غزوة ذات السلاسل
المؤلف:
هاشم معروف الحسني
المصدر:
سيرة المصطفى "ص"
الجزء والصفحة:
ص643-646
2025-12-13
24
ذكر هذه الغزوة ابن جرير الطبري وابن هشام وغيرهما في حوادث السنة الثامنة لهجرة النبي ( ص ) ولم يرد فيها ذكر لعلي بن أبي طالب ( ع ) .
وجاء في ما ذكره الطبري حولها ان النبي ( ص ) ارسل عمرو بن العاص إلى ارض بلى وعذرة يستنفر الناس لغزو الشام واختار لهذه المهمة ابن العاص لأن جدته أم العاص كانت من تلك المنطقة .
وخرج عمرو بن العاص بمن معه حتى بلغ ماء بأرض جذام يقال له السلاسل وبعث إلى النبي يطلب عنه المدد ، فبعث رسول اللّه أبا عبيدة بن الجراح في جماعة من المهاجرين والأنصار فيهم أبو بكر وعمر بن الخطاب ، وقال لأبي عبيدة لا تختلفا ، ولما انتهى أبو عبيدة إلى المكان الذي فيه عمرو بن العاص ، قال له عمرو ، انا الأمير على الناس فلم يخالفه أبو عبيدة .
وفي سيرة ابن هشام ان النبي بعث عمرو بن العاص في ثلاثمائة من المقاتلين إلى بني قضاعة وكان قد بلغه انهم يحاولون مهاجمة أطراف المدينة ، ولما بلغته كثرتهم بعث إلى النبي يستمده فأمده بأبي عبيدة في مائتين من المهاجرين والأنصار .
ومحصل ما جاء في الارشاد حول هذه الغزوة ان اعرابيا جاء يخبر النبي ( ص ) ان قوما من العرب قد اجتمعوا بوادي الرمل واتفقوا على أن يبيتوك بالمدينة ووصفهم له فأرسل إليهم أبا بكر في جماعة من المسلمين ومضى حتى قارب ارضهم وكانت كثيرة الأحجار والقوم يقيمون في بطن الوادي ، فلما انتهى بمن معه إلى الوادي خرجوا إليه وقتلوا من المسلمين جماعة وانهزم بمن معه ، فلما دخل المدينة أرسل النبي ( ص ) عمر بن الخطاب فكان نصيبه نصيب صاحبه ، ثم ارسل عمرو بن العاص فمثل نفس الدور الذي مثله صاحباه ، وأخيرا لم يجد بدا من ارسال علي ( ع ) فأرسله في جماعة فيهم أبو بكر وعمر وعمرو بن العاص وغيرهم من المهاجرين والأنصار وخرج معهم إلى خارج المدينة فودعه ودعا له ومضى علي ( ع ) بمن معه متجها نحو العراق فظن من معه انه يريد غيرهم ومضى على غير الطريق المؤدية إليهم ، ثم انحرف نحوهم واستقبل الوادي الذي فيه القوم وكان يسير ليلا ويكمن نهارا .
فلما اقترب من الوادي لم يشك ابن العاص ان الفتح سيكون على يده ، فجاء إلى أبي بكر وقال له انا اعلم بهذه الأرض من علي بن أبي طالب وفيها من الضباع والذئاب ما هو أشد علينا من بني سليم ، فإن خرجت علينا قطعتنا فكلمه لعله يتركنا نعلو الوادي ، فجاءه أبو بكر يعرض عليه الفكرة فلم يلتفت إليه علي ( ع ) ، ثم جاءه عمر فلم يلتفت إليه ، وبقي أمير المؤمنين مرابطا في مكانه حتى الفجر ثم هاجم القوم على غفلة منهم فأمكنه اللّه من السيطرة عليهم وقتل سبعة من أبطالهم الأشداء وتم الفتح على يده .
ونزلت على النبي ( ص ) سورة العاديات بهذه المناسبة فبشر النبي أصحابه بالفتح وامرهم ان يستقبلوا عليا ، ولما انصرف علي عنهم راجعا إلى المدينة ومعه الغنائم والأسرى وأصبح قريبا منها رأى النبي ( ص ) مقبلا عليه ومعه المسلمون ، فترجل عن فرسه ، فقال له النبي اركب : فان اللّه ورسوله عنك راضيان ، فبكى أمير المؤمنين فرحا ، فقال له النبي ( ص ) يا علي : لولا اني اشفق ان تقول فيك طوائف من أمتي ما قالت النصارى في المسيح لقلت فيك مقالة لا تمر على ملأ من الناس الا اخذوا التراب من تحت قدميك .
في هذه الغزوة يقول السيد الحميري :
وفي ذات السلاسل من سليم * غداة اتاهم الموت المبير
وقد هزموا أبا حفص وعمرا * وصاحبه مرارا فاستطيروا
وقد قتلوا من الأنصار رهطا * فحل النذر أو وجبت نذور
ازار الموت مشيخة ضخاما * جحاجحة تسد بها الثغور
وجاء في مجمع البيان للطبرسي عن أبي عبد اللّه الصادق ( ع ) ان سورة العاديات نزلت لما بعث النبي ( ص ) عليا إلى ذات السلاسل فأوقع بهم ، بعد ان بعث غيره من الصحابة ورجعوا خائبين ، ولما نزلت على النبي خرج إلى الناس يصلي بهم الغداة فقرأ السورة في صلاته ، فلما فرغ قال المسلمون ان هذه السورة لم نعرفها ، فقال رسول اللّه نعم ان عليا ظفر بأعداء اللّه وبشرني جبريل بذلك هذه الليلة فقدم علي بعد أيام بالغنائم والأسرى .
وجاء في سبب تسمية هذه الغزوة بذات السلاسل هو ان عليا بعد ان تغلب عليهم وقتل منهم جماعة شد الأسرى في الحبال مكتفين كأنهم في السلاسل .
وقيل بأن السلاسل اسم لماء في ذلك المكان ، وقيل إن المشركين ربطوا بعضهم ببعض بالسلاسل حتى لا يفروا من القتال .
ويدعي الأمين في أعيان الشيعة ان الذين ذكروا هذه الغزوة بهذا النحو كل من الراوندي في الخرائج وعلي بن إبراهيم في تفسيره والزجاج ومقاتل ووكيع الثوري والسدي وعد جماعة غير هؤلاء .
الاكثر قراءة في قضايا عامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة