فضائل أمير المؤمنين تفوق العدو الإحصاء
المؤلف:
السيّد محمّد الحسين الحسينيّ الطهرانيّ
المصدر:
معرفة الإمام
الجزء والصفحة:
ج4/ص62-66
2025-12-07
65
نقل عن موفّق بن أحمد الخوارزميّ بإسناده عن محمّد بن منصور أنّه قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: ما جاء لأحد من الصحابة من الفضائل مثل ما لعليّ بن أبي طالب. وقال أحمد: قال رجل لابن عبّاس: سبحان الله، ما أكثر فضائل عليّ بن أبي طالب ومناقبه، أنّي لأحسبها ثلاثة آلاف منقبة! فقال ابن عبّاس: أو لا تقول أنّها إلى ثلاثين ألفاً أقرب؟[1]
وروى الخوارزميّ أيضاً بسنده عن حرب بن عبد الحميد أنّه قال: حدّثنا سليمان الأعمش بن مهران أنّ المنصور الدوانيقيّ حال خلافته قال: يا سليمان، أخبرني كم من حديث ترويه في فضائل عليّ بن أبي طالب؟ قلت: يسيراً. قال: ويحك، كم تحفظ؟ قلت: عشرة آلاف حديث أو ألف حديث. فلمّا قلت: ألف حديث، استقلّها، فقال: ويحك يا سليمان، بل عشرة آلاف كما قلت أوّلًا[2].
وكذلك روى الخوارزميّ بسنده عن مجاهد، عن ابن عبّاس أنّه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: "لَوْ أنّ الأشْجَارَ أقْلَامٌ والْبَحْرَ مِدَادٌ والْجِنَّ حُسَّابٌ والإنْسَ كُتَّابٌ ما أحْصَوا فَضَائِلَ عَلِيّ بْنِ أبي طَالِبٍ"[3].
وروى بسنده أيضاً عن محمّد بن عُماره، عن أبيه، عن جعفر بن محمّد بن الصادق، عن آبائه، عن أمير المؤمنين، عن رسول الله، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لِرَهْطٍ مِنْ أصحابِهِ: "أنّ الله تعالى جَعَلَ لأخِي عَلِيّ فَضَائِلَ لَا تُحْصَى كَثْرَةً، فَمَنْ ذَكَرَ فَضِيلَةً مِنْ فَضَائِلِهِ مُقِرّاً بِهَا، غَفَرَ اللهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ومَا تَأخَّرَ. ومَنْ كَتَبَ فَضِيلَةً مِنْ فَضَائِلِهِ، لَمْ تَزَلِ الْمَلَائِكَةُ تَسْتَغْفِرُ لَهُ مَا بَقِيَ لِذَلِكَ الْكِتَابِ رَسْمٌ، ومَنِ اسْتَمَعَ إلى فَضِيلَةٍ مِنْ فَضَائِلِهِ، غَفَرَ اللهُ لَهُ الذُّنُوبَ التي اكْتَسَبَهَا بِالنَّظَرِ. ثُمَّ قَالَ: النَّظَرُ إلى عَلِيّ عِبَادَةٌ، وذِكْرُهُ عِبَادَةٌ، لَا يَقْبَلُ اللهُ إيمَانَ عَبْدٍ إلَّا بِمُوالاتِهِ والْبَرَاءَةِ مِنْ أعْدَائِهِ"[4].
وروى الخوارزميّ أيضاً في «المناقب» عن سماك بن حرب، عن سعيد بن جبير أنّه قال: قلتُ لابن عبّاس رضي الله عنهما: أسألك عن اختلاف الناس في عليّ رضي الله عنه، قال: يَا بْنَ جُبَيْرٍ تَسْألُنِي عَنْ رَجُلٍ كَانَتْ لَهُ ثَلَاثَةُ آلافِ مَنْقَبَةٍ في لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ وهِيَ لَيْلَةُ الْقِرْبَةِ في قَلِيبِ بَدْرٍ، سَلَّمَ عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِمْ، وتَسْألُنِي عَنْ وَصِيّ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وآله وسَلَّمَ وصَاحِبِ حَوْضِهِ وصَاحِبِ لِوائِهِ في الْمَحْشَرِ. والذي نَفْسُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْعَبّاسِ بِيَدِهِ لَوْ كَانَتْ بِحَارُ الدُّنْيَا مِدَاداً، وأشْجَارُهَا أقْلَاماً، وأهْلُهَا كُتّاباً فَكَتَبُوا مَنَاقِبَ عَلِيّ بْنِ أبي طَالِبٍ وفَضَائِلَهُ مَا أحْصَوْهَا[5].
وروى الخوارزميّ في «المناقب» أيضاً عن أبي طفيل أنّه قال: قال بعض الصحابة: لَقَدْ كَانَ لِعَليّ مِنَ السَّوابِقِ مَا لَوْ قُسِّمَتْ سَابِقَةٌ مِنْهَا بَيْنَ النّاسِ لَوَسِعتْهُمْ خَيْراً[6].
يقول ابن شهرآشوب: ومن المعجزات بعد وفاة عليّ بن أبي طالب تسخير الجماعة اضطراراً لنقل فضائله مع ما فيها من الحجّة عليهم حتى إن أنكره واحد، ردّ عليه صاحبه، وقال: هذا في التواريخ، والصحاح والسنن، والجوامع، والسير، والتفاسير، ممّا أجمعوا على صحّته، فإن لم يكن في واحد، يكن في آخر.
ومن جملة ذلك ما أجمعوا عليه أو روى مناقبه خلق كثير منهم حتى صار علماً ضروريّاً. كما صنّف ابن جرير الطبريّ كتاب «الغدير» وابن شاهين كتاب «المناقب»، وكتاب «فضائل فاطمة عليها السلام» ويعقوب بن شيبة كتاب «تفضيل الحسن والحسين عليهما السلام» وكتاب «مسند أمير المؤمنين وأخباره وفضائله عليه السلام»، والجاحظ كتاب «العلويّ»، وكتاب «فضل بني هاشم على بني اميّة»، وأبو نعيم الإصفهانيّ كتاب «منقبة المطهّرين في فضائل أمير المؤمنين»، و «ما نزل في القرآن في أمير المؤمنين عليه السلام»، وأبو المحاسن الرؤيانيّ كتاب «الجعفريّات»، والموفّق المكّيّ كتاب «قضايا أمير المؤمنين عليه السلام» وكتاب «ردّ الشمس لأمير المؤمنين عليه السلام»، وأبو بكر محمّد بن مؤمن الشيرازيّ كتاب «نزول القرآن في شأن أمير المؤمنين عليه السلام» وأبو صالح عبد الملك المؤذّن كتاب «الأربعين في فضائل الزهراء عليها السلام»، وأحمد بن حنبل كتاب «مسند أهل البيت وفضائل الصحابة»، وأبو عبد الله محمّد بن أحمد النطنزيّ كتاب «الخصائص العلويّة على سائر البريّة»، وابن المغازليّ كتاب «المناقب»، وأبو القاسم البُسطيّ (البُستيّ- خ ل) كتاب «المراتب»، وأبو عبد الله البصريّ كتاب «الدّرجات» والخطيب أبو تراب كتاب «الحدائق»، مع الكتمان والميل وذلك خرق العادة شهد بفضائله معادوه، وأقرّ بمناقبه جاحدوه[7].
يقول الشاعر:
شَهِدَ الأنَامُ بِفَضْلِهِ حتى الْعِدى *** وَالْفَضْلُ مَا شَهِدَتْ بِهِ الأعْدَاءُ[8]
ويقول شاعر آخر:
يَرْوي مَنَاقِبَهُمْ لَنَا أعْدَاؤُهُمْ *** لَا فَضْلَ إلَّا مَا رَواهُ حَسُودُ[9]
طبيعيّ أنّ هؤلاء الأشخاص الذين عدّهم ابن شهرآشوب مع مصنّفاتهم كانوا متقدّمين عليه زمنيّاً، لأنّه توفي سنة 588 هـ.. بَيدَ أنّ هناك مصنّفات اخرى في هذا المجال الّفت قبله وبعده، وذكرها السيّد محمّد مهدي نجل السيّد حسن الخرسان في مقدّمة الطبعة السابقة لكتاب «ينابيع المودّة»، وقد بلغ عددها (183) كتاباً.
يقول ابن شهرآشوب: ومن جملة معجزاته كثرة [الروايات في] مناقبه وفضائله مع ما كانوا يدفنونها ويتوعّدون على روايتها.
روى مسلم، والبخاريّ، وابن بطّة، وا لنطنزيّ عن عائشة في حديثها بمرض النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم فقالت في جملة ذلك: فَخَرَجَ النَّبِيّ بَيْنَ رَجُلَيْنِ مِنْ أهْلِ بَيْتِهِ الْفَضْلِ ورَجُلٍ آخَرَ يَخُطُّ قَدَمَاهُ، عَاصِباً رَأسَهُ- تَعني عَلِيّاً- عَلَيهِ السَّلَامُ. (إمّا أنّ عائشة لم تذكره حسداً، أو أنّ الرواة كتموه).
[1] «ينابيع المودّة» باب 40، ص 121.
[2] «ينابيع المودّة» باب 40، ص 121.
[4] «المصدر السابق» باب 40، ص 123.
[5] «ينابيع المودّة» باب 40، ص 123.
[7] «مناقب ابن شهرآشوب» ج 1، ص 484.
الاكثر قراءة في مقالات عقائدية عامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة