x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في المحتوى

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

تاريخ الفيزياء

علماء الفيزياء

الفيزياء الكلاسيكية

الميكانيك

الديناميكا الحرارية

الكهربائية والمغناطيسية

الكهربائية

المغناطيسية

الكهرومغناطيسية

علم البصريات

تاريخ علم البصريات

الضوء

مواضيع عامة في علم البصريات

الصوت

الفيزياء الحديثة

النظرية النسبية

النظرية النسبية الخاصة

النظرية النسبية العامة

مواضيع عامة في النظرية النسبية

ميكانيكا الكم

الفيزياء الذرية

الفيزياء الجزيئية

الفيزياء النووية

مواضيع عامة في الفيزياء النووية

النشاط الاشعاعي

فيزياء الحالة الصلبة

الموصلات

أشباه الموصلات

العوازل

مواضيع عامة في الفيزياء الصلبة

فيزياء الجوامد

الليزر

أنواع الليزر

بعض تطبيقات الليزر

مواضيع عامة في الليزر

علم الفلك

تاريخ وعلماء علم الفلك

الثقوب السوداء

المجموعة الشمسية

الشمس

كوكب عطارد

كوكب الزهرة

كوكب الأرض

كوكب المريخ

كوكب المشتري

كوكب زحل

كوكب أورانوس

كوكب نبتون

كوكب بلوتو

القمر

كواكب ومواضيع اخرى

مواضيع عامة في علم الفلك

النجوم

البلازما

الألكترونيات

خواص المادة

الطاقة البديلة

الطاقة الشمسية

مواضيع عامة في الطاقة البديلة

المد والجزر

فيزياء الجسيمات

الفيزياء والعلوم الأخرى

الفيزياء الكيميائية

الفيزياء الرياضية

الفيزياء الهندسية

الفيزياء الحيوية

الحاسوبية

الفيزياء الطبية

طرائق تدريس الفيزياء

الفيزياء العامة

مواضيع عامة في الفيزياء

تجارب فيزيائية

مصطلحات وتعاريف فيزيائية

وحدات القياس الفيزيائية

طرائف الفيزياء

مواضيع اخرى

مخفي الفيزياء

الرأي القديم في الفلك

المؤلف:  يعقوب صرُّوف

المصدر:  بسائط علم الفلك وصور السماء

الجزء والصفحة:  ص15–23

2023-10-26

696

أدرك الذين راقبوا الفلك من القدماء أنَّ القمر بعيد جدًّا عن الأرض، وأنَّ الشمس أبعد منه، وأن نوره ليس أصليًّا بل مستمد منها كما أن نور الأرض مستمد منها أيضًا، وأن خسوف القمر ناتج من وقوع ظلُّ الأرض عليه؛ فهي كرة لأنَّ ظلها مستدير والشمس أكبر منها؛ لأنها تجعل لها ظلا طويلًا صنوبريا وهو الذي ينخسف القمر بالمرور فيه.

وقد استغربوا كما يستغرب العامة الآن كيف تغيب الشمس في المساء عند الأفق الغربي ثم تظهر في الصباح عند الأفق الشرقي؟ وأغرب من ذلك أنَّ القمر يغيب مثلها ويطلع مثلها ولكنه يخالفها في أزمنة شروقه وغيابه وفي تغير وجهه، وكذلك النجوم تشرق وتغرب ولكنها لا تكتفي بهذه الدورة اليومية حول الأرض بل تدور حولها دورة سنوية أيضًا كأن السنة الأرضية وهي 365 يوما ونحو ربع يوم حاكمة على الشمس والقمر والنجوم والكواكب السيارة مشمولة بهذا الحكم، ولكن كل واحد منها خاضع لسير آخر خاص به، رأوا كلَّ ذلك فأخذوا يبحثون عن أسبابه؛ أي عن القوانين الطبيعية المتسلطة على الشمس والقمر والنجوم من حيث علاقتها بالأرض وعلاقتها بعضها ببعض.

وأول حقيقة اكتشفوها وتحققوها هي أنَّ الأرض كرة قائمة في الفضاء على لا شيء، وبذلك فسروا كيفية دوران الشمس والقمر والنجوم حولها؛ أي فوقها في النهار وتحتها في الليل، وأنَّ القمر أقرب الأجرام السماوية إليها ففلَكه أو مداره أقرب كل الأفلاك إلى الأرض وفوقه فلك عطارد ثم فلك الزهرة ثم فلك الشمس ثم فلك المريخ ثم فلك المشتري ثم فلك زُحل ثم فلك النجوم كما ترى في الشكل التالي:

شكل 1-2

ويُنْسَب هذا الرأي إلى بطليموس العالم اليوناني الذي نشأ في الإسكندرية بين سنة 100 و170 للميلاد وهو الرأي الذي جرى عليه العرب ما تعلموا الفلك من كتب اليونان ونقلوا كتاب بطليموس المعروف بالمجسطي إلى العربية وزادوا عليه تحقيقا واكتشافا كما سيجيء، لكنهم لم يُخالفوا رأيه من حيث دوران الشمس وسائر السيارات حول الأرض ولو قالوا إنَّ الشمس أكبر من الأرض.

وقد جمع الشيخ ناصيف اليازجي أسماء هذه السيارات حسب ترتيبها من الأبعد إلى الأقرب بقوله:

تلك الدراري زُحل فالمشتري         وبعده مريخها في الأثر

   شــمـس فزهـرة عـطـارد قـمـر       وكلـهـا سائـرة علـى قـدر

أما كيف علّلوا حركات هذه الكواكب على اختلاف أنواعها فمما يطول شرحه، وبقي رأي بطليموس شائعًا معمولاً به 1400 سنة بعد موته، ومَنْ يُطالع الزيج الصابي الذي وضعه أبو عبد الله محمد بن سنان بن جابر الحراني المعروف بالبتاني المتوفى سنة 929 للميلاد؛ أي منذ نحو ألف سنة، يعجب مما كان القدماء يبذلون من الجهد والعناء في تعليل حركات الشمس والقمر والكواكب والنجوم والفلك كله بحسب هذا الرأي مع قلة وسائلهم.

هذا مذهب بطليموس في هيئة الفلك، وخلاصته أنَّ كرة الأرض قائمة في مركز الكون وأنَّ الشمس والقمر والنجوم السيَّارة وغير السيارة تدور حولها دورة كاملة كل يوم من الشرق إلى الغرب كما يظهر لعين الناظر.

وقد يُظَنُّ لأول وهلة أن الذين قالوا بهذا المذهب من علماء الفلك اليونان والرومان والعرب كانوا مثل العامة في هذا العصر الذين لم يدرسوا علم الفلك أو لم يقفوا على تفاصيل المذهب الجديد الذي يجعل الشمس مركز النظام الشمسي ويثبت أنَّ الأرض والسيارات تدور حولها، وأنهم كانوا مثل العامة يحسبون الشمس قرصا صغيرًا كراحتي اليد والقمر مثلها أو أصغر قليلا، والكواكب والنجوم نقطّا منيرة في الفلك، وليس الأمر كذلك، بل إن جمهور المتعلمين منهم حتى رجال الأدب كانوا يعلمون أنَّ الشمس والقمر والنجوم كبيرة جدًّا لا كما ترى بالعين، قال أبو العلاء المعري:

والنجم تستصغر الأبصارُ صورته      والذَّنْبُ للطَّرْفِ لا للنجم في الصِّغَرِ

أما علماء الفلك فعرفوا أنَّ الشمس والقمر والكواكب والنجوم كبيرة جدا قبل بطليموس وبعده؛ ولم يكتفوا بهذا القول المجْمَل بانين إياه على الظن، بل قاسوا أجرام الشمس والقمر والنجوم بطرق هندسية حسابية، وعرفوا مقدارها بما يقرب من الحقيقة وقاسوا أيضًا أبعادها عن الأرض وسعة الأفلاك التي تدور فيها وشكلها، والنتائج التي  وصلوا إليها مبنية على مقدّمات صحيحة في الغالب ولم تأتِ مطابقة للواقع؛ لأن آلات الرصد التي صنعوها لم تكن دقيقة.

شكل 2-2: بطليموس صاحب الرأي القديم في الفلك.


فعرفوا أن الأرض كرة من شكل ظلّها المستدير على القمر وقت خسوفه، ووجدوا بالقياس أن قطرها نحو ثمانية آلاف ميل من أميالنا، وقالوا إنَّ الشمس أكبر منها نحو 166 مرة وأن قطرها أطول من قُطر الأرض خمس مرات ونصف مرة، وأنَّ بُعْدَها عن الأرض يبلغ نحو 4800000 ميل، وأنَّ القمر أصغر من الأرض فإن قطره 1141 ميلا فقط وبعده عن الأرض نحو 243000 ميل وعطارد أصغر من الأرض أيضًا لكنه ليس نقطة في السماء بل هو أكبر من القمر وقطره 1480 ميلًا، وبُعْدُه عن الأرض 664000 ميل، والزهرة أكبر منه ولكنها أصغر من الأرض وقطرها 2220 ميلا وبُعْدُها عن الأرض 2472000 ميل، والمرّيخ أكبر منها وقطره 4591 ميلا وبُعْدُه عن الأرض 32088000 ميل والمشتري أكبر منه كثيرًا ومن الأرض أيضًا، وهلم جدًّا، وهاك جدولاً أثبتنا فيه أقطار هذه الأجرام وأبعادها عن الأرض حسب ما وجده المتقدمون قبل بطليموس وبعده إلى أن صُنع التلسكوب وآلات الرصد الجديدة وأقطارها وأبعادها عن الشمس كما عُرفت الآن:

شكل 3-2: الشمس وسيارتها حسب نسبة مقدارها.

 

ورب قائل يقول: كيف قاس القدماء قُطر الأرض وأقطار هذه الكواكب وأبعادها ولم يكن لديهم شيء من آلات الرصد المستعملة الآن؟

والجواب: إن علماء الفلك المشار إليهم كانوا يعرفون من علم الهندسة وحساب المثلثات ما مكنهم من ذلك وهو مما لا يعرفه العامة في عصرنا ولا أكثر الخاصة؛ ولذلك يصعب علينا أن نشرح لجمهور القُرَّاء كل الأساليب التي جروا عليها شرحًا يفهمه الذين لم يدرسوا علم الهندسة وعلم حساب المثلثات على الأقل ولكن ما لا يُدْرَكُ كلُّه لا يُتْرَكُ كله. أمَّا قُطر الأرض؛ أي الخط الوهمي المستقيم المرسوم في قلب الأرض من طرف إلى طرف مارا بمركزها، فقد يظهر لأول وَهْلَة أن معرفة طوله ضرب من المحال، ولكن إذا قشنا محيط الأرض؛ أي الخط الذي يدور حولها ويقسمها إلى قسمين متساويين (وسمي عند علماء الهندسة بالدائرة العظيمة) عَرَفْنَا طول قُطر الأرض من غير أن نقيسه؛ لأن القطر نحو ثلث المحيط أو أقل من الثلث بقليل، وقياس المحيط كله ليس في الإمكان ولا يحتمل أن يتوفَّاه أحد، ولكن إذا تعذر علينا قياس خط طويل مثل هذا يمرُّ حول البحار والجبال والوهاد لم يتعذَّر علينا أن نقسمه إلى مائة أو ألف من الأقسام المتساوية، فإذا قشنا قسمًا واحدًا منها عرفنا قياسها كلها، والدائرة تُقَسَّم اصطلاحًا إلى 360 قسمًا تُسمى درجات، فإذا قسنا طول درجة واحدة من محيط الأرض عرفنا طول محيطها كله، وهذا فعله علماء الفلك من اليونان قبل بطليموس ومن العرب بعده.

أما اليونان فيُقال إن عالما منهم اسمه أراتوسثنس Eratosthenes وُلِدَ في القيروان سنة 276 قبل المسيح ودرس في الإسكندرية وأثينا، ثم دُعِي إلى الإسكندرية سنة 234 فأقام فيها إلى أن أدركته الوفاة سنة 194 قبل المسيح، هذا الرجل ألف كتابا في معرفة حزم الأرض وقال إنَّ الشمس تكون عمودية فوق الأرض في مدينة أسوان وقت الانقلاب الصيفي، فإذا نُصب عمود في الأرض هناك لم يظهر له في الظهيرة ظل ممتد شمالا، وإذا نُصِبَ عمود آخر مثله في الإسكندرية ظهر له ظلُّ شمالي في تلك الدقيقة عينها، وإذا رسم خط من أعلى هذا العمود إلى طرف ظلّه وُجِدَت الزاوية التي تكون بينه وبين الظل سبع درجات وخمس درجة فهي درجات المسافة بين الإسكندرية وأسوان، والمسافة من الإسكندرية إلى أسوان يسهل قياسها، والظاهر أنها كانت مقيسة حينئذ، فإذا قُسِّمت على سبع درجات وخُمس درجة عُرفت حصة الدرجة من الأرض، فتضرب بثلاثمائة وستين درجة فيُعرَف محيط الأرض، ويقال: إنَّ المسافة بين الإسكندرية وأسوان 5000 ستاديوم، فمحيط الأرض 250000 ستاديوم؛ لأن السبع الدرجات والخمس تساوي جزءا من خمسين من المحيط، والستاديوم يعادل 157 مترًا ونصف متر أو 516 قدما ونحو ثلاثة أرباع القدم، وعليه فمحيط الأرض حسب ما وجده هذا العالم 24662 ميلا وقطرها 7850 ميلا، والمعروف الآن أنَّ قُطر الأرض القطبي – أي الخط الممتد من أحد قطبيها إلى الآخر – طوله 7900 ميل.

ثم إن قُبَّةَ السماء المقابلة للأرض مثل نصف كرة مجوفة وإذا توهمنا وجود خط مقوس عليها من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، فذلك الخط نصف دائرة وفيه 180 درجة، وفي جهة الشمال من السماء نجم يُسمَّى نجم القطب يظهر كأنَّ النجوم كلها تدور حوله، والحقيقة أنه مقابل لقطب الأرض الشمالي؛ أي طرف محورها الذي تدور عليه في دورتها اليومية، فيظهر لنا نحن الذين على سطحِنا كأنَّ نجوم السماء هي التي تدور حول نجم القطب هذا لأنه مقابل لطرف محور الأرض، ونجم القطب يعلو عن الأفق في القاهرة نحو 30 درجة، وفي بيروت نحو 34 درجة وفي أسوان نحو 23 درجة؛ أي كلَّما ابتعدنا عن القاهرة درجة شمالاً رأينا ارتفاع نجم القطب عن الأفق الشمالي يزيد درجة، وكلما ابتعدنا عن القاهرة درجة جنوبًا وجدنا ارتفاعه عن الأفق ينقص درجة، وعلى هذا المبدأ قاس علماء العرب طول الدرجة ومحيط الأرض، وهاك ما ذكره أبو الفداء في جغرافيته المسماة تقويم البلدان في هذا الصدد.

قال: «إن الأرض كُرِّيَّة وإنها في الوسط، فسطح الأرض وهو محدبها مواز لمقعر السماء، فالدوائر العظام التي على سطح الأرض موازية للعظام الفلكية، وتنقسم كانقسامها على ثلاثمائة وستين درجة، فإذا سار سائر على خط نصف النهار وهو الخط الواصل بين القطبين الشمالي والجنوبي في أرض مستوية خالية من الوهدات عرية عن الرَّبوات على استقامة من غير انحراف أصلا حتى يرتفع له القطب أو ينخفض درجة، فالقدر الذي ساره من تلك الدائرة يكون حصة درجة واحدة منها، وتكون تلك الدائرة الأرضية ثلاثمائة وستين مرة مثل ذلك القدر، وقد قام بتحقيق ذلك طائفة من القدماء كبطليموس صاحب المجسطي وغيره، فوجدوا حصة الدرجة الواحدة من الدائرة العظيمة المتوهّمة على الأرض: ستة وستين ميلا وثلثي ميل، ثم قام بتحقيقه طائفة من الحكماء المحدثين وحضروا بأمره في برية سنجار وافترقوا فرقتين بعد أن أخذوا ارتفاع القطب محرَّرًا في المكان الذي افترقوا منه، أخذت إحدى الفرقتين في المسير نحو القطب الشمالي والأخرى نحو القطب الجنوبي، وساروا على أشد ما أمكنهم من الاستقامة حتى ارتفع القطب للسائرين في الشمال وانحط للسائرين في الجنوب درجة واحدة ثم اجتمعوا عند المفترق وتقابلوا على ما وجدوه، فكان مع إحداهما ستة وخمسون ميلا وثلثا ميل ومع الأخرى ستة وخمسون ميلا بغير كسر فأخذ بالأقل وهو ستة وخمسون ميلا.» ا. هـ. ولم يذكر أبو الفداء إلا عملًا واحدًا، والحال أنهما عملان جَرَيَا في آن واحدٍ: أحدهما في برية سنجار من بلاد ما بين النهرين والآخر إلى الشمال من بلد الشام بين تَدْمُر والفرات، وقد أثبتهما ابن يونس وكانت وفاته سنة 1008 للميلاد، قال سناد بن علي: أمرني الحاكم أن أحقق وخالد بن عبد الملك درجة من الدائرة العظيمة على سطح الأرض فذهبنا لذلك وسار علي ابن عيسى الإسطرلابي وعلي بن البحتري في طريق أخرى، أما نحن فتوجهنا إلى أن وصلنا بين أفامية وتدمر فوجدنا الدرجة 57 ميلا، ووجدنا كذلك علي بن عيسى وعلي بن البحتري وبعثنا بالخبر فوصل في آن واحد، وذكر ابن يونس رواية أحمد بن عبد الله الملقب بحبش في كتابه مطالع الأرصاد، وحاصلها أنَّ العلماء ساروا في برّية سنجار وتحققوا الدرجة فوجدوها ستة وخمسين ميلا وربع ميل والميل أربعة آلاف ذراع هاشمية، والذراع الهاشمية هي 1000/541 من المتر، فالميل العربي يعدل 2164 مترًا والدرجة من 56 ميلا وربع الميل؛ أي 121725 مترا.

أما أبعاد الشمس والكواكب عن الأرض فأول مَنْ حاول معرفتها بطريقة علمية أرسترخس اليوناني الذي نشأ سنة 281 قبل المسيح، فإنه راقب البعد بالدرجات بين الشمس والقمر حينما يكون القمر في التربيع؛ أي حينما يكون نصف وجهه المتجه إلينا منيرا وقاس الزوايا الحاصلة من رسم ثلاثة خطوط بين الشمس والأرض والقمر واستنتج منها أن بُعْدَ الشمس عن الأرض يجب أن يكون بين ثمانية عشر وعشرين ضعف بعد القمر عن الأرض والنتيجة خطأ ولكن الطريقة صحيحة، وقد أخطأ في النتيجة لأنه أخطأ في قياس الزوايا وحاول معرفة بُعْدِ الشمس عن الأرض من معرفة عرض ظل الأرض الذي يمرُّ فيه القمر حينما يخسف والطريقة صحيحة وبقيت معمولا بها 1600 سنة، ولكن النتيجة التي وصل مستعملوها إليها غير صحيحة؛ لأنهم لم يستطيعوا أن يقيسوا زاوية اختلاف الشمس بالتدقيق.

ويُقال: إن هبرخس الفلكي المشهور اعتمد على هذه الطريقة فوجد أن جزم الشمس يعادل 1050 جِزْمًا مثل جِرم الأرض؛ أي إنَّ قطرها مثل قطر الأرض عشر مرات وسدس مرة، وأنَّ نسبة قُطر القمر إلى قُطر الأرض كنسبة 1 إلى 5/2 30 وأَنَّ بُعْدَ القمر عن الأرض يساوي 6/5 60 مرة قُطر الأرض، وبُعْدُ الشمس عن الأرض يساوي 2103 مرات قطر الأرض، لكن ثيون الإسكندري قال: إِنَّ هبرخس وَجَدَ أَنَّ الشمس أكبر من الأرض 1880 مرة وأنَّ قطرها أكبر من قطر الأرض 12 مرة وبعدها عن الأرض 2550 مرة قطر الأرض. وأما قُطر القمر فيساوي من قُطر الأرض وبعده عنها 60 من قطرها. فما وجده القدماء من جهة قُطر القمر وبُعْده قريب من الحقيقة، وأما ما وجدوه عن أقطار الشمس والسيارات وأبعادها فأقل من الحقيقة كثيرًا كما تقدم، ولم يكن في الإمكان معرفة الأقطار الحقيقية والأبعاد الحقيقية إلا بعد اكتشاف التلسكوب.

وقد حاول القدماء معرفة أقدار النجوم الثوابت وأبعادها أيضًا، فقال البتاني في زيجه: «إنَّ النجوم التي من القدر الأول يبلغ بعدها عن الأرض 76 مليون ميل وقطر كل منها نحو 40 ألف ميل.» وأكثر ما قاله في هذا الباب تحكم.

ولكن الذي يقضي بالعجب هو الاستمرار على القول بأنَّ الأرض واقفة في مركز الكون والشمس والنجوم كلها تدور حولها مع ما عرفوه من أقدارها وأبعادها؛ ولذلك تقوض مذهبهم حالما ظهر المذهب الجديد كما سيجيء.

 شعار المرجع الالكتروني للمعلوماتية




البريد الألكتروني :
info@almerja.com
الدعم الفني :
9647733339172+