علم الحديث
تعريف علم الحديث وتاريخه
أقسام الحديث
الجرح والتعديل
الأصول الأربعمائة
الجوامع الحديثيّة المتقدّمة
الجوامع الحديثيّة المتأخّرة
مقالات متفرقة في علم الحديث
أحاديث وروايات مختارة
الأحاديث القدسيّة
علوم الحديث عند العامّة (أهل السنّة والجماعة)
علم الرجال
تعريف علم الرجال واصوله
الحاجة إلى علم الرجال
التوثيقات الخاصة
التوثيقات العامة
مقالات متفرقة في علم الرجال
أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله)
اصحاب الائمة من التابعين
اصحاب الائمة من علماء القرن الثاني
اصحاب الائمة من علماء القرن الثالث
علماء القرن الرابع الهجري
علماء القرن الخامس الهجري
علماء القرن السادس الهجري
علماء القرن السابع الهجري
علماء القرن الثامن الهجري
علماء القرن التاسع الهجري
علماء القرن العاشر الهجري
علماء القرن الحادي عشر الهجري
علماء القرن الثاني عشر الهجري
علماء القرن الثالث عشر الهجري
علماء القرن الرابع عشر الهجري
علماء القرن الخامس عشر الهجري
الحديث الشاذ والمنكر
المؤلف:
أبو الحسن علي بن عبد الله الأردبيلي التبريزي
المصدر:
الكافي في علوم الحديث
الجزء والصفحة:
ص 278 ـ 280
2025-06-14
67
وأمّا الشاذ فعلى قسمين:
[أقسام الشاذ]:
شاذ مردود، وشاذ غير مردود.
والشاذ المردود على قسمين (1):
[أقسام الشاذ المردود]:
الأوّل: ما انفرد به راويه بشيء مخالف لما رواه من هو أولى منه بالحفظ والإتقان(2).
والثاني: أن يكون راويه متفرّدًا بروايته، ولم يروه غيره، لكن ليس ممّن يوثّق بحفظه وإتقانه(3).
[[الشاذ غير المردود]]
وأمّا الشاذ غير المردود، فهو: الذي انفرد راويه بروايته، ولم يخالف غيره، وهو عدل ثقة متقن، فهو صحيح معمول به، كحديث: "إنّما الأعمال بالنيات"(4)، فإنّه حديث تفرّد به عمر(5)، عن رسول الله ـ صلى الله عليه [وآله] وسلّم ـ ثم تفرّد به علقمة عن عمر ثم تفرّد به محمد بن إبراهيم، عن علقمة بن وقّاص، ثم تفرّد به يحيى بن سعيد، عن محمّد، على ما هو الصحيح عند أهل الحديث، ثم اشتهر.
[[غرائب "الصحيحين"]]
وفي غرائب "الصحيح" أشباه ذلك غير قليلة(6).
وقد قال مسلم بن الحجّاج: "للزهريّ نحو [من](7) تسعين حرفًا(8) يرويه عن النبي ـ صلى الله عليه [وآله] وسلّم ـ لا يشاركه فيه أحد بأسانيد جياد"(9).
وأمّا المنكر فهو الشاذ المردود بقسميه(10).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) تقسيمات المصنّف للشاذ بالنظر إلى ثمرته، واعتماد المخرّجين له، وهو تنويع حسن، مأخوذ من كلام للشافعي: أسند الحاكم في "المعرفة" (119) إلى يونس بن عبد الأعلى قال: قال لي الشافعي: "ليس الشاذ من الحديث أن يروي الثقة ما لا يرويه غيره، إنّما الشاذ أن يروي الثقة حديثًا يخالف ما روى النّاس".
(2) الحفظ والإتقان مرجّح مهمّ ويراد به تتبّع المتون المليحة، أو علوّ الإسناد، أو نظافة الإسناد، وترك رواية المنكر والشاذ، والمنسوخ ونحو ذلك، والعدد مرجّح آخر وقوله: "انفرد به راويه" يدلّ عليه.
(3) وينقدح في نفس الناقد أنّه غلط، ولا يقدر على إقامة الدليل على ذلك، ودخول الريبة بسبب التفرّد بذلك الأصل دون المتابع، ووجود أخطاء له في أحاديث آخر، فيكون المخرج حينئذٍ في عماية.
(4) أخرجه البخاري (1) ومسلم (1907).
(5) هذا هو الصواب قطعًا، وروي عن غيره باللفظ نفسه، ولكنّه من تخاليط الرواة، والاستدراك بروايته عن جمع من الصحابة، كما فعل مغلطاي في "إصلاح كتاب ابن الصلاح" (ق 23/ أ، ب) ليس بصحيح، إذ يوردون بما في معناه وبابه دون ألفاظه، وسقت طرق هذا الحديث، وأخطاء المخرّجين له، والتمثيل به على وجه فيه استقصاء واستيعاب في كتابي "بهجة المنتفع" (ص 105 وما بعد)، فانظره فإنّه مفيد إن شاء الله تعالى.
(6) هذا واقع من غير دافع، ولهذا وقع النزاع في إفادة أحاديث "الصحيحين"، العلم أم الظن؟ علمًا بأنّ إفادة العلم غير مرتبط بالآحاد كما فصّلناه ووضّحناه سابقًا في التعليق على (ص 117).
(7) سقطت من الأصل، واستدركته من مطبوع "صحيح مسلم".
(8) كذا في الأصل وفي "صحيح مسلم": "حديثًا".
(9) صحيح مسلم (3/ 1268) وقال الذهبي في "تاريخ الإسلام" (وفيات 121 - 140 هـ) (ص 247): "وقد انفرد الزهريّ بسنن كثيرة، وبرجال عدّة لم يرو عنهم غيره، سمّاهم مسلم، وعدّتهم بضع وأربعون نفسًا"، وحاول الدكتور الضاري جمعهم، انظر كتابه "الزهريّ وأثره في السنّة"، (ص 362 - 375)، وذكر منها الدارقطني في "الغرائب" ستّة وسبعين حديثًا. وقال ابن حجر في "النكت على ابن الصلاح" (2/ 672): "واختلفت النسخ في العدد والأكثر تقديم التاء على السين". قلت: أي تسعين لا سبعين!
(10) ليس كذلك، والصواب أنّ بينهما عمومًا وخصوصًا من وجه؛ لأنّ بينهما اجتماعًا في اشتراط المخالفة وافتراقًا في أنّ الشاذ راويه ثقة أو صدوق، والمنكر راويه ضعيف، وقد غفل من سوى بينهما. وذكر مسلم في (مقدّمة) "صحيحه" (ص 56) ما نصّه: "وعلامة المنكر في حديث المحدّث إذا ما عرضت روايته للحديث على رواية غيره من أهل الحفظ والرضا، خالفت روايته روايتهم، أو لم تكد توافقهما، فإذا كان الأغلب من حديثه كذلك، كان مهجور الحديث، غير مقبولة ولا مستعملة" انتهى.
قال الحافظ عقبه في "النزهة" (ص 36): "فالرواة الموصوفون بهذا هم المتروكون، فعلى هذا رواية المتروك عند مسلم تسمّى منكرة، وهذا هو المختار، والله أعلم".
ولذا تعقّب ابن حجر في "النكت" (2/ 151 و 152) ابن الصلاح لمّا سوى بين (الشاذ) و(المنكر)، وقال: "نعم، هما يشتركان في كون كلّ واحد منهما على قسمين، ولكنّهما مختلفان في مراتب الرواة، فالضعيف إذا انفرد بشيء لا متابع له ولا شاهد ولم يكن عنده من الضبط ما يشترط في حد الصحيح والحسن، فهذا أحد قسمَي الشاذ، فإن خولف فيما هذه صفته مع ذلك، كان أشدّ شذوذًا، وربّما سمّاه بعضهم منكرًا، وإن بلغ تلك الرتبة في الضبط، لكنّه خالف من هو أرجح منه في الثقة والضبط، فهذا القسم الثاني من الشاذ، وهو المعتمد في تسميته. وأمّا إذا انفرد المستور أو الموصوف بسوء الحفظ في بعض دون بعض، أو الضعف في مشايخه بشيء لا متابع له ولا شاهد عليه، فهذا أحد قسمَي المنكر، وهو الذي يوجد في إطلاق كثير من أهل الحديث، فإن خولف في ذلك فهو القسم الثاني، وهو المعتمد على رأي الأكثرين. فبان بهذا فصل المنكر من الشاذ، وأنّ كلاًّ منهما قسمان يجمعهما مطلق التفرّد، أو مع قيد المخالفة"، وينظر كتابي "البيان والإيضاح" (76).