قصة النبي هود وموسم القحط
المؤلف:
الشيخ ماجد ناصر الزبيدي
المصدر:
التيسير في التفسير للقرآن برواية أهل البيت ( عليهم السلام )
الجزء والصفحة:
ج 3، ص308-210.
2025-06-08
504
قصة النبي هود وموسم القحط
قال تعالى : {وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ (50) يَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلَا تَعْقِلُونَ (51) وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ (52) قَالُوا يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ} [هود : 50 - 53].
قال ابن شهرآشوب : قيل لزين العابدين عليه السّلام : إنّ جدّك كان يقول : « إخواننا بغوا علينا ».
فقال عليه السّلام : « أما تقرأ كتاب اللّه : وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً ؟ فهم مثلهم ، أنجاه اللّه والذين معه ، وأهلك عادا بالرّيح العقيم » « 1 ».
وقال علي بن إبراهيم ، قال عليه السّلام : إنّ عادا كانت بلادهم في البادية ، من المشرق « 2 » إلى الأجفر « 3 » ، أربعة منازل ، وكان لهم زرع ونخيل كثير ، ولهم أعمار طويلة وأجسام طويلة ، فعبدوا الأصنام فبعث اللّه إليهم هودا يدعوهم إلى الإسلام وخلع الأنداد ، فأبوا ولم يؤمنوا بهود وآذوه ، فكفّت عنهم السّماء سبع سنين حتى قحطوا ، وكان هود زرّاعا ، وكان يسقي الزّرع ، فجاء قوم إلى بابه يريدونه فخرجت عليهم امرأة شمطاء « 4 » عوراء ، فقالت لهم : من أنتم ؟ فقالوا : نحن من بلاد كذا وكذا ، أجدبت بلادنا فجئنا إلى هود نسأله أن يدعو اللّه لنا حتى نمطر وتخصب بلادنا فقالت : لو استجيب لهود لدعا لنفسه ، فقد احترق زرعه لقلّة الماء.
فقالوا : وأين هو ؟ قالت : هو في موضع كذا وكذا . فجاءوا إليه ، فقالوا يا نبيّ اللّه ، قد أجدبت بلادنا ولم نمطر ، فاسأل اللّه أن تخصب بلادنا ونمطر .
فتهيّأ للصّلاة وصلّى ودعا لهم ، فقال لهم : « ارجعوا فقد أمطرتم وأخصبت بلادكم ».
فقالوا : يا نبيّ اللّه ، إنّا رأينا عجبا . قال : « وما رأيتم ؟ » قالوا : رأينا في منزلك امرأة شمطاء عوراء ، قالت لنا : من أنتم ، وما تريدون ؟ قلنا : جئنا إلى نبيّ اللّه هود ليدعو اللّه لنا فنمطر . فقالت : لو كان هود داعيا لدعا لنفسه ، فإنّ زرعه قد احترق.
فقال هود : « تلك أهلي ، وأنا أدعو اللّه لها بطول العمر والبقاء » قالوا ، وكيف ذاك ! قال : « لأنّه ما خلق اللّه مؤمنا إلا وله عدوّ يؤذيه ، وهي عدوي ، فلئن يكون عدوّي ممّن أملكه خير من أن يكون عدوّي ممن يملكني ».
فبقي هود في قومه يدعوهم إلى اللّه ، وينهاهم عن عبادة الأصنام حتى خصبت بلادهم ، وأنزل اللّه عليهم المطر ، وهو قوله عزّ وجلّ : {وَيا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلى قُوَّتِكُمْ وَلا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ} قالوا ، كما حكى اللّه : يا هُودُ ما {جِئْتَنا بِبَيِّنَةٍ وَما نَحْنُ بِتارِكِي آلِهَتِنا عَنْ قَوْلِكَ وَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ الآية ، فلمّا لم يؤمنوا أرسل اللّه عليهم الرّيح الصّرصر ، يعني الباردة ، وهو قوله في سورة القمر :
{كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ (18) إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ} [القمر: 18، 19] وحكى في سورة الحاقّة ، فقال : {وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ (6) سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا} [الحاقة : 6، 7] قال : كان القمر منحوسا بزحل سبع ليال وثمانية أيّام « 5 ».
________________
( 1 ) المناقب : ج 3 ، ص 218 ، الاحتجاج : ص 312 .
( 2 ) وفي تفسير القمي : ج 2 ، ص 298 ( سورة الأحقاف ) قال : والأحقاف بلاد عاد من الشقوق إلى الأجفر . وجميعا تطلق على عدّة مواضع في البادية . انظر « معجم البلدان : ج 3 ، ص 356 ، وج 5 ، ص 133 » .
( 3 ) الأجفر : موضع بين فيد والخزيميّة . « معجم البلدان ج 1 ، ص 102 » .
( 4 ) الشمط : بياض شعر الرأس يخالطه سواده . « الصحاح - شمط - ج 3 ، ص 1138 » .
( 5 ) تفسير القميّ : ج 1 ، ص 329 .
الاكثر قراءة في قصة النبي هود وقومه
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة