تعتبر ألمانيا على عكس المملكة المتحدة وفرنسا من الدول التي توحدت حديثا ، أو على الأقل كانت متحدة قبل أن تتجزأ إلى ألمانيتين في عام 1945م ، ومع ذلك فإن بدايتها كدولة أشبه ببداية فرنسا لأن ألمانيا ظهرت أيضا بعد انتهاء الإمبراطورية الفرنكيه فى عام 843 ميلادية. وبينما تطور الجزء الغربي من هذه الإمبراطورية إلى الدولة الفرنسية ، أصبح الجزء الشرقي منها ، والتي كانت مساحتها تشمل تقريبا مساحة ألمانيا الغربية الحالية. يكون الإمبراطورية الألمانية المقدسة loly Roman Limpie. وكما رأينا من قبل فإن توحيد فرنسا تم على يد عائلة مالكة واحدة في حين أن الإمبراطورية الألمانية انقسمت بعد فترة وحدة قصيرة تحت حكم الساكسون إلى وحدات اقطاعية ومع مرور الزمن ازداد انقسام الامبراطورية إلى أن ظهرت إلى الوجود ثلاثمائة دولة مستقلة منفصلة في حوالى القرن السابع عشر، وأصبح لقب  امبراطورية ألمانيا ، كلمة جوفاء لا معنى لها كما كان الحال مع ملك فرنسا الأصلي وقد يكون للجغرافية الطبيعية أثر في الانقسام والتنافر بين أجزاء ألمانيا  فالأحواض المنفصلة والأودية والمرتفعات التي تفصل بينها وقفت ضد توحيد البلاد، ولم تكن في ألمانيا منطقة محمية مثل حوض باريس فالأراضي الألمانية مجزأة إلى أجزاء منفصلة بتقسيمات تضاريسية ولكن يبدو أكثر منطقا في هذه الحالة أن تعزو أسباب هذه التفرقة والتمزق إلى عدم وجود أباطرة أقوياء لهم الطموح والرغبة لتحقيق الوحدة بين أجزاء ألمانيا المتصارعة وبدلا من توحيد بلادهم اتجه أباطرة ألمانيا إلى إيطاليا للسيطرة على روما أو إلى الحروب الصليبية وانشغلوا بهذه المغامرات عن أمور البلاد ووحدتها.

كانت القاعدة الإقليمية الأصلية للإمبراطورية الألمانية تقع في ألمانيا الأصلية المنطقة التي احتفظت بسكانها الألمان في تلك الفترة ، وهي Urdeutschland التي شهدت التحرك نحو الغرب مع ما يسمى بهجرة الشعوب Peoples Migration of

فيما بين عامي 400 800 ميلادية وفي العصور الوسطى فيما بين 1400800م اندفع الرواد الزراعيين الألمان نحو الشرق إلى ما وراء خط إلب سال - أن - سالزاخ إلى داخل أراضى الصقالبة السلاف خالقين نطاقا كبيرا جديدا تسكنها شعوب ناطقة بالألمانية ، وهذه المستعمرة الألمانية كانت تتمركز في منطقتين كبيرتين تتيحان المجال للتوسع شرقا السهل الألماني الشمالي ووادى الدانوب والمنطقة الألبية الشرقية.

ومع الانقسام المستمر لمنطقة ألمانيا الأصلية : ظهرت دول قوية في كل من المنطقتين الشرقيتين في المستعمرة الألمانية ، أما براندنبيرج ذات التربة الرملية والمكسوة بغابات الصنوبر ومركزها برلين التي كانت في تلك الفترة عبارة عن قرية سلافية صغيرة لصيد الأسماك فقد ظهرت كمنطقة شرقية عازلة March في السهل الألماني الشمالي. وعندما منحت براندنبيرج لعائلة هو بنزولين lohenzollern الطموحة أصبحت براندبيرج ندا لدول الإمبراطورية الأخرى ثم تفوقت عليها من ناحية القوة والتنظيم ، وأخيرا تطورت براند بيرج لتكون مملكة بروسيا التي أصبحت أقوى دولة في السهل الشمالي، ويمكن أن نعزو نجاح هذه المملكة وقوتها إلى سياسة التسامح نحو الأقليات الدينية التي جذبت أعدادا كبيرة من الهيوقون والفلمنكيين والسالزبيرجين والانا بابتيين Anabaptists الذين أتوا بمهارات صناعية وزراعية كان البروسيون في أشد الحاجة إليها ومع بداية القرن التاسع عشر كان ثلث سكان بروسيا يتكونون من سلالة هؤلاء النازحين الهاربين من الاضطهاد الديني فى فرنسا والنمسا والبلاد الأخرى.

وحدث تطور سياسي مماثل في القطاع الجنوبي من و ألمانيا المستعمرة ، حيث طورت المنطقة الشرقية العازلة البافارية لتصبح النمسا أو الإمبراطورية الشرقية تحت القيادة الماهرة لعائلة llapsburg ثم وجهت الدولتان الشرقيتان القويتان ، بروسيا والنمسا  اهتمامها نحو ألمانيا الأصلية المجزأة وأخذتا تتنافسان للسيطرة عليها مدة طويلة وأخيرا وفى عام 1866 استطاعت بروسيا إلحاق الهزيمة بالنمسا وإزاحتها من طريقها ثم انفردت بتوحيد ألمانيا تحت سيطرتها وذلك في عام 1871. ولم تختلف الإمبراطورية التي أنشأتها بروسيا من كونها امتدادا لبروسيا لأن ملك بروسيا هو الذي توج قيصرا على ألمانيا الموحدة وبقيت عاصمة بروسيا ، برلين، عاصمة للإمبراطورية الجديدة أما النمسا فقد اتجهت باهتماماتها شرقا نحو البلقان.

ومن عناصر الوحدة التي كانت تتمتع بها الإمبراطورية تلك التي تتعلق باللغة الألمانية وإنجازاتها الثقافية الباهرة المتمثلة في الموسيقى والعلوم والأدب التي برز فيها الألمان على كثير من الشعوب وقد ساعد غزو نابليون في إذكاء الشعور الكامن للوحدة الألمانية واستغلت بروسيا الفرصة بنجاح لتنصب نفسها حامية على ألمانيا وبطلة شعبها والمدافعة عن مصالحه ثم انتقلت الأعمال والتجارب التاريخية للشعب الألماني كأمة متفككة إلى الإمبراطورية الجديدة مفعمة بأبطال قوميين مثل هيرمان Hermann رئيس القبيلة الذى هزم القوات الرومانية عام 9 ميلادية ثم فريدريك بار بروسا الإمبراطور الذى مات فى احدى الحروب الصليبية وحبيبهار دفون من الذين ساعدوا في هزيمة نابليون وهكذا كانت ألمانيا كينونة بشرية متميزة وبروسيا أعطت التعبير السياسي لهذه الكينونة ، ولكن ألمانيا الموحدة لم تبق طويلا ، فقد بدأت تتجزأ مع نهاية الحرب العالمية الأولى عندما بدأت تفقد المناطق العرقية الأجنبية مثل الرواق البولندي وسايليزيا العليا وشيلز فيك Schleswig الشمالية وبعض المناطق التي يسكنها الألمان مثل بلوخر Gebhard von Blucher الألزاس واللورين واوين مالدى Eupen - Maimedy وسار Saar وهذه الأخيرة عادت إلى ألمانيا بعد استفتاء وهى الآن جزء من ألمانيا الغربية . وبعد هزيمتها في الحرب العالمية فقدت ألمانيا اقاليم أخرى ، والأسوأ من ذلك انقسامها إلى دولتين ألمانيتين مستقلتين تحت نظامين مختلفتين ، وهكذا عاد التمزق لألمانيا في أنها عجزت عن التعامل مع القوى الخارجية ويمكن تلخيص مأساة ألمانيا في أنها سعت لاستخدام موقعها المركزي كمحور تنطلق منه للسيطرة على أوروبا ولكن المهمة كانت أكبر من إمكانياتها ولذلك أعطيت دور دولة عازلة مجزأة بين الشرق والغرب.

اخر الاخبار

اخبار العتبة العباسية المقدسة

شعبة الخطابة النسوية تطلق العام الدراسي الجديد في معهد الخطابة

صُنع في العراق.. تجربة العتبة العباسية المقدسة في إعادة الهوية المفقودة

قسم الشؤون الفكرية يعلن عن بدء التسجيل للدورة التمهيدية الحوزوية الإلكترونية

أثناء استقباله فريق مجلة (أثر).. سماحة السيد الصافي يؤكد دعم أي إبداع يسهم في تنويع طرائق إيصال المعلومة إلى المتلقي

المزيد

الآخبار الصحية

تحذير من "عدوى بكتيرية" تسبب نوبات قلبية

ماذا يحصل لجسمك عند التوقف عن استخدام الزيت في الطهي؟

الأمل في كبسولة.. "فيتامين شهير" يبطئ التقدم في العمر

اشتهاء أطعمة بشكل مفاجئ.. ناقوس خطر للسرطان ؟!

المزيد

الآخبار التكنلوجية

زلزال أفغانستان يحصد أكثر من ألف قتيل.. ويدمر آلاف المنازل !

ناجٍٍ وحيد من انزلاق أرضي.. دمّر قرية سودانية بأكملها !

نهر الفرات.. مورد مائي بين الندرة والتقاسم

ما السر وراء مشية إيلون ماسك الغريبة والسريعة ؟

المزيد

مواضيع ذات صلة

أنواع السكن الريفي المتجمع Clustered Rural Settlements

تشكوسلوفاكيا

يوغوسلافيا

السويد والدنمارك

المملكة المتحدة

قبرص

دور الأنماط البيئية

أثر الأديان في الجغرافية السياسية

أثر البيئة على الدين

اللغة في أوربا

جغرافية أوروبا السياسية

التوزيع والتفاعل المكاني للمجموعات الدينية