علم الحديث
تعريف علم الحديث وتاريخه
أقسام الحديث
الجرح والتعديل
الأصول الأربعمائة
الجوامع الحديثيّة المتقدّمة
الجوامع الحديثيّة المتأخّرة
مقالات متفرقة في علم الحديث
أحاديث وروايات مختارة
الأحاديث القدسيّة
علوم الحديث عند العامّة (أهل السنّة والجماعة)
علم الرجال
تعريف علم الرجال واصوله
الحاجة إلى علم الرجال
التوثيقات الخاصة
التوثيقات العامة
مقالات متفرقة في علم الرجال
أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله)
اصحاب الائمة من التابعين
اصحاب الائمة من علماء القرن الثاني
اصحاب الائمة من علماء القرن الثالث
علماء القرن الرابع الهجري
علماء القرن الخامس الهجري
علماء القرن السادس الهجري
علماء القرن السابع الهجري
علماء القرن الثامن الهجري
علماء القرن التاسع الهجري
علماء القرن العاشر الهجري
علماء القرن الحادي عشر الهجري
علماء القرن الثاني عشر الهجري
علماء القرن الثالث عشر الهجري
علماء القرن الرابع عشر الهجري
علماء القرن الخامس عشر الهجري
الأمور التي تثبت بها العدالة
المؤلف:
أبو الحسن علي بن عبد الله الأردبيلي التبريزي
المصدر:
الكافي في علوم الحديث
الجزء والصفحة:
ص 321 ـ 326
2025-06-22
102
وتثبت العدالة بأمور:
منها: تنصيص المعدّلين على عدالته، وكذا حكم الحاكم بالعدالة.
ومنها: الاشتهار بين أهل العلم بالعدالة بحيث يشاع الثناء عليه بالثقة والأمانة.
هذا هو الصحيح من مذهب الشافعي على ما ذكره الخطيب أبو بكر (1).
ومثّل ذلك بمالك وشعبة، والسفيانَينِ، والأوزاعيّ، والليث، وابن المبارك، ووكيع، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وعلي بن المديني، ومًن جرى مجراهم.
وقال الخطيب (2): "يثبت التعديل بقول المرأة والعبد إذا كانا عارفَينِ بأسبابه كما يثبت الخبر بقولهما"، وفيه بعد.
ومنها: حكم الحاكم بشهادة زيد من غير طلب التزكية تعديل لزيد إن كانت عادته ألّا يحكم إلّا بشهادة العدل، وإلّا فلا.
وكذلك عمل المجتهد برواية زيد تعديل له.
أمّا الرواية عن زيد فهل هي تعديل؟ نُظر؛ إن كانت عادته ألّا يروي إلّا عن عدل فروايته تعديل له وإلّا فلا، كما بيّنا في القاضي.
وقال الشيخ تقي الدين: "إذا روى العدل عن شخص وسمّاه لم تجعل روايته عنه تعديلاً منه عند أكثر العلماء من أهل الحديث (3) وغيرهم"(4)، وهو الصحيح، كما أنّ عمل العالم وفتواه وفق الحديث ليس حكمًا منه بصحّة الحديث، ومخالفته للحديث أيضًا ليس قدحًا في الحديث ولا في الرواية. قلت: والمختار في أصول الفقه ما ذكرناه، وينبغي أن يكون كذلك، فإنّ جميع من خرّج لهم الإمامان لو لم نفهم عدالتهم بالرواية عنهم(5) بل يتوقّف على تنصيص معدّلين على عدالتهم، أو اشتهارهم - على ما ذكرنا - للزم ألّا نجزم بأنّ كتابيهما أصحّ كتب، ولا أنّ أحاديثهما صحيحة، حتّى تتحقّق عدالة رجالهما بغير هذا الطريق، كيف وقد ذكر الشيخ تقي الدين أنّ العلم اليقيني (6) حاصل بصحّته لكلّ أحد، لاتّفاق الأمّة على تلقّي ما اتّفقا عليه بالقبول، والأمّة في إجماعهم معصومة، ونحن نعلم بالجزم أنّ مَن في الأمّة ممّن جزم بصحّته ليس له علم بعدالة كلّ واحد إلّا بالطريق الذي ذكرناه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في "الكفاية" (1/ 286).
(2) انظر "الكفاية" (1/ 308 - 309) والنقل فيه تصرّف.
(3) إذ بالسبر روى جمع من العدول عن رواة، وهم مغموزون عندهم لكن إن كان معروفا عن بعضهم أنّه لا يروي إلّا عن ثقة، فهل يوثّق؟ والجواب: لا؛ لأنّه لا يلزم أن يكون ثقة عند باقي الحفّاظ، فقد يخفى عليه من حال شيخه ما يظهر لغيره، أفاده الذهبي في "السير" (8/ 71 - 72). وهذا التوثيق ضمني، ويعتريه بالسبر عدم الالتزام بهذا الوصف، إذ قد يرى فائدة غريبة لا يصبر عليها، وقد يحدّث بها في مجالس المذاكرة، ولا سيما مع اشتهار ضعف الشيخ، وقد يروي الثقة عن الضعيف على وجه الإنكار والتعجّب، كما يفعل الثوري مع الكلبي ـ كما في "الجرح والتعديل" (2/ 36) ـ وغالب صنيع ابن حجر في "التقريب" فيمن ينتقي في الروايات عن الثقات دون ورود جرح أو تعديل في المروي قوله عنه: "مقبول" وقد يقول في النادر: "ثقة" ويقلّ قوله عنه: "صدوق"، وانظر كتابي "البيان والاقتراح شرح نظم العراقي للاقتراح"(ص 190 - 196).
(4) مقدمة ابن الصلاح (ص 111).
(5) نعم، من طرق معرفة كون الراوي ثقة: تخريج... محمد بن إسماعيل الجعفي البخاريّ، ومسلم بن الحجّاج النيسابوريّ، أو أحدهما لراوٍ من الرواة محتجّين به، والحقّ أنّ رواة "الصحيحين" على درجات، فبعضهم الثقات، وبعضهم الذين تكلّم فيهم بعض الأئمّة بما لا يرد أخبارهم، وفيهم بعض اللين، فأحاديثهم لا تنزل عن رتبة الحسن، وفيهم بعض الضعفاء، فأخرج البخاري في "صحيحه" لبعض من ذكره في كتابه "الضعفاء"، كما تراه في "الميزان" (4/ 176) ولكن له (ذوق) و(نقد) في ذلك وتتبّعه يطول، ولكن هذه معالم تفيد الحديثيّ:
الأول: عدد من أوردهم البخاري في "ضعفائه" ممّن خرّج لهم في "الصحيح" سبعة عشر راويا، هم - مرتّبين على الحروف -: أيوب بن عائذ، حريث بن أبي مطر، ذر بن عبد الله الهمداني، الربيع بن صبيح، زهير بن محمد التميمي، سعيد بن أبي عروبة، عباد بن راشد، عبد العزيز بن أبي رواد، عبد الله بن أبي لبيد، عبد الملك بن أعين، عبد الوارث بن سعيد، عطاء بن السائب، عطاء بن أبي ميمونة، عمران بن مسلم، كهمس بن المنهال، محمد بن سليم الرازي؛ النعمان بن راشد.
الثاني: بعض هؤلاء كابن أبي عروبة، اختلط، ولم يخرج له البخاري إلا قبل اختلاطه.
الثالث: بعضهم حافظ، والكلام فيه من جهة كونه مبتدعًا، كذر وعبد الوارث.
الرابع: جلُّ المذكورين أخرج لهم البخاري في المتابعات، وتنظر تراجمهم في "هدي الساري". قال ابن القيّم في "الفروسيّة (242) عن راوٍ: "وأمّا استشهاد البخاريّ به في "الصحيح"، فلا يدلّ أنّه حجّة عنده؛ لأنّ الشواهد والمتابعات يحتمل فيها ما لا يحتمل في الأصول، فقد استشهد البخاري في "صحيحه" بأحاديث جماعة، وترك الاحتجاج بهم"، وانظره - لزامًا - (ص 240، 241، 277، 278 بتحقيقي).
الخامس: يلحظ ممّا سبق أن ليس كلّ من أورده البخاري في "ضعفائه" ساقطًا بمرّة، أو هو مطروح وواهٍ. وقد توسّع الحاكم فألزمهما ما لا يلزمهما، وضيّق ابن حزم وتعنّت، فحكم على بعض الأحاديث فيهما ممّن في رواتها كلام بالوضع! قال ابن القيّم في "الفروسيّة" (ص 240 - 241/ بتحقيقي): "وهنا يعرض لمن قصر نقده وذوقه هنا عن نقد الأئمّة وذوقهم في هذا الشأن نوعان من الغلط، ننبّه عليهما لعظيم فائدة الاحتراز منهما:
أحدهما: أن يرى مثل هذا الرجل قد وثّق، وشهد له بالصدق والعدالة، أو خرّج حديثه في الصحيح، فيجعل كلّ ما رواه على شرط الصحيح.
وهذا غلط ظاهر، فإنّه إنّما يكون على شرط الصحيح إذا انتفت عنه العلل والشذوذ، والنكارة، وتوبع عليه، فأمّا مع وجود ذلك أو بعضه؛ فإنّه لا يكون صحيحًا، ولا على شرط الصحيح.
ومن تأمّل كلام البخاري ونظرائه في تعليله أحاديث جماعة أخرج حديثهم في "صحيحه"؛ علم إمامته وموقعه من هذا الشأن، وتبيّن به حقيقة ما ذكرنا.
النوع الثاني من الغلط: أن يرى الرجل قد تكلّم في بعض حديثه، وضعّف في شيخ أو في حديث، فيجعل ذلك سببًا لتعليل حديثه وتضعيفه أين وجد؛ كما يفعله بعض المتأخّرين من أهل الظاهر وغيرهم.
وهذا أيضًا غلط؛ فإنّ تضعيفه في رجل أو في حديث ظهر فيه غلط لا يوجب تضعيف حديثه مطلقًا، وأئمّة الحديث على التفصيل والنقد، واعتبار حديث الرجل بغيره، والفرق بين ما انفرد به أو وافق فيه الثقات".
وقال: "وهذه كلمات نافعة في هذا الموضع، تبيّن كيف يكون نقد الحديث، ومعرفة صحيحه من سقيمه، ومعلوله من سليمه، {وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} [النور: 40]، وجلّ مَن تكلّم فيهم ممّن أخرج لهم الشيخان أو أحدهما إنّما وقع في الشواهد والمتابعات أو حال كونه مقرونًا برواية غيره في غير طبقة الشيوخ، وشفي عند على معرفة ذلك ما ذكره الدارقطني في كتابه "ذكر أسماء التابعين ومن بعدهم ممّن صحّت روايته من الثقات عند البخاريّ ومسلم، ففيه (باب: من ذكره البخاري اعتبارًا بحديثه وروايته أو مقرونًا مع غيره).
وأورد فيه خمسين نفسًا إلّا واحدًا، وعدد سائر الرواة الآخرين عنده ألف وثلاث مئة وثمانية وثلاثين راويًا، فالعدد المذكور قليل بالنسبة إلى سائر الرواة، ومع هذا فالأمر كما قال ابن حجر في "هدي الساري" بعد استقراء الرواة المتكلم فيهم راويًا راويًا رادًّا على الطاعنين: "الجواب عنه ظاهر، والقدح فيه مندفع".
وسبب توثيق رواة "الصحيحين" إجماع جلّ أهل النقل والمشتغلين بعلم الحديث أنّ أحاديثهما صحيحة، سوى أحرف يسيرة تكلّم عليها، وأنّ لهما منزلة عظيمة، ولا يتكلّم فيهما بالجملة إلا غرّ جاهل، متطفّل على أهل الصنعة الحديثيّة، أو صاحب هوى وتحكّم، أخذ به مشربه، وأحاط به، فأبعده عن الجادّة.
ولما تقدّم، قال الحافظ أبو الحسن علي بن المفضل اللخمي المقدسيّ (ت 611 هـ) في الرجل الذي يخرج عنه في "الصحيحين" أو أحدهما: "هذا جاز القنطرة" ذكره عنه التجيبي في "رحلته" (ص 34) وابن حجر في "هدي الساري" (384) وجماعة.
وفسّر الشيخ (ابن دقيق العيد) كلام المقدسيّ ونصره، فقال على إثره: "يعني بذلك: أنّه لا يلتفت إلى ما قيل فيه، وهكذا نعتقد وبه نقول، ولا نخرج عنه إلّا ببيان شافٍ، وحجّة ظاهرة، تزيد على المعنى الذي قدّمناه من اتّفاق الناس بعد الشيخين على تسمية كتابيهما بالصحيحين، ومن لوازم ذلك تعديل رواتهما".
ونقله عنه وارتضاه وفصّل فيه ابن رشيد الفهريّ في "ملء العيبة" (5/ 327 - 331) وقال عنه: "وهي مسألة نفيسة جدًّا تمسّ الحاجة إليها" وقال بعد ذلك: "فتفهم هذا كلهّ، فإنّه مهم خافٍ، والحاجّة إليه ماسّة، والسالكون مضيق التحقيق أفذاذ قليلون، والكثير يسلك مسلك الرحب، وينكب عن الصعب الضيّق، والله المرشد لواضح السبيل بمنّه"، من كتابي "البيان والإيضاح" (ص 188 - 191).
(6) انظر ما قدّمناه في التعليق على (ص 158).
الاكثر قراءة في علوم الحديث عند العامّة (أهل السنّة والجماعة)
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
