إنَّ مِنْ واجبِ المُرَبِّينَ أنْ يجهَدُوا في سَبيلِ الإبقاءِ على المُيولِ الفِطريّةِ الأخلاقيّةِ حَيّةً في وجدانِ الشَّبابِ، وتَعزيزِ وتَقويَةِ حُبِّ الجَّمالِ المَعنويِّ في باطنِ الشَّابِّ، وأنْ يَحُولُوا دونَ سُقوطِ قِيَمِ الطَّهارَةِ والفَضيلَةِ مِنْ ضَميرِ الشَّبابِ، ممّا يُؤدّي بِهِم إلى الانحرافِ عَنْ طَريقِ الأخلاقِ والسَّجايا الإنسانيّةِ.
إنَّ المُيولَ الفِطريّةَ الأخلاقيّةَ لدى الشَّبابِ تُمَثِّلُ استعدادَهُم للانشدادِ نحوَ الطّهارةِ والعِفّةِ والإحسانِ، لكنَّهُم إذا ما عاشُوا في بيئَةٍ فاسِدَةٍ مُنحَطَّةٍ وتَرَبَّوا تَربيَةً خاطِئةً، فإنَّهُم سينحَرِفونَ لا مَحالَةَ عَنِ الطّريقِ السَّويِّ نحوَ الرَّذيلَةِ والفَسادِ.
إنَّ المُناداةَ بالقِيَمِ الأخلاقيّةِ لا تَعني إطلاقاً أنْ يكونَ تَصَرُّفُ الشَّابِّ نابِعاً مِنَ التَّقوى والفَضيلَةِ، بَلِ المَقصودُ مِنها هُوَ أنَّ الشَّبابَّ أكثرُ حَسَاسِيَّةً للانجِذابِ نحوَ الطَّهارَةِ والإحسانِ، والشَّابُّ في الوَقتِ الذي سَيكونُ فيهِ فِيما بعدُ مُستَعِدّاً لإقامَةِ حَياةٍ أخلاقِيّةٍ، يكونُ أيضاً قابِلاً للانعطافِ نَحوَ الفَسادِ والرَّذِيلَةِ.
إنَّ طَراوةَ وعُذوبَةَ عَهدِ الشَّبابِ هِيَ مِنَ المَظاهِرِ العَظيمَةِ للجَّمالِ الطبيعيِّ، فحلاوَةُ هذهِ المَرحَلَةِ مِنَ العُمرِ تَزيدُ مِن جمالِ الشَّبابِ وتُعَزِّزُ مكانَتَهُم في قُلوبِ النَّاسِ. وعندَما يَعمَدُ الشَّبابُ إلى تَزيينِ أنفُسِهِم بتَصفِيفِ الشَّعرِ والتَّطَيُّبِ وارتداءِ أجملَ الثِّيابِ ويخلِطونَ بينَ هذا الجَمالِ المُصطَنَعِ وجَمالِهِم الطَّبيعيِّ، فإنَّ مَحبَّتَهُم في قُلوبِ النَّاسِ ستَتَضاعَفُ وتَزيدُ.
إنَّ الجمالَ لا يكونُ مُتكامِلاً إلا عندَما يكونُ الشَّبابُ مُتَحَلِّينَ بجَمالِ الرُّوحِ والصِّفاتِ الأخلاقيّةِ، ومِثلُ هَؤلاءِ يكونونَ مَحبوبينَ لَدى النَّاسِ، ومُعَزَّزينَ مُكَرَّمِينَ في كُلِّ مَكانٍ.