علم الحديث
تعريف علم الحديث وتاريخه
أقسام الحديث
الجرح والتعديل
الأصول الأربعمائة
الجوامع الحديثيّة المتقدّمة
الجوامع الحديثيّة المتأخّرة
مقالات متفرقة في علم الحديث
أحاديث وروايات مختارة
الأحاديث القدسيّة
علوم الحديث عند العامّة (أهل السنّة والجماعة)
علم الرجال
تعريف علم الرجال واصوله
الحاجة إلى علم الرجال
التوثيقات الخاصة
التوثيقات العامة
مقالات متفرقة في علم الرجال
أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله)
اصحاب الائمة من التابعين
اصحاب الائمة من علماء القرن الثاني
اصحاب الائمة من علماء القرن الثالث
علماء القرن الرابع الهجري
علماء القرن الخامس الهجري
علماء القرن السادس الهجري
علماء القرن السابع الهجري
علماء القرن الثامن الهجري
علماء القرن التاسع الهجري
علماء القرن العاشر الهجري
علماء القرن الحادي عشر الهجري
علماء القرن الثاني عشر الهجري
علماء القرن الثالث عشر الهجري
علماء القرن الرابع عشر الهجري
علماء القرن الخامس عشر الهجري
رواية المبتدع
المؤلف:
أبو الحسن علي بن عبد الله الأردبيلي التبريزي
المصدر:
الكافي في علوم الحديث
الجزء والصفحة:
ص 343 ـ 347
2025-06-28
14
الثامنة: المبتدع الذي يكفر ببدعته لا تقبل روايته (1)، وأمّا المبتدع الذي لا يكفر ببدعته؛ فمنهم من ردَّ روايته مطلقًا لفسقه (2)، ولا ينفعه التأويل، ومنهم من قبلها إذا لم يكن ممّن يستحلّ الكذب (3)، سواء كانت روايته داعية إلى بدعته أو لم تكن، وهو محكي عن الشافعي لقوله: "أقبلُ شهادة أهل الأهواء إلّا الخطابيّة...؛ لأنهم يرون الشهادة بالزور لموافقيهم" (4).
وقال قوم: تُقبل روايته إذا لم تكن داعية إلى بدعته، ولا تُقبل إذا كانت داعية (5)، وهو الأعدل والأظهر (6).
وقال أبو حاتم ابن حبّان: "الداعية إلى البدع لا يجوز الاحتجاج به عند أئمّتنا قاطبة"(7).
والمذهب الأول بعيدٌ عن الصواب جدًّا؛ لأنّ في "الصحيحين" وغيرهما من كتب الحديث الاحتجاج بكثير من المبتدعة غير الدعاة (8).
قال قاضي القضاة تقي الدين: "الذي تقرّر عندنا لا تعتبر المذاهب في الرواية، إذ لا يكفر أحد من أهل القبلة إلّا بإنكار قطعي من الشريعة، فإذا اعتقدنا ذلك، وانضم إليه التقوى والورع فقد حصل معتمد الرواية، هذا مذهب الشافعي، حيث يقبل شهادة أهل الأهواء" (9).
وقال: "وأعراض المسلمين حفرة من حفر النار، وقف على شفيرها طائفتان من الناس: المحدّثون والحكّام" (10).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) باتفاق من غير خلاف؛ لأنّ من شرط قبول الرواية الإسلام، انظر: "التنكيل" (1/ 42).
(2) هذا قول مالك، وأنزل الفاسق العامد منزلة الكافر المعاند. انظر "فتح المغيث" (1/ 307)....
(3) قال العلّامة أحمد شاكر في "الباعث الحثيث" (100): "هذا القيد - أعني: عدم استحلال الكذب - لا أرى داعيا له؛ لأنّه قيد معروف بالضرورة في كلّ راوٍ، فإنّا لا نقبل رواية الراوي الذي يعرف عنه الكذب مرّة واحدة، فأولى أن نرد رواية من يستحلّ الكذب أو شهادة الزور".
(4) ذكره عن الشافعي: الخطيب في "الكفاية" (1/ 367) وابن الصلاح في "المقدّمة" (ص 114)، ثم وجدت السخاويّ يقول في "فتح المغيث" (1/ 305)، (ونصّ عليه - أي الشافعي - في "الأمّ" و"المختصر". قلت: انظر نص كلام الشافعي في "الأم" (7/ 509) ونقله البلقينيّ في "محاسن الاصطلاح" (299)، وعلّة ذلك أنّهم يرون الكذب لنصرة مذهبهم!! ونازع في ذلك البلقينيّ في "محاسن الاصطلاح" 2981) ومغلطاي في "إصلاح كتاب ابن الصلاح" (ق 31/ ب) وعبارته: "الخطابيّة لا يجوّزون الكذب، وأنّ من كذب عندهم خرج عن مذهبهم، فإذا سمع أحدهم بعضهم قد قال شيئًا عرف أنّه ممّن لا يجوز الكذب، وأنّه إنّما يقول هو الحق، واعتمد قوله وشهد بشهادته. قال أبو القاسم الفورانيّ: وهذه الطائفة انقرضت منذ زمن ولم يبقَ منهم أحد. انتهى. فعلى هذا لا يكون أحدهم يشهد بالزور إنّما شهد بحقّ يعرف أنّه حقًّا.
وذكر الحازمي في "السفينة" - وذكر قول الشافعي - حكى أنّ هذا مذهب ابن أبي ليلى وسفيان بن سعيد، وروي مثل ذلك عن أبي يوسف القاضي، وقالت طائفة من أهل النقل والمتكلّمين: أخبار أهل الأهواء مقبولة وإن كانوا كفّارًا أو فسّاقًا بالتأويل". قلت: (الخطابيّة) هم أصحاب أبي الخطّاب محمد بن أبي زينب، مولى بني أسد، قال هو وفرقته بإلهيّة [الإمام] جعفر الصادق [عليه السلام]، وأعلنوا بذلك في أيّامهم وأحرموا بالحجّ من الكوفة نهارًا، انظر عنهم: "البرهان في معرفة عقائد أهل الأديان" (38 - 39) للسكسكيّ الحنبليّ، "الأنساب" (5/ 161)، "الغلو والفرق الغالية في الحضارة الإسلاميّة" (289).
(5) هذا القول نظري والعبرة بصدق الراوي وضبطه.
"قد رأينا جماعة ممّن حديثهم محتجّ به في "الصحيح" وقد قيل عنهم: إنّهم دعاة، منهم عبد الحميد بن عبد الرحمن الحمانيّ، حديثه عند الشيخين، وقال أبو داود سليمان بن الأشعث: "كان داعية إلى الإرجاء".
وعمران بن حطّان حديثه عند البخاري، وقد زعم جماعة أنّه من دعاة الشراة حتى قال أبو الفرج الأمويّ في "تاريخه الكبير": "كان من شرّ الشراة ودعاتهم والمقدّمين في مذهبهم وكان رأس القعد؛ لأنّ عمره طال وضعف عن حضور الحرب، واقتصر على الدعاء والتحريض بلسانه" قاله مغلطاي في "إصلاحه" (ق 31/ ب - 1/ 32)، وبنحوه في "المحاسن" (299).
ولكريمة سوداني دراسة منشورة بعنوان "منهج الإمام البخاري في الرواية عن المبتدعة من خلال الجامع الصحيح". قالت في آخرها (ص 443): "وأمّا ادّعاء بعضهم قبول حديث المبتدع ما لم يشتمل على ما يقوّي بدعته، وغير ذلك من التفصيل، فقد بيّن الإمام البخاري بصنيعه أنّه من قبل حديثه في وقت، لا يردّ في وقت آخر إلا بحجّة ظاهرة؛ لأنّ فيه إخلالاً بشرط العدالة؛ إذ كيف نقول عنه مرّة إنّه صادق، ونقبل روايته، ثم نطعن في هذا الصدق، ونأخذه بظنّ رجحان كذبه فيما كان متعلّقًا ببدعته؟! ولا غرو أن يكون ذلك إخلالاً بموازين المنهج النقديّ".
قال أبو عبيدة: يعجبني بهذا الصدد ما قاله الذهبي في "الميزان" (1/ 4) في ترجمة (أبان بن تغلب الكوفي) - وهو من رجال مسلم -: "شيعيّ جلد، لكنّه صدوق، فلنا صدقه، وعليه بدعته".
(6) انظر في نقض هذا القول: "الإحكام" لابن حزم (4/ 236)، "ثمرات النظر" (104 - 105)، "توجيه النظر" (ص 409 - 410).
(7) قال في "الثقات" (6/ 140 - 141) في ترجمة (جعفر بن سليمان الضبعيّ): "وكان جعفر بن سليمان من الثقات المتقنين في الروايات، غير أنّه كان ينتحل الميل إلى أهل البيت [عليهم السلام] ولم يكن بداعية إلى مذهبه، وليس بين أهل الحديث من أئمّتنا خلاف أنّ الصدوق المتقن إذا كان فيه بدعة ولم يكن يدعو إليها أنّ الاحتجاج بأخباره جائز، فإذا دعا إلى بدعته سقط الاحتجاج بأخباره، ولهذه العلّة ما تركوا حديث جماعة ممّن كانوا ينتحلون البدع ويدعون إليها وإن كانوا ثقات، واحتججنا بأقوام ثقات انتحالهم كانتحالهم - سواء - غير أنّهم لم يكونوا يدعون إلى ما ينتحلون، وانتحال العبد بينه وبين ربّه إن شاء عذّبه وإن شاء عفا عنه، وعلينا قبول الروايات عنهم إذا كانوا ثقات على حسب ما ذكرناه في غير موضع من كتبنا".
قال أبو عبيدة: كذا في مطبوعه "ما تركوا" والصواب حذف (ما)، والسياق يقتضي ذلك، وينظر في التعليق على مذهب ابن حبّان: "نزهة النظر" (55)، "فتح المغيث" (1/ 307) وبقي مذهب مهم أهمله المصنّف، وهو للجوزجاني في "أحوال الرجال" (ص 32) قال عن الرواة: "ومنهم زائغ عن الحق، صدوق اللهجة، قد جرى في الناس حديثه، إذ كان مخذولاً في بدعته، مأمونا في روايته، فهؤلاء عندي ليس فيهم حيلة إلّا أن يؤخذ من حديثهم ما يعرف إذا لم يقوَ بدعته، فيتّهم عند ذلك".
قلت: وهذا القول شبيه بردّ الشهادة بالتهمة، كشهادة الولد لأبيه، وهذا متّجه عند المتأخّرين، ولابن القيّم في "الطرق الحكميّة" تحرير قوي في الشهادة، يرجع إليه، وبالتأمل فيه يعلم سر قبول المتقدمين ذلك دون المتأخرين، وتستفيد منه جزئية من الأشباه والنظائر بين الفقه والحديث، وهذا باب مغفل، لقلّة التفنّن في المعلوم، وعدم الوقوف على تاريخ الاصطلاحات، وكيف استقرّت الأحكام.
ومذهب الجوزجاني، قال عنه ابن حجر في "نزهة النظر" (ص 54): "ما قاله متّجه، لأنّ العلّة التي ردّ لها حديث الداعية، واردة فيها إذا كان ظاهر المرويّ يوافق مذهب المبتدع، ولو لم يكن داعية" وكان الألباني يقرّر هذا في مجالسه. وينظر له: "التنكيل" (1/ 232 - 233)، "هدي الساري" (385)، "فتح المغيث (1/ 359).
(8) تجدهم في "الملحق الرابع: مئة وأربعون رجلاً وواحدًا ممّن اتّهموا بالبدعة على أنواعها مروي لهم عند الستّة أو غيرهم)، من الملاحق المرفقة مع كتاب "الجرح والتعديل" لجمال الدين القاسمي (ص 107 - 166) بقلم الأستاذ محمد عبد الحكيم القاضي. وتجد ما يخصّ "صحيح البخاري" منهم في "منهج البخاري في الرواية عن المبتدعة من خلال الجامع الصحيح" (ص 129 - 281)، وقال ابن حجر في "هدي الساري" (459 - 460) بعد كلام عن صفة المبتدع في "صحيح البخاري": "من ضعّفه بسبب الاعتقاد، وقد قدمنا حكمه، وبيّنا في ترجمة كلّ منهم أنّه ما لم يكن داعية! أو كان وتاب! أو اعتضدت روايته بمتابع" وسرد أسماء تسعة وستّين راويًا ممّن رُمي من رجال البخاري بطعن في معتقده، وجهد السيوطي في "التدريب" (1/ 328) على إحصائهم مع رجال "صحيح مسلم" وبلغ عنده من رجال "الصحيحين" (81) راويا، منهم: (14) رموا بالإرجاء، و(7) رموا بالنصب، و(25) رموا بالتشيّع، و(30) رموا بالقدر، و(1) رمي بالتجهّم، و(2) رُميا بالخروج و(1) بالحروريّة و(1) بالتوقّف في القرآن هل هو مخلوق أم لا؟
(9) الاقتراح (ص 333 - 334).
(10) الاقتراح (ص 344).
الاكثر قراءة في علوم الحديث عند العامّة (أهل السنّة والجماعة)
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
