اسلام عمرو بن معديكرب الزبيدي
المؤلف:
هاشم معروف الحسني
المصدر:
سيرة المصطفى "ص"
الجزء والصفحة:
ص641-643
2025-12-13
26
لقد جاء في الارشاد للشيخ المفيد ان النبي لما رجع من تبوك وفد عليه عمرو بن معديكرب فقال له النبي : اسلم يا عمرو يؤمنك اللّه من الفزع الأكبر قال يا محمد : وما الفزع الأكبر ، فاني لا افزع فقال يا عمرو : انه ليس كما تظن وتحسب ان الناس يصاح بهم صيحة واحدة فلا يبقى ميت الا نشر ولا حي الا مات إلا ما شاء اللّه ، ثم يصاح بهم صيحة أخرى فينشر من مات ويصعقون جميعا وتنشق السماء وتهد الأرض هدّا وتخر الجبال وترمي النار بشرر كالجبال فلا يبقى ذو روح الا انخلع قلبه وذكر ذنبه واشتغل بنفسه إلا ما شاء اللّه ، فأين أنت يا عمرو من هذا ، فقال : ألا واني أسمع اليوم امرا عظيما ، ثم اسلم هو ومن معه ورجعوا إلى قومهم مسلمين .
ثم إن عمرو بن معديكرب نظر يوما إلى أبي بن عثعث الخثعمي فأخذ برقبته وجاء به إلى رسول اللّه ( ص ) وقال له اقدني على هذا الفاجر الذي قتل والدي يا رسول اللّه فقال له النبي ( ص ) لقد أهدر الاسلام ما كان في الجاهلية فانصرف عمرو وارتد عن الاسلام وأغار على قوم من بني الحارث بن كعب ومضى إلى قومه ولما بلغ النبي ( ص ) الخبر استدعى عليا وأرسله مع جماعة من المهاجرين إلى بني زبيد عشيرة عمرو بن معديكرب ، وأرسل خالد بن الوليد في طائفة من الأعراب إلى بني جعفي ، وأوصاه إذا التقى بعلي ( ع ) ان يكون علي هو الآمر على الناس كلهم فخرج علي بن أبي طالب باتجاه بني زبيد واستعمل على مقدمته خالد بن سعيد بن العاص ، واستعمل خالد على مقدمته ابا موسى الأشعري واتجه إلى بني جعفي ، ولما سمع بنو جعفي بالجيش افترقوا فريقين فرقة ذهبت باتجاه اليمن ، وانضمت الأخرى إلى بني زبيد ، ولما بلغ ذلك عليا ( ع ) كتب إلى خالد بن الوليد ان قف حيث أدركك رسولي ، فلم يتوقف فكتب علي إلى خالد بن سعيد ان يعترضه ويحبسه عن السير ، فاعترضه خالد وحبسه عن السير ولما التحق علي بهما انضما إليه وسار بالمسلمين حتى لقي بني زبيد وكانوا قد تجمعوا بواد يقال له كسر ، فلما رآه بنو زبيد قالوا لعمرو ، كيف أنت يا ابا ثور إذا لقيك هذا الغلام القرشي فأخذ منك الأتاوة ، قال سيعلم إذا لقيني .
ولما اقترب الفريقان بعضهم من بعض خرج عمرو بن معد يكرب يطلب البراز فخرج إليه علي ( ع ) وقام خالد بن سعيد وطلب من علي ان يأذن له بمبارزته فأبى عليه علي وارجعه ، ثم برز إلى عمرو وصاح به صيحة هزته وارتعد منها ثم انهزم من بين يديه وقتل اخوه وابن أخيه قتلهما علي ( ع ) ، وأسر المسلمون زوجته ركانة بنت سلامة ونسوة معها من بني زبيد ليقبض صدقاتهم ويعلمهم احكام الإسلام ، وبعد انتهاء المعركة رجع عمرو إلى خالد بن سعيد وعاد إلى الإسلام فرد عليه زوجته وولده حيث كانوا مع الأسرى ، وذهب له عمرو سيفه المعروف بالصمصامة وأضاف إلى ذلك المفيد في إرشاده ان عليا قد اصطفى لنفسه جارية من بني زبيد ، فبعث خالد بن الوليد بريدة الأسلمي إلى النبي ( ص ) وامره ان يسرع ليدخل المدينة قبل دخول الجيش ويخبر النبي بالجارية التي اصطفاها علي لنفسه .
ولما بلغ بريدة باب الرسول التقى بعمر بن الخطاب فسأله عما تم لهم في هذه الغزوة ، فأخبره بنتائجها وبالجارية التي اصطفاها علي بن أبي طالب لنفسه فحثه عمر بن الخطاب على ابلاغ النبي ( ص ) ، ودخل بريدة على النبي ( ص ) ومعه كتاب من خالد وأخبره حينما ناوله الكتاب بما صنع علي ( ع ) وقال له : انك ان رخصت للناس في مثل هذا ذهب فيئهم ، فتغير النبي ( ص ) وبدت عليه علائم الانفعال ، وقال ويحك يا بريدة لقد أحدثت نفاقا ، ان علي بن أبي طالب يحل له من الفيء ما يحل لي وانه لخير الناس لك ولقومك ، وخير من أخلف بعدي لكافة أمتي .
يا بريدة احذر ان تبغض عليا فيبغضك اللّه ، وأضاف إلى ذلك الراوي ان بريدة قال عند ذلك : فتمنيت ان الأرض قد انشقت وابتلعتني ، وقلت أعوذ باللّه من سخط اللّه وسخط رسوله استغفر لي يا رسول اللّه فلن ابغض عليا ولا أقول فيه الا خيرا فاستغفر له النبي ودعا له بالخير .
وقد ذكر ابن هشام وغيره وفادة عمرو بن معديكرب على النبي واسلامه مع جماعة من قومه وانه بقي على اسلامه حتى ارتد بعد وفاة رسول اللّه ، ولم يرو وفادته عليه بالشكل الذي رواه المفيد أحد من المؤلفين في السيرة على أن ما ورد في رواية المفيد من أن عليا قد اصطفى لنفسه جارية من سبي بني زبيد لم تؤكده النصوص التاريخية .
وفي أكثر المرويات انه لم يستبدل بسيدة النساء امرأة غيرها بأي نحو كان وظلت هي الزوجة الوحيدة لا يعرف غيرها من النساء إلى أن توفيت كما كان رسول اللّه مع أمها خديجة الكبرى .
الاكثر قراءة في قضايا عامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة