التحريف في تبديل كلمة بدل أخرى
المؤلف:
الدكتور عبد الرسول الغفار
المصدر:
الميسر في علوم القرآن
الجزء والصفحة:
ص256 -258
2025-07-15
415
وهذا ما حصل في قراءة أنس بن مالك للآية: {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا} [المزمل: 6]. فقال له بعض المسلمين يا أبا حمزة إنما هي (وأقوم) فقال: (أقوم) و (أصوب) و (أهدى) واحد. وقول أبي الدرداء كان يقرىء رجلا: (إن شجرة الزقوم طعام الفاجر) أبدل كلمة الأثيم بـ (الفاجر). وأقرأ بعضهم سورة يس بتبديل كلماتها: (يس والذكر العظيم إنك لمن الأنبياء على طريق سوي إنزال الحميد الكريم، لتخوف قوما ما خوف أسلافهم فهم ساهون).
وقرأ ابن شنبوذ - محمد بن أحمد - الآية : {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: 9] فقد بدل كلمة (فاسعوا) وقرأ أيضا: {فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ } [سبأ: 14] بزيادة (الإنس أن).
وقرأ أيضا: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } [آل عمران: 104] غير (أمة) بـ (فئة) مع زيادة: (يستعينون الله على ما أصابهم) وموارد أخرى ذكرها ابن خلكان في الجزء الرابع من وفيات الأعيان ص 300 وقرأ: كالصوف المنفوش أبدل (العهن) بالصوف. وروي أن ابن مسعود كان يقرأ: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ } [النساء: 40] بدل كلمة ذرة اكذوبة تحريف القرآن ص 22.
وروي أيضا أنهم كان يقرأون : (وحيثما كنتم فولوا وجوهكم قبلة) بدل كلمة شطره اكذوبة تحريف القرآن ص 22.
وروي عن ابن عباس أنه كان يقرأ: (وإن عزموا السراح) بدل كلمة (الطلاق) أكذوبة[1]
وروي عن ابن مسعود أنه كان يقرأ: (إن كانت إلا زقية واحدة) بدل كلمة (صيحة)[2]
وكان أنس يقرأ: {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا} [المزمل: 6] فقيل له إنما نقرأ: {وَأَقْوَمُ قِيلًا} [المزمل: 6].
فقال أنس: (وأصوب قيلاً وأقوم قيلا وأهيا واحد). الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 1/ 48 تاريخ القرآن للزنجاني ص 38. وهناك عشرات الموارد تجد فيها تبديل كلمة بأخرى وهذا هو مسلك علماء الجمهور وثلة من الصحابة والتابعين وعلى رأسهم أبو هريرة وأنس بن مالك وعمر بن الخطاب وأبو الدرداء وابن مسعود وأبي بن كعب. روي عن ابن مسعود أنه قال: ليس الخطأ أن تقرأ بعض القرآن في بعض ولا أن تختم آية غفور رحيم بعليم حكيم أو بعزيز حكيم. ولكن الخطأ أن تقرأ ما ليس فيه أو تختم آية رحمة بآية عذاب. المصنف للصنعاني 3/ 374.
وعن عمر بن الخطاب أنه قرأ في الصلاة (صراط من أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم وغير الضالين) وذكر بمثل ذلك السجستاني سبعة روايات/المصاحف ص 51.
هذه بعض الأمثلة لا تقبل الشك من أنها تؤدي إلى تحريف القرآن غير أن علماء الجمهور استدلوا بجواز هذا التبديل والتغيير بما رووه عن الرسول أنه قال - كما يزعمون – (ما لم تختم آية رحمة بعذاب أو آية عذاب برحمة) [3]
قالوا هذا دال على التوسعة
أقول وهذا مردود بجملة من الأدلة منها: قوله تعالى: {قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ} [يونس: 15] ومنها: أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يعلم البراء بن عازب دعاء ورد فيه: (ونبيك الذي أرسلت) فقرأ البراء (ورسولك الذي أرسلت) فامره أن لا يبذل كلمة بدل أخرى فلا يضع كلمة رسول بدل نبي.
فإذا كان الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ينهى صحابيا في تبديل بعض الكلمات في دعاء هو (صلى الله عليه وآله وسلم) قد صاغه فكيف بك في (قول الله) المنزل من السماء الذي ليس له أن يبذله من تلقاء نفسه؟
أضف إلى كل ذلك أن الذي رووه لا يعرف له سند صحيح كما أن متنه يتعارض من نص القرآن الصريح.
[2] البرهان للزركشي 1/ 335
[3] صحیح مسلم 2/ 202 صحيح البخاري 3/ 90، 6/ 100و111، 8/ 53، 215 صحيح الترمذي بشرح ابن العربي باب انزال القرآن على سبعة أحرف 11 60 تفسير القرطبي 1/. 43 هذا موقف علماء الجمهور ومصادرهم، والامامية تخالف في ذلك أنظر الكافي. فضل القرآن باب نادر حدیث 12
الاكثر قراءة في التحريف ونفيه عن القرآن
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة