الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
الخدمات العامة / المراكز الثقافية والعبادية
المؤلف:
الشيخ عبد الله الجوادي الطبري الآملي
المصدر:
مفاتيح الحياة
الجزء والصفحة:
ص484ــ490
2025-08-31
21
لطالما اعتنى الإسلام ببناء الأماكن الثقافية والعبادية، المساجد على وجـه الخصوص، وبواكير الآيات التي نزلت على سيد الكونين (صلى الله عليه وآله) كانت حول أهمية العلم وأسبابه وأدواته والذي شكّل الأساس الذي قامت عليه الحضارة والثقافة الإسلامية، وتجسّد ذلك في إعداد الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) أسس مدينة النبي عبر بناء مسجدها كأول قاعدة للارتباط بين الله وعباده، وبمثابة مركز لمتابعة أمورهم الدنيوية والأخروية.
لقد حنّت آيات القرآن وأحاديث المعصومين (سلام الله عليهم)، على استحداث المراكز الثقافية ودور العبادة وإعمارها، ووردت تعاليم كثيرة حول آداب الاستفادة من المساجد والبركات الدنيوية والأخروية المترتبة على ذلك. لنتوقف قليلاً عند الأحاديث والروايات التي تحثّ على بناء وإعمار المراكز الثقافية، وفي مقدّمها المساجد:
1. بناء المسجد
بناء المساجد أحد الأمثلة البارزة على الباقيات الصالحات، ففي الحديث النبوي الشريف: إِنَّ لِمَا يَلْحَقُ الْمُؤْمِنَ مِنْ عَمَلِهِ وَحَسَنَاتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ عِلْمًا عَلَمه ونَشَرهُ وَوَلَداً صَالِحاً تَرَكَه أوَ مُصْحَفاً وَرَثَهُ أو مَسْجِداً بَناه...(1)، وقال (صلى الله عليه وآله) أيضاً: سَبعَةُ أَشياء يُكتَبُ لِلعَبدِ ثَوابُها بَعدَ وَفاتِهِ: رَجُلٌ غَرَسَ نَحْلاً، وَحَفَرَ بِئراً، وأَجْرَى نَهْراً، وبَنَى مَسْجِداً، وَكَتَبَ مُصْحَفاً، ووَرَّثَ عِلماً، وخَلَّفَ وَلَداً صالحاً يَسْتَغْفِرُ لَهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ(2).
ثواب بناء المساجد
عن الإمام محمد الباقر (سلام الله عليه): مَنْ بَنَى مَسْجِداً كَمَفْحَصِ قَطَاةٍ(3) بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتاً في الجنَّةِ(4).
مراعاة البساطة في بناء المساجد
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ابْنُوا مَسَاجِدَكُم جُماً [تعبيراً عن بساطتها وعـدم مزاحمتها للجيران]، وَابْنُوا مَدَائنكُم مُشرِفَةً [من حيث جمال الموقع والمنظر](5).
ورأى الإمام أمير المؤمنين علي (سلام الله عليه) مسجداً بِالكُوفَة قَدْ شُرِّفَ، قَالَ: كَأَنَّهُ بيْعَةٌ إِنَّ المَسَاجِدَ لَا تُشَرَفُ تُبْنَى جُما(6).
وقال النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله): لا تُزَخْرِفُوا مَسَاجِدَكُمْ كَمَا زَخْرَفْتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى بِيَعَهُمْ(7).
ملاحظة: المساجد بيوت الله، وهي أماكن ذكر الله والانقطاع عن غيره، لذا، فأحرى بنا أن نتجنّب في بنائها كل ما يشغل الإنسان عن ربه والتوجه إليه.
بناء المساجد في الطرق
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ابْنُوا المَسَاجِد واخرجُوا القمَامَةِ مِنْهَا، فَمَن بَنَى للَّهُ بَنى الله لَهُ بَيْتاً فِي الجَنَّةِ فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُول الله وَهَذِهِ الْمَسَاجِدُ الَّتِي تُبْنَى فِي الطَّرِيقِ؟ قال: نَعَمْ وَإِخْراجُ القُمامَةِ مِنْهَا مُهُورُ الحُورِ العين(8).
2. توسعة المسجد
وروي:... أَنَّ رَسُولَ اللهِ (صلى الله عليه وآله) مَرَّ بِقَوْمٍ قَدْ أَسَسُوا مَسْجِدًا لِيَبْنُوهُ، [ويبدو أنهم خصصوا مساحة صغيرة لبنائه] فَقَالَ: أَوْسِعُوهُ تَملَئوهُ، قَالَ: فَأَوْسَعُوهُ(9).
ملاحظة: إن تكرّر توسعة المسجد النبوي الشريف مثال بارز على ضرورة الأخذ بالاعتبار زيادة الزحام والقدرة الاستيعابية للمسجد، حيث جرى توسعته مرات عديدة وذلك لازدياد أعداد الزائرين.
3. إعمار المسجد
الآثار الدنيوية والأخروية لإعمار المسجد
قال الإمام أمير المؤمنين (سلام الله عليه): إِنَّ الله - تبَارَكَ وَتَعَالَى - إِذَا أَرَادَ أَنْ يُصِيبَ أَهْلَ الْأَرْضِ بِعَذَابٍ قَالَ: لَوْلا الَّذِينَ يَتَحَابُّونَ بِجَلالِي وَيَعْمُرُونَ مَسَاجِدِي وَيَسْتَغْفِرُونَ بِالْأَسْحَارِ لَوْلَاهُم لَأَنْزَلْتُ عَذَابِي(10).
والحقيقة إن إعمار المساجد دليل المرؤة والشهامة؛ فقد قال الإمام أمير المؤمنين (سلام الله عليه): المروَّةُ سِتٌ: ثَلاثُ فِي السَّفَرِ وَثَلاثُ فِي الْحَضَرِ فَالَّتِي فِي الْحَضَرِ تِلاوَةُ الْقُرْآنِ وَعِمَارَةُ الْمَسَاجِدِ وَاتَّخاذ الإِخْوَانِ فِي اللَّهِ وَأَمَّا الَّتِي فِي السَّفَرِ بَذْلُ الزَّادِ
وَحُسْنُ الْخُلُقِ وَالْمُعَاشَرَةُ بِالْمَعْرُوف(11).
ثواب توقير المساجد
عن الإمام أمير المؤمنين (سلام الله عليه) أنه قال: مَنْ وَقَرَ مَسْجِداً لَقِيَ اللَّهَ يَوْمَ يَلْقَاهُ ضَاحِكاً مُسْتَبْشِراً وَأَعْطَاهُ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ وَقَالَ (صلى الله عليه وآله): مَنْ رَدَّ رِيقَهُ تَعْظِيماً لِحَقِّ المَسْجِدِ جَعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ قُوَّةً فِي بَدَنِهِ وَكَتَبَ لَهُ بِهَا حَسَنَةٌ وَحَطَّ عَنْهُ بِهَا سَيِّئَةٌ وَقَالَ: لا تَمرُّ بِدَاءٍ فِي جَوْفِهِ إِلَّا أَبْرَأَتُهُ(12).
النهي عن الاستخفاف بالمسجد
وكذلك عن أمير المؤمنين (سلام الله عليه): لا يُسَمَّى المُسْلِمُ رُجَيلاً وَلَا يُسَمَّى المُصْحَفُ مُصَيْحِفاً ولا المُسْجِدُ مُسَيْجِداً(13).
التأكيد على حضور اجتماعات المسجد
قال النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله): إِنَّ الشَّيْطَان ذِئبُ الإِنْسَانِ، كَذِئبِ الغَنَمِ، يَأْخُذُ الشَّاةَ القَاصِيَةَ والناحِيَةَ، فَإِيَّاكُمْ والشَّعاب وعليكم، بالجماعة، والعَامَّةِ والمَسْجِدِ(14).
وعن الإمام جعفر الصادق (سلام الله عليه) قوله: المُروَّةُ مُرُوتَانِ: مُروَّةُ الْحَضَرِ وَمُرُوَّةُ السَّفَرِ، فَأَمَّا مُرُوَّةُ الْحَضَرِ فَتِلاوَةُ الْقُرْآنِ وَحُضُورُ الْمَسَاجِدِ وَصُحْبَةُ أَهْلِ الخيْرِ وَالنَّظَرُ فِي الْفِقْهِ وَأَمَّا مُرُوَّةُ السَّفَرِ فَبَذْلُ الزَّادِ وَتَرْكُ الْخِلَافِ عَلَى الْأَصْحَابِ وَالرِّوَايَةِ عَنْهُمْ إِذَا افترقوا(15).
ثواب إضاءة المسجد وفرشه [بالحصير والسجاد]
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): مَنْ أَسْرَجَ فِي مَسْجِدٍ مِنْ مَسَاجِدِ اللهِ سِرَاجاً لَمْ تَزَلِ الملائِكَةُ وَحَمَلَةُ الْعَرْشِ يَسْتَغْفِرُونَ لَهُ مَا دَامَ فِي ذَلِكَ الْمَسْجِدِ ضَوْءُ مِنَ السِّرَاج(16)؛ وعنه (صلى الله عليه وآله) أيضاً: وَمَنْ بَسَطَ فيه حَصِيراً صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكِ حَتَّى يَنْقَطِعَ ذَلِكَ الحَصِيرُ...(17).
4. نظافة المسجد
أهمية نظافة المسجد: قال الإمام جعفر الصادق (سلام الله عليه): مَنْ تَنَخَّمَ فِي الْمَسْجِدِ ثُمَّ رَدَّهَا فِي جَوْفِهِ لَمْ تَرَ بِدَاءٍ إِلَّا أَبْرَأَتْهُ(18).
ثواب نفض التراب عن المسجد: قال النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله): مَنْ قَمَّ مَسْجِداً كَتَبَ اللهُ لَهُ عِتْقَ رَقَبَةٍ وَمَنْ أَخْرَجَ مِنْهُ مَا يَقْذِي عَيْناً كَتَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِه(19) وقال (صلى الله عليه وآله) كذلك: مَنْ كَنَسَ المَسْجِدَ يَوْمَ الْخَمِيسِ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ فَأَخْرَجَ مِنْهُ التُّرَابَ قَدْرَ مَا يُذْرَى فِي الْعَيْنِ غُفِرَ لَهُ(20).
دفن أوساخ المسجد: وعنه (صلى الله عليه وآله)... النُّخاعَة فِي المَسْجِد تَدْفنها...(21).
يأتي تأكيد النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) في الرواية السابقة على دفن أوساخ المسجد انطلاقاً من ضرورة المحافظة على حرمة المسجد، فضلاً عــن كونه معـيـاراً عاماً ينطبق على جميع الأماكن العامة؛ وبالتالي فإنّ من واجب المسلمين تطهير البيئة مثل الأزقة والشوارع والحدائق والأماكن العامة من الأوساخ والملوثات.
ذم الملوثين لفناء المسجد: حيث نهى رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) عَنِ... وَالتَّنَخْعِ فِي المساجد...(22)؛ وعن الإمام موسى الكاظم (سلام الله عليه):... تَوَقَّ شُطُوطَ الأَنْهَارِ وَمَسَاقِطَ الثَّمَارِ وَأَفْنِيَةَ الْمَسَاجِدِ وَقَارِعَةَ الطَّرِيقِ... وَضَعْ حَيْثُ شِئْت(23).
النهي عن إدخال رائحة الثوم إلى المسجد: روي أَنَّهُ (صلى الله عليه وآله) نَهَى عَنْ أَكْلِ الثّومِ أَنْ يُؤْذِيَ بِرَائِحَتِهِ أَهْلَ الْمَسْجِدِ وَقَالَ: مَنْ أَكَلَ هَذِهِ الْبَقْلَةَ فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا(24).
وعن الإمام أمير المؤمنين (سلام الله عليه): مَنْ أَكَلَ شَيْئًا مِنَ الْمُؤْذِيَاتِ رِيحُهَا فَلا يَقْرَبَنَّ المَسْجِدَ(25).
النهي عن اصطحاب المجانين إلى المسجد: وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله):... جنبوا مَسَاجِدَكُمْ مَجَانِينكُم وصبيانكُمْ...(26). المقصود بالصبيان الذين ينجسون المسجد.
_____________________________
(1) الجامع الصغير، ج 1، ص 382.
(2) معدن الجواهر، ص 59؛ تنبيه الخواطر ونزهة النواظر، ج 2، ص 110.
(3) طائر بحجم اليمام يؤثر الحياة في الصحراء (انظر: مجمع البحرين، ج 1، ص347، ق ط 1)).
(4) الفقيه، ج 1، ص 235.
(5) الجامع الصغير، ج 1، ص 13.
(6) الفقيه، ج 1، ص 236؛ تهذيب الأحكام، ج 3، ص 253.
(7) مستدرك الوسائل، ج 3، ص371 - 372.
(8) كنز العمال، ج 7، ص 655.
(9) السنن الكبرى، ج 2، ص 439.
(10) الفقيه، ج 1، ص 473 - 474.
(11) إرشاد القلوب، ص 77.
(12) المحاسن، ص 54.
(13) النوادر، ص 41؛ بحار الأنوار، ج 73، ص358.
(14) مسند أحمد بن حنبل، ج 5، ص 233.
(15) دعائم الإسلام، ج 1، ص 346 - 347.
(16) الفقيه، ج 1، ص 237.
(17) كنز العمال، ج 7، ص 656.
(18) الفقيه، ج 1، ص 233.
(19) المحاسن، ص 56؛ الأمالي الصدوق، ص 180.
(20) ثواب الأعمال، ص 31.
(21) مسند أحمد بن حنبل، ج 5، ص 354.
(22) الفقيه، ج 4، ص 3 - 4.
(23) تحف العقول، ص 411.
(24) دعائم الإسلام، ج 1، ص 149 - 150؛ بحار الأنوار، ج 80، ص 382.
(25) تهذيب الأحكام، ج 3، ص 255.
(26) تهذيب الأحكام، ج 3، ص 254.
الاكثر قراءة في التربية الروحية والدينية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
