الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
النفس المطمئنة
المؤلف:
محمد باقر الدلفي
المصدر:
كل ما يحتاجه المؤمن لترك الذنوب
الجزء والصفحة:
ص 144 ــ 150
2025-07-07
30
{يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً} [الفجر: 27، 28].
أفضل حالة يصل اليها الأنسان هي حالة الاطمئنان التي تكون لدى الشخص المطمئن صاحب النفس المطمئنة.
بعد الانتقال من مرحلة النفس الأمارة إلى النفس اللوامة وتبقى تلوم صاحبها ويستمر بالعبادة وتجاوز الذنوب إلى فترة معينة ستبدأ النفس المطمئنة بالهيمنة والسيطرة وهنيئاً لكل شخص تمكن من التكامل والوصول إلى هذه المرحلة مرحلة السكينة والاطمئنان.
صاحب النفس المطمئنة راضياً بقضاء الله راضياً بأحكامه لا يعترض على أحكام الله ابدأ.
النفس الراضية المطمئنة تكون راضية بقضاء الله وبكل شؤونه ومشيئته وليس لديه تسائل أو استفهام عن أحكام الله وأقداره مثل لماذا هذا الحر لماذا هذا البرد لماذا مات فلان لماذا قتل فلان لماذا هذا غني وهذا فقير ويبدئ يتساءل ويلوم لان صاحب النفس المطمئنة يعلم أن كل شيء بيد الله وهو أعلم واحكم لماذا هذا أعمى وهذا أخرس لا تعلم لماذا، الله وحده يعلم فهو صاحب الحكمة والمشيئة، ولا اقصد أن لا تتسائل ولكن أقصد أن لا تعترض، أي يا رب لماذا قطعت يدي يا رب أنا عبدك لماذا أنا مريض يا رب لماذا لدى فلان بيت وأنا لا امتلك بيت أهذه عدالة يا رب !!!
هذه الكلمات دليل على اعتراضك على أحكام وأقدار الله وأنت لا تدري ما قدر لك من الخير ولكنك استعجلت.
وصاحب النفس المطمئنة لا يتساءل ولا يعترض وموكل جميع أموره لله فقط لا يتذلل لغير الله ويعتقد أن رزقه على الله والملك لله فقط لا للبشر، يكون على يقين أن كل شيء ملك لله الواحد القهار، يكون على يقين أن عينه لا ترى ألا بقدرة الله لا بقدرتك أنت، يكون على يقين أن نومه وأكله وحركته كلها بقدرة الله لا بقدرة البشر، صاحب النفس المطمئنة على درجة عالية من اليقين والتسليم والتفويض لله الواحد الأحد، لا يشرك بعبادة ربه أبداً، ولا يتذلل للبشر يكون صاحب نفس عزيزة.
(قصة عن الاعتراض)
يحكى أن رجل مؤمن كان يبكي طويلاً ليالي وأيام يطلب من الله أن تكون لديه ذرية وكان هذا المؤمن بعيد من الحرام وعلاقته بالله قوية يصلي ويصوم ويقرأ القرآن كل يوم وبعد مدة كبيرة أكثر من خمسة سنوات أصبح لديه ذرية أصبحت لديه بنت جميلة جداً وبصحة جيدة ولكن عندما بلغت عمر الثمان سنوات مرضت هذه البنت وأخذها إلى المشفى ولكن بعد ساعات توفيت هذه البنت وضج الأب بالبكاء والنحيب وبدأ يعترض على حكم الله لأنه أخذ منه أبنته.
يا رب الست أنا عبدك وتعلم أني منذ زمن طويل أطلب منك ذرية لماذا أعطيتني بنت وأخذتها مني يا رب أنا أصلي وأصوم لماذا تعاقبني وبدأ يعترض ويعترض إلى أن قال أنا من اليوم لا أعبدك ولا أصوم ولا أعمل أي عمل صالح وبقي يعترض ويضج وما هي الا لحظات وأتاه الخبر أن ابنته رجعت إلى الحياة عاد نبضها من جديد وتم معالجتها وبعد أيام خرجت من المشفى وهي بصحة جيدة، ولكن بعد فترة أصبحت البنت بعمر الثامن عشر وهي جميلة جداً وبدأت بصداقات مع الرجال وتخرج مع الرجال دون علم أهلها وتزني وايضاً أصبح لديها الكثير من الفضائح على وسائل التواصل الاجتماعي وهربت مع رجل، وتركت المنزل وأهلها علموا بذلك وهذا ما أصيب الأم بسكتة قلبية أدى إلى موتها والأب أصبح حزيناً ومفضوحاً بين الناس وعندما يمشي في الشارع يرى الناس تشير اليه أنه أب البنت فلانه وذهب ماء وجهه وأصبح حزين جداً على أبنته والفضيحة وعلى فراق زوجته.
لو لم يعترض الأب على حكم الله لسارت الأمور كما يريد الله لا كما نريد نحن.
الله يعلم أن هذه البنت ستأتي بالمتاعب لأهلها لذلك توفاها وجعل في وفاتها خيراً وتدخل الجنة لأنها صغيرة ولم تذنب وايضاً الأب لا يفتضح وزوجته لا تموت ولا يحزن وبالتأكيد يعوضه الله بذرية صالحة ولكنه أعترض على حكم الله أكثر من مرة وأراد الله أن يريه أن اختيار الأنسان ليس بصحيح وأن اختيارات الله هي الأفضل لأنه يعلم الغيب والأنسان لا يعلم الغيب لذلك حدث ما حدث بسبب اعتراض المؤمن على حكم الله: {وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا} [الإسراء].
(قصة عن الاطمئنان)
ينقل عن بعض حجاج بيت الله الحرام الذين كانوا يسافرون في السابق عن طريق تلك الصحاري الحارة بواسطة الإبل
يقولون: وصلنا الى خيمة في أثناء الطريق وكان في تلك الخيمة امرأة وحيدة، فطلبنا منها طعاماً، فقالت:
تفضلوا بالجلوس وبعد ساعة يرجع أبني مع الخادم وقد ذهبا لرعي الأغنام، وبينما كان الحجاج في الخيمة إذ لاحت لهم مقطعات الأبل والأغنام ولكن الراعي كان متغيراً وحزيناً، فتقدمت إليه المرأة وسألته عما حدث؟ فقال:
عندما كانت الإبل تتدافع نحو الماء للشرب تزاحمت فيما بينها وسقط أبنك في البئر (الإبار المذكورة كانت عميقة جداً وإذا سقط فيها أحد فلا أمل في خروجه حياً)
أجابت المرأة: أحذر أن يصدر منك صوت لأن عندنا ضيوفاً
فتسلب راحتهم أذهب فوراً واذبح خروفاً وهيئه للضيوف، فلما علموا بذلك قال لها أحد الحجاج بأننا أسفون لهذا الحادث، وقد صرنا مزاحمين في هذا الوقت، فأجابت المرأة بأني لم أكن راغبة أن تطلعوا على ذلك فتتألموا، ولكن الآن وقد فهمتم ذلك فأعلموا أن واجبي الآن هو الصبر، فمن منكم يمكنه أن يقرأ القرآن؟
فأخذ أحد الحجاج يقرأ آيات من القرآن التي يذكر فيها بأن الله يبشر الصابرين على المصيبة بأن يجازيهم بالصلاة والرحمة والهداية: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} [البقرة: 155].
فقالت المرأة: كفى
يكفينا هذا المقدار إننا نمتثل أوامر الصبر ونحصل على هذا الجزاء وقامت وتوضأت وصلت ركعتين، وبعد الصلاة رفعت يديها بالدعاء
وقالت:
إلهي إذا كان البقاء مكتوباً لأحد في هذه الدنيا لكان نبيك حياً
إلهي أمرتنا في القرآن بالصبر، وأنا امرأة ضعيفة وسأصبر
إلهي فلا تحرمنا ما وعدتنا به من الجزاء.
قالت ذلك وقامت بخدمة الضيوف وكأن شيئاً لم يقع.
أنظر إلى اطمئنان هذه المرأة كيف أنها مطمئنة وراضية بقضاء الله ولا يعني أنها قاسية قلب لا بل هذا يعني أنها مطمئنة وراضية ومرضية بقضاء الله وأحكامه، هل هي من قتلت ابنها؟
لا طبعاً، الله (عز وجل) أراد ذلك أراد له الموت بهذه الطريقة وبهذه الساعة واليوم واللحظة، لا شأن لنا، الأرواح ملك الله وهو المالك يتحكم بملكه كيف يشاء، وهذا لا يعني أنها لا تبكي على ولدها لا طبعاً ولكن بكائها تقربا لله، بكائها على ولدها من شدة شوقها اليه لا اعتراضاً على أحكامه وأقداره.
البعض عندما يموت له شخص عزيز يعترض على حكم الله ويلوم الله على هذه الأفعال يا رب لماذا أخذت مني فلان يا رب لماذا لم تأخذ فلان بدل عنه يا رب يا رب!
ويبقى يلوم ويجزع إلى أن يذهب أجر الصبر بشدة الجزع، الأمام أمير المؤمنين علي (عليه السلام) يقول: (الجزع لا يدفع القدر، ولكن يحبط الأجر) (1).
(الجزع عند المصيبة يزيدها، والصبر عليها يبيدها) (2).
قال أمير المؤمنين علي (عليه السلام): (سنحيا بعد كربتنا ربيعاً كأننا لم نذق في الأمس مراً).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ ميزان الحكمة، ج 2، ح 2326.
2ـ المصدر السابق. ح 2321.
الاكثر قراءة في التربية الروحية والدينية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
