يجب أن يكون الإمام هو الأفضل وعلى رأس أُمور الأمّة
المؤلف:
السيّد محمّد الحسين الحسينيّ الطهرانيّ
المصدر:
معرفة الإمام
الجزء والصفحة:
ج2/ص136-138
2025-11-17
32
قول العامّة أنّ المفضول يمكن أن يدير شؤون الامّة مع وجود الفاضل في الامّة، فهو قول بعيد عن الصواب وليس في محلّه؛ لأنّ الأشخاص ما لم يصلوا إلى درجة التوحيد الخالص ولقاء الله، فالتفاضل النسبيّ قائم بينهم. وربّما يكون شخص أفضل من الآخر لسبب ما، وهذا أكفأ من الأوّل لسبب آخر، لكن لمّا لم يصل أحد إلى مرحلة العبوديّة المطلقة التي هي درجة الولاية، فإنّ النسبيّة ترفع عندئذٍ.
أنّ وليّ الله الذي اجتاز جميع صفات الإمكان والوجود المجازيّ وأصبح موجوداً بوجود الله، وغرق في بحر التوحيد اللامتناهيّ، كيف يُفَضّل عليه شخص آخر، ولو في جانب من الجوانب؟ أنّ صفات وليّ الله مندكّة في صفات الله، ونفسه وملكاته خارج عالم التقدير والقياس. ولا حدّ ولا مقدار لعلمه وقدرته وحياته. وهو في كافّة الصفات أفضل من الامّة جميعها بلا استثناء، ولمّا كان رسول الله أكمل الآخرين وأفضلهم في جميع الصفات بلا استثناء، وكان هو المربّي والمكمل للآخرين، ومع أنّه لم يضرب بسيف في الغزوات إلّا أنّه كان أقربهم للعدو، وذلك لتقوية قلوب قومه، ولمّا كان هو المقدّم عليهم جميعاً في الإنفاق، والإيثار والعلم، والحميّة، والوفاء، وبقيّة الصفات بمقياس لا يقبل القياس. فكذلك الإمام عليه السلام فإنّنا عند ما نفرض بلوغه مقام اليقين والتوحيد المخلص، ونراه مرجعاً لتربية امّته، فإنّه سيكون أفضل الناس جميعهم وأعلمهم من كلّ الجهات، وفصل فضيلة من فضائله عنه محال، وفرض صفة غير تامّة فيه محال أيضاً. وقد أقرّ بذلك الكبار من عرفاء أهل السنّة.
ولو كانت مقاليد الحكم بِيَدِ الإمام نفسه، فإنّه يقسّم الأعمال الاجتماعيّة على الأشخاص، وهو يكون على رأس الامور. ولكن ثمّة فرق بين أن تنجز تلك الأعمال بإشراف الإمام، ومن خلال طاعته واتّباعه وبين أن يكون للمكلّفين بإنجازها رأي مستقلّ فيها كما يذهب إلى ذلك أهل السنّة، فهذا الرأي المستقل هو أساس الإشكال إذ إنّه نأى بهم عن الصواب.
ولكنّهم لو قاموا بتلك الأعمال بإشراف الإمام واستصوابه، فالملاحظ هو:
أوّلًا: ما أكثر الذين يعزلهم الإمام لعدم كفاءتهم، كما نجد ذلك فيما قام به أمير المؤمنين عليه السلام عند ما تسلّم مقاليد الامور في خلافته الظاهريّة، فعزل جميع الولاة الذين نصبهم عثمان بما فيهم معاوية إذ عزله من ولاية الشام.
ثانياً: لو كان القائمون بالأعمال تحت إشراف الإمام ومراقبته، فإنّهم مصونون من التخطّي والانتهاك؛ لأنّ الإمام يُنبّههم ويذكرهم بمجرّد أقلّ خطأ يصدر منهم، ويردعهم عن القيام بأيّ عمل مخالف. ونجد ذلك جليّاً في رسالة أمير المؤمنين عليه السلام إلى عثمان بن حُنيف واليه على البصرة، وكذلك رسالته إلى عبد الله بن عباس واليه عليها بعد عثمان؛ لأنّ الإمام هنا بمنزلة القلب الذي يصلح ما فسد من الأجزاء، وعند عجزه، فإنّه يفصله عنه، والعضو الفاسد لا بدّ أن يُستأصل. أمّا إذا كان الإمام غير معصوم، فإنّ الذين يمارسون أعمالهم تحت سلطته، إنّما يمارسونها بإشراف إنسان غير معصوم. والولاة الذين ينصبهم، هم تحت مراقبته وفي هذه الحالة، فأيّ مفاسد تبقى لا ترتكب؟ مضافاً إلى ذلك، فإنّ الرئيس في أوّل تصدّيه قد لا يكون شخصاً متعدّيّاً متهوّراً، بَيدَ أنّ التعلّق بالدنيا.
والإهتمام بالرئاسة يجعلان منه شخصاً آخر غير ما كان في البداية فالرئاسة اختبار عجيب وعسير للغاية ومدمّر للإنسان
الاكثر قراءة في شبهات وردود
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة