إن صلى قبل الوقت متعمدا أعاد وإن أخطأ في ذلك فأدركه الوقت وهو منها في شيء أجزأته وإن فرغ منها قبل الوقت أعاد.
فإن نسي استقبال القبلة أو أخطأها ثم ذكرها أو عرفها ووقت الصلاة باق أعاد فإن كان الوقت قد مضى فلا إعادة عليه إلا أن تكون صلاته على السهو والخطإ إلى استدبار القبلة فعليه إعادة الصلاة كان الوقت باقيا أو ماضيا.
فإن ترك تكبيرة الافتتاح متعمدا أو ساهيا فعليه إعادة الصلاة لأنه لا يثبت له شيء من الصلاة ما لم يثبت له تكبيرة الافتتاح.
وإن ترك القراءة ناسيا فلا إعادة عليه إذا تمم الركوع والسجود.
وإن ترك الركوع ناسيا أو متعمدا أعاد الصلاة.
فإن شك في الركوع وهو قائم ركع وإن كان قد دخل في حالة أخرى من السجود وغيره مضى في صلاته وليس عليه شيء. وإن ترك سجدتين من ركعة واحدة أعاد على كل حال وإن نسي واحدة منهما ثم ذكرها في الركعة الثانية قبل الركوع أرسل نفسه وسجدها ثم قام فاستأنف القراءة أو التسبيح إن كان مسبحا في الركعتين الآخرتين على ما قدمناه وإن لم يذكرها حتى يركع الثانية قضاها بعد التسليم وسجد سجدتي السهو وسأبين ذلك في باب السهو في الصلاة إن شاء الله.
وإن ترك التسبيح في الركوع والسجود ناسيا لم يكن عليه إعادة الصلاة وإن ترك التشهد ناسيا قضاه ولم يعد الصلاة.
والسلام في الصلاة سنة وليس بفرض تفسد بتركه الصلاة.
والتوجه بالتكبيرات السبع على ما ذكرناه في أول كل فريضة سنة من تركه فيها أو في غيرها من النوافل واقتصر من جملته على تكبيرة الافتتاح أجزأه ذلك في الصلاة.
والتكبير للركوع والسجود سنة وكذلك رفع اليدين به وليس ينبغي لأحد تركه متعمدا وإن نسيه لم تفسد بذلك الصلاة.
والقنوت سنة وكيدة لا ينبغي لأحد تركه مع الاختيار ومن نسيه فلم يفعله قبل الركوع فليقضه بعده فإن لم يذكر حتى يركع الثالثة قضاه بعد فراغه من الصلاة فإن لم يفعل ضيع أجرا وترك سنة وفضلا وإن لم يكن بذلك مهملا فرضا ولا مقترفا سيئة وإثما.
وسجدتا الشكر والتعفير بينهما من السنن وليس من المفترضات.
والدعاء بعد الفرائض مستحب وليس من الأفعال الواجبات.
ومختصر القنوت في الصلاة أن يقول الإنسان
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا وارْحَمْنَا وعَافِنَا واعْفُ عَنَّا فِي الدُّنْيَا والْآخِرَةِ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ (1).
وأدنى ما يدعى به بعد الفريضة أن يقول الإنسان: إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ كُلِّ خَيْرٍ أَحَاطَ بِهِ عِلْمُكَ وأَعُوذُ بِكَ مِنْ كُلِّ شَرٍّ أَحَاطَ بِهِ عِلْمُكَ وأَسْأَلُكَ خَشْيَتَكَ فِي أُمُورِي كُلِّهَا وأَعُوذُ بِكَ مِنْ خِزْيِ الدُّنْيَا وعَذَابِ الْآخِرَةِ (2).
ويجزي في سجدتي الشكر أن يقول في الأولى شكرا شكرا شكرا لله ويقول في التعفير مثل ذلك وفي السجدة الثانية مثله.
وتسبيح الزهراء ع في أعقاب الصلوات المفترضات سنة مؤكدة وهو في أعقاب النوافل مستحب.
وقَدْ رُوِيَ عَنِ الصَّادِقِ (ع) أَنَّهُ قَالَ: لَأَنْ أُصَلِّيَ الْخَمْسَ الصَّلَوَاتِ مُجَرَّدَةً مِنْ نَوَافِلِهَا وَأُسَبِّحَ فِي عَقِبِ كُلِّ فَرِيضَةٍ مِنْهَا تَسْبِيحَ الزَّهْرَاءِ عَلَيْهَا السَّلَامُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُصَلِّيَ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ أَلْفَ رَكْعَةٍ لَا أُسَبِّحُ فِيمَا بَيْنَهَا تَسْبِيحَ فَاطِمَةَ (ع) (3).
وسُئِلَ (ع) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وجَلَ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً) (4) مَا حَدُّ هَذَا الذِّكْرِ فَقَالَ مَنْ سَبَّحَ فِي عَقِبِ كُلِّ فَرِيضَةٍ تَسْبِيحَ الزَّهْرَاءِ فَاطِمَةَ ص فَقَدْ ذَكَرَ اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً (5).
ومن السنة أن يجهر المصلي بالقرآن في صلاة الغداة والركعتين الأولتين من صلاة المغرب والركعتين الأوليين من صلاة العشاء الآخرة ونوافل الليل كلها ويخافت بالقرآن في صلاة الظهر والعصر ولكن لا يخافت بما لا يسمعه أذنيه من القرآن. ومن تعمد الإخفات فيما يجب فيه الإجهار أو الإجهار فيما يجب فيه الإخفات أعاد.
والإمام يجهر بالقراءة في صلاة الجمعة يسمع منه القرآن المأمومين وكذلك يجهر في صلاة العيدين وصلاة الاستسقاء ويصغي إلى قراءته المصلون خلفه.
ومن صلى الجمعة منفردا جهر بالقرآن كما يجهر به لو كان إماما وصلاها أربع ركعات وكذلك من صلى العيدين وصلاة الاستسقاء بغير إمام يجهر أيضا فيهما بالقرآن ولا يخافت به على ما شرحناه.
وصلاة الليل سنة وكيدة على ما قدمناه ووقتها بعد مضي النصف الأول من الليل وكلما قرب الوقت من الربع الأخير كان الصلاة فيه أفضل.
ومن فاتته صلاة الليل قضاها في صدر النهار فإن لم يتفق ذلك له قضاها في الليلة الثانية قبل صلاتها من آخر الليل وإن قضاها بعد عشاء الآخرة قبل أن ينام أجزأه ذلك وكذلك من نسي نوافل النهار أو شغل عنها قضاها ليلا فإن فاته ذلك قضاها في غد يومه في النهار.
ولا تقضى نافلة في وقت فريضة من الصلوات ومن لم يتمكن من صلاة الليل في آخره فليترك صلاة ليله ثم ليقضها في أول الليلة الثانية ويقضي صلاة الليلة الثانية في أول الليلة الثالثة ولا يتركها على حال.
ورُوِيَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (ع) إِنِّي أُحِبُ أَنْ أُصَلِّيَ صَلَاةَ اللَّيْلِ ولَسْتُ أَسْتَيْقِظُ لَهَا فَقَالَ لَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (ع) أَنْتَ رَجُلٌ قَدْ قَيَّدَتْكَ ذُنُوبُكَ (6).
ورُوِيَ أَنَّ الرَّجُلَ يَكْذِبُ الْكَذِبَةَ فِي النَّهَارِ فَيُحْرَمُ بِهَا صَلَاةَ اللَّيْلِ فَإِذَا حُرِمَ صَلَاةَ اللَّيْلِ حُرِمَ بِذَلِكَ الرِّزْقَ (7).
والمسافر إذا خاف أن يغلبه النوم لما لحقه من التعب فلا يقوم في آخر الليل فليقدم صلاة ليلته في أولها بعد صلاة العشاء الآخرة وكذلك إن أراد المسير في آخر الليل فليصل صلاة ليلته في أولها.
والشاب الذي تمنعه رطوبة رأسه وثقله عن القيام آخر الليل يقدم صلاته في أول الليل.
ومن ضعف عن صلاة الليل قائما فليصلها جالسا وكذلك من أتعبه القيام في النوافل كلها وأحب أن يصليها جالسا للترفه فليفعل ذلك وليجعل كل ركعتين منها بركعة في الحساب.
وإذا صلى الإنسان جالسا كان بالخيار في جلوسه بين أن يجلس متربعا أو تاركا إحدى فخذيه على الأرض ورافعا الأخرى كما وصفناه في جلوسه للتشهد بين السجدتين في الصلاة.
ويجزي العليل والمستعجل أن يقرآ في الركعتين الأولتين من فرائضهما كلها بسورة الحمد وحدها ويسبحا في الآخرتين بأربع تسبيحات ويجزيهما في تسبيح الركوع أن يقولا سبحان الله سبحان الله سبحان الله فإن قالاها مرة واحدة أجزأهما ذلك مع الضرورات وكذلك يجزيهما في تسبيح السجود.
وأدنى ما يجزي في التشهد أن يقول المصلي: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً ص عَبْدُهُ ورَسُولُهُ (8).
ومن صلى سبع عشرة ركعة في اليوم والليلة وهي الخمس الصلوات ولم يصل شيئا سواها أجزأه ذلك في مفترض الصلوات وإنما جعلت النوافل لجبران الفرائض مما يلحقها من النقصان بالسهو فيها والإهمال لحدودها.
وإذا صلى العبد في اليوم والليلة إحدى وخمسين ركعة سلمت له منها المفروضات وكان له بالنافلة أجر كبير وكتب له بها حسنات.
ومن أدركه الصبح وقد صلى من صلاة الليل أربع ركعات تممها وخفف فيها القراءة والدعاء ثم صلى بعدها صلاة الغداة وإن طلع عليه الفجر وقد صلى منها أقل من أربع ركعات قطع على الشفع مما انتهى إليه من ذلك وصلى الغداة ثم رجع فتمم صلاة الليل على ترتيبها والنظام.
ومن نسي فريضة أو فاتته لسبب من الأسباب فليقضها أي وقت ذكرها ما لم يكن آخر وقت صلاة ثانية فتفوته الثانية بالقضاء.
ولا بأس أن يقضي الإنسان نوافله بعد صلاة الغداة إلى أن تطلع الشمس وبعد صلاة العصر إلى أن يتغير لونها بالاصفرار.
ولا يجوز ابتداء النوافل ولا قضاء شيء منها عند طلوع الشمس ولا عند غروبها.
ويقضي ما فات من الفرائض في كل حال إلا أن يكون وقت قد تضيق فيه فرض صلاة حاضرة فيقضي بعد الصلاة على ما بيناه.
ومن أحب أن يقوم في آخر الليل لا يقتطعه عن ذلك النوم ويغلبه النعاس فليقرأ قبل منامه في أول الليل عند اضطجاعه في المنام آخر سورة الكهف قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً (9) ثم يقول بعد فراغه من قراءة هاتين الآيتين
اللَّهُمَّ أَيْقِظْنِي لِعِبَادَتِكَ فِي وَقْتِ كَذَا وكَذَا.
فإنه يستيقظ إن شاء الله (10).
ومن قام في آخر ليله وقد قارب طلوع الفجر فخشي أن يبتدئ بصلاة الليل فيهجم عليه الفجر فليبتدئ بركعتي الشفع ثم يوتر بعدها بالثالثة ويصلي ركعتي الفجر فإن طلع عليه الفجر أذن وأقام وصلى الغداة ثم قضى الثماني الركعات بعد صلاة الغداة فإن لم يطلع الفجر أضاف إلى ما صلى ست ركعات ثم أعاد ركعة الوتر وركعتي الفجر.
وإن قام وقد قارب الفجر أدرج صلاة الليل بالحمد وقل هو الله أحد مرة واحدة في كل ركعة وخفف ليفرغ منها قبل الصباح.
وإن قام وعليه بقية من الليل ممتدة أطال في صلاته ورتبها في القراءة والتمجيد والدعاء على ما وصفناه.
ومن كانت له إلى الله عز وجل حاجة فليسأله إياها في الأسحار بعد فراغه من صلاة الليل فإنها الأوقات التي يستجاب فيها الدعاء ووقت الزوال أيضا يستحب فيه الدعاء وإن كان لا يكره في شيء من الأوقات إلا أن هذين الوقتين أفضلها للدعاء لا سيما في ليالي الجُمَعِ وأيامها على ما جاءت به عن الصادقين ع الأخبار (11).
___________________
(1) الوسائل، ج 4 الباب 7 من أبواب القنوت، ص 906 مع تفاوت.
(2) الوسائل، ج 4 الباب 24 من أبواب التّعقيب، ح 1 ص 1042 بتفاوت.
(3) الوسائل: ج 4، الباب 9 من أبواب التعقيب، ح 2، ص 1024 مع تفاوت.
(4) الأحزاب- 41.
(5) الوسائل: ج 4 الباب 8 من أبواب التعقيب، ص 1022- 1023.
(6) (3 و4) الوسائل، ج 5 الباب 40 من أبواب بقية الصّلوات المندوبة، ح 3 و5، ص 278- 279.
(7) (3 و4) الوسائل، ج 5 الباب 40 من أبواب بقية الصّلوات المندوبة، ح 3 و5، ص 278- 279.
(8) راجع الوسائل، ج 4 الباب 4 من أبواب التشهّد، ص 991.
(9) الكهف: 109 و110.
(10) الوسائل، ج 4، الباب 35 من أبواب قراءة القرآن، ح 1، ص 872 بتفاوت.
(11) راجع الوسائل، ج 7 الباب 23 و25، 26، 30 من أبواب الدّعاء.
الاكثر قراءة في مسائل متفرقة في الصلاة(مسائل فقهية)
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة