علم الحديث
تعريف علم الحديث وتاريخه
أقسام الحديث
الجرح والتعديل
الأصول الأربعمائة
الجوامع الحديثيّة المتقدّمة
الجوامع الحديثيّة المتأخّرة
مقالات متفرقة في علم الحديث
أحاديث وروايات مختارة
الأحاديث القدسيّة
علوم الحديث عند العامّة (أهل السنّة والجماعة)
علم الرجال
تعريف علم الرجال واصوله
الحاجة إلى علم الرجال
التوثيقات الخاصة
التوثيقات العامة
مقالات متفرقة في علم الرجال
أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله)
اصحاب الائمة من التابعين
اصحاب الائمة من علماء القرن الثاني
اصحاب الائمة من علماء القرن الثالث
علماء القرن الرابع الهجري
علماء القرن الخامس الهجري
علماء القرن السادس الهجري
علماء القرن السابع الهجري
علماء القرن الثامن الهجري
علماء القرن التاسع الهجري
علماء القرن العاشر الهجري
علماء القرن الحادي عشر الهجري
علماء القرن الثاني عشر الهجري
علماء القرن الثالث عشر الهجري
علماء القرن الرابع عشر الهجري
علماء القرن الخامس عشر الهجري
التائب من الكذب والفسق
المؤلف:
أبو الحسن علي بن عبد الله الأردبيلي التبريزي
المصدر:
الكافي في علوم الحديث
الجزء والصفحة:
ص 347 ـ 350
2025-06-28
16
التاسعة: التائب من الكذب في حديث الناس وغيره، ومن الفسق تقبل روايته، إلّا التائب من الكذب متعمّدًا في حديث رسول الله - صلى الله عليه [وآله] وسلم -، فإنّه لا تقبل روايته أبدًا، وإن حسنت توبته (1).
هكذا قال أحمد بن حنبل الإمام، وأبو بكر الحميديّ شيخ البخاريّ (2).
وأطلق أبو بكر الصيرفيّ (3)، فقال: "كلّ من أسقطنا خبره من أهل النقل بكذب وجدناه عليه، لم نعد لقبوله بتوبة تظهر، ومن ضعّفنا نقله لم نجعله قويًّا بعد ذلك"(4).
قال: "وذلك ممّا افترقت فيه الرواية والشهادة".
وقال أبو المظفّر السمعانيّ (5): "من كذب في خبر واحد وجب إسقاط ما تقدّم من حديثه" (6).
قال الشيخ محيي الدين: "وكلّ هذا مخالف لقاعدة مذهبنا، ومذهب غيرنا، ولا يقوّي الفرق بين الشهادة والرواية" (7).
قلت: فيه بحث، إذ لا نسلّم أنّه مخالف لمذهبنا ومذهب غيرنا، فإنّ في مذهبنا من رددنا شهادته بسبب الفسق، أو بسبب العداوة أو السيادة (8) في قضية، ثم زال الفسق، وتاب، وصلح، أو زالت العداوة، أو السيادة، فلا تقبل شهادة هؤلاء في تلك القضية أبدًا، وإن مذهب غيرنا كمذهب أبي حنيفة الإمام: إذا تاب قاذف المحصن لا تقبل شهادته أبدًا (9)، فكذا فيما نحن فيه، فإنّ الحديث كقضيّة واحدة، فمن ضعف وجرّح بالكذب في حديث رسول الله - صلى الله عليه [وآله] وسلم - ـ فلا بُدَّ أن لا يجعل قويًّا بعد ذلك في قبول الرواية، وإن تاب وصلح (10)، والله أعلم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) انظر ما قدّمناه في التعليق على (ص 262 - 263).
(2) انظر: "الكفاية" (117 - 118)، "المحدّث الفاصل" (404)، "طبقات الحنابلة" (1/ 198)، "العدّة" لأبي يعلى (3/ 928)، "التقييد والإيضاح" (150)، "نكت الزركشي على مقدّمة ابن الصلاح" (2/ 407)، "التبصرة والتذكرة" (1/ 333)، "توضيح الأفكار" (2/ 242).
(3) في "شرحه على الرسالة"، ذكره ابن الصلاح، ولم نظفر لهذا الشرح على أثر، ولم نفز عنه بخبر! ولا قوّة إلا بالله!
(4) يعني أنّه أطلق الكذب، فسواء كان في الحديث أو في غيره فلا تقبل رواية التائب منه أبدا، وهكذا فعل ابن حزم في "الإحكام" (1/ 131)، وابن حبان في (مقدمة) "المجروحين" (1/ 69، 76 - 79)، وقال العراقي متعقبا ابن الصلاح في "التقييد" (ص 128 - 129): "والظاهر أن الصيرفي إنما أراد الكذب في الحديث، بدليل قوله: "من أهل النقل"، وقد قيده بالمحدث في كتابه المسمى بـ "الدلائل والأعلام"، فقال: "وليس بطعن على المحدث إلا أن يقول تعمدت الكذب، فهو كاذب في الأول، ولا يقبل خبره بعد ذلك". وانظر: "محاسن الاصطلاح" (302)، "إصلاح كتاب ابن الصلاح" (ق 32/ أ)، "نكت الزركشي على مقدّمة ابن الصلاح" (3/ 406 - 409).
(5) قواطع الأدلّة (1/ 346) وهذا يضاهي من حيث المعنى ما ذكره الصيرفي. ونقل كلام السمعاني: السخاوي في "فتح المغيث" (1/ 313) وألحق به من أخطأ وصمّم بعد بيان ذلك له ممّن يثق بعلمه بمجرّد عناد.
(6) هذا الافتراق من حيث الثمرة، وأما من حيث الماهية فتقدم (ص 262 - 263)، وفي هذه الثمرة نزاع يأتي تقرير خلافه.
(7) التقريب (1/ 553 - مع "التدريب" / ط طارق)، "الإرشاد" (1/ 307)، وقال في "شرح مقدمة صحيح مسلم" (1/ 70): "المختار القطع بصحة توبته في هذا، وقبول رواياته بعدها إذا صحت توبته بشروطها المعروفة، كالكافر إذا أسلم". وهذا الذي جزم به المحقّقون، ولا سيما في حق الفاسق، فإن تحمل الكافر يصح إذا أداه بعد إسلامه، وكذا الفاسق من باب أولى إذا أداه بعد توبته وثبوت عدالته، وتجد في كتاب "التوابين" لابن قدامة طائفة من الذين تابوا من أئمة المحدثين، منهم: عبد الله بن مسلمة القعنبي، انظر قصته فيه (ص 219) وقارنها بما في "رحلة العبدري" (110). وانظر: "اليواقيت والدرر" (2/ 160).
(8) العداوة أو السيادة، غير واضحة في الأصل، والسياق الآتي يدل عليها، وهي هكذا بالحرف في "إصلاح كتاب ابن الصلاح" لمغلطاي (ق 32/ أ) مع سائر ما قبله وبعده! ولم يشر للتبريزي! ولا للنقل منه! وقد أغلظ على ابن الصلاح لما فعل ذلك مع الحاكم! عفا الله عن الجميع، وغفر لهم.
(9) انظر مذهبهم في: "مختصر الطحاوي" (332)، "مختصر القدوريّ" (107)، "المبسوط" (16/ 125)، "شرح أدب القاضي" (4/ 443)، "أدب القضاء" (329)، "أحكام القرآن" للجصّاص (3/ 273)، "رؤوس المسائل" (536)، "جامع الأسرار" للكاكي (2/ 327 - 328). وينظر لمذهب الشافعية: "الأم" (7/ 89)، "المنهاج" (ص 153)، "معرفة السنن والآثار" (14/ 264)، "السنن الكبرى" (10/ 152 - 154)، "أدب القاضي" (1/ 303) لابن القاص، "المهذب" (2/ 331)، "مختصر الخلافيّات" (5/ 148) رقم (357).
(10) يجاب عنه بعدم قياس الرواية على الشهادة، ولكلّ منهما أحكام تخصها! وانتصر السخاوي في "فتح المغيث" (1/ 314) للرد بوجه آخر، فقال: "ويمكن أن يقال فيما إذا كان كذبه في وضع حديث وحمل عنه ودون إن الإثم غير منفك عنه بل هو لاحق له أبدا، فإنّ من سنّ سيّئة عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة، والتوبة حينئذٍ متعذّرة ظاهرًا، وإن وجد مجرّد اسمها، ولا يستشكل بقبولها ممّن لم يمكنه التدارك برد أو محالة، فالأموال الضائعة لها مرد وهو بيت المال، والأعراض قد انقطع تجدّد الإثم بسببها فافترقا، وأيضًا فعدم قبول توبة الظالم ربّما يكون باعثا له على الاسترسال والتمادي في غيه، فيزداد الضرر به، بخلاف الراوي فإنّه لو اتفق استرساله أيضًا، وسمه بالكذب مانع من قبول متجدداته، وأيضا: فقبول توبته قد يشتهر عند من حمل عنه كذبه، فيبعثه على التمسّك بما رواه عنه، بل قال الذهبي: إنّ من عرف بالكذب على الرسول - صلى الله عليه [وآله] وسلم - لا يحصل لنا ثقة بقوله: إنّي تبت". والذي أراه حقًّا: أنّ القول بالقبول المطلق ضعيف، وإطلاق عدم القبول فيه تشدّد، وأنّ أوسط الأقوال أنّه لا يقبل المردود، ويقبل في غيره، وهذا كلّه في المتعمّد بلا تأويل، فأمّا من كذب في فضائل الأعمال معتقدًا أنّ هذا لا يضر، ثم عرف ضرره فتاب، فالظاهر قبول روايته، وكذا من كذب دفعًا لضرر يلحق من العدو، وتاب عنه، انظر: "نكت الزركشي على مقدمة ابن الصلاح" (3/ 408)، "توضيح الأفكار" (2/ 241 - 242) وأورد المصنّف في كتابه "المعيار" (1/ 29) المذكور في فقرة (94) إلى هنا، وزاد بعد كلمة (وصلح) ما نصّه: "هذا هو الحقّ، وليس فيه مخالفة قاعدة المذهب، ثم قوله: "لا يقوّي الفرق بينها وبين الشهادة" إن أراد في الصورة المذكورة؛ فمسلّم، لكن يلزم أن لا تُقبل روايته أبدًا كما لا تُقبل شهادته. وإن أراد مطلقًا، فممنوع؛ لظهور الفرق واختلاف الحكم في مسائل شتّى".
الاكثر قراءة في علوم الحديث عند العامّة (أهل السنّة والجماعة)
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
