1

بمختلف الألوان
إنَّ الفَضلَ في كتابِ اللهِ عَظيمٌ، واسِعٌ لا يُحَدُّ، فَقَد أغدَقَ اللهُ تَعالى على عِبادِهِ نِعَمًا ظاهِرَةً وباطِنَةً، مَنَحَهُمُ المالَ والبَنينَ، وأعلى شأنَهُم بالعِزَّةِ والكرامَةِ. وهذا الفَضلُ الإلهيُّ ليسَ مَحصُورًا في النِّعَمِ الدُّنيَوِيَّةِ فَحَسبُ، بَلْ يَتَجَلَّى بأسمَى... المزيد
أخر المواضيع
الرئيسة / الافتتاحيه
صندوق المستقبل
حسن الجوادي
2022/10/03
الضبابية، تراكم الاحداث الاقتصادية وغيرها، تدفع الناس الى دوامة القلق من المستقبل، اذ يعبر الكثير من الناس عن مستقبلهم بالوهمي او الكارثي وبعبارات يائسة أخرى، انهم يرون المستقبل من منظار الاحداث والمشاكل، وحين تسأل اي واحد من الشباب مثلاً سيقول: المستقبل بالنسبة لي شيء مجهول وخارج نطاق التفكير، ما دمت أعيش هنا

هل تعاطي الناس مع فكرة المستقبل بهذه السوداوية امراً صحيحاً وواقعياً ام انهم وقعوا في شباك المبالغة الشديدة كيف يفسر الناس المستقبل هل ينظر الناس الى المستقبل نظرة من يعيش في الصندوق

ولم الصندوق لان الانسان اسير تفكيره، وكل الأشياء التي تحركه وتدفعه بصورة عامة موجودة في رأسه، فهو حبيس هذا الصندوق الذي يستمد اغلب أنماط تفكيره من الخارج ويحاول ان يضيف عليها لمساته الخاصة من المبالغة او التنحيف، نعم هنالك أفكاراً موسعة في الخارج لكن الذهن حين يلتقطها ينحفها ويختصرها من خلال التركيز على جزئية خاصة. وظيفة الخيال ان يحلل المواد الواردة اليه، فاذا كانت بيئة المواد بيئة جاهلة او سلبية ستتأثر منطقة التفكير عند الانسان وتصاب بالأفكار إصابة بالغة وتحبط الانسان كثيراً

سألني احدهم في محاضرة عن المستقبل، وعلاقته بالصندوق الذهني، فقلت له: اننا مثل الذي يعيش في أجواء غرفة كبيرة يهتم بما فيها من صور واثاث واغراض وينشغل فترة وجوده بالغرفة بما موجود فيها ، ويغفل عما يجري في الخارج ، فهو محاط بأربعة جدران وباب واحدة واغراض متعددة ، هذا هو الجو الخاص الذي لا يستطيع ان يستبدله بسهولة، نحن كذلك في حياتنا وتعاملنا مع المستقبل فان رؤيتنا تنطلق من افكارنا الخاصة المتأثرة بالواقع المرير، حيث ندور في كرة مغلقة ويحاول بعض المهتمين ان يحصل على إجابة مغايرة ومختلفة وفي كل مرة يخفق في الحصول على شخص قد كسر الدائرة وحاول ان يفكر خارج الصندوق

عندما تذهب الى منطقة فقيرة ومعدمة لن تجد اماني الناس كثيرة، لن تجدهم يطلبون منك ان تعلمهم صناعة السيارات او أحدث الطائرات ابداً، سيطلبون منك وظائف وبيوت صغيرة وهواتف حديثة وبعض الحاجيات البسيطة الأخرى، لأنهم ينطلقون من البيئة وهي الصندوق الذي يقيد طموحات الناس، ويندر ان يقفز أحدهم خارج هذا الصندوق المظلم. يمكن للأسرة السيئة ان تصبح الصندوق المظلم بالنسبة للعديد من الأبناء حيث تجد طموحاتهم بسيطة ورغباتهم محدودة فتنحصر امانيهم وتقل اندفاعاتهم نحو بناء ذواتهم وتحقيق ما تصبو اليه نفوسهم ، يقف بعض الإباء حجر عثرة امام أولادهم ويتحكمون فيهم بصورة سلبية ويتنمط الأبناء بنمط سلبي لا ينكسر بسهولة ، وبعض الأحيان لا يقصد الابوين اتعاب أولادهم لكن يقعون في تلك الأخطاء بغير قصد طالما لم يحدثوا انفسهم ويهتموا بمستقبل أولادهم، فلا احد يختلف حول عطاء الاب وتضحيته في الاسرة لكننا نختلف في الخطط المستقبلية التي يضعها الإباء للأبناء، او التفكير اصلاً في وضع الخطة الصحيحة وتحديثها المستمر

ان العائلة اهم فلتر يمر به الفرد في حياته، لأنها صياغته الأساسية وجذوره الفكرية والثقافية والتحفيزية ومن ثم يأتي دور العلاقات الخاصة والعامة، فاذا دخل المرء في علاقات خاصة ولزمن طويل سيتأثر بها وتصبح من صناديق التنميط ، لان الأصدقاء يمثلون بيئة وحاضنة فكرية وثقافية وربما اقتصادية ايضاً ، حيث تجد ان الوان تفكير الأصدقاء المرتبطين بعلاقات قوية متشابهة تماماً ، ويهرب بعض الناس من اسرهم الى بيئة الصداقة حيث يجد في الصداقة ما يفقده في جو الاسرة، ومن هنا يبدو واضحاً السبب في بوح الانسان للناس الغرباء الذين لا يتصلون به دماً ونسباً حيث يأمن معهم ويطمئن لهم وهنا تبدأ رحلة الانتقال من صندوق لآخر واثناء عملية الانتقال تبدأ المتغيرات ، فاذا تطورت العائلة بسرعة كبيرة ارجعت افرادها اليها مرة أخرى من بيئة العلاقات الخاصة ، وان تراجعت في مرحلة ما انفرط الافراد منها مرة أخرى ، وهكذا تستمر العلمية بين الاخذ والرد

اما دور العائلة الايجابي في رسم معالم الطموح والمستقبل المشرق للأبناء فكبير جداً، وان اعتبرناها صندوقاً فهذا الصندوق سيكون بمثابة قالب النجاح، يقول الشيخ الاكبر الحسين كاشف الغطاء عن تأثير العائلة السحري في ترسيخ مبدأ وضوح المستقبل: اتذكر أن جدي ـ اعلى الله مقامه ـ كان يوقفني بين يديه وأنا ابن سنتين ونصف فيأمرني بالصلاة فأقوم وأكبر وآتي بصورة الصلاة من ركوع وسجود فاذا فرغت ضمني اليه وقال لي: ما تريد ان تكون فأقول له: انا شيخ محمد حسين الكاظمي ـ وكان مرجع التقليد يومئذ الشيخ محمد حسين الكاظمي ـ فاذا كبرت أكون أكبر منه ان شاء الله[1].

تصاغ أفكار المرء عن المستقبل من خلال البيئة التي يعيش فيها المرء والتي تنقسم الى بيئة خاصة وبيئة عامة، وربما يحدث صراع بين البيئات يلقي بظلاله على الانسان فتظهر الاضطرابات والتحولات في شخصيته، وهل يصبح الوطن ، صندوقاً يقيد الانسان وينمط تفكيره

تتضح الإجابة حين يغير الانسان مكانه ويتصل بأماكن أخرى، إذا شعر بالتغيير الجذري على مستوى التفكير والطموحات والاماني فانه يخرج من الصندوق وهل مثل هذا الكلام سيكون دعوة لان يغير الانسان وطنه او بيئته دائماً كي يكسر هيمنة الصندوق

كلا، ان الله سبحانه قد أودع في الانسان طاقة جبارة وهائلة ويمكنه الإنتاج والعمل في كل بيئة يتواجد فيها، بل هو المسؤول عن تغيير الصندوق ونقله من السوداوية الى النورانية، ذات الانسان المسؤول عن تطويرها هي ظلمة سوداوية يغيرها المرء بارتباطه بالله وهدي الرسالة، وهي اهم نقطة في فهم ما سردناه حول فكرة الصندوق والنظرة الى المستقبل ، معرفة المرء بالمحيط الذي يتوفر فيه في غاية الاهمية وتتوجه عليه مسؤولية تغيير المؤثرات التي تحجب عنه رؤية الابداع ، فمن عاش في بيئة فاشلة قاهرة ستؤثر عليه كثيراً، وعليه ينبغي ان يدرك المرء ان يتفحص الاجواء التي تحيط به حتى يفهم تماماً في تحت اي تأثير يعيش ، وتلك نقطة جوهرية وخطوة اولى في مرحلة انقشاع غلاف وهم المستقبل.


[1] ـ عقود حياتي: الشيخ محمد الحسين كاشف الغطاء(ت1373هـ) ، مدرسة ومكتبة الامام كاشف الغطاء ، ص28.
اعضاء معجبون بهذا
ثقافية
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 4 ايام
2025/07/05م
حسن الهاشمي لكي نحافظ على قيمنا ومبادئنا وأخلاقنا، ولكي نواكب التطوّر التكنلوجي في العالم الغربي، نحن بحاجة الى إيجاد صيغة متوازنة تُراعي المنهج العلمي الحديث الذي تعتمده الجامعات الغربية، مع الحفاظ على القيم والرؤية المعرفية الإسلامية، وأبرز محاور الموائمة: 1. في المناهج: الاستفادة من المنهج... المزيد
عدد المقالات : 331
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 1 اسبوع
2025/07/02م
الحُبُّ: نقيضُ البُغضِ والحُبُّ: الودادُ ،والمَحَبَّةُ اسمٌ للحبِّ،وحَبَّبَ إِلَيْهِ الأَمْرَ: جَعَلَهُ يُحِبُّه. وَهُم يَتَحابُّون: أَي يُحِبُّ بعضُهم بَعْضاً. وحَبَّ إليَّ هذا الشيء يحَبُّ حُبّاً، والحبُّ: الوِدادُ،والحَبِيبُ هو: المُحِبُّ(١) والحبُّ أيضا: هو ميلٌ قلبي إلی الإشخاص أو إلی... المزيد
عدد المقالات : 53
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 1 اسبوع
2025/07/02م
في زمنٍ أضحت فيه القراءة الطويلة ضرباً من الترف الفكري، وغدت الورقات المكدسة على رفوف المكتبات ذكرى يتنهد لها العشاق، يبرز "المرجع الإلكتروني للمعلوماتية" كواحةٍ للمعرفة، تجمع بين دقة الموسوعات العلمية وثراء المكتبات. لكن هذه الواحة ليست مجرد ملاذٍ للباحثين، بل ومن يبحث عن المعارف بدون جهد فيرى... المزيد
عدد المقالات : 77
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 1 اسبوع
2025/06/30م
زيد علي كريم يتراءى لي ضريحك وكيف كانت تلك الليلة الحزينة التي تشفى جسد عليل أصابه ما أصابه من الآلام والأحزان، من وجد متلهفا للقائك ماذا فعلت به لكي يصبح أسير حبك راغبا ومتلهفا لحضرتك المعطرة .... أنتظرت حتى الفجر وأنا تحت قبتك وبين الحرمين مابينك وبين قطيع الكفين ، فذاك يسلم وذاك يهتف ياهلا بزوار... المزيد
عدد المقالات : 85
أدبية
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ يومين
2025/07/07م
مـن زفـيرِ اليُـتم أشعلتُ اللظى ... وارتـشفتُ الحزنَ جمراً يُلفظا فاحـتواني وجــعٌ مـِن حـافـرٍ ... يشتكي ظـُلـماً بـوجهي يُلحظـا حـَسبكم رمشي يواري دمعةً ... لو جراحُ الطفِ ماجتْ بالشظى او يـُدوّي بين عمري هائماً ... يستغيثُ الصمتَ شعراً يُقرظـا إنني مُــذ كـنتُ غِـرّاً يـافـعاً ... قــدَّ سهوي... المزيد
عدد المقالات : 29
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 1 اسبوع
2025/07/02م
كان جالسا وفي حضنه الطفل الملكوتيّ، وكنتُ جالسا أتأمل وجهيهما، ماهذا الجمع النورانيّ (محمد والحسين) أي صلواتٍ تفي بهذا اللقاء مازلتُ صامتا، مفعما بالمحبة، أنظرُ ولا أشبع، تُرى لماذا قلبي نهم لايعرف الاكتفاء لماذا روحي عطشی لاتصل الی الامتلاء الرسول الأعظم مازال يداعب صغيره، ومازلت أنا أجوب... المزيد
عدد المقالات : 53
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 1 اسبوع
2025/07/02م
في البيداء وردة كسيرة عطشى أحاطت بها ضاريات الفلا فلا معين لها يروى ولا ساقي لها يسقى وقفت حيرى ورمقت بناظرها رب السما رباه لا تكسر خاطر أمرأة ثكلى... صليل سيوف غدت مسموعة فأودت بحياة أخيها صرعى... رفع رأسه على الرمح فاعتلى... فأصبحت في خربة الغربى... أسيرة البلدان... ومن حواليها أطفال تبكى... كأني... المزيد
عدد المقالات : 85
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ اسبوعين
2025/06/22م
اليوم السبت، منذ الصغر وأنا لا أحب يوم السبت، إذ لم يكن عطلة، وكان يوما مدرسيا طويلا، ست حصص تمشي كسلحفاة عرجاء هذه المرة الأولی التي أنتظر فيها قدوم السبت لكنّ الساعةَ تسير حافية الأميال، تتعثر بالدقائق توسلتها أن تقهقه بوجهي، ولكن لاجدوی سلطة الزمن هي المتحكمة () جاء الصبح وتنفست المواعيد، يجب أن... المزيد
عدد المقالات : 53
علمية
سلسلة في مفاهيم الفيزياء الجزء العشرون: تأمل في دالة الموجة التي تعرف أكثر مما نعرفه الأستاذ الدكتور نوري حسين نور الهاشمي 3/7/2025 في مقالات سابقة، اعتدنا أن نعتبر أن الدالة الموجية تصف نظامًا معينًا (وفي الواقع، جسيمًا منفردًا). لنفترض الآن أن... المزيد
تراجع صافي الاستثمارات الأجنبية في العراق لعام 2024 والربع الأول من 2025 أظهرت البيانات الصادرة عن البنك المركزي العراقي أن صافي الاستثمارات الأجنبية في العراق خلال عام 2024 سجل عجزًا قدره 8 مليارات دولار أمريكي، نتيجة خروج صافي استثمارات أجنبية... المزيد
سلسلة في مفاهيم الفيزياء الجزء التاسع عشر: حين لا تجيب الدالة الموجية عن السؤال كله الأستاذ الدكتور نوري حسين نور الهاشمي 1/7/2025 في هذا المقال، سوف نسأل: هل سمحت لنا نظرية الكم فقط بحساب نتائج تجاربنا أم أنها أيضًا أجابت عن المشكلات العميقة التي... المزيد
آخر الأعضاء المسجلين

آخر التعليقات
تجربة شخصية ومراجعة علمية لحالة حنف القدم:...
محسن حسنين مرتضى السندي
2025/06/15م     
عظمة أهل البيت (عليهم السلام) وحدود القياس...
السيد رياض الفاضلي
2025/02/20م     
النخب والمفاهيم النمطية الموروثة
عبد الخالق الفلاح
2024/11/16م     
اخترنا لكم
إصدارات
2025/06/23
صدر عن قسمِ الشؤون الفكرية والثقافية في العتبة العباسية المقدسة، دليلُ القصص الفائزة في مسابقة القصة القصيرة عن الامام الحسن العسكري...
المزيد

صورة مختارة
رشفات
الإمام محمد الجواد (عليه السلام)
2025/06/23
( تأخير التوبة اغترار، وطول التسويف حيرة )
المزيد

الموسوعة المعرفية الشاملة
القرآن وعلومة الجغرافية العقائد الاسلامية الزراعة الفقه الاسلامي الفيزياء الحديث والرجال الاحياء الاخلاق والادعية الرياضيات سيرة الرسول وآله الكيمياء اللغة العربية وعلومها الاخبار الادب العربي أضاءات التاريخ وثائقيات القانون المكتبة المصورة
www.almerja.com