اساسيات الاعلام
الاعلام
اللغة الاعلامية
اخلاقيات الاعلام
اقتصاديات الاعلام
التربية الاعلامية
الادارة والتخطيط الاعلامي
الاعلام المتخصص
الاعلام الدولي
رأي عام
الدعاية والحرب النفسية
التصوير
المعلوماتية
الإخراج
الإخراج الاذاعي والتلفزيوني
الإخراج الصحفي
مناهج البحث الاعلامي
وسائل الاتصال الجماهيري
علم النفس الاعلامي
مصطلحات أعلامية
الإعلان
السمعية والمرئية
التلفزيون
الاذاعة
اعداد وتقديم البرامج
الاستديو
الدراما
صوت والقاء
تحرير اذاعي
تقنيات اذاعية وتلفزيونية
صحافة اذاعية
فن المقابلة
فن المراسلة
سيناريو
اعلام جديد
الخبر الاذاعي
الصحافة
الصحف
المجلات
وكالات الأنباء
التحرير الصحفي
فن الخبر
التقرير الصحفي
التحرير
تاريخ الصحافة
الصحافة الالكترونية
المقال الصحفي
التحقيقات الصحفية
صحافة عربية
العلاقات العامة
العلاقات العامة
استراتيجيات العلاقات العامة وبرامجها
التطبيقات الميدانية للعلاقات العامة
العلاقات العامة التسويقية
العلاقات العامة الدولية
العلاقات العامة النوعية
العلاقات العامة الرقمية
الكتابة للعلاقات العامة
حملات العلاقات العامة
ادارة العلاقات العامة
نظرية الاستخدامات والإشباعات
المؤلف:
الدكتور محمد صاحب سلطان
المصدر:
الدعاية وحروب الإعلام
الجزء والصفحة:
ص 49-58
2025-08-10
18
نظرية الاستخدامات والإشباعات:
مفهوم النظرية:
الاستخدام في اللغة من استخدم استخداماً، أي اتخذ الشخص خادماً. ومنه يخدمـه خدمة فهو خادم وخدّام.
وأما الإشباعات في اللغة فهي مأخوذة من الشبع بفتح الشين وفتح الباء والشبع (بكسر الشين) مثل عنب ضد الجوع، وتدل على امتلاء في أكل وغيره، وامرأة شبعى الذراع من النساء هي ضخمته، وثوب شبيع الغزل أي كثيره، وشبيع العقل أي وافره، والتشبع من يرى أنه شبعان وليس كذلك.
ونظرية الاستخدامات والإشباعات في الاصطلاح الإعلامي مثار اختلاف بين الباحثين. وتعني النظرية باختصار: تعرض الجمهور لمواد إعلامية لإشباع رغبات كامنة معينة استجابة لدوافع الحاجات الفردية. وأورد مساعد المحيا تعريفاً اصطلاحياً لمفهوم النظرية على أنه ما تحققه المادة المقدمة عبر وسيلة معينة من استجابة جزئية أو كلية لمتطلبات حاجات ودوافع الفرد الذي يستخدم هذه الوسيلة ويتعرض لتلك المادة. وذكر الباحث محمد عبد الحميد أن الحاجة حالة من الرضا والإشباع هي: افتقار الفرد أو شعوره بنقص في شيء ما يحقق تواجده والحاجة قد تكون فسيولوجية أو نفسية، وذكر أن الدافع هو حالة فسيولوجية أو نفسية توجه الفرد إلى الاتزان النفسي الذي يساعد على استمرار التواصل مع الغير والتكيف مع البيئة.
جذور النظرية:
خلال أربعينيات القرن العشرين أدى إدراك عواقب الفروق الفردية والتباين الاجتماعي، وإدراك السلوك المرتبط بوسائل الإعلام إلى بداية منظور جديد للعلاقة بين الجمهور، ووسائل الإعلام، وكان ذلك تحولاً من رأي الجمهور على أنه عنصر سلبي إلى أنه عنصر فاعل في انتقاء الرسائل والمضامين المفضلة من وسائل الإعلام. وكان ذلك ردة فعل لمفهوم قوة وسائل الإعلام كما في نظرية الرصاصة، ونظرية انتقال المعلومات على مرحلتين. ونظرية الاستخدامات والإشباعات القائمة على افتراض الجمهور النشط تركز على كيفية استجابة وسائل الإعلام لدوافع احتياجات الجمهور.
وذكر حسن مكاوي وليلى السيد أن (ویرنر و تانكرد Warner & Tankard) اشارا إلى أن البحث في أنواع الاحتياجات التي يحققها استخدام وسائل الإعلام قد بدأ في الثلاثينيات من القرن الماضي، عندما أجريت دراسات عديدة من هذا المنظور للتعرف على أسباب استخدام الجمهور لوسيلة معينة، وبدأت أبحاث النظرية منذ عام 1944م في دراسة (هيرتا) و (هير زج) التي استهدفت الكشف عن إشباع مستمع المسلسلات اليومية، وتوصلت إلى أنها تهتم بإشباع الحاجات العاطفية، وفي عام 1945م جاءت دراسة (بيرلسون (Berlson) التي أجراها عندما توقفت ثماني صحف عن الصدور لمدة أسبوعين بسبب إضراب عمال شركة التوزيع في نيويورك، فكان سؤاله عما افتقده الجمهور خلال هذه المدة، وتوصل إلى أن الصحف تقوم بعدة أدوار تعد السبب في ارتباط الجمهور بها مثل دور نقل المعلومات والأخبار، والهروب من العالم اليومي. وكان أول ظهور لهذه النظرية بصورة كاملة في كتاب استخدام وسائل الاتصال الجماهيري" من تأليف (إليهو كاتز Elihu Katz) و (بلمـر Blumler) عام 1974م ودار هذا الكتاب حول تصور الوظائف التي تقوم بها وسائل الإعلام من جانب، ودوافع استخدام الفرد من جانب آخر.
وتعد هذه النظرية بمثابة نقلة فكرية في مجال دراسات تأثير وسائل الإعلام حيث يرى المنظرون لهذه النظرية أن للجمهور إرادة من خلالها يحدد أي الوسائل والمضامين يختار واستمر الاهتمام بهذه النظرية عند الباحثين أمثال الازر (سفيلد Lazars Field) و(ريفيز Reeves) و يلبور رام Wilbur Schramm في القرن العشرين، ولكنها لم تكن مصممة لدراسة إشباع وسائل الإعلام للفرد بقدر ما هي استهداف العلاقة بين متغيرات اجتماعية معينة، واستخدام وسائل الاتصال ومع تزايد الاهتمام بالإشباعات التي تزود بها وسائل الإعلام جمهورها، أصبح واضحاً أن هذه الدراسات لم تستطع الوصول إلى تحديد للإشباعات التي توضح عناصر هذه النظرية، ذلك أن أصحابها لم يحاولوا الكشف عن مدى الارتباط بين ما انتهوا إليه من إشباعات، وبين الأصول الاجتماعية والنفسية للحاجات التي يتم إشباعها، إضافة إلى عجزهم في البحث عن العلاقة بين وظائف الاتصال الجماهيري المتنوعة التي تعود إلى تحدي البناء الكامل لإشباعات وسائل الاتصال.
ویری (دینس ماكويل Macquial ).. أنه لابد من دراسة العلاقة بين الدوافع النفسية التي تحرك الفرد لتلبية حاجاته في وقت معين والتعرض لوسائل الإعلام، وهو بهذا قدم المدخل الرئيس لدراسة العلاقة بين المتلقين، ووسائل الإعلام ذلك لأن هذا المدخل يقوم أساساً على تصور الوظائف التي تقوم بها الوسائل ومحتواها من جهة ودوافع الفرد المستخدم من جهة أخرى.
وفي السبعينيات من القرن الماضي بدأ الباحثون يستهدفون عبر البحوث المنظمة بناء الأسس النظرية لمدخل الاستخدام والإشباع، وذلك عبر طرح، وصياغة الكثير من التساؤلات العديدة التي ظهرت في الدراسات التقليدية المقدمة في الأربعينيات من القرن نفسه، وأدى ذلك بدوره إلى قيام عدد من البحوث التطبيقية في مجال الاستخدام والإشباع وكانت كل دراسة تسعى إلى الإسهام في بلورة ما انتهت إليه الدراسات السابقة في هذا المجال، فجعلوا كثيراً من الخطوات المنطقية التي كانت غير ظاهرة في تلك الدراسات السابقة خطوات علمية.
لذا كان )إليهو كاتز (Eilhu Katz وبلملر (Blumler يميزان أن هذه المرحلة بأنها تحاول استخدام العملية المتاحة حول الإشباع لشرح وتوضيح الجوانب الأخرى من عملية الاتصال، التي يمكن أن ترتبط بها دوافع الجمهور وتوقعاته.
فروض النظرية:
بعد أن بدأت تتضح المداخل الرئيسية للنظرية عند الباحثين قاموا بمحاولة وضع الأسس العلمية والفرضيات التي تنطلق النظرية منها، وشكلت هذه الأسس والعناصر المداخل العلمية للنظرية. ولأن نظرية الاستخدامات والإشباعات قامت على افتراض الجمهور النشط على العكس من نظريات التأثير السابقة التي قالت بقوة تأثير وسائل، الإعلام في الجمهور مثل نظرية الرصاصة، فقد أضفت النظرية بذلك صفة الإيجابية على الجمهور، فلم يعد الجمهور من خلال هذا المنظور، متلقياً سلبياً بل ينظر إليه على أنه ينتقي بوعي ما يرغب في التعرض له من الوسائل والمضامين التي تلبي حاجاته النفسية والاجتماعية. لذا يرى إليهو كاتز Elihu Katz وزملاؤه أن هذا المنظور قائم على خمسة فروض هي كالآتي:
- الجمهور هو جمهور مشارك فاعل في عملية الاتصال الجماهيري، ويستخدم الوسيلة التي تحقق حاجاته.
- استخدام الوسائل يعبر عن الحاجات التي يرغب الجمهور تحقيقها، وتتحكم في ذلك أمور منها: الفروق الفردية، والتفاعل الاجتماعي.
- الجمهور هو الذي يختار الوسيلة، والمضمون اللذين يشبعان حاجاته.
- يستطيع الجمهور تحديد حاجاته ودوافعها، ومن ثم يلجأ إلى الوسائل والمضامين التي تشبع حاجاته.
- يمكن الاستدلال على المعايير الثقافية السائدة في المجتمع من خلال استخدام الجمهور لوسائل الاتصال وليس من خلال الرسائل الإعلامية فقط.
وذكر محمد البشر أن (لي جون Little John) أكد في هذا المعنى أن هناك ثلاثة فروض أساسية تنطلق منها هذه النظرية وهي:
- أن جمهور وسائل الإعلام يسعى إلى إشباع حاجة معينة من خلال تعرضه للرسائل التي تقدمها الوسيلة الإعلامية.
- أن جمهور الوسيلة الإعلامية هو جمهور مسؤول عن اختيار ما يناسبه من وسائل الإعلام التي تحقق حاجاته ورغباته، فهو يعرف هذه الحاجات والرغبات، ويحاول إشباعها من خلال استخدام الوسائل الإعلامية المتعددة.
- أن وسائل الإعلام تتنافس مع مصادر أخرى لإشباع حاجات الجماهير.
ومن خلال الفروض السابقة لكل من ( كاتز ) و ( ليتل جون) يتضح أن هناك تقارباً في رؤى الباحثين حول المنطلقات النظرية الرئيسة لنظرية الاستخدامات والإشباعات.
ولشرح أبعاد النظرية نستعرض عناصر النظرية، وهي كالآتي:
1. افتراض الجمهور النشط.
2. الأصول الاجتماعية والنفسية لاستخدام وسائل الإعلام.
3. دوافع الجمهور وحاجاته من وسائل الإعلام.
4. التوقعات من وسائل الإعلام
5. إشباعات وسائل الإعلام.
وتتسم هذه العناصر بالتداخل الشديد الذي يصعب معه الفصل بينها في الواقع العملي، وإنما يتم الفصل فيها في البحث العلمي حتى يمكن شرح هذه العناصر وبيان دور كل منها على حدة. وفيما يلي شرح مفصل لهذه العناصر:
أ. افتراض الجمهور النشط:
تفترض بعض نظريات التأثير سلبية الملتقي أمام قوة الرسائل الإعلامية، وتأثيرها الفاعل. ويعد مفهوم الجمهور الفاعل النشط من أهم المفاهيم في دراسات الاستخدام والإشباع.
برز مفهوم الاستخدام والإشباع بصفته أحد النماذج النظرية البديلة، والذي ينظر إلى أفراد الجمهور على اعتبار أنهم أعضاء ومشاركون إيجابيون نشطون وفاعلون في الاتصال ويفترض أن لدى أولئك الأفراد العديد من الحاجات والدوافع المختلفة والمتنوعة، والتي يسعون بنشاط وفاعلية لإشباعها من خلال الاختيار من بين الوسائل المختلفة والانتقاء من بين الرسائل المتعددة بطرق وأساليب واعية وهادفة، ومقصودة.
وفي إطار هذه الافتراضات أصبح مفهوم الجمهور الفاعل النشط يشكل منعطفاً مهماً وأساسياً في دراسة العلاقة التفاعلية المتبادلة بين أفراد الجمهور ووسائل الاتصال الجماهيري. ويعزى افتراض الجمهور النشط إلى اهتمام الباحثين بدراسة أسباب استخدام الأفراد لوسائل الإعلام وسلوكهم تجاه هذه الظاهرة. فالجمهور في نظرية الاستخدام والإشباع هـو العنصر الأساس الذي ظهر أثناء مفهوم الجمهور العنيد الذي يبحث عما يريد، ويتعرض له ويتحكم في اختيار الوسيلة التي تقدم المحتوى المطلوب. لذا يفترض هذا المدخل أن إشباع الحاجة التي أملاها الدافع يتم من خلال وسيلة اتصالية معينة يختارها الفرد، لا من خلال التعرض لأي وسيلة اتصالية.
ویری (بلملر Blumelr) أن المقصود بالنشاط عند الجمهور هو الدافع الأساس للتعرض لوسائل الإعلام، فضلاً عن الانتقاء بين الوسائل والرسائل الإعلامية المختلفة التي يمكن أن تحدث وقت التعرض لوسائل الإعلام.
وحيث إن الإدراك هو إدراك انتقائي، فإن الإنسان يدرك ما يختاره، ويختار ما يدركه وتؤثر العوامل الشخصية والذاتية في تحديد الإدراك الحسي تبعاً للفروق الفردية والثقافية وتمايز الأفراد في تفضيلهم الشخصي. ويرى دينيس ماكويل (D. Macquial) أن الاختيار يعبر عن الذوق السائد في كل الثقافات، وأن مضمون الرسائل الإعلامية يتم تحديده ليستميل الأفراد مثل السلع وتنقل ليلى السيد رأي (هاريس Harris) الذي يرى أن تأثير وسائل الإعلام يتم من خلال تأثير الانتقاء الذي يختلف حسب الفروق الفردية، ويختلف الناس في إدراك الرسالة وفي طبيعة استجابتهم لها.
وكذلك فإن جمهور وسائل الإعلام يدرك القدرات المتباينة لوسائل الإعلام في تحقيق الإشباع، فالإذاعة مثلاً ليست مثل الصحيفة في الأخبار والتحليل، والصحيفة ليست مثل التلفاز في التسلية والترفيه وهذا رأي جديد للجمهور بوصفه مكوناً نشطاً وفاعلاً في عملية الاتصال الجماهيري. وقد قدمت بعض الدراسات أدلة تدعم فكرة الجمهور النشط، حيث كشفت هذه الدراسات عن اختلاف في اختيار الجمهور للقنوات الاتصالية وأن هذا مرتبط بالإشباع الذي يبحث عنه هؤلاء الأفراد.
ويرى ليفي وويندال (Levy and Windall) أن نشاط الجمهور له بعدان هما: ا
لبعد الأول: التوجه النوعي للأفراد، وهو على ثلاثة مستويات:
- الانتقائية وهي الاختيار المقصود لواحد أو أكثر من البدائل المتاحة.
- الانشغال: وهو الدرجة التي يدرك بها فرد من الجمهور العلاقة بين محتوى وسائل الإعلام، ودرجة تفاعل الفرد مع المحتوى أو الوسيلة.
- المنفعة وهي استخدام الأفراد لوسيلة معينة بقصد تحقيق هدف معين.
البعد الثاني: البعد المؤقت وهو تقسيم نشاط الأفراد على أساس الجهد المبذول، وهو على النحو الآتي:
1. الانتقاء قبل التعرض: ويرتبط هذا بتوقع الجمهور بأن التعرض لوسيلة دون أخرى أو مضمون معين يحقق لهم الإشباع المطلوب، كما أوضحت ذلك دراسة (ليفي) عام 1977م وأوضحت الدراسة أن البحث عن المضمون أو الوسيلة عند الأفراد يعكس خبرات الفرد بوسائل الإعلام، وإدراكه لمضامينها.
2. الانتقاء أثناء التعرض ولهذا علاقة بما قبله فالتعرض ذاته يظل سلوكاً انتقائياً يحوي عدداً كثيراً من الخيارات للفرد.
3. الانتقاء بعد التعرض ويرتبط هذا بالتذكر الانتقائي للرسائل التي تعرض لها الفرد ويعد هذا من نشاط الجمهور في التفاعل مع الرسالة مما يؤدي إلى عدم نسيانها بالكلية.
4. المنفعة قبل التعرض حيث يحصل الجمهور على منافع قبل التعرض من خلال الحديث والنقاش الاجتماعي، ومحاولة التنبؤ بما قد يحصل للرسالة.
5. المنفعة أثناء التعرض وهي المنفعة التي تنشأ من تعرض الفرد لوسائل الإعلام.
6. المنفعة بعد التعرض ويرتبط هذا بالسلوك الذي ينعكس على الفرد من خلال المعلومات التي حصل عليها من الرسالة.
ب. الأصول الاجتماعية والنفسية لاستخدام وسائل الإعلام:
تجسد فترة نهاية عقد الخمسينيات من القرن الماضي مرحلة من مراحل تطور بحوث الاستخدام والإشباع البداية الحقيقية لتحول أنظار الباحثين، وتوجيه اهتمامهم لدراسة العوامل الاجتماعية والنفسية وأثرها في الدوافع والحاجات والإشباعات المرتبطة بوسائل الاتصال الجماهيري واستخداماتها بهدف الكشف عن دور هذه المتغيرات الوسيطة في تكوين الحاجات والدوافع وإيجادها، والتي تكمن وراء استخدام وسائل الاتصال وأنماط التعرض لمحتوى رسائلها، وذلك من خلال الدراسات العديدة التي سعت في ذلك الوقت إلى دراسة بعض المتغيرات الاجتماعية والنفسية المرتبطة بأنماط السلوك الاتصالي للأفراد.
وتؤدي العوامل النفسية والفروق الفردية دوراً مهماً في اختلاف الأفراد في اختيار الرسائل الإعلامية، الأمر الذي أدى إلى مفهوم الإدراك الانتقائي لدى الباحثين.
كما أثبتت نتائج الدراسات التي قام بها (جون جونسون John Johnston) عام 1974م عن المراهقين أن الأفراد لا يتعاملون مع وسائل الإعلام بوصفهم أفراداً معزولين عن واقعهم الاجتماعي، وإنما أعضاء في جماعات اجتماعية منظمة، وشركاء في بيئة ثقافية واجتماعية واحدة. ويتفق هذا الرأي مع العديد من باحثي نظرية الاستخدامات والإشباعات الذين يعارضون مصطلح الحشد للتمييز بين جمهور وسائل الإعلام، وطبقاً لهذا الرأي فإن العديد من الاحتياجات المرتبطة باستخدام وسائل الإعلام ترتبط بوجود الفرد في بيئة اجتماعية وتفاعله مع هذه البيئة.
وقدم كل من (فرانك و جرينبرج Fan & Greenberg) عام 1980م الأدلة على أن استخدام الأفراد لوسائل الإعلام ينسجم مع أساليبهم في الحياة، فمع اختلاف الجماعات وتنوع حاجاتها، واهتماماتها يكون لكل جماعة أنماط مختلفة من التعرض لوسائل الإعلام واختيار المحتوى المناسب.
ويؤكد الباحثون في هذا المجال أن الإنسان ليس حالة سلبية يتأثر بتلقائية ساذجة بكل الرسائل الإعلامية التي يتعرض لها، وإنما تأثره تتدخل فيه متغيرات كثيرة، بعضها النفسي الذي له علاقة بشخصية الفرد، ودوافعه واحتياجاته النفسية، وبعضها الاجتماعي الذي له علاقة بالظروف والعوامل المحيطة بالفرد في داخل البيئة الاجتماعية، فالفرد يختار المضمون الذي يتوافق مع تركيبته الذهنية، ويتلاءم مع استعداده النفسي، وظروفه الاجتماعية، ويلتفت إلى الرسالة المتوافقة مع دوافعه واحتياجاته وخبراته وتوقعاته وتجاربه النفسية والاجتماعية. وتذكر ليلى السيد أن (دونيهو وبالمجرين وريبرن & Donohew & Plamgreen rayburn قاموا عام 1987م بمحاولة الوصول إلى تفسير لاستخدامات وسائل الإعلام الجماهيرية، فاهتموا بدراسة العوامل النفسية والاجتماعية بما فيها الحاجة إلى النشاط، وأنماط استخدام وسائل الإعلام، فأظهرت نتائج الدراسة التي قاموا بها أن هناك متغيرات عديدة، اجتماعية ونفسية تؤثر في استخدامات وسائل الإعلام الجماهيري بطرق معقدة، ومتماسكة في الوقت نفسه، ويختلف الاستخدام تبعاً لاختلاف هذه العوامل عند الأفراد.
وقد أكد كل من دينيس (ماكويل Macquial) و(بلملر Blumler) و (براون Brown) أثر بعض المتغيرات النفسية في إيجاد حاجات معينة لدى الأفراد، مثل أن الإنسان الذي يتسم بضعف الشخصية يسعى إلى الهروب من المجتمع الذي يعيش فيه إلى وسائل الإعلام.
وعلى هذا يمكن أن تكون أسباب التعرض لوسائل الإعلام دوافع نفسية، أو اجتماعية تبحث عن إشباع الحاجة، أو حل لمشكلة عبر وسائل الإعلام المتعددة.
وحدد (كاتز Katz) أن الاتجاه نفسه يقوم على دوافع مختلفة بين الناس، وما لم تعرف الحاجات النفسية التي تدفع الفرد إلى استخدام هذه الوسيلة أو تلك، يكون القائم بالاتصال في موقف ضعيف في إشباع الحاجات والدوافع.
ج- دوافع الجمهور، وحاجاته من وسائل الإعلام:
تختلف وجهات النظر عند دراسة دوافع تعرض الجمهور لوسائل الإعلام، ويمكن عرض وجهات النظر في نظرية الاستخدام والإشباع على النحو الآتي:
1. النظر إلى الدافع بوصفه حالة داخلية، يمكن إدراكها وفهمها مباشرة من قبل الجمهور وأن المتلقي لديه الوعي والقدرة على الاختيار والتعبير عن اتجاهاته، يسعى إلى تلبيتها بشكل مباشر.
2. النظر إلى أن دوافع الجمهور لا يمكن إدراكها وفهمها بشكل مباشر، بل تتم معرفتها من قبل الجمهور بشكل غير مباشر من خلال أنماط السلوك والتفكير.
3. النظر إلى أن دوافع التعرض لا يمكن الوصول إليها عن طريق ما يقرره الجمهور بصورة واضحة. فالحاجات الأساس مثلاً قد تؤثر في تعرض الجمهور لوسائل الإعلام بشكل مباشر، لكن لا يدرك الجمهور أنها دوافع للتعرض، ذلك أن الدافع نتاج اللاوعي للصراعات غير المحسومة.
4. النظر إلى أن سلوك الجمهور للتعرض ليس له أي دافع، وأنه مرتبط بالعادة على التعرض وهناك علاقة بين إشباع الحاجات والدوافع إليها، وبين توقع سلوك الفرد الذي يقوم به لإشباع الحاجة، فإشباع الحاجات منطلق من الدافع الذي يؤدي إلى سلوك يشبع الحاجة.
ويشير (مساعد المحيا) إلى الفرق بين الحاجات والدوافع، فالحاجات هي كل ما يحتاج إليه الفرد سواء كان عضوياً أو مادياً، بينما الدوافع هي حالة مؤقتة من التوتر النفسي أو الجسمي تنشأ إثر استثارة لحاجة معينة وتوجه لتحقيق هدف معين. ويوضح الباحث الفرق بينهما في مثال: الحاجة إلى الأكل لا تنتهي عند الإنسان لأن تركها يؤدي إلى الموت، لكن الدافع إلى الأكل هو الجوع، فالدافع هو الأمر المباشر لتلبية الحاجة، ومثل ذلك في الشرب والعطش والحاجة إلى الماء، فالحاجة ثابتة لا تنتهي، والدافع أمر عارض ينتهي بإشباع مؤقت وقد يعاود النشاط مرة أخرى.
ومع فهم الباحثين في مجالات علم النفس والإعلام والاجتماع لتأثير الحاجة وحركة الدوافع، وعلاقتها بالسلوك الإنساني، ظهرت اتجاهات عديدة لتصنيف الحاجات والدوافع، ومن أبرزها تصنيف ماسلو Maslo الذي صنف الحاجات إلى قسمين رئيسين هما:
1. الحاجات الأساسية: وذلك مثل الحاجة إلى الانتماء والتواصل مع الآخرين، ورغبة الفرد في تقدير الآخرين له.
2 الحاجات الثانوية: مثل الحاجات المعرفية، كحب الاستطلاع والرغبة في الفهم. وأما تصنيف الدوافع فقد قام الباحثون بتصنيفها، كل حسب تخصصه، والحظ الأكبر
منها لعلماء النفس. ويمكن أن نعرض تقسيمات الدوافع الإعلامية ومنها:
1. دوافع فردية داخلية: وهي التي تتمثل في رغبة الفرد في القيام بشيء معين لذاته، وهذه الدوافع تحقق للفرد إشباعات فردية، مثل دوافع الفضول، والإنجاز.
2. دوافع اجتماعية خارجية: وهي الدوافع التي تنشأ نتيجة العلاقة بين الفرد والمجتمع المحيط به، فيقوم الفرد بأفعال معينة لإرضاء المحيطين به أو الحصول على تقديرهم أو إثباتاً لذاته.
ويشير (إليهو كاتز Elihu Katz) إلى أن الحاجات تنبع أساساً من الأفراد، ويتوقع هؤلاء الأفراد أن وسائل الإعلام تقوم بتلبية حاجاتهم. ويرى (بلملر Blumler) و (جور فيتش) أنه لابد للباحث أن يحدد الأصول النفسية للحاجات أولاً، ثم يتعرف على الدوافع المرتبطة بتلك الحاجات وينبغي ربط هذه الدوافع بتوقعات الجمهور من وسائل الإعلام، وعلى هذا فالدوافع تقوم بوظيفة الدفع والجذب الدفع في التوقع، والجذب في الطبيعة غير المحسومة للحاجة، وذلك أن الحاجة هي من يولد الدافع، كما يؤكد (دينس ماكويل Macquial) على أهمية النظر إلى مدخل الاستخدامات والإشباعات من منظور مجتمعي، بدلاً من المنظور الفردي، ذلك أن الحاجات الفردية لا تظهر بمعزل عن البيئة الثقافية والاجتماعية، وقدم على هذا نموذجين أحدهما يؤكد على ربط الاستخدامات بالثقافة، والآخر يؤكد على ربط الاستخدامات بالمعرفة.
الاكثر قراءة في الاعلام
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
