الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
شهاب الدين بن عربشاه
المؤلف:
عمر فرّوخ
المصدر:
تأريخ الأدب العربي
الجزء والصفحة:
ج3، ص854-858
27-1-2016
3924
هو شهاب الدين أبو العبّاس أحمد بن محمّد بن عبد اللّه بن ابراهيم ابن نصر بن محمّد بن عربشاه، و يعرف أيضا باسم «العجميّ» و باسم «الروميّ» لأنّه سكن مدّة طويلة في بلاد الروم (آسية الصغرى) . و قد كان مولده في دمشق في 25 من ذي الحجّة سنة 790هـ (27-12-1388 م) ، و في دمشق بدأ قراءة القرآن على الزين بن عمر اللبّان.
لمّا استولى تيمورلنك على دمشق (803 ه -1400 م) انتقل ابن عربشاه و أهله - في من نقلهم تيمورلنك من أهل الشام - الى بلاد ما وراء النهر و استقرّ في سمرقند و أخذ فيها العلم عن السيّد محمّد بن السيد الشريف الجرجاني (ت 838 ه) و عن شمس الدين أبي الخير محمّد بن محمّد بن الجزريّ (ت 833 ه) ، و كان نازلين في سمرقند.
و من سمرقند انتقل ابن عربشاه الى خوارزم ثمّ الى دشت. و في أثناء هذه المدّة التي مرّت - منذ نزوله في سمرقند- تعلم التركية و الفارسية و المغولية.
و في سنة 814 ه (1411 م) انتقل ابن عربشاه الى البلاد العثمانية (آسية الصغرى) ، في أيّام السلطان محمّد الأوّل (805-824 ه) فمكث فيها عشر سنوات كان في خلالها كاتبا في ديوان الإنشاء يكتب باللغات العربية و التركية و الفارسية و المغولية. و في هذه الأثناء نقل للسلطان محمّد الاول عددا من الكتب الى اللغة التركية. و بعد موت محمّد الاول انتقل ابن عربشاه الى حلب (825 ه -1422 م) فمكث فيها ثلاث سنوات ثمّ انتقل الى دمشق. وفي دمشق قرأ صحيح مسلم على القاضي شهاب الدين الحنبلي، في سنة 830 ه.
و في سنة 832 ه (1429 م) ذهب الى الحجّ. ثم انتقل الى القاهرة (840 ه) . و في أيام السلطان الظاهر سيف الدين جقمق (842-857 ه) جرت على ابن عربشاه محنة، فقد حبسه السلطان الظاهر في سجن الجرائم، في الثامن من جمادى الثانية، سنة 854؛ ثمّ أفرج عنه بعد أسبوعين. و لكنّ ابن عربشاه توفّي وشيكا بعد ذلك، في الخامس من رجب من سنة 854 هـ (13-8- 1450 م) .
كان شهاب الدين أبو العبّاس أحمد بن محمّد بن عربشاه أديبا واسع الاطّلاع على عدد من فنون المعرفة من القرآن و الحديث و الفقه و التاريخ و اللغات (المغولية و التركية و الفارسية) و البلاغة و الأدب، حسن القصص و التحديث. و كان يقول الشعر. و لابن عربشاه مصنّفات هي أساس شهرته. من هذه المصنّفات: العقد الفريد (في التوحيد) -ترجمان المترجم (بكسر الجيم) بمنتهى الأرب في لغات التّرك و العجم و العرب-جلوة الأمداح الجمالية في حلّتي العروض العربية (أرجوزة في النحو: في الحروف) -مرآة الادب في علم المعاني و البيان و البديع (سلك فيه أسلوبا بديعا: جعله قصائد غزلية، كلّ باب منه قصيدة مفردة على قافية مستقلّة، مع مقدمة في النحو) -عجائب المقدور في نوائب تيمور-التأليف الطاهر في شيم الملك الظاهر القائم بنصرة الحقّ أبي سعيد جقمق-فاكهة الخلفاء و مفاكهة الظرفاء-مرزبان نامه (كتاب قصص
على ألسنة الحيوان ألّفه مرزبان بن رستم بن شروين أمير طبرستان في اللهجة الإيرانية التي كانت محكيّة في قطره، في أواخر القرن الرابع للهجرة، ثمّ نقله سعد الدين الوراويني إلى الفارسية الدارجة، في الربع الأوّل من القرن السابع الهجري. و جاء ابن عربشاه هذا فنقله الى اللغة العربية) - تيمور نامه- منشآت (رسائل!) .
أمّا كتابه فاكهة الخلفاء فهو شبيه بكتاب مرزبان نامه. يتألّف كتاب فاكهة الخلفاء من مقدّمة و عشرة أبواب: في ذكر ملك العرب الذي كان لوضع هذا الكتاب السبب-في وصايا ملك العجم المتميّز على أقرانه بالفضل و الحكم- في حكم ملك الاتراك مع ختنه الزاهد شيخ النسّاك-في مباحث عالم الإنسان مع العفريت جانّ الجانّ-في نوادر ملك السباع و نديمه أمير الثعالب و ملك الضباع-في نوادر التيس المشرقي و الكلب الافرقيّ الخ. . . . و في الكتاب قصص مختلفة يتخلّلها حكم و أشعار الى جانب أوجه من التعليل و المغزى الأخلاقي؛ و بعض القصص عاديّ من حيث المادّة و من حيث فنّ السرد. و أسلوب ابن المقفّع في كتاب كليلة و دمنة غالب على أسلوب كتاب فاكهة الخلفاء في مطالع الأبواب و في التخلّص من قصّة إلى قصّة، و في الانتقال من باب الى باب أيضا. غير أنّه يخالف كتاب كليلة و دمنة، إذ أنّ جمله مسجوعة و أوجه البلاغة فيه كثيرة الى حدّ التكلّف في كثير من الاحيان. و ابن عربشاه يميل في هذا الكتاب ميلا ظاهرا الى أسلوب المقامة حتّى أنّه جعل لكتابه هذا راوية سمّاه أبا المحاسن.
مختارات من آثاره:
- من مقدّمة فاكهة الخلفاء:
. . . . . أما بعد فانّ اللّه المقدّس في ذاته المنزّه عن سمات النقص في صفاته قد أودّع في كلّ ذرّة من مخلوقاته من بديع صنعه و لطيف آياته (1) و من الحكم و العبر ما لا يدركه البصر و لا تكاد تهتدي اليه الفكر و لا يصل اليه فهم ذوي النظر؛ و لكنّ بعض ذلك للبصر بالرصد (2) ظاهر يدركه كل أحد، كما قيل (شعر) :
ففي كلّ شيء له آية... تدلّ على أنّه واحد
لكن لمّا كثرت هذه الآيات و الحكم، و انتشرت أزهار رياضها في وهاد العقول و الأكم (3) و ترادف ما فيها من العجائب و العبر و تكرّر ورود مراسيمها على رعايا السمع و البصر و عادتها النفوس و لم يكترث لوقوعها القلب الشموس (4). . . . . فكثر في ذلك أقوال الحكماء و تكرّرت مقالات العلماء فلم (تصغ) الاسماع إليها و لا عوّلت (5) الأفكار عليها. فقصد طائفة من الأذكياء و جماعة من حكماء العلماء ممّن يعلم طرق المسالك إبراز شيء من ذلك على ألسنة الوحوش و سكّان الجبال و العروش (6) و ما هو غير مألوف الطباع من البهائم و السباع و أصناف الأطيار و حيتان البحار و سائر الهوام (7)؛ فيسندون إليها الكلام لتميل لسماعه الأسماع و ترغب في مطالعته الطباع، لأنّ الوحوش و البهائم و الهوامّ و السوائم (8)غير معتادة لشيء من الحكمة و لا يسند إليها أدب و لا فطنة (9). . . . . لأنّ طبعها الشماس و الأذى و الافتراس و الإفساد و النفور و العدوان و الشرور و الكسر و التفريق و النهش و التمزيق. فإذا أسند إليها مكارم الأخلاق و أخبر بأنّها تعاملت فيما بينها بموجب العقل و الوفاق و سلكت-و هي مجبولة على الخيانة-سبل الوفاء، و لازمت -و هي مطبوعة على الكدورة-طرق الصفاء، أصغت الآذان إلى استماع أخبارها و مالت الطباع الى استكشاف آثارها، و تلقّتها القلوب بالقبول و الصدور بالانشراح لكونها أخبارا منسوجة على منوال غريب. . . . . . .
_______________________
1) اللطيف: الخفي (الذي لا يظهر الا بالتأمل) . الآيات: الدلائل و العلامات (المعجزات) .
2) الرصد (بسكون الصاد أو بفتحها) : الترقب، التأمل.
3) الوهدة: المكان المنخفض. الأكمة: التلة.
4) ترادف: توالي، جاء بعضه وراء بعض. المراسيم: ما يرسمه (يفرضه) القانون. الشموس: النافر (الشموس في الاصل صفة للدابة التي لا تمكن أحدا من ركوبها) .
5) عول: اعتمد، احتفل بالشيء، التفت اليه و اهتم به.
6) العروش جمع عرش: البيت، الخيمة (!) .
7) السبع: الحيوان المفترس (من أكلة اللحوم، من الاسد نزولا الى النملة) . سائر: باقي. الهوام (بلا شدة على الميم) : جمع هامة: الحشرة (التي لا عظم فيها) .
8) السوائم جمع سائمة: الحيوان الاليف الذي يرعى العشب.
9) الفطنة: الحذق (الذكاء المكتسب) .