في آداب العمامة والقلنسوة والحذاء والخلخال
المؤلف:
الشيخ عبد الله المامقاني
المصدر:
مرآة الكمال
الجزء والصفحة:
ج1/ص90-97
2025-05-11
1076
يستحب لبس العمامة ، وقد ورد أنها تزيد في الحلم[1]، وأنها تيجان الملائكة والعرب[2] ، وأن العرب إذا وضعوها وضع اللّه عزّهم[3]. ويتأكد لبسها في الصلاة ، وقد ورد أن ركعتين مع العمامة خير من أربع ركعات بغير عمامة[4].
وأفضلها لونا البياض[5] ، وكيفية إلقاء طرف منها على الصدر وطرف آخر طول أربع أصابع من خلف بين الكتفين[6] ، وروي أن من خرج من منزله معتما تحت حنكه يريد سفرا لم يصبه في سفره سرق ولا حرق ولا مكروه[7]. وعن الصادق عليه السّلام أنه قال : إني لأعجب ممن يأخذ في حاجة وهو معتم تحت حنكه كيف لا تقضى حاجته[8] ؟! ويكره التّعمم من غير تحنك ، وقد ورد أن من فعل ذلك فأصابه ألم أو داء لا دواء له فلا يلومّن إلّا نفسه[9]. وقد فسرّت العمامة الطابقية - التي ورد أنها عمة إبليس - بما لا حنك لها[10] ، وكذا فسّر الاقتطاع - الذي ورد عن النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم النهي عنه - بشدّ العمامة من غير إدارة حنك[11]. وقيل :
يكره صلاة المتعّمم من غير تحنّك ، ولم يثبت[12]. نعم الاجتناب من ذلك أولى ، وفي تحقّق التحنّك بوضع حنك للعمامة وان لم يسد له تأمّل ، بل في تحقّق التحنّك بالإسدال من غير إدارته وجهان ، والأخبار الحاكية لكيفية تعمّم النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم والأئمة عليهم السّلام من إسدال طرف منها بين أيديهم ومقدار أربع أصابع بين الكتفين تقضي بتحقّق التحنّك بالإسدال ، وظاهر الروايتين المزبورتين آنفا هو الإدارة تحت الحنّك ، ويمكن العمل بالأخبار جميعا باعتبار الإدارة تحت الحنك لمن أراد السفر أو الذهاب إلى حاجة لظاهر الخبرين ، وعدم الاعتبار في غيرهما لإطلاق باقي الأخبار .
وروي استحباب أن يدعو عند لبس العمامة بقول : « اللهم أرفع ذكري ، وأعل شأني ، وأعزني بعزتّك ، وأكرمني بكرمك بين يديك وبين خلقك ، اللهم توجّني بتاج الكرامة والعزّ والقبول »[13]. وفي رواية أخرى أنه يقول :
« اللّهم سوّمني بسيماء الإيمان ، وتوجّني بتاج الكرامة ، وقلّدني حبل الإسلام ، ولا تخلع رغبة [14] الإيمان من عنقي »[15].
وقيل : ينبغي لفّ العمامة من قيام ، وعدّ لفهّا من جلوس من مورثات الفقر ، وأمّا ما اشتهر على الألسن من كراهة وضع العمامة الملفوفة ونحوها من ملبوسات الرأس في الأرض مقلوبة باطنها إلى فوق وأنّ الشيطان يفرّخ فيها أو يحدث ، وإن وضع منديل عليها يسترها رافع للكراهة ، فلم أقف على مستند شيء منه .
ويكره لبس البرطلّة فإنها من زيّ اليهود[16]. وكذا يكره لبس القلنسوة المتركة[17]. وورد أنه إذا ظهرت القلانس المتركة ظهر الزنا[18]. واستظهر العلامة المجلسي قدس سره كون المراد بها نحو قلنسوة البكتاشية وبعض الدراويش ، وورد أنّ النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم كان يلبس قلنسوة بيضاء مضربة ، وكان صلّى اللّه عليه وآله وسلّم يلبس القلانس اليمنيّة والبيضاء والمضربة وذوات الاذنين في الحرب[19]. وعن أبي الحسن الأول عليه السّلام أنه قال للحسين بن المختار : اعمل لي قلنسوة ولا تكن مصبغة ، فإن السيد مثلي لا يلبس المصبغ ، والمصبغ : المكسّر بالظفر[20].
ولا بأس بلبس البرنس ، لأن النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم كان له برنس يتبرنس به[21]. والبرنس : قلنسوة طويلة كان النسّاك يلبسونها في صدر الإسلام[22].
ولا يصلح لبس الخلخال الذي له صوت ، سيما عند سماع الأجانب صوته ، ولا بأس بما لا صوت له .
ويستحب لبس ما يمنع الرجل من مباشرة الأرض من نعل أو حذاء أو نحوهما ، وقد روي أن أول من أتّخذ النعلين إبراهيم عليه السّلام[23] ، بل قيل بكراهة المشي حافيا على الأرض . ويستحب استجادته فإنها تكبت العدو ، وتزيد في ضوء البصر ، وتطيل العمر ، وتحفظ من البلاء ، وهي عون على الصلاة والطهور[24].
ويكره لبس ما يشاكل حذاء الكفار ، وورد النهي عن لبس النعل الممسوحة ، لأنها حذاء اليهود[25]. والمراد بها النعل التي يلصق جميع باطنها الأرض مأخوذ من : أمسح الرجل وهو الذي ليس له أخمص ، والأخمص : ما رقّ من باطن القدم وتجافى عن الأرض . وكذا ورد النهي عن لبس النعل غير المخصرة . وقال الصادق عليه السّلام : اني لا مقتها[26] ، وفسرها في رواية بالممسوحة. ويساعده تفسير أهل اللغة النعل المخصّرة بالتي قطع خصرها حتى صار مستدقا ، مأخوذ من رجل مخصر القدمين إذا كان قدمه تمس الأرض من مقدمها وعقبها وينخوي أخمصها ويخلو مع رقة فيه[27]. وكذا ورد النهي عن النعل غير المعقبة ومقتها الصادق عليه السّلام[28] أيضا ، وفسرها في مجمع البحرين بغير المخصرة ، ولعله لأنها إذا لم يكن لها عقب تساوى أسفله . وورد النهي أيضا عن النعل الملس ، وهو حذاء فرعون ، وهو أول من أتخّذ الملس[29].
وفي مجمع البحرين[30] ، أنه لعل المراد به غير المخصرة . وحينئذ فمرجع النواهي المزبورة إلى أمر واحد وهو تساوي أسفل النعل وعدم وجود خصره لها كخصرة القدم .
ويكره عقد شراك النعل[31] ، ويستحب إطالة ذوائب النعلين[32] ، ويستحب إصلاح نعل من انقطع شسع نعله ، وقد ورد أن من فعل ذلك حمله اللّه تعالى على ناقة سريعة حين يخرج من قبره[33]. ولا بأس بالمشي حافيا وعلى نعل واحدة إذا أنقطع الشسع في أثناء الطريق إلى أن يصلح[34] ، ويكره المشي على واحدة لغير ذلك ، لأن الشيطان لا يفارقه إلّا أن يشاء اللّه تعالى[35] ، وفي خبر آخر أنه يتخوف عليه الجنون[36].
ويستحب خلع النعل عند الجلوس ، وعند الأكل ، فإنه سنة جميلة ، وأرّوح للقدمين[37].
ويكره لبس النعل السوداء ، فإنها من لباس الجبارين ، وتورث الهم ، وتضعف البصر ، وترخي الذكر[38]. ويستحب البيضاء والصفراء ، فإن من أخذ النعل البيضاء لم يبلها حتى يكتسب مالا من حيث لا يحتسب أو علما[39] ، ومن لبس نعلا صفراء كان في سرور حتى يبليها ، وفيها خصال ثلاث : تجلوا البصر ، وتشّد الذكر ، وتنفي الهم ، وهي مع ذلك من لباس النبيّين[40]. ومن لبس صفراء [ تميل ] إلى البياض لم يعدم مالا وولدا[41].
ويستحب لبس الخف شتاء وصيفا ، فإنه يزيد في قوة البصر ، ومن داوم عليه أمن من مرض السل وموت السوء[42]. وتقييد لبسه في بعض الأخبار بعدم وجدان النعل يكشف عن كون النعل أفضل منه[43]. والفضل في لون الخف عكس النعل ، فيستحب منه الأسود ، لأنه ملبوس بني هاشم ، ويكره الأبيض لأنه ملبوس الجبابرة [44]، وكذا يكره الأحمر منه في الحضر لا في السفر ، لأنه أبقى على الطين والمطر وأحمل له[45].
ويستحب الابتداء في لبس النعل والخف ونحوهما كالثياب باليمين ، وفي الخلع باليسار[46]. وورد النهي عن لبس النعل وهو قائم[47] ، وورد الأمر بلبسه قاعدا وخلعه قائما[48].
وروي استحباب الدعاء عند لبس النعل بقول : « بسم اللّه وباللّه والحمد للّه اللهم صل على محمد وآل محمد ووطّئ قدمي في الدنيا والآخرة ، وثبّتهما على الإيمان ، ولا تزلزلهما يوم زلزلة الاقدام ، اللهم وقنّي من جميع الآفات والعاهات ومن الأذى » . وعند خلعهما بقول : « اللهم فرجّ عنّي كل همّ وغم ولا تنزع عني حلّة الإيمان »[49]. وفي رواية أخرى يقول عند الخلع : « بسم اللّه والحمد للّه الذي رزقني ما أقي به قدمي من الأذى ، اللهم ثبتهما على صراطك المستقيم يوم تزّل فيه الأقدام ولا تزّلهما عن صراطك السوّي »[50].
[1] مكارم الأخلاق / 136 الفصل السابع في العمائم والقلانس عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلم : ( اعتمّوا تزدادوا حلما ) .
[2] مكارم الأخلاق / 136 الفصل السابع في العمائم .
[5] الكافي : 6 / 461 باب العمائم برقم 3 بسنده عن أبي جعفر عليه السّلام قال : كانت على الملائكة العمائم البيض المرسلة يوم بدر .
[6] الكافي : 6 / 461 باب العمائم برقم 4 بسنده عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال : عمّم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم عليّا عليه السّلام بيده فسدلها من بين يديه وقصّرها من خلفه قدر أربع أصابع ، ثم قال : ادبر فادبر ثم قال : اقبل فاقبل ، ثم قال : هكذا تيجان الملائكة .
[7] الكافي : 6 / 461 باب العمائم برقم 6 .
[8] الفقيه : 1 / 173 باب 39 برقم 816 .
[9] الفقيه : 1 / 173 باب 39 برقم 814 .
[10] الفقيه : 1 / 172 باب 39 برقم 813 ، والكافي : 6 / 461 باب العمائم برقم 5 ذيله .
[11] مستدرك وسائل الشيعة : 1 / 204 باب 21 برقم 2 .
[12] وذلك لعدم العثور على رواية مسندة سوى ما نقل عن خط الشهيد رحمه اللّه قوله : ويكره الصلاة في عمامة لا حنك لها الّا ان ينقص طولها عن سبعة اذرع . نعم كراهة ترك أصل التحنّك ثابت بروايات عديدة مسندة ، اما ان التحنك يسقط إذا كانت العمامة أقل من سبعة اذرع فلم نقف له على دليل .
[13] مستدرك وسائل الشيعة : 1 / 213 باب 23 برقم 8 .
[14] الظاهر : ربقة . ( منه قدس سره ) .
[15] مستدرك وسائل الشيعة : 1 / 213 باب 23 برقم 10 .
[16] مكارم الأخلاق / 138 والبرطّلة نوع قلنسوة مجمع البحرين .
[17] الكافي : 6 / 478 باب النوادر برقم 2 بسنده عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال : قال أمير المؤمنين عليه السّلام : إذا ظهرت القلانس المتركة ظهر الزنا . أقول : المتركة يحتمل أن تكون مأخوذة من الترك الذي يطلق في لغة غير العرب على ما يكون فيه اعلام المعروفة سابقا - بالبكتاشي - ويحتمل ان يكون بالمعنى العربي ان يكون فيه زوائد متروكه فوق الرأس المعروفة بالشراوني وهي القلانس العريضة ، فراجع .
[19] الكافي : 6 / 461 باب القلانس برقم 1 أقول هي اقسام القلانس .
[20] مكارم الأخلاق / 138 .
[21] الكافي : 6 / 461 باب القلانس برقم 1 .
[22] البرنس : كل ثوب رأسه منه ملتزق به من دراعة ، أو جبّة أو ممطر أو غيرها . نهاية ابن الأثير : 1 / 122 .
[23] الكافي : 6 / 462 باب الاحتذاء برقم 2 .
[24] وسائل الشيعة : 3 / 382 باب 32 برقم 6 بسنده عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال : سمعته يقول : جوّدوا الحذاء فإنه مكتبة العدوّ ، وزيادة في ضوء البصر ، وخفّفوا الديّن فانّ في خفّة الدين زيادة العمر ، وتدهنوا فانّه يظهر الغناء ، وعليكم بالسّواك ، فإنه يذهب وسوسة الصدور ، وادمنوا الخفّ ، فإنه أمان من السلّ . وفي الكافي : 6 / 462 باب الاحتذاء برقم 1 بسنده عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال : قال أمير المؤمنين عليه السّلام : استجادة الحذاء وقاية للبدن وعون على الصلاة والطهور .
[25] الكافي : 6 / 463 باب الاحتذاء برقم 6 .
[26] الكافي : 6 / 463 باب الاحتذاء برقم 8 .
[27] مجمع البحرين / 245 . الطبعة الحجرية وفيه : يخوي .
[28] الكافي : 6 / 463 باب الاحتذاء برقم 5 .
[29] الكافي : 6 / 463 باب الاحتذاء برقم 4 بسنده عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال : قال أمير المؤمنين عليه السّلام : لا تحتذوا الملس فإنّها حذاء فرعون ، وهو أول من اتخذ الملس .
[30] صفحه 312 من الحجّرية في مادة ملس قوله : وفي الحديث ( ولا تتخذوا الملس فإنه حذاء فرعون ) ولعل المراد غير المخصرة ، فتدبّر .
[31] الكافي : 6 / 464 باب الاحتذاء برقم 10 .
[32] الكافي : 6 / 464 باب الاحتذاء برقم 11 .
[33] الكافي : 6 / 464 باب الاحتذاء برقم 13 .
[34] الكافي : 6 / 464 باب الاحتذاء برقم 14 .
[35] الكافي : 6 / 468 باب السنّة في لبس الخف والنعل وخلعهما برقم 5 .
[36] الكافي : 6 / 467 باب السنة في لبس الخف والنعل وخلعهما برقم 4 .
[37] وسائل الشيعة : 3 / 385 باب 37 برقم 3 .
[38] الكافي : 6 / 465 باب ألوان النعال برقم 2 .
[39] الكافي : 6 / 465 باب ألوان النعال برقم 3 .
[40] الكافي : 6 / 465 باب ألوان النعال برقم 5 .
[41] الكافي : 6 / 466 باب ألوان النعال برقم 7 .
[42] ثواب الأعمال / 44 ثواب لبس الخف برقم 2 .
[43] وسائل الشيعة : 386 باب 41 برقم 7 .
[44] الكافي : 6 / 467 باب الخفّ برقم 5 .
[45] المحاسن / 378 برقم 156 .
[46] الكافي : 6 / 467 باب السنة في لبس الخف والنعل وخلعهما برقم 1 .
[47] التهذيب : 3 / 255 باب 25 برقم 709 .
[48] مستدرك وسائل الشيعة : 1 / 214 باب 28 برقم 2 .
[49] مستدرك وسائل الشيعة : 1 / 214 باب 28 برقم 1 باختلاف يسير .
[50] مستدرك وسائل الشيعة : 1 / 214 باب 28 برقم 3 .
الاكثر قراءة في اداب عامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة