار أحد إلا زيد قال :  –

( وبلدة ليس بها أَنيسُ ** إلاّ اليعافيرُ وإلاّ العيسُ )

ص256

وقد شبه سيبويه نصب المقدم بنعت النكرة إذا تقدم عليها فإنه ينتصب على الحال بعد إتباعه فإن لم يصح إغناؤه نحو ما زاد إلا ما نقص وما نفع إلا ما ضر تعين نصبه عند جميع العرب وكذا إن تقدم نحو ما في الدار إلا حمارا أحد وفي لغة يتبع المقدم حكى سيبويه ( ما لي إلا أبوك أحد ) قال سيبويه فيجعلون ( أحد ) بدلا وأبوك مبدلا منه ووجهه الأبذي بأن البدل لا يمكن تقديمه وقيل هو بدل وهو في نية التأخير وقال ابن الصائغ ( أحد بدل من ( إلا ) مع الاسم مجموعين وهو شبيه ببدل الشيء من الشيء لأن ( ما قام إلا أبوك ) في قوة ما قام غير أبيك أحد فيصح إطلاقه عليه )

ص257

قال ابن عصفور ولا يقاس على هذه اللغة وقد قاسه الكوفيون والبغداديون وابن مالك ومن الوارد منه قوله :–

( إذَا لَمْ يَكُنْ إلاّ النّبيُّون شافِعُ ** )

وقوله :-

( فلم يَبْقَ إلاَّ واحدٌ منهُمُ شفْرُ ** )

أما المتوسط بين المستثنى منه وصفته نحو ما جاءني أحد إلا زيدا خير منك وما قام القوم إلا زيدا العقلاء وما مررت بأحد إلا زيد خير منك فيجوز فيه الإتباع بدلا والنصب على الاستثناء كالمتأخر والإتباع فيه هو المختار أيضا مثله للمشاكلة هذا مذهب سيبويه واختلف النقل عن المازني فالمشهور عنه موافقة سيبويه ونقل ابن عصفور عنه أنه يختار النصب ولا يوجبه لأن المبدل منه منوي الطرح فلا ينبغي أن يوصف بعد ذلك ونقل عنه أيضا أنه يوجب النصب ويمنع الإبدال فحصل عنه ثلاثة أقوال قال أبو حيان والنصب حينئذ أجود من النصب متأخرا ونقل ابن مالك في ( شرح الكافية ) عن المبرد اختيار النصب ثم قال وعندي أن النصب والبدل مستويان لأن لكل واحد منهما مرجحا فتكافئا وفي لغة يتبع المؤخر الموجب وخرج عليها قراءة , ( فشربوا منه إلا قليل ) , البقرة : 249 فشربوا منه إلا قليل

ص258

وإذا عاد على المستثنى منه العامل فيه الابتداء أو أحد نواسخه ضمير قبل المستثنى الصالح للإتباع أتبع الضمير العائد جوازا وصاحبه اختيار نحو ما أحد يقول ذلك إلا زيد وما كان أحد يجترئ عليك إلا زيد وما حسبت أحدا يقول ذاك إلا زيد فيجوز في هذه الأمثلة أن يجعل ( زيد ) تابعا للمبتدأ أو لاسم ( كان ) أو للمفعول الأول فيكون بدلا منه وهو المختار لأن المسوغ للإتباع هو النفي وهو أقرب إلى الظاهر منه إلى الضمير ويجوز أن يجعل تابعا للمضمر فيكون بدلا منه لأن النفي متوجه عليه من جهة المعنى وسواء كان العائد من الخبر كما تقدم أو من الوصف نحو ما فيهم أحد اتخذت عنده يدا إلا زيد وما كان فيهم أحد يقول ذاك إلا زيد قال أبو حيان والقياس يقتضي إجراء الحال مجرى الصفة في ذلك نحو ما إخوتك في البيت عاتبين عليك إلا زيد فيجوز إتباع زيد لإخوتك أو للمضمر المستكن في ( عاتبين ) لأن الحال يتوجه عليها النفي في المعنى وسواء في المسألة المتصل أو المنقطع نحو ما أحد يقيم بدارهم إلا الوحش قال : –

( في ليلة لا نَرَى بها أحَداً ** يَحكى علينا إلاَّ كواكُبها )

 فكواكبها بالرفع بدل من ضمير ( يحكي ) وهو منقطع إلا أن أحدا وضميره خاص بالعاقل فلو كان العائد بعد المستثنى نحو ما أحد زيدا يقول ذاك أو المستثنى غير صالح للإتباع نحو ما أحد ينفع إلا الضر ولا مال يزيد إلا النقص تعين النصب وامتنع الإتباع البتة

ص259

ولو كان العامل غير ما ذكر نحو ما شكر رجل أكرمته إلا زيد وما مررت بأحد أعرفه إلا عمرو تعين إتباع الظاهر وامتنع إتباع الضمير إذ لا تأثير للنفي في أكرمت وأعرف وكذا ما زال وإخوته من النواسخ نحو ما زال وافد من بني تميم يسترفدنا إلا زيد لا يجوز فيه إلا إتباع الظاهر لأنه نفي معناه الإيجاب قال أبو حيان وهل تختص المسألة بالاستثناء بإلا لم يمثل النحويون إلا بها والظاهر أن ( غير ) كذلك نحو ما ظننت أحدا يقول ذاك غير زيد بالنصب تبعا لأحد والرفع تبعا للضمير قال ابن مالك وفي حكم الظاهر والمضمر من إتباع أيهما شئت المضاف والمضاف إليه نحو ما جاء أخو أحد إلا زيد إن شئت أتبعت المضاف فترفع أو المضاف إليه فتجر

منع تقديم المستثنى أول الكلام

( ص ) ولا يقدم أول الكلام وجوزه الكوفية والزجاج ولا بعد حرف نفي خلافا للأبذي وقدمه الكسائي عليه والفراء إلا مع المرفوع وهشام مع الدائم وفي تقديمه على المستثنى منه وعامله متوسط كلام ثالثها يجوز إن كان العامل متصرفا ( ش ) الجمهور على منع تقديم المستثني أو الكلام موجبا كان أو منفيا فلا يقال إلا زيدا قام القوم ولا إلا زيدا ما أكل أحد طعاما ولا ما إلا زيدا قام القوم لأنه لم يسمع من كلامهم ولأن إلا مشبهة ب ( لا ) العاطفة وواو ( مع ) وهما لا يتقدمان وجوز الكوفية والزجاج تقديمه واستدلوا بقوله : –

( خلا اللهَ لا أرجو سِوَاك وإنّما ** أَعُدُّ عِيالي شُعْبةً من عِيالِكَا )

ص260

وقوله :  

( وبلدةٍ ليس بها طُوريُّ ** ولا خلا الجنَّ بها إنْسِيُّ )

ورد في ( خلا ) وهي فرع إلا فالأصل أولى بذلك وجوزه الأبذي في المنفي بعد سبق حرف النفي كقوله ولا خلا الجن قال لأنه لم يتقدم على الكلام بجملته لسبق ( لا ) النافية وجوز الكسائي تقديمه على حرف النفي أيضا وأجازه الفراء إلا مع المرفوع ومنعه هشام إلا مع الدائم أما تقديمه على المستثنى منه وعلي العامل فيه إذا لم يتقدم وتوسط بين جزأي كلام ففيه مذاهب أحدها المنع مطلقا سواء كان العامل متصرفا أم غير متصرف فلا يقال القوم إلا زيدا قاموا ولا القوم إلا زيدا قائمون ولا القوم إلا زيدا في الدار تشبيها بالمفعول معه قال أبو حيان وهذا مذهب من يرى أن العامل في المستثنى ما تقدم من فعل وشبهه والثاني الجواز المطلق وصححه بعض المغاربة لوروده قال : –

( ألا كل شَيْء ما خلا اللهَ باطِلُ ** )

 فالاستثناء من ضمير ( باطل ) و ( باطل ) عامل في ذلك الضمير وقال :–

( كلُّ دِين يَوْمَ القيامة عند الله ** إلا دينَ الحَنِيفَةِ بُورُ )

ص261

والثالث الجواز مع المتصرف والمنع في غيره وعليه الأخفش وصححه أبو حيان لأن السماع إنما ورد بالتقديم في المتصرف فيقتصر عليه ولا يقدم على غيره إلا بثبت من العرب

عدم جواز استثناء شيئين بأداة واحدة

لا يستثنى بأداة شيئان دون عطف على الأصح وقيل قطعا والخلاف في موهمه فقيل لحن وقيل صحيح على أنهما بدل ومعمول مضمر وقيل بدلان ( ش ) لا يستثني بأداة واحدة دون عطف شيئان فلا يقال أعطيت الناس إلا عمرا الدنانير ولا ما أعطيت أحدا درهما إلا عمرا دانقا تشبيها بواو ( مع ) وحرف الجر فإنهما لا يصلان إلا إلى معمول واحد وأجازه قوم تشبيها بواو العطف حيث يقال ضرب زيد عمرا وبشر خالدا وقيل لم يقل أحد بجوازه وإنما الخلاف في صحة التركيب فقوم قالوا بفساده وإنه لحن وقوم قالوا إنه صحيح لا على الاستثناء بل على أن الأول بدل والثاني منصوب بفعل مضمر من لفظ الفعل الظاهر والتقدير إلا عمرا أعطيته الدنانير وأعطيته دانقا وأخذ درهما وضرب بعضا وقيل كلاهما بدلان من الاسمين السابقين قبل إلا فيبدل من المرفوع مرفوع ومن المنصوب منصوب وعليه ابن السراج وقد ورد إبدال اسمين في الموجب في قوله: –

( فلما قَرَعْنا النّبْعَ بالنَّبْع بَعْضَهُ ** ببَعْض . . . . . . . . . . . . . . )

 أما تعدد المستثني مع العطف نحو قام القوم إلا زيدا وعمرا فجائز اتفاقا

ص262

المستثنى الوارد بعد جمل متعاطفة

والوارد بعد جمل متعاطفة للكل ولو اختلف العامل في الأصح وقيل إن سبق لغرض وقيل إن عطف بالواو وبعد مفردين يصح لكل للثاني فإن تقدم فللأول فإن كان أحدهما مرفوعا ولو معنى فله مطلقا ( ش ) قال أبو حيان هذه المسألة قل من تعرض لها من النحاة ولم أر من تكلم عليها منهم سوى ابن مالك في ( التسهيل ) وإليها نادى في ( شرح اللمع ) قلت والأمر كما قال فإن المسالة بعلم الأصول أليق وقد ذكرها أبو حيان نفسه في ( الارتشاف ) فأحببت إلا أخلي كتابي منها فنقول إذا ورد الاستثناء بعد جمل عطف بعضها على بعض فهل يعود للكل فيه مذاهب أحدها وهو الأصح نعم وعليه ابن مالك إلا أن يقوم دليل على إرادة البعض قال تعالى , ( والذين يرمون أزواجهم ) , النور : 6 الآية فقوله , ( إلا الذين تابوا ) , عائد إلى فسقهم وعدم قبول شهادتهم معا إلا في الجلد لما قام عليه من الدليل وسواء اختلف العامل في الجمل أم لا بناء على أن العامل في المستثنى إنما هو إلا لا الأفعال السابقة الثاني أنه يعود للكل إن سيق الكل لغرض واحد نحو حبست داري على أعمامي ووقفت بستاني على أخوالي وسلبت سقايتي لجيراني إلا أن يسافروا وإلا فللأخيرة فقط نحو ( أكرم العلماء وأحبس ديارك على أقاربك وأعتق عبيدك إلا الفسقة منهم ) الثالث إن عطف بالواو عاد للكل أو بالفاء أو ثم عاد للأخيرة فقط وعليه ابن الحاجب الرابع أنه خاص بالجملة الأخيرة واختاره أبو حيان الخامس إن اتحد العامل فللكل أو اختلف ف للأخيرة خاصة إذ لا يمكن عمل العوامل المختلفة في مستثني واحد وعليه البهاباذي بناء على أن عامل المستثنى الأفعال السابقة دون إلا وأما الواو بعد مفردين وهو بحيث يصح لكل منهما فإنه للثاني فقط كذا جزم به ابن مالك نحو غلب مائة مؤمن مائتي كافر إلا اثنين

ص263

فإن تقدم الاستثناء على أحدهما تعين للأول نحو , ( قم الليل إلا قليلا نصفه ) , المزمل : 2 - 3 فـ (إلا قليلا ) صالح لكونه من ( الليل ) ومن ( نصفه ) لكنه تقدم على ( نصفه ) فاختص بالليل لأن الأصل في الاستثناء التأخير وكذا لو تقدم عليهما معا فإنه يكون للأول نحو استبدلت إلا زيدا من أصحابنا بأصحابكم فإلا زيدا مستثني من قوله ( من أصحابنا ) لا من قوله ( بأصحابكم ) هذا إن لم يكن أحدهما مرفوعا لفظا أو معني فإن كان اختص به مطلقا أولا كان أو ثانيا نحو ضرب إلا زيدا أصحابنا أصحابكم وملكت إلا الأصاغر عبيدنا أبناءنا وضرب إلا زيدا أصحابكم أصحابنا وملكت إلا الأصاغر أبناءنا عبيدنا فالأبناء في المثالين فاعل من حيث المعنى لأنهم المالكون فإن لم يصح كونه لكل منهما بل لأحدهما فقط تعين له نحو طلق نساءهم الزيدون إلا الحسينات وأصبى الزيدين نساؤهم إلا ذوي النهى واستبدلت إلا زيدا من إمائنا بعبيدنا

تكرار إلا

وتكرر إلا توكيدا فيبدل غير الأول منه إن كان مغنيا عنه وإلا عطف بالواو وجوز الصيمري طرحها ولغيره فإن أمكن استثناء بعض من بعض فكل لما يليه وقيل للأول وقيل الثاني منقطع أولا فإن فرغ العامل شغل بأحدها ونصب غيره وإلا نصب الكل إن تقدمت استثناء وقال ابن السيد يجوز حالا واستثناء الأول وحالية الباقي وعكسه وغير واحد إن تأخرت وله ما له مفردا وجوز الأبذي نصب الكل استثناء ورفعها وأحدها نعتا أو بدلا أيضا في النفي وحكمها معنى كالأول

ص264

 إذا كررت ( إلا ) فلها حالان الأول أن تكون للتأكيد فتعجل كأنها زائدة لم تذكر ويكون ما بعد الثانية بدلا مما بعد الأولى نحو قام القوم إلا محمدا إلا أبا بكر وهي كنيته وشرط هذا التكرار أن يكون الثاني يغني عن الأول كما أن أبا بكر يغني عن ذكر محمد فإن لم يكن يغني عنه عطف بالواو لمباينته للأول نحو قام القوم إلا زيدا وإلا جعفرا وقد اجتمعا في قوله : –

( ما لَكَ مِنْ شَيْخك إلاّ عَمَلُهْ ** إلاّ رَسِيمُهُ وإلاّ رَمَلُهْ )

والرسيم والرمل ضربان من العدو والرمل لا يغني عن قوله إلا رسيمة فعطف بالواو وهما يغنيان عن قوله إلا عمله فلم يعطف إلا رسيمه الحال الثاني أن تكرر لغير تأكيد فإن أمكن استثناء بعضها من بعض ففيه مذاهب أحدها وعليه البصريون والكسائي أن الأخير يستثني من الذي قبله والذي قبله بمستثني من الذي قبله إلى أن ينتهي إلى الأول نحو له على عشرة إلا تسعة ثمانية إلا سبعة فإلا سبعة مستثنى من ثمانية يبقى واحد يستثني من تسعة وهي من عشرة فيضم الأشفاع داخلة والأوتار خارجة فالمقر به اثنان الثاني أنها كلها راجعة إلى المستثنى منه الأول فإذا قال له على مائة إلا عشرة إلا اثنين فالمقر به ثمانية وثمانون وعلى الأول المقر به اثنان وتسعون الثالث أن الاستثناء الثاني منقطع والمقر به على هذا اثنان وتسعون أيضا وعليه الفراء والمعنى عليه له عندي مائة إلا عشرة سوى الاثنين التي له عندي وإن لم يكن استثناء بعضها من بعض فإن كان العامل مفرغا شغل بواحد منها أيا كان متقدما أو متأخرا أو متوسطا ونصب ما سواه نحو ما قام إلا زيد إلا عمرا إلا بكرا ولك أن ترفع بدل زيد عمرا أو بكرا لكن الأول أولى وإن لم يكن مفرعا فإن تقدمت نصبت الجميع على الاستثناء نحو ما قام إلا زيدا إلا عمرا إلا خالدا أحد

ص265

وزعم ابن السيد أنه يجوز في ذلك أربعة أوجه النصب على الاستثناء كما نص عليه النحويون والنصب على الحال قال لأنها لو تأخرت لجاز كونها صفات لأن إلا يوصف بها فإذا تقدمت انتصبت على الحال وجعل الأول حالا والثاني استثناء وعكسه ورد بأن ( إلا ) غير متمكنة في الوصف بها فلا تكون صفة إلا وهي تابعة في اللفظ ولا يجوز تقديمها أصلا وإن تأخرت فلأحدها ما له مفردا وللباقي النصب نحو قام القوم إلا زيدا إلا عمرا إلا بكرا وما جاء أحد إلا زيدا إلا عمرا إلا بكرا وجوز الأبذي في الإيجاب نصب الجميع على الاستثناء كما قاله النحويون ورفع الجميع على الصفة ورفع أحدها على الصفة ونصب الباقي على الاستثناء كما قال ابن السيد فيما تقدم إن إلا صفة في المكرر وجوز في النفي نصب الجميع على الاستثناء ورفع الجميع على البدل أو النعت ورفع أحدهما على الوجهين ونصب الباقي على الاستثناء وحكم ما بعد الأول من هذا النوع حكم الأول من دخوله في غير الموجب وخروجه من الموجب

الاستثناء من العدد

ويجوز استثناء المساوي خلافا لقوم والأكثر وفاقا لأبي عبيدة والسيرافي والكوفية وعليه ( كلكم جائع إلا من أطعمته) إلا المستغرق خلافا للفراء وفي العدد ثالثها لا يجوز عقد صحيح وهو من الإثبات نفي وعكسه خلافا للكسائي ومباحث الاستثناء من صناعة الأصوليين ( ش ) قال أبو حيان اتفق النحويون على أنه لا يجوز أن يكون المستثني مستغرقا للمستثنى منه ولا كونه أكثر منه إلا أن ابن مالك نقل عن الفراء جواز له على ألف إلا ألفين

ص266

واختلفوا في غير المستغرق فأكثر النحويين أنه لا يجوز كون المستثنى قدر المستثنى منه أو أكثر بل يكون أقل من النصف وهو مذهب البصريين واختاره ابن عصفور والأبذي وأكثر الكوفيين أجازوا ذلك وهو مذهب أبي عبيدة والسيرافي واختاره ابن خروف والشلوبين وابن مالك وذهب بعض البصريين وبعض الكوفيين إلى أنه يجوز أن يكون المخرج النصف فما دونه ولا يجوز أن يكون أكثر من ذلك ويدل لجواز الأكثر قوله تعالى : , ( إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين ) ، الحجر : 42 والغاوون أكثر من الراشدين , ( ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ) , البقرة : 130 وحديث مسلم : 
( يا عبادي كلم جائع إلا من أطعمته ) والمطعمون أكثر قطعا ولجواز النصف قوله تعالى : , ( قم الليل إلا قليلا نصفه ) , المزمل : 2 - 3 قال أبو حيان وجميع ما استدل به محتمل التأويل والمستقرأ من كلام العرب إنما هو الاستثناء الأقل واختلف النحويون في الاستثناء من العدد على مذاهب أحدها الجواز مطلقا واختاره ابن الصائغ والثاني المنع مطلقا واختاره ابن عصفور لأن أسماء العدد نصوص فلا يجوز أن ترد إلا على ما وضعت له والثالث المنع إن كان عقدا نحو عندي عشرون إلا عشرة والجواز إن كان غير عقد نحو له عشرة إلا اثنين ورد هذا وما قبله بقوله تعالى : , ( فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما ) ، العنكبوت : 14 وقال أبو حيان لا يكاد يوجد استثناء من عدد في شيء من كلام العرب إلا في هذه الآية الكريمة

ص267

قال ولم أقف في شيء من دواوين العرب على استثناء من عدد والآية خرجت مخرج التكثير ومذهب الجمهور أن الاستثناء من النفي إثبات ومن الإثبات نفي فنحو قام قوم إلا زيدا وما قام أحد إلا زيدا يدل الأول على نفي القيام عن زيد والثاني على ثبوته له وخالف في ذلك الكسائي وقال إنه مسكوت عنه لا دلالة له على نفيه عنه ولا ثبوته واستفادة الإثبات في كلمة التوحيد من عرف الشرع وبقية مباحث الاستثناء المذكورة في ( الارتشاف ) من علم الأصول لا تعلق لها بالنحو فلذا أضربنا عن ذكرها ها هنا الاستنثاء بـ ( إلا ) والوصف بها

( ص ) مسألة يوصف ب ( إلا ) وبتاليها جمع منكر قال ابن الحاجب غير محصور أو شبهه أو ذو أل الجنسية قال الأخفش أو غيرها وسيبويه كل نكرة وقوم كل ظاهر ومضمر وقيل المراد بالوصف البيان وشرطه أن يصح الاستثناء وقيل المتصل وقيل البدل وقيل أن يتعذر وألا يحذف موصوفها ولا يليها ( ش ) الأصل في ( إلا ) أن تكون للاستثناء وفي ( غير ) أن تكون وصفا ثم قد تحمل إحداهما على الأخرى فيوصف ب ( إلا ) ويستثنى ب ( غير ) والمفهوم من كلام الأكثرين أن المراد الوصف الصناعي وقال بعضهم قول النحويين إنه يوصف بإلا يعنون بذلك أنه عطف بيان وعلى الأول الوصف بها وبتاليها لا بها وحدها ولا بالتالي وحده وحكمه كالوصف بالجار والمجرور وشرط الموصوف أن يكون جمعا منكرا نحو جاءني رجال قرشيون ألا زيد ومنه : , ( لو كان فيهما آلهة إلا الله ) , الأنبياء : 22 أو مشبه الجمع نحو ما جاءني أحد إلا زيد

ص268

وزاد ابن الحاجب في ( الكافية ) بعد قوله جمع منكر غير محصور قال النيلي وهو احتراز من العدد نحو له على عشرة إلا درهما فإنه يتعين فيه الاستثناء أو ذا أل الجنسية لأنه في معنى النكرة نحو :  –

( قليل بها الأصْواتُ إلاّ بُغَامُها ** )

 بخلاف ذي أل العهدية هذا ما جزم به ابن مالك تبعا لابن السراج والمبرد وجوز الأخفش أن يوصف بها المعرف بأل العهدية وجوز سيبويه أن يوصف بها كل نكرة ولو مفردا ومثل ب ( لو كان معنا رجل إلا زيد ) واختاره وما قبله صاحب ( البسيط ) وجوز بعض المغاربة أن يوصف بها كل ظاهر ومضمر ونكرة ومعرفة وقال إن الوصف بها يخالف سائر الأوصاف ومن شروط الوصف بها أن لا يصح الاستثناء بخلاف ( غير ) فلا يجوز عندي درهم إلا جيد ويجوز غير جيد كذا قاله ابن مالك وغيره وقال أبو حيان إنه كالمجمع عليه إلا أن تمثيل سيبويه ب ( لو كان معنا رجل إلا زيد ) يخالفه لأنه لا يجوز فيه الاستثناء وكذا , ( لو كان فيهما آلهة إلا الله ) , الأنبياء : 22 لا يجوز فيه الاستثناء لأنه لا عموم فيه استغراقي يندرج فيه ما بعد إلا وقد انفصل بعض أصحابنا عن ذلك بأنه لا يعني بصحة الاستثناء المتصل بل أعم منه ومن المنقطع والآية يصح فيها الاستثناء المنقطع وقد صرح المبرد والجرمي بجواز الوصف بها حيث يصح المنقطع وشاهده قوله :

ص269

( لَدَمٌ ضائِعٌ تغيّب عنه ** أقربوه إلاّ الصَّبا والجنوبُ )

فـ ( أقربوه ) موصوف بإلا الصبا والجنوب وليسا من جنسه والقصيدة مرفوعة وسواء كان الاستثناء مما يجوز فيه البدل أم لا وزعم المبرد أن الوصف بإلا لم يجيء إلا فيما يجوز فيه البدل ولذلك منع قام إلا زيد بحذف الموصوف وجعل إلا صفة له لأنه لا يجوز فيه البدل ورد بالسماع قال : –

( وكلّ أخ مفارقهُ أَخُوه ** لَعَمرُ أَبيك إلاّ الفَرْقَدان )

بـ ( إلا الفرقدان ) صفة ولا يمكن فيه البدل وأغرب ابن الحاجب فشرط في وقوع إلا صفة أن يتعذر الاستثناء وجعل البيت المذكور شاذا ومن شروط الوصف ب ( إلا ) ألا يحذف موصوفها بخلاف (غير) فلا يقال جاءني إلا زيد ويقال جاءني غير زيد ونظيرها في ذلك الجمل والظروف فإنها تقع صفات ولا يجوز أن تنوب عن موصوفاتها وألا يليها بأن تقدم عليه منصوبة على الحال لأنها غير متمكنة في الوصف كما تقدم

( إلا ) عاطفة وزائدة

قال الكوفية والأخفش وترد عاطفة كالواو والإعراب كالاستثناء والأصمعي وابن جني وزائدة

ص270

 أثبت الكوفيون والأخفش ل ( إلا ) معنى ثالثا وهو العطف كالواو وخرجوا عليه , ( لئلا يكون للناس عليكم حجة إلا الذين ظلموا ) ,البقرة : 150 , ( لا يخاف لدي المرسلون إلا من ظلم ) , النمل : 10 - 11 أي ( ولا الذين ظلموا ) ولا من ظلم وتأولهما الجمهور على الاستثناء المنقطع وأثبت الأصمعي وابن جني لها معنى رابعا وهو الزيادة وخرجوا عليه قوله:–

( حرَاجيجُ ما تَنْفَكُّ إلاّ مُناخَةً ** )

 وخرج عليه ابن مالك : –

( أري الدَّهر إلاَّ مَنْجَنُوناً بأهلِهِ ** )

وأجيب بتقدير ( لا ) في الثاني وبأن ( تنفك ) تامة فنفيها نفي و ( مناخة ) حال ( ص ) ولا يليها نعت ما قبلها خلافا للزمخشري ويليها في النفي مضارع مطلقا وماض إن وليت فعلا قيل أو صحبت ( قد ) ولا يعمل تاليها فيما قبلها ولا عكسه إلا مستثني منه أو صفته قال الأخفش أو ظرف أو حال وابن الأنباري أو مرفوع والكسائي مطلقا ( ش ) فيه مسائل الأولى لا يفصل بين الموصوف وصفته بإلا فلا يقال جاءني رجل إلا راكب لأنهما كشيء واحد فلا يفصل بينهما بها كما لا يفصل بها بين الصلة والموصول ولا بين المضاف والمضاف إليه ولأن ( إلا ) وما بعدها في حكم جملة مستأنفة والصفة لا تستأنف ولا تكون في حكم المستأنف كذا ذكره ابن مالك تبعا للأخفش والفارسي

ص271

وذكره أيضا صاحب ( البسيط ) ورد على الزمخشري حيث جوز ذلك في المفرد نحو ما مررت برجل إلا صالح وفي الجملة نحو ( ما مررت بأحد إلا زيد خير منه ) , ( وما أهلكنا من قرية إلا ولها كتاب معلوم ) , الحجر : 4 بأنه مذهب لا يعرف لا بصري ولا كوفي وقال الصواب أن الجملة في الآية والمثال حالية وإنما لم تقس الصفة على الحال لوضوح الفرق بينهما بجواز تقديم الحال على صاحبه ويخالفه في الإعراب والتنكير الثانية يلي إلا في النفي فعل مضارع مطلقا سواء تقدمها فعل أو اسم نحو ما كان زيد إلا يضرب عمرا وما خرج زيد إلا يجر ثوبه وما زيد إلا يفعل كذا وماض بشرط أن يتقدمها فعل نحو ( وَمَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلاَّ كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ ) الحجر : 11 قال ابن مالك ويغني عن تقديم فعل اقتران الماضي بقد كقوله: –

( وما المَجدُ إلاّ قد تبيّن أنّهُ ** بندًى وحِلْم لا يزال مُؤثّلا )

 لأنها تقربه من الحال فأشبه المضارع والمضارع لا يشترط فيه ذلك لشبهه بالاسم والاسم بإلا أولى لأن المستثنى لا يكون إلا اسما ومؤولا به وإنما ساغ وقوع الماضي بتقديم الفعل لأنه مع النفي يجعل الكلام بمعني كلما كان كذا كان كذا فكان فيه فعلان كما كان مع كلما وقال ابن طاهر أجاز المبرد وقوع الماضي مع ( قد ) بدون تقدم فعل ولم يذكره من تقدم من النحاة وفي ( البديع ) لو قلت ما زيد إلا قام لم يجز فإن دخلت ( قد ) أجازها قوم الثالثة الاستثناء في حكم جملة مستأنفة لأنك إذا قلت جاء القوم إلا زيدا فكأنك قلت جاء القوم وما منهم زيد فمقتضي هذا ألا يعمل ما بعد إلا فيما قبلها ولا ما قبلها فيما بعدها فلا يقدم معمول تاليها عليها فلا يقال ما زيد إلا أنا ضارب

ص272

وقال الرماني لا يقال ما قومك زيدا إلا ضاربون لأن تقدم الاسم الواقع بعد إلا عليها غير جائز فكذا معموله لما تقرر من أن المعمول لا يقع إلا حيث يقع العامل ولا يؤخر معمول ما قبلها عنها فلا يقال ما ضرب إلا زيد عمرا وما ضرب إلا زيدا عمرو وما مر إلا زيد بعمرو إلا على إضمار عامل يفسره ما قبله ويستثني من هذا القسم المستثنى منه وصفته فيجوز تأخيرهما كما تقدم نحو ما قام إلا زيدا أحد وما مررت بأحد إلا زيدا خير من عمرو وأجاز الكسائي تأخير المعمول مرفوعا كان أو منصوبا أو مجرورا واستدل بقوله : –

( فما زَادَنِي إلاّ غراماً كَلاَمُها ** )

 وقوله : –

( وما كفَّ إلا ماجدٌ ضُرَّ بائس ** )

 وقوله تعالى , ( وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا ) , إلى قوله , ( بالبينات والزبر ) , النحل : 43 – 44 ووافقه ابن الأنباري في المرفوع فقط كما تقدم في باب الفاعل توجيهه ووافقه الأخفش في الظرف والمجرور والحال نحو ما جلس إلا زيد عندك وما مر إلا عمرو بك وما جاء إلا زيد راكبا قال أبو حيان وهو المختار لأنه يتسامح في المذكورات ما لا يتسامح في غيرها

غير

يوصف ب ( غير ) ويستثني جرا ولها إعراب تلو ( إلا ) وفتحها مطلقا لغة وناصبها قال الجمهور كونها فضلة والسيرافي السابق والفارسي حال فيها معنى الاستثناء

ص273

والمختار أنها قائمة مقام مضافها وأن أصله النصب ب ( أستثني ) ويجوز مراعاة المعنى في تابع المستثنى بها قيل وب ( إلا) والصفة وفي العطف ب ( لا ) بعد ( غير ) خلف ويحذف تالي ( إلا ) و ( غير ) بعد ( ليس ) قيل ولم يكن ( ش ) تقدم أن ( غير ) أصلها الوصف وأنها محمولة في الاستثناء على إلا والمستثني بها مجرور بإضافتها إليه وتعرب بما للاسم الواقع بعد إلا من وجوب نصب في الموجب نحو قام القوم غير زيد وفي المنقطع وفي المقدم نحو ما جاء القوم غير الحمير وما جاء زيد غير أحد ومن جوازه ورجحان الإتباع في المنفي نحو ما جاء أحد غير زيد ومن كونه على حسب العامل في المفرغ نحو ما جاء غير زيد وما رأيت غير زيد وما مررت بغير زيد وبعض بني أسد وقضاعة يفتحها في الاستثناء مطلقا وإذا انتصب على الاستثناء ففي الناصب لها أقوال أحدها وعليه المغاربة أن انتصابها انتصب الاسم الواقع بعد إلا والناصب له كونه جاء فضلة بعد تمام الكلام وذلك موجود في ( غير ) الثاني وعليه السيرافي وابن الباذش أنها منصوبة بالفعل السابق الثالث وعليه الفارسي أنها منصوبة على الحال وفيها معنى الاستثناء كما أن ما عدا زيدا مقدر بمصدر في موضع الحال وفيها معنى الاستثناء والذي أختاره أنها انتصبت لقيامها مقام مضافها وأن أصله النصب ب ( أستثني ) مضمرا وهو الذي أميل إليه في أصل الاستثناء أن نصبه بأستثني لازم الإضمار وجعلت إلا عوضا عن النطق به وإذا عطف على المستثنى بها جاز في المعطوف مراعاة اللفظ فيجر وهو الأجود نحو جاءوا غير زيد وعمرو ويجوز مراعاة المعني فينصب في نحو جاءوا غير زيد وعمرا ويرفع في نحو ما جاء أحد غير زيد وعمرو وليس ذلك عطفا على ( غير ) بل على المجرور لأن أصله النصب أو الإتباع كذا قالوه وهو يؤيد ما اخترته من أن ( غير ) قائمة مقام مضافها في الإعراب ووجهوا منع عطفه على ( غير ) نفسها بأنها يلزم فيه التشريك في العامل فيستحيل المعني

ص274

قال أبو حيان وما ذكروه في العطف يقتضي جريانه في سائر التوابع من نعت وبيان وتأكيد وبدل نحو ما جاءني غير زيد نفسه أو العاقل أو أبي حفص أو أخيك فالقياس أن يجوز في الجميع الجر والرفع ولم ينصبوا إلا على العطف إلا أن في لفظ ابن عصفور ما يقتضي العموم حيث عبر بالتابع فقال ويجوز في تابعه الحمل على المعنى قال وقد صرح صاحب البسيط بجريان ذلك أيضا في ( غير ) إذا كانت صفة إلا أنه فيها من الحمل على المعني وفي الاستثناء من الحمل على الموضع فهو في الاستثناء أقوى وذكره سيبويه أيضا وقال قوم إنه خاص بالاستثناء ولا يكون في الصفة والظاهر الأول قال ويجوز وجه آخر وهو القطع على الابتداء وأما المعطوف على المستثنى بإلا فلا يجوز فيه إلا مشاركته في الإعراب وأجاز قوم منهم ابن خروف العطف عليه بالجر نحو قاموا إلا زيدا وعمرو على أن إلا في معنى غير لأن مكانهما واحد وأنشدوا عليه :–

( ومَا هَاجَ هَذَا الشّوْقَ إلاّ حمامةٌ ** تغَنّتْ على خَضْراءَ سمر قيودها )

 يروى برفع لفظ ( سمر ) على لفظ ( حمامة ) وبالجر على معنى غير حمامة قال أبو حيان وفي هذا دليل على إجراء النعت مجرى العطف وأنها لا تتقيد به والمانعون حملوا الجر على الجوار وإذا كانت (غير ) استثناء ففي العطف بعدها ب ( لا ) خلاف فذهب أبو عبيدة والأخفش وابن السراج والزجاج والفارسي والرماني إلى جواز ذلك فيقال جاءوا غير زيد ولا عمرو إما على تقدير زيادة ( لا ) وإما على الحمل على المعنى لأن الاستثناء في معنى النفي فإن قولك جاء القوم إلا زيدا في معني جاء القوم لا زيد وهو هنا أولي لأن ( غيرا ) في أصلها تعطي النفي وذهب الفراء وثعلب إلى المنع كما في إلا إذ لا يقال جاءوا إلا زيدا ولا عمرا

ص275

ويجوز حذف ما بعد ( إلا ) وبعد ( غير ) وذلك بعد ( ليس ) خاصة يقال جاءني زيد ليس إلا أو ليس غير أي ليس الجائي إلا هو أو غيره وقبضت عشرة ليس إلا وليس غير أي ليس المقبوض غير ذلك أو ليس غير ذلك مقبوضا قال أبو حيان وليس هذا باستثناء من الأول لأنه يكون تابعا لما ليس مبعضا ولأن ما بعد ليس هو الأول كيف كان واختلف هل يجوز الحذف مع ( لم يكن ) فأجازه الأخفش وابن مالك نحو لم يكن غير ومنعه السيرافي لأن الأصل في باب كان ألا يجوز فيها حذف الاسم ولا الخبر ومجيء ليس إلا وليس غير على خلاف الأصل

بيد

ويستثنى بـ ( بيد ) منقطعا لازم النصب والإضافة إلى ( أن ) وصلتها غالبا وهي بمعنى ( غير ) وقيل على من أجل ويقال ميد وجعلها ابن مالك حرفا من أدوات الاستثناء ( بيد ) ويقال ميد بإبدال بائها ميما وهو اسم ملازم الإضافة إلى ( أن ) وصلتها نحو ( نحن الآخرون السابقون بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا ) معناها معنى ( غير ) في المشهور إلا أنها لا تقع مرفوعة ولا مجرورة بل منصوبة ولا تقع صفة ولا استثناء متصلا وإنما يستثنى بها في الانقطاع خاصة قال في الصحاح ( بيد ) بمعني ( غير ) يقال إنه كثير المال بيد أنه بخيل

ص267

وفي المحكم أن هذا المثال حكاه ابن السكيت وأن بعضهم فسرها بمعني ( على ) وقيل هي بمعني من أجل وخرج عليه حديث: 
( أنا أفصح من نطق بالضاد بيد أني من قريش ) وقال ابن مالك وغيره إنها فيه بمعني ( غير ) على حد : -
( وَلاَعَيْبَ فِيهم غَيْرَ أَنَّ سُيوفَهُم ** )
( البيت ) وأنشد أبو عبيدة على مجيئها بمعنى ( من أ جل ) قوله : 905 - ( عَمْدًا فَعَلْتَ ذَاك بَيْد أَنِّي ** أَخَافُ إنْ هَلَكْتُ أَنْ تُرنِّي )

حاشا وخلا وعدا

وبحاشا وخلا وعدا بالنصب أفعالا جامدة قيل بلا فاعل والأصح أنه ضمير البعض وقيل المصدر والجر حروفا متعلقة كغيرها أو لا كالزائد أو محلها ك ( غير ) أقوال

ص277

ونفي الفراء حرفية ( حاشا ) والجر بلام مقدرة والأكثرون فعليتها وحرفية تاليها ويليان ( ما ) وهي مصدرية ومن ثم تعين النصب معها وقيل زائدة فتجر وقيل بمعني المدة ولا تدخل على ( حاشا ) خلافا لبعضهم ولا إلا مطلقا وقيل يجوز إن جرت وقد تدخل على ( خلا ) و ( عدا ) مع ( ما ) وترد ( حاشا) فعلا متصرفا وقيل لام الجر فعلا أو اسما التنزيه مبنيا إلا في لغة أو اسم فعل أقوال وقد تحذف (عدا) بعد ( ما ) نحو كل شيء مهه ما النساء وقال الفراء والأحمر ( ما ) استثناء ( ش ) من أدوات الاستثناء ( حاشا ) و ( خلا ) و ( عدا ) وينصب المستثنى بها ويجر فإذا نصب كن أفعالا لأنهن لسن من قبيل الأسماء العاملة ومدخولها لا يلي العوامل كمدخول ( إلا ) إذ لا يقال ما قام القوم خلا زيد بالرفع فانتفت الاسمية والحرفية معا وهي جامدة قاصرة على لفظ الماضي فلا تتصرف بمضارع ولا أمر وإذا جرت كن حروف جر لأنها لم تباشر العوامل ك ( غير ) فليست أسماء ولو كانت أفعالا لم تباشر الجر بغير واسطة حرفه وهي على هذا متعلقة بما قبلها من فعل أو شبهه كسائر حروف الجر فمحلها مع المجرور نصب واختار ابن هشام في ( المغني ) أنها لا تتعلق كالحروف الزائدة لأنها لا توصل معنى الفعل إلى الاسم بل تزيله عنه ولأنها بمنزلة إلا وهي غير متعلقة وقيل موضعها نصب من تمام الكلام ك ( غير ) إذا استثني بها ومن النصب بها قوله : –

( حاشا قُرَيْشًا فإن اللهَ فَضَّلَهُم ** )

ص278

وحكي : ( اللهم اغفر لي ولمن يسمعني حاشا الشيطان وأبا الأصبغ ) وقوله : –

( ولا خلا الجنَّ بها إنْسِيُّ ** )

وقوله : -

( عدا سُلَيْمَى وعدا أَباها ** )

 ومن الجر بها قوله : –

( مَنْ رامَها حَاشَا النّبيِّ وَرَهْطِه ** )

وقوله : -

( حاشا أبي ثَوْبان إنّ به ** )

وقوله : -

( حَاشَايَ إنِّي مُسْلِمٌ مَعْذُورُ ** )

ص279

وقوله :  -

( خلا اللهِ لا أَرْجو سِواكَ وإنّما ** )

 وقوله :  -

( عدا الشّمْطاء والطّفل الصّغير ** )

 وأنكر بعض الكوفيين منهم الفراء حرفية ( حاشا ) وقال إنها فعل أبدا لقولهم حاشا يحاشي وإن الجر بعدها بلام مقدرة والأصل حاشا لزيد لكن كثر الكلام بها فأسقطوا اللام وخفضوا بها وأنكر سيبويه وأكثر البصريين فعليتها وقالوا إنها حرف دائما بمنزلة ( لا ) لكنها تجر المستثني وأنكروا أيضا حرفية ( خلا ) و ( عدا ) وقالوا إنهما فعلان بمعني المفارقة والمجاوزة ضمنا معنى الاستثناء والعذر لسيبويه أنه لم يحفظ النصب ب ( حاشا ) ولا الجر ب ( عدا ) لقلته وإنما نقله الأخفش والفراء ثم على فعلية هذه الأفعال ذهب الفراء إلى أن حاشا فعل لا فاعل له قال أبو حيان ويمكن القول في خلا وعدا بذلك ك ( قلما ) لما أشربت به من معنى ( إلا ) واتفق بقية الكوفيين والبصريين على أن فاعلها ضمير مستكن فيها لازم الإضمار

ص280

ثم قال البصريون هو عائد على البعض المفهوم من الكلام والتقدير قام القوم عدا هو أي بعضهم زيدا قال الكوفيون عائد على المصدر المفهوم من الفعل أي عدا قيامهم زيدا وهو غير مطرد فيما لم يتقدمه فعل أو نحوه ولكون الضمير عائدا على البعض أو المصدر لم يثن ولم يجمع ولم يؤنث لأنه عائد على مفرد مذكر وتدخل ( ما ) على خلا وعدا فيتعين النصب بعدها لأنها مصدرية فدخولها يعين الفعلية كقوله : –

( أَلاَ كلّ شيء ما خلا اللهَ باطِلُ ** )

 وقوله :-

( تُمَلُّ النّدامى ما عَدانِي فإنّني ** )

ص281

وزعم الجرمي والربعي والكسائي والفارسي وابن جني أنه يجوز الجر على تقدير ( ما ) زائدة قال في المغني فإن قالوه بالقياس ففاسد لأن ( ما ) لا تزاد قبل حروف الجر بل بعدها أو بالسماع فشاذ بحيث لا يقاس عليه وقيل ( ما ) ظرف بمعني المدة فمحله نصب والتقدير قام القوم في وقت مجاوزتهم زيدا أو وقت خلوهم و ( ما ) المصدرية كثيرا ما تكون ظرفا وأجاز بعضهم دخول ( ما ) المصدرية على ( حاشا ) بقلة تمسكا بقوله : –

( رَأَيْتُ النّاسَ ما حَاشا قُرَيْشًا ** فإنّا نَحْنُ أَفْضَلُهمْ فَعَالا )

والذي نص عليه سيبويه المنع وذهب الكسائي إلى أنه يجوز دخول إلا على ( حاشا ) إذا جرت وحكي قام القوم إلا حاشا زيد ومنع البصريون ذلك كما إذا نصبت لأنه جمع بين أداتين لمعني واحد والحكاية شاذة لا يقاس عليها وترد ( حاشا ) في غير الاستثناء فعلا متصرفا متعديا تقول حاشيته بمعني استثنيته ومنه الحديث : 

( ما حاشى فاطمة ولا غيرها ) وقال النابغة :

ص282

( ولاَ أُحاشِي من الأقْوام مِنْ أَحِدِ ** )

 وتقع حاشا قبل لام الجر نحو حاشا لله وهي عند المبرد وابن جني والكوفيين فعل قالوا لتصرفهم فيها بالحذف قالوا حاش وحشا ولإدخالهم إياها على الحرف قبل لام الجر والصحيح أنها اسم مصدر مرادف للتنزيه بدليل قراءة بعضهم ( حَاشَا لِلَّهِ ) يوسف : 31 بالتنوين كما يقال تنزيها لله وبراءة وقراءة ابن مسعود ( حاشا الله ) بالإضافة كمعاذ الله وأنما ترك التنوين في قراءة الجمهور لأنها مبنية لشبهها بحاشا الحرفية لفظا وزعم بعضهم أنها اسم فعل بمعني أتبرأ أو تبرأت وحامله على ذلك بناؤها ويرده إعرابها في بعض اللغات وروي من كلام العرب كل شيء مهة ما النساء وذكرهن فخرجه ابن مالك على أن صلة ( ما ) محذوفة وهي ( عدا ) حذفوها وأبقوا معمولها وإنما أضمر ( عدا ) لأنها متفق على فعليتها بخلاف ( حاشا ) و ( خلا ) فإنهما مختلف في فعليتهما فكان المتفق على فعليته أولى بأن يكون هو المحذوف وزعم الفراء والأحمر أن ( ما ) يستثني بها ك ( إلا ) وخرجا عليه الحكاية المذكورة ورد بأن الاستثناء بها غير محفوظ فلا يخرج عليه ومعنى الحكاية كل شيء يسير ما عدا النساء وذكرهن وخرجها السهيلي على أن ( ما ) نافية كليس استثني بها

ص283

ليس ولا يكون

وبليس وبلا يكون نصبا خبرا ولا يقدمان أول الكلام ويجوز كونهما صفة حيث صح الاستثناء فيرفعان ضميره المطابق ( ش ) من أدوات الاستثناء ليس ولا يكون وهي الناقصة لا أخرى ارتجلت للاستثناء وينصبان المستثنى على أنه خبر لهما والاسم ضمير لازم الاستتار كما تقدم في مبحث الضمير نحو قام القول ليس زيدا وخرج الناس لا يكون عمرا و ( لا ) قيد في يكون فلو نفيت ب ( ما ) أو ( لما ) أو ( لن ) لم تقع في الاستثناء ومن شواهد ( ليس ) قوله : –

( إذْ ذَهَب القومُ الكِرامُ لَيْسِ ** )

وحديث : 
( يطبع المؤمن على كل خلق ليس الخيانة والكذب ) وقد يوصف ب ( ليس ) ولا يكون حيث يصح الاستثناء بأن يكون نكرة منفية قال ابن مالك أو معرفا بلام الجنس نحو ما أتاني أحد ليس زيدا وما أتاني رجل لا يكون بشرا وأتاني القوم ليسوا إخوتك قال أبو حيان ولا أعلم في ذلك خلافا إلا أن المنقول اختصاصه بالنكرة دون المعرف بلام الجنس ولا يجوز في النكرة المثبتة نحو أتتني امرأة لا تكون فلانة إذ لا يصح الاستثناء منها ولا في المعرفة نحو جاء القوم ليسوا إخوتك بل يكونان في موضع نصب على الحال

ص284

وإذا وصف بهما رفعا ضمير الموصوف المطابق له فيبرز نحو ما جاءتني امرأة ليست أو لا تكون فلانة وما جاءني رجال ليسوا زيدا أو نساء لسن الهندات قال السيرافي أجازوا الوصف بليس ولا يكون لأنهما نص في النفي عن الثاني وهو معنى الاستثناء وليس ذلك في عدا وخلا إلا بالتضمن فلم يوصف بهما لأنهما ليسا موضعي جحد فلا يقال ما أتتني امرأة عدت هندا أو خلت دعدا

لا سيما

وبلا سيما عند الأخفش وأبي حاتم والنحاس والأصح ليس ما بعدها مستثني بل منبه على أولويته بما نسب لما قبله وقال خطاب مسكوت عنه و ( سي ) اسم لا وقيل حال وقيل ( لا ) زائدة وأصله سوى وتخفف ياؤها خلافا لابن عصفور وتسكن فالمحذوف اللام أو العين قولان فإن تلاها معرفة جر بالإضافة و (ما) زائدة يجوز حذفها خلافا للخضراوي أو رفع خبر محذوف و ( ما ) موصولة أو موصوفة أو نكرة جاز النصب تمييزا ل ( ما ) نكرة تامة وقيل ظرفا أو صلة لها وقيل هي كافة وقال دريود يختص الجر بالتخفيف والرفع بالتثقيل وقد يليها ظرف وفعل وشرط ف ( ما ) كافة وفي وجوب الواو قبل ( لا ) خلف ويقال لا تيما وتا سيما ( ش ) عد الكوفيون وجماعة من البصريين كالأخفش وأبي حاتم والفارسي والنحاس وابن مضاء من أدوات الاستثناء ( لا سيما ) ووجهه أنك إذا قلت قام القوم لا سيما زيد فقد خالفهم زيد في أنه أولى بالقيام منهم فهو مخالفهم في الحكم الذي ثبت لهم بطريق الأولوية قال الخضراوي لما كان ما بعدها بعضا مما قبلها وخارجا عنه بمعنى الزيادة كان استثناء من الأول لأنه خرج عنه بوجه لم يكن له وأقرب ما يشبه به قوله : -

ص285

 ( فَتًى كَمُلَتْ خيراتُهُ غَيْرَ أَنه ** جَوادٌ فما يُبْقِي من المال باقيا )

 لأن كونه ( جوادا ) خير لكن زاد في هذا الخير على غيره بما هو خير والصحيح أنها لا تعد من أدوات الاستثناء لأنه مشارك لهم في القيام وليس تأكيد القيام في حقه يخرجه عن أن يكون قائما ومما يبطل ذلك دخول الواو عليها وعدم صلاحية إلا مكانها بخلاف سائر الأدوات فالمذكور بعدها ليس مستثني بل منبه على أولويته بالحكم المنسوب لما قبلها فإن تلاها معرفة مجرور نحو لا سيما زيد فبالإضافة و ( ما ) زائدة وزيادة ( ما ) بين المضافين مسموعة ويجوز حذفها نحو لا سي زيد نص عليه سيبويه وزعم ابن هشام الخضراوي أنها زائدة لازمة لا تحذف وليس كما قال أو مرفوع نحو لا سيما زيد فخبر مبتدأ محذوف و ( ما ) موصولة بمعنى الذي مجرورة بإضافة ( سي ) إليها والجملة صلة والتقدير لا سي الذي هو زيد وأجاز ابن خروف أن تكون ( ما ) نكرة موصوفة والجملة صفة وإن تلاها نكرة جاز فيها الأمران وثالث وهو النصب وقد روي بالأوجه الثلاثة قوله : –

( ولا سيّما يَوْم بدَارةِ جُلْجُل ** )

واختلف في وجه النصب فقيل إنه على التمييز و ( ما ) نكرة تامة غير موصوفة في موضع خفض بالإضافة والمنصوب تفسير لها أي ولا مثل شيء يوما

ص286

وقيل إنه على الظرف و ( ما ) بمعني الذي وهو صلة لها أي ولا مثل الذي اتفق يوما فحذف للعلم كما قالوا رأيت الذي أمس أي الذي وقع واتفق وقيل إن ( ما ) حرف كاف ل ( سي ) عن الإضافة والمنصوب تمييز مثل قولهم ( على التمرة مثلها زيدا) واستحسنه ابن مالك والشلوبين وقيل إنها كافة وهو ظرف قاله ابن الصائغ أي ولا مثل ما كان لك في يوم وقد يليها ظرف كقوله :  –

( يَسُرُّ الكريمَ الحمدُ لا سيما لَدَى ** شَهَادة مَنْ في خَيْرِهِ يَتَقَلّبُ )

وتقول يعجبني الاعتكاف ولا سيما عند الكعبة ولا سيما إذا قرب الصبح وفعل كقوله : –

( فُق النّاسَ في الخير لا سِيَّما ** يُنيلك من ذي الجَلال الرِّضا )

 وشرط كقوله :  –

( أرى النّيْك يجلو الهمّ والغَمّ والعمى ** ولا سيمّا إن نِكْت بالمَرَس الضّخم )

 ومن أحكام ( لا سيما ) أنه لا يجيء بعدها الجملة بالواو وقال أبو حيان ولحن من المصنفين من قال لا سيما والأمر كذا ولا تحذف ( لا ) من لا سيما لأنه لم يسمع إلا في كلام المولدين كقوله : –

( سِيمّا من حالت الأحراس من دون مُناه ** )

ص287

وذكر ثعلب أنه يجب اقتران ( لا ) بالواو كالبيت السابق وجوز غيره حذفها كقوله :  –

( فِهْ بالعقود والأيْمان لا سِيَمَا ** عقدٌ وفاءٌ به من أعظم القُرَبِ )

والجمهور على أن ( سي ) اسم لا التبرئة و فتحته بناء كهي في لا رجل وقال الفارسي إنه منصوب على الحال من الجملة السابقة ورد بوجوب تكرار ( لا ) حينئذ وبمنع الواو إذ لا يقال جاء زيد ولا ضاحكا وحكى في ( البديع ) عن بعضهم أن ( لا ) في لا سيما زائدة قال أبو حيان وهو غريب وأصل سي (سوى ) فعينه واو ساكنة قلبت ياء لسكونها وأدغمت في الياء وقد سمع تخفيف الياء من ( لا سيما ) حكاه الأخفش وابن الأعرابي وآخرون ومنه البيت السابق ومنعه ابن عصفور حذرا من بقاء الاسم المعرب على حرفين وإذا خففت فقال ابن جني المحذوف لام الكلمة وانفتحت الياء بإلقاء حركة اللام عليها وقال أبو حيان الأولى عندي أن يكون المحذوف العين وإن كان أقل من حذف اللام وقوفا مع الظاهر لأنه لو كان المحذوف اللام لردت العين واوا لزوال الموجب لقلبها فكان يقال لا سوما وقد أبدلت العرب سين ( سيما ) تاء فقالوا ( لا تيما ) كما قالوا في الناس النات وقرئ ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّات ) الناس : 1 وأبدلت أيضا ( لا ) تاء فقالوا ( تا سيما ) كما قالوا قام زيد تا بل عمرو أي لا بل عمرو

ص288

ما ألحق بلا سيما

( ص ) وألحق به ( لا مثل ما ) و ( لا سوا ما ) و ( لا تر ما ) و ( لو تر ما ) لكن لا يجر تلو هذين (ش ) حكى ابن الأعرابي في نوادره وأبو الحسن النساي ( لا مثل ما ) بمعنى لا سيما وأنه يرفع ما بعده ويجر كما بعد لا سيما وفي ( التسهيل ) أن ( لا سوا ما ) كذلك فيقال قام القوم لا سوا ما زيد قال أبو حيان وإطلاقه يدل على جواز الرفع والجر بعده أيضا وقال النسائي ( لا تر ما ) و (لا سيما ) و ( لا مثل ما ) بمعنى واحد وذكر ابن الأعرابي لو تر ما بمعني لا سيما قال إلا انه لا يكن بعدها إلا الرفع وكذا قال الآخر ووجهه أن ( تر ) فعل فلا يمكن أن تكون ( ما ) بعدها زائدة وينجر تاليها بالإضافة لأن الفعل لا يضاف فتعين أن تكون موصولة وهي مفعول ( تر ) وزيد خبر محذوف و (تر ) بعد ( لا ) مجزوم بها وهي ناهية والتقدير في قام القوم لا تر ما زيد لا تبصر أيها المخاطب الشخص الذي هو زيد فإنه في القيام أولى به منهم أو غير مجزوم ولا نافية وحذفت ألفه شذوذا أو للتركيب وكذا بعد ( لو ) والتقدير لو تبصر الذي هو زيد لرأيته أولى بالقيام منهم قاله أبو حيان

بله

و(بله) أثبته أهل بغداد والكوفية وسمع جر تاليها فقيل ( غير ) منقطعا وقيل مصدر مضاف وقيل حرف جر ونصبه مفعولا وهي مصدر أو

ص289

اسم فعل ورفعه مبتدأ وهي ك ( كيف ) وهاؤه تفتح وتكسر ويقال بَهَل وبَهْل ( ش ) عد الكوفيون والبغداديون من ألفاظ الاستثناء ( بله ) وهي بمعنى ( لا سيما ) نحو أكرمت العبيد بله الأحرار علي معنى أن إكرام الأحرار يزيد على إكرام العبيد وأنكر ذلك البصريون لأن إلا لا تقع مكانها ولأن ما بعدها لا يكون إلا من جنس ما قبلها ولأن حرف العطف يجوز دخوله عليها قال ابن الصائغ ولو صح دخول ( لا سيما ) و ( بله ) في أدوات الاستثناء لدخلت فيها ( حتي ) لأن ما بعدها يختص بصفة لم تثبت لما قبلها والجر لما بعدها مجمع على سماعه وأجاز الكوفيون فيه النصب وأنكره أكثر البصريين وهم محجوجون بالسماع قال جرير:–

( وَهَلَ كُنت يا ابْنَ القَيْن في الدّهر مالِكاً ** بغير بعير بَلْهَ مُهْريَّةً نُخُبا )

 قال قُطْرُب وروي برفع ما بعدها على أنها بمعنى ( كيف ) وقد روي بالجر والنصب والرفع قوله:–

( تَذَرُ الجماجمَ ضاحياً هاماتُها ** بَلْه الأكُفّ كأنّها لم تُخْلَق )

 وإذا جرت فقال بعض الكوفيين هي اسم بمعنى ( غير ) والجر بإضافتها فيكون استثناء منقطعا

ص290

وقال الفارسي هي مصدر لم ينطق له بفعل مضاف إلى ما بعده وهي إضافة نصب وقال الأخفش هي حرف جر وإذا نصبت فالمنصوب مفعول و ( بله ) مصدر وضع موضع الفعل بمعنى تركا أو اسم فعل بمعنى دع وإذا رفعت فمبتدأ وبله الخبر وفي هائها لغتان الفتح بناء والكسر على أصل التقاء الساكنين إلا على المصدرية فالفتح إعراب وقالت العرب في بله بهل بفتح الهاء وسكونها

لمّا

وبلما بمعنى إلا قليلا نحو , ( إن كل نفس لما عليها حافظ ) , الطارق : 4 وأنكره الجوهري وقاسه الزجاجي وتوقف أبو حيان وتقدم استثناء سوى ودون ( ش ) قال أبو حيان تكون ( لما ) بمعنى إلا وهي قليلة الدور في كلام العرب وينبغي ألا يتسع فيها بل يقتصر على التركيب الذي وقع في كلام العرب نحو قوله تعالى , ( إن كل نفس لما عليها حافظ ) , الطارق : 4 , ( وإن كل لما جميع لدينا محضرون ) , يس : 32 في قراءة من شدد الميم ف ( إن ) نافية ولما بمعنى إلا وممن حكى أن ( لما) بمعنى ( إلا ) الخليل وسيبويه والكسائي

ص291

وقرأ ابن مسعود : ( وَمَا مِنَّا لمّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ ) الصافات: 164 أي إلا له وقالوا نشدتك الله لما فعلت كذا وعمرك الله لما فعلت كذا وعزك الله وقعدك الله لما فعلت كذا ولما مع هذه بمعنى إلا وقد يحذف نشدتك الله أو سألتك وما أشبهه فيقال بالله لما صنعت كذا أي سألتك أو نشدتك بالله إلا صنعت قال الشاعر : –

( قالتْ له بالله يا ذا البُرْدَيْنْ ** لمّا غَنِثْتَ نَفساً أو اثْنَيْنْ )

 فهذه التراكيب ونحوها من المسموع ينبغي أن يعتمد في مجيء لما بمعنى إلا وزعم الزجاجي أنه يقال لم يأت من القوم لما أخوك ولم أر من القوم لما زيدا بمعنى إلا أخوك وإلا زيدا قال أبو حيان وينبغي أن يتوقف في إجازة هذه التراكيب ونحوها حتى يثبت سماعها أو سماع نظائرها من لسان العرب وزعم الجوهري أن لما بمعنى إلا غير معروف في اللغة وبقي من أدوات الاستثناء ( سوى ) وقد تقدم الكلام عليها في الظروف وكذا ( دون ) عند من يرى الاستثناء بها

ص292