تاريخ الفيزياء
علماء الفيزياء
الفيزياء الكلاسيكية
الميكانيك
الديناميكا الحرارية
الكهربائية والمغناطيسية
الكهربائية
المغناطيسية
الكهرومغناطيسية
علم البصريات
تاريخ علم البصريات
الضوء
مواضيع عامة في علم البصريات
الصوت
الفيزياء الحديثة
النظرية النسبية
النظرية النسبية الخاصة
النظرية النسبية العامة
مواضيع عامة في النظرية النسبية
ميكانيكا الكم
الفيزياء الذرية
الفيزياء الجزيئية
الفيزياء النووية
مواضيع عامة في الفيزياء النووية
النشاط الاشعاعي
فيزياء الحالة الصلبة
الموصلات
أشباه الموصلات
العوازل
مواضيع عامة في الفيزياء الصلبة
فيزياء الجوامد
الليزر
أنواع الليزر
بعض تطبيقات الليزر
مواضيع عامة في الليزر
علم الفلك
تاريخ وعلماء علم الفلك
الثقوب السوداء
المجموعة الشمسية
الشمس
كوكب عطارد
كوكب الزهرة
كوكب الأرض
كوكب المريخ
كوكب المشتري
كوكب زحل
كوكب أورانوس
كوكب نبتون
كوكب بلوتو
القمر
كواكب ومواضيع اخرى
مواضيع عامة في علم الفلك
النجوم
البلازما
الألكترونيات
خواص المادة
الطاقة البديلة
الطاقة الشمسية
مواضيع عامة في الطاقة البديلة
المد والجزر
فيزياء الجسيمات
الفيزياء والعلوم الأخرى
الفيزياء الكيميائية
الفيزياء الرياضية
الفيزياء الحيوية
الفيزياء العامة
مواضيع عامة في الفيزياء
تجارب فيزيائية
مصطلحات وتعاريف فيزيائية
وحدات القياس الفيزيائية
طرائف الفيزياء
مواضيع اخرى
اللا تناظر بين الماضي والمستقبل ( معنى اللا تناظر في الزمن)
المؤلف:
ب . ك. و. ديفيس
المصدر:
المكان و الزمان في العالم الكوني الحديث
الجزء والصفحة:
ص73
2025-06-30
23
ما هو سبب التغير في هذا العالم ؟ لماذا تبقى بعض الجمل الفيزيائية على حالها مدة طويلة أو قصيرة بينها بعضها الآخر يتحول أو يتطور أو يتفكك ؟ وما هي طبيعة التغير الأساسية ؟ إن الذرة ( نواتها على الأقل ) تبقى خالدة نسبياً عبر تعرضها خلال حياتها إلى تفاعلات وعلاقات مع ما يحيط بها . إن النهار والليل يتواليان في الظاهر بانتظام دون توقف . وبينما يهرم محرك السيارة ويتعطل نهائياً نرى الريح تحت ببطء سفوح الجبال ، والكائنات البشرية تنمو لتشيخ وتموت . لماذا تحتاج الميقاتيات الأرضية إلى تغذية كي لا تتوقف بينما الميقاتيات الفلكية - بأيامها وشهورها وسنواتها - تعمل دون مساعدة ؟
إن السعي لفهم لماذا وكيف تتغير بعض الأشياء من حولنا بينها بعضها الآخر لا يفعل ذلك ، هو فصل من أكثر الفصول في تاريخ العلم طولاً واضطراباً وإثارة للجدل . وبسبب تنوع وتعقيد الجمل الفيزيائية المحيطة بنا فان مسألة تطورها الزمني قد درست رئيسياً في كل فرع على حدة من الفروع التي برزت هذه المسألة فيها . ففي الترموديناميك والبيولوجيا ، كما في نظرية الإعلام والإحصاء ، وفي الميكانيك كما في الكهرباء ، عولجت هذه المسألة باستخدام الوسائل الرياضية في اللغة المعتمدة . وعندما تداخلت هذه المواضيع بعضاً في بعض بدأ الخلاف والجدل حول هذه المسألة يدب بين الممارسين لتلك المواضيع . إن جزءاً كبيراً من هذا الجدل يمكن تحاشيه إذا تم إيضاح المفاهيم المشتركة الاستعمال وفصل المسائل الفيزيائية عن المسائل الفلسفية. وربما كان القسط الأعظم من سوء التفاهم ، حول كل ما يحيط بمسألة سبب التغير مع مرور الزمن ، ناجماً عن الخلط بين الزمن الذي يدخل في قوانين الفيزياء والزمن المستحكم بالذهن البشري .
لقد قدمنا في الفصل الأول شرحاً وصفياً للفرق الإحساسي البشري بين المكان والزمان . فالمعاناة البشرية الأولية تُظهر الزمن وكأنه نشاط وحيد الاتجاه يستشعر أحياناً كتدفق انسيابي للزمن وأحياناً كحركة محسوسة واعية في الزمن أو خلاله . لكن معاناة المكان ليست على هذه الصورة. ورغم تطور علم الميكانيك النيوتني فان كهرباء مكسويل ونظريتي النسبية ، الخاصة والعامة ، ونظرية الكم تلح كلها ، بدرجات متفاوتة ، على التشابه البنوي بين المكان والزمان . والفيزياء النظرية لم تكتشف ، حتى الآن وفي كل مجالاتها. أي ضرورة لزمان متحرك دافق . فعالم النسبية يتم توصيفه بواسطة خارطة سكونية رباعية الأبعاد . وبذلك يبدو الزمن الذي يدخل في معادلات الفيزياء النظرية غنياً عن تلك الصفة الجوهرية للزمن النفساني البشري. وسنتتفحص في الفصل السابع هذا الواقع الغريب بالتفصيل ، وسنعيد النظر في بعض الحجج التي سيقت في صالح الاقتراح المريع الذي ينزل بتدفق الزمن إلى منزلة الوهم النفساني . ،
على أنه . حتى لو استبعدنا حركة الزمن النفسانية الوحيدة الإتجاه ، ما يزال يوجد تمييز بين الماضي والمستقبل . وخير وسيلة لإيضاح هذا التمييز هي اللجوء إلى تشبيه بحركة صور فيلم ما . لنفترض أننا صورنا فيلماً سينمائياً لمجموعة حوادث من و الحياة اليومية ) ، کعود ثقاب يشتعل ويتحول إلى فحم نباتي ويدخن. الفيلم يتألف من مجموعة مقاطع الصور هنا - ويمكن أن نعتبره نموذجاً فيزيائياً للعالم الواقعي . لنفترض الآن أننا فصلنا مقاطع هذا الفيلم بالمقص كلا لوحده ، ثم خلطناها فوضوياً ثم ضممناها معاً في كداسة واحدة صورة فوق صورة. لنطلب الآن من أحد الناس أن يفرط الكداسة ويعيد ترتيب المقاطع بالتوالي الصحيح . إن هذا الشخص سيكون قادراً ، بقليل من الصعوبة ، على إجراء الترتيب الصحيح للمقاطع، حتى ولو لم يكن قد رأى مجموعة الحوادث الواقعية أثناء تصويرها. وسبب نجاحه هو تغير حالة العود ؛ مما يدل ، في هذه الحالة ، على وجود ترتيب صحيح بمعنى أن توالياً واحداً للمقاطع ، وواحداً فقط ، يمثل التغير الذي حصل في عالم الواقع .
لنفرض الآن أننا أجرينا تجربة مماثلة تناولت تصوير حركة نواس يتأرجح . فهنا يوجد أيضاً للمقاطع عدة تواليات غير صحيحة ، لكن هذه المرة يوجد أكثر من توال واحد ممكن يمثل وصفاً صحيحاً لعالم الواقع . فأي توال ، لحركة صور الفيلم ، يري نواساً يقوم بنوسان عادي يمثل ، ولو نظم بترتيب معاكس ) أو لو عُرض الفيلم ( بالمقلوب » ) ، نواساً يقوم أيضاً بنوسان مألوف. من الواضح أن الشخص ، الذي نستخدمه في هذه التجربة ، لو كان قد شاهد الحوادث الأصلية لتمكن عموماً من الإختيار بين التواليين الممكنين ( يمكن ، مثلاً ، أن يكون قد لاحظ أن النواس قد انطلق من الوضع الشاقولي نحو اليمين ، عندها يرى أن الفيلم المعروض بالمقلوب يظهر النوسة الأخيرة نحو اليسار ومتوقفة فجأة في وضع الشاقول ( لكن المهم هنا ليس معرفة فيهما إذا كان التوالي المعكوس قد - حدث فعلاً أم لا ، بل معرفة أنه ممكن الحدوث، وذلك لأنه ينسجم مع قوانين الفيزياء ومع مشاهد الحياة اليومية
إن أحد الأساليب المعتمدة للتعبير عن اختلاف نتيجتي هاتين التجربتين لدى الشخص الذي عاناهما ، يقضي بأن نقول عن تسلسل الحوادث إنه لا متناظر زمنياًفي الحالة الأولى ، ومتناظر في الحالة الثانية. ومن المهم أن نلاحظ بهذه المناسبة أن كلمة متناظره التي نستعملها في هذا المعنى هنا ، لا تتضمن بالضرورة معنى كلمة دوري . فالجسم الذي يسقط نحو الشمس ، مثلاً ، من مسافة بعيدة في الفضاء ، ثم ينعطف حولها على مدار قريب حتى يغادرها دون رجعة ، لا يقوم بحركة دورية لكن حركته متناظرة زمنياً لأنها عكوسة ، أي لو كان الجسم يتحرك في الاتجاه المعاكس على المسار نفسه لما رأينا في هذه الحركة شيئاً شاذاً لأنها تتفق مع قوانين الفيزياء .
وبخلاف الظواهر الدورية وسواها من الظواهر المتناظرة التي لاتثير العجب عندما نری معکوساتها ، فإن العمليات اللا متناظرة تتصف بأن معكوساتها تظهر من العجائب لناظرها . فلو رأيت عود الفحم واللهب الداخن الذي انطلق منه قد عادا يتراكبان معاً ليشكلا عود الثقاب الأولي لعددت ذلك يقيناً من المعجزات .
والآن نصل الى نقطة حاسمة . إن اللاتناظر الزمني الذي أوضحناه بواسطة حركة مجموعة المقاطع المصورة ليس خاصة من خصائص الزمان نفسه ، بل هو خاصة بنوية من خواص مجموعة المقاطع وهو أيضاً ، بسبب أن الفيلم نموذج للعالم الواقعي ، خاصة من خواص الجمل الفيزيائية الواقعية (عود الثقاب واللهب والدخان ... في المثال المطروح) . فسبب اللا تناظر الزمني في هذا العالم يجب أن يُبحث عنه لا في بنية الزمن نفسه بل في بنية هذا العالم الذي يبدو عاجزاً إلا عن سرد لا متناظر لمقاطع الحوادث بترتيب زمني معين .
إن الفشل في تمييز خاصة اللا تناظر الزمني - كخاصة اتضح أنها من خواص العالم الذي نعيش فيه ـ عن تدفق (أو حركة الزمن النفساني الذي ناقشناه سابقاً ـ كخاصة تبدو (نفسانياً) من خواص الزمن نفسه - قد أسهم في توليد اختلاط وسوء فهم بخصوص منشأ اللا تناظر الزمني . فالخاصة البنوية للا تناظر الزمني تنتمي الى مجموعة المقاطع الصورية المتحركة حتى عندما تكون مضمومة كداسة على طاولة جهاز الاسقاط . وليس من الضروري أن نرصف المقاطع معاً وأن نعرض الفيلم السينمائي فعلا كي نناقش هذا اللاتناظر إن أحد أسباب الخلط بين هذين المفهومين المختلفين ذو منشأ لغوي معنوي فاللاتناظر في الفيزياء يتمثل غالباً بسهم يتجه بهذا الاتجاه أو بذاك . فدوران الأرض حول محورها ، مثلاً ، يعين لا تناظراً مفيداً جداً لأنه يميز القطب الشمالي عن القطب الجنوبي . فالأرض تدور بالنسبة للمواقف في القطب الشمالي بعكس دوران عقارب الساعة تحت قدميه ، وفي جهة هذا الدوران في القطب الجنوبي (لاحظ اتجاه حركة دوار الماء حول بالوعة المغطس ) . ولاسباب اصطلاحية تاريخية بحتة، تتصل على الأرجح بواقع أن مخططات الملاحة قد اخترعت في نصف الكرة الشمالي، جرت العادة على رسم أسهم على الخرائط تشير إلى جهة القطب الشمالي . كما أن عدداً كبيراً من البوصلات يرسم عليها سهم بهذا الاتجاه . لكن وجود السهم المتجه نحو الشمال على بوصلة البواخر لا يعني البتة أن الباخرة تسير فعلاً نحو الشمال . ولقد كان بالمستطاع أيضاً الاصطلاح على توجيه السهم نحو الجنوب. وعلى هذه الشاكلة فإن اللا تناظر الزمني في هذا الكون يمكن أن يتمثل بتخيل سهم موجه ، بطريقة أو بأخرى، في الزمان . واختيار الطريقة مسألة | اصطلاح بحث . وقد اختيرت عملياً جهة السهم بحيث يشير برأسه إلى الاتجاه الزمني نحو التهاب العود وبذيله الى اتجاه عدم التهابه . وبدلاً من أن نطلق اسم الشمال على الاتجاه الأول نسميه اتجاه مستقبل الزمان ونسمى الآخر اتجاه ماضي الزمان . وهذا الاصطلاح يعني بالطبع أن السهم يشير أيضاً إلى اتجاه تدفق الزمن النفساني . وكما أن الباخرة ليست ملزمة بالحركة نحو الشمال فإن وجود لا تناظر زمني متمثل بسهم نحو المستقبل لا يُلزم الزمن بأن يتدفق نحو الأمام من الماضي الى المستقبل . بيد أن المرء يأخذ انطباعاً بهذا الالزام ، لكن ذلك لا علاقة (سطحية) له باللا تناظر الزمني . وكثير من الكتاب يتكلمون عن سهم الزمن ، أو اتجاه الزمن ، ولا يميزون بين اللا تناظر الزمني وبين تدفق الزمن .
إن إنصاف عالم الحوادث اليومية باللا تناظر الزمني راسخ كجزء من صفات الوجود لدرجة أن مهمة تصنيف الظواهر اللا متناظرة تبدو مربكة لأول وهلة . والنشاط البيولوجي هو أكثر منابع التغير اللا متناظر وضوحاً . فنحن كأفراد نبدأ حياتنا أطفالاً ونتغير ببطء أثناء النمو ثم نشيخ ، ثم نتعرض أخيراً لتغير مفاجيء جداً هو الموت . ولم نصادف قط كائنات تزداد شباباً مع الزمن . كما أن التغيرات التي تطرأ على ما يحيط بنا هي ، في غالبيتها ، من أصل بيولوجي . وتطور الزراعة وتعديل شكل المدن والتغيرات التكنولوجية ، كل هذا ينبع من النشاط الاجتماعي البشري ، ثم يمتد ليشمل أراضي كانت بوراً ثم راحت تعج بالحياة بعد أن تضطلع الطبيعة بشئونها . كما أن التطور البطيء للأجناس نفسها يقدم مثالاً حياً على التغير البيولوجي اللا متناظر زمنياً .
شکل 3-1 مهم الزمان . العديد من العمليات تحدث في اتجاه زمني واحد . وهذا الاتجاه كانتشار الصدأ في حديد السيارة) يسمى المستقبل ويمكن أن يتمثل بسهم . فالسهم يدل على أن العالم الكوني لا متناظر ، لا يصف الحركة خلال الزمان، إنها ظاهرة نفسانية من أصل غامض
إن معظم التغير الفكري متصل بتراكم المعلومات . فمسجلات حوادث الماضي ، لا المستقبل، تتراكم في كل مكان . المكتبات تغص بالكتب ، والفحم الحجري مضى أوانه ، والشواطيء تكتسي بآثار الأقدام. إن الأدلة على هذا التغير ماثلة في العديد من مظاهر البيئة الأرضية. ورغم تراكم المعرفة الكلية فإن المعلومة الأفرادية النوعية تصاب بالانحطاط . فالمد البحري مثلاً يمحو آثار الأقدام، فانحطاط المعلومات يحصل دوماً باتجاه زمني واحد . إن الخط الهاتفي المشوش لا يساهم بتاتاً في المحادثة لكنه ينقص فقط من كمية المعلومات التي تمر بين المتخاطبين .
يوجد في عالم الجمادات حولنا أصناف شتى من الظواهر اللا تناظرية التي تتسبب في التغير . فهناك تحول الجليد الى ماء ، والماء الى بخار مثلاً ، وقطعة الجليد التي توضع في ماء غال تمتزج به ليشكلا معاً ماء حاراً . ولكن يبدو أن العكس مستحيل الحدوث ، أي انجماد كمية من الماء تلقائياً في منطقة يحيط بها ماء يغلي. إن عدداً كبير من التغيرات الوحيدة الاتجاه ذات طبيعة مبذرة. إن الاضطرابات بكل أنواعها تنزع الى الانتشار والزوال . فالحرارة تخرج من الأجسام الساخنة لتضيع سدى في المحيط الأبرد . والغازات تتغلغل في الهواء وتمتزج به ، والاضطرابات الموجية تنتشر على سطح البحيرة وتتلاشى ، وتيارات هواء الرياح تهب ثم تختفي من تلقاء نفسها ، والحرارة والضوء الصادران عن الشمس والنجوم يتدفقان بعيداً في الفضاء الفسيح دون فائدة .
الواقع أن التغير اللا تناظري زمنياً يبدو سمة تشترك فيها كل الظواهر الطبيعية تقريباً ، حتى أن غالبية العمليات، التي تبدو لأول وهلة تناظرية في الزمان ، تظهر بالفعل غير تناظرية بعد رصدها بامعان زمناً طويلاً. فالنواس . مثلاً سیت خامد حتى يتوقف عن النوسان بسبب الاحتكاك ومقاومة الهواء ، إلا إذا غذينا حركته بواسطة محرك - والمحرك نفسه ترکیب مبذر . حتى أن الأرض تعاني في حركتها حول الشمس من الزوجة الوسط المادي الذي يملأ الفضاء السماوي فيتسبب، رغم رهافته وضالة كثافته ، في إعاقة هذه الحركة . وبمختصر العبارة في هذا الشأن نقول : إن اللا تناظر الزمني صفة تشترك فيها كل العمليات المحسوسة .
إن الواقع الجدير بالملاحظة هو أن طبيعة هذا التغير في معظم هذه الأمثلة ، يمكن أن تفهم بشكل أساسي من خلال فرع خاص واحد من الفيزياء هو الترموديناميك . ورغم أن هذا العلم كان قد أنشىء في الأصل لدراسة تبادل الحرارة فيما بين الجمل المادية ولتحسين الآلات الحرارية ، إلا أن الترموديناميك الحديث ، بعد أن تم فهم أسسه المجهرية بفضل الميكانيك الاحصائي ، أصبح الآن يغطي مواضيع متنوعة لدرجة تكاد تضم ظواهر المجالات الفيزيائية المحسوسة ( من الحياة اليومية برمتها. وقد ظهر ، فوق ذلك ، مؤخراً من خلال التقدم المثير في أعالي الميكانيك الاحصائي للجمل اللا متوازنة ، أن فهم الحياة نفسها يستند على أسس ترمودينامية . فالتغير البيولوجي يصبح ، عندما ننظر إليه من زاوية . اللا تناظر الزمني ، فرعاً من فروع الترموديناميك . وبالاضافة الى ذلك فإن نظرية المعلومات الحديثة يمكن أن تصاغ بعبارات مفاهيم توازي مثيلاتها في الترموديناميك والميكانيك الاحصائي . كما أن انحطاط المعلومات اللا تناظري يمكن اليوم أن يُعتبر مثالاً على عمومية مبادىء الترموديناميك
على أنه مايزال يوجد ضرب من اللا تناظر الزمني غير ذي صفة ترمودينامية مباشرة . فأمواج الراديو مثلا تغادر هوائي البث وتنتشر في الفضاء بسرعة الضوء . لكن العملية المعاكسة ، التي تتمثل بوصول الأمواج الراديوية تلقائياً من كل نواحي الفضاء ويتجمعها في هوائي البث ، عملية لم يلاحظها إنسان قط . بيد أن الجدير بالملاحظة هو أن الرسالة الراديوية لا تستقبل قبل إرسالها بل بعده. وفهم هذا اللا تناظر ، وسواه في الحركة الموجية ، لا يمكن استنتاجه مباشرة من دروس الترموديناميك .
إن علم الكونيات يقدم إطاراً لمناقشة التغير الكوني في المدى الواسع . فنحن نعيش في عالم يتوسع ، يتطور بخطوطه العريضة مع الزمن. ومن الطرف الآخر لدينا عالم الجسيمات الأولية الذي يدق على المجهر والذي يقطن فيه جسيم غريب يسمى الميزون" K
إن فترة حياة هذا الجسيم من رتبة 5 10-8× ثانية فقط يتفكك بعدها الى ثلاثة جسيمات أخرى . والغريب في ذلك أن العملية المعاكسة ، أي تجمع هذه الجسيمات الثلاثة لتشكيل میزون ، لا تسلك بالتدقيق (بخلاف العمليات الجسيمية الأخرى عكس الزمن الذي يسلكه التفكك . فتفكك الميزون" K يحدد إذن اتجاهاً أفضلياً في الزمن . إن موضوع علم الكونيات سنعالجه في الفصلين الخامس والسادس . على أننا لن نعود الى الميزون" K لأنه ، رغم أمره المحير، لا يبدو ذا تأثير عميق في قضية اللا تناظر الزمني بوجه عام . لكننا ، في هذا الفصل ، سنهتم أولاً بطبيعة ومنشأ اللا تناظر في الظواهر التي تقبل توصيفاً ترمودينامياً ، ومن ثم نعرج على موضوع انتشار الأمواج ، الكهرطيسية منها خصوصاً .
الاكثر قراءة في النظرية النسبية الخاصة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
