الآثار التي خلفها بطليموس الثالث في الوجه البحري (الفيوم)
المؤلف:
سليم حسن
المصدر:
موسوعة مصر القديمة
الجزء والصفحة:
ج15 ص 250 ــ 252
2025-10-18
237
عثر الأثري «ليفيبر» على قطعتين من الحجر الجيري؛ إحداهما نظيفة، والأخرى يعلوها الملح الناتج من السماد، ويبلغ ارتفاع كل منهما 25 سنتيمترًا، وطول كل منهما 26 سنتيمترًا، والظاهر أن القطعتين من لوحة واحدة، وهاك المتن الذي عليهما:
لأجل صحة الملك «بطليموس» وزوجه وأخته الملكة «برنيكي» وأطفالهما أهدي للإلهة «توريس» Theoris هذا المحراب وملحقاته من «إريني» Irené وتويكزينا Thoexena من أهالي «سيريني» وهما ابنتا
«ديمتريوس» Demetrios و«تاسيس» Thasis وكلاهما يحمل الاسم المصري
«نفرسوكوس» و«تاوس» على التوالي.
والإلهة «توريس» إلهة مصرية، وقد وحدها الإغريق بآلهتهم «أثينا» وكانت تُعبَد في «كروكو أزيريس» من أعمال مقاطعة «أرسنوي» (1) وفي البهسنا (2)، وهذه هي المرة الأولى التي نصادف هذه العبادة في الفيوم.
وكان المفروض أنه في بلدة يكون إلهها الأكبر «سوكوس» (التمساح) يجب أن تكون المقصورة التي أقيمت لهذه الآلهة غاية في التواضع، وبخاصة عندما نعرف أن المرأتين اللتين أقامتاها كانتا ترميان إلى التقوى أكثر من الثراء، وهاتان المرأتان إغريقيتان ومصريتان في آن واحد فهما تحملان اسمين مزدوجين؛ أحدهما: إغريقي، والآخر: مصري، فإحداهما: تسمى «أريني» وهو الاسم الإغريقي، وكذلك تسمى «نفرسوكوس» وهو الاسم المصري، والأخرى: تدعى «تويكزينا» بالإغريقية و«تاسيس» بالمصرية، وقد وُلِدَتا من أب مصري ذكر اسمه على حسب العادة المصرية، ومن أم هيلانية من أهالي «سيريني».
هذا، ونعلم أن أهالي «سيريني» كانوا ينخرطون في سلك الجيش المصري بكثرة خلال العهد البطلمي الأول، والواقع أن «ديمتريوس» والد هاتين المرأتين بعد أن انتهى من خدمته العسكرية كان — على حسب العادة — يتسلم قطعة أرض في «أرسنوي» (الفيوم)، وهناك تزوَّج وأصبح رب أسرة، ولدينا أمثال من هذا الزواج المختلط؛ وهو في الواقع كان نادرًا دون أي شك، ولكن وقوعه لا ينمُّ عن أية معارضة حتى العهد البطلمي الأول الذي استعمر فيه الإغريق بلاد مصر، وبخاصة بين الجنود المرتزقة في مقاطعة «أرسنوي» التي كانت مكتظة بالإغريق، كما أشرنا إلى ذلك من قبل.
والوثيقة التي بين أيدينا تُؤرَّخ بمنتصف القرن الثالث ق.م، والملك وزوجه اللذان كانا يحكمان في تلك الفترة هما «بطليموس الثالث» و«برنيكي الثانية»، ويمكن أن نستنبط من مجرد ذكر عبارة «وأطفالهما» تاريخ المتن الذي في أيدينا على وجه التأكيد، وهو عام 244ق.م. (3)
ومما يلفت النظر في هذا الصدد أنه في عام 1934 ميلادية كُشِف عن جزء من تمثال من الجرانيت الأسود للإلهة «توريس» عَثر عليه الصاغ «ينجز براملي» Jennigs Bramley على مسافة قريبة من الشمالي الشرقي لبرج العرب في الصحراء الغربية، وأُرْسِل إلى المتحف المصري، ويبلغ ارتفاعه 37 …؟ (برقم 24826) والنقش الذي على وجه التمثال هو ما يأتي: يعيش «حور» الذي يثبت الأرضين صاحب الحكم السعيد و(؟) الملكة التي تحمي مصر الوزيرة ابنة «تحوت» …
والواقع أننا لم نعثر بقدر ما وصلت إليه معلوماتنا في أي وقت خلال هذا العصر على اللقب «الذي يثبت الأرضين»، ولكن من جهة أخرى نجد أن نعت «الوزيرة ابنة تحوت» كانت تحمله «برنيكي الثانية» وهي زوجة «بطليموس الثالث» السيرينية الأصل كما كانت تحمله «كليوباترا» الأولى زوج «بطليموس الخامس».
غير أن هذا الأثر لا يمكن أن يكون عمره متأخرًا إلى عهد «بطليموس الخامس» (203–181ق.م) وذلك لأن اللقب الآخر الذي على الأثر هو: الذي يحمي مصر، وينسب في مكان آخر لسلفه «بطليموس الرابع» (221–203ق.م)، وبعبارة أخرى فإن اللقبين الأخيرين اللذين على التمثال يظهر أنهما خاصان بالملكة «برنيكي الثانية» السيرينية المنبت، وهي التي عاشت بعد زوجها مدة سنة أو يزيد، ويقال إن ابنها قد حرَّض على قتلها بدس السم لها، وعلى ذلك فإن اللقب «الذي يثبت الأرضين» يُحتَمل أن يكون لقبًا سيريني الأصل «لبطليموس الثالث»، ومن المحتمل أن جزء المتن الذي اختفى كان يحتوي على اسم «برنيكي» وأنها هي وزوجها كانا محبوبين من الإلهة توريس (إلهة الولادة)، وعلى أية حال لا يمكن القول بوجود أية علاقة بين تمثال «توريس» هذه ومحراب توريس إلهة سيريني التي جاء ذكرها في أثر الفيوم، الذي بسببه ساقنا الحديث إلى هذا البحث.
...............................................
1- Pap. Tebt. 61 (b) 59, 62, 72, 210.
2- Pap. Oxysr. 43, Verso. IV, 13; Verso, 13, 579; 806, 491; Pap. Hib. 35, 3
3- Dittenberger. O.T.S. 64. Note I. Cf. Ibid; 726.
الاكثر قراءة في العصور القديمة في مصر
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة