Logo

بمختلف الألوان
في وطنٍ تئنُّ روحه من ثِقل الأيام، وتتوقُّ أجياله إلى فجرٍ يمحو ظلام اليأس، انبعث نورٌ من قلب مدينة مقدسة، نورٌ يملأ الوطن ضياءً، وأيدٍ أمينة تعانق آماله واحلامه. سطع نور العتبة العباسية المقدسة، التي لطالما كانت مَوئِلاً للعلم والمعرفة، لتتجاوز دورها الديني وتصبح حاضنة حقيقية للطاقات الشابة،... المزيد
أخر المواضيع


مرحبا بكَ زائرنا العزيز
نتمنى أن تكون في تمام الصحة والعافية

تحذير! هل انت متأكد من حذف هذا المقال مع الردود عليه ؟
الآثار الوضعية للذنوب... تداعيات الإنفاق بأموال الحرام (25)

منذ 1 سنة
في 2024/11/08م
عدد المشاهدات :1649
الآثار الوضعية للذنوب... تداعيات الإنفاق بأموال الحرام (25)

حسن الهاشمي
هل ينفع ان تصرف بعض أموال الحرام في سبل الخير والبر والاحسان؛ ليحل له المتبقي من المال الحرام؟! هذه الحيلة الشرعية يلجأ اليها بعض ضعّاف النفوس من التجار والسياسيين والموظفين ظنا منهم ان الصرف في مجالات الخير يضفي على أموال السحت والحرام مسحة الحلية والبركة والاستغفار! وكذلك يحاول بهذه الحيلة الشرعية ان يرضي ضميره ويظهر أمام الناس بمظهر حسن ويغطّي على ما ارتكبه من تطاول على المال العام أو الخاص بغير وجه حق، ليعلم ان الذي يلتجأ الى هكذا خدع وتصرفات مشينة ـ ان الله تعالى لا يخدع في جنته، فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره.
في هذا المضمار أن بعض الناس يرى مغفّلاً، فيبيعه بأكثر، أو يشتري منه بأقل، أو يتطاول على بيت المال، أو يأكل أموال اليتامى بالباطل، معتبراً أن ذلك من الذكاء، لأنه خدع المغفّل أو خدع القانون أو خدع العرف، ثم يدفع بعض المال لبناء مساجد أو حسينيات أو مبرات للأيتام وهكذا، ظناً منه أن ذلك يعود عليه بالخير، غير أنه واهم، لأن الله تعالى سيمحقه ويمحق ما تبقّى عنده من أموال السحت والحرام، قال النبي صلى الله عليه وآله: (لا يكتسب العبد مالاً حراماً ويتصدق به فيؤجر عليه، ولا ينفق منه فيبارك له فيه، ولا يتركه خلف ظهره إلاّ كان زاده إلى النار) بحار الأنوار للمجلسي ج100 ص14. قوله (ص): لا يكتسب العبد مالاً حراماً، أي يأخذ المال بالحرام لينفقه في الخير ـ يتصدق به ـ فيؤجر عليه، بل أن الأجر يذهب إلى صاحب المال، والعذاب ينصب عليه خاصة.
الله تعالى عدل مطلق، وما يصيب الانسان من ظلم فمن نفسه وما اقترف من ذنوب ومعاص وموبقات، واكتساب المال الحرام هو تلويث الانسان نفسه بالمعاصي وعليه تقبل تداعيات ذلك؛ لأنه قد ظلم نفسه بهذا العمل المشين وعرّضها للهتك والفضيحة والعذاب، قال تعالى: (إِنَّ الله لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) يونس: 44. أما قوله صلى الله عليه وآله: ولا ينفق منه فيبارك له فيه، تبيان أن الإنفاق له أثر وضعي فمن أنفق نمى ماله، غير أن الله لا يبارك لمن أخذ المال بالحرام، واعلم ان الخير والبركة والأجر والنماء والزيادة انما تنصب على الصالحين، أما الطالحين فما لهم سوى الخيبة والخسران المبين، بعض الصالحين الأفذاذ بإمكانه أن يلج الحرام بكلمة أو فعل أو تقرير، غير أنه لا يفعل ذلك حفاظاً على دينه وشخصيته وسمعته، تبعا لذلك فان الله تعالى يسهل له الأمور ويجعل له مخرجا، قال تعالى: (وَمَنْ يَتَّقِ الله يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى الله فَهُوَ حَسْبُهُ) الطلاق:2-3.
عادة الذي يتطاول على أموال الغير، ولا يتحرى الحلال في كسبه، فان المادة قد استولت على كيانه وردمت في نفسه مقومات الفضيلة والعفة والشرف، قال تعالى بشأن الذين ينظرون الى الأمور بالمنظار المادي البحت وينظرون الى الدنيا بانها الهدف والمآل والمصير: (يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ) الروم: 7.
كيف يمكن أن يساوى بين من يعتبر هذه الدنيا مرحلة نهائية وهدفاً أصليّاً، ومن يعدّها مزرعة وميداناً للامتحان للحياة الخالدة التي تعقب هذه الحياة الدنيا، فالأوّل لا يرى أكثر من ظاهر هذه الحياة، والآخر يفكر في أعماقها؟!.
وهذا الاختلاف في النظر يؤثر في حياتهم بأجمعها، فالذي يعيش حياة سطحية وظاهرية يعتبر "الإنفاق" سبباً للخسران والضرر، في حين أن هذا الموحد يعدّها تجارة رابحة لن تبور.
وذلك المادي يعتبر "أكل الربا" سبباً للزيادة ووفرة المال، وأمّا الموحد فيعده وبالا وشقاءً وضرراً.
وذلك المادي يعتبر "الجهاد" ضنىً وشقاءً ويعتبر الشهادة فناءً وانعداماً، وأمّا الموحد فيعد الجهاد رمزاً للرفعة، والشهادة حياة خالدة!
أجل، إن غير المؤمنين لا يعرفون إلاّ الظواهر من الدنيا، وهم في غفلة عن الحياة الأُخرى، أما المؤمنون يتخذون من الدنيا جسرا وممرا لحياة أبقى وأهنى من الأولى.
إن البركة أثر وضعي للإنفاق في سبيل الله، وإن الهلكة أثر وضعي للإنفاق في سبيل الرياء والتغطية على المحرمات، فالفقير قد يتحول إلى غني بالإنفاق في سبيل الله، وذلك من أسرار الله تعالى، فمن يمتلك أموالاً قليلة ثم ينفق جزءً منها في سبيل الله، فإن الله تعالى يبارك سعيه ويحوّله إلى ثري ببركة الإنفاق في سبيله تعالى، أما أخذ الأموال بطرق غير مشروعة ثم إنفاقها ظاهرا في سبيل الله فلن يؤدي إلى بركة في المال، بل الى المحق والزوال والهلكة.
وقوله صلى الله عليه وآله: ولا يتركه خلف ظهره إلاّ كان زاده إلى النار، إن الأموال إذا أخذت اختلاساً بالدهاء وحلاوة اللسان ومهارة التعامل، فإن العاقبة عدم الاستفادة منها للورثة، بل يدخلون نزاعاً يؤدي بهم إلى متاهات لا حدود لها، وقد بيّن الله سبحانه وتعالى في كتابه أن من أكل مالاً حراماً فإنه سوف يعذب بطنه يوم القيامة، فقال: (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا) النساء: 10.
يقول الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير الأمثل: يستفاد من هذه الآية أن لأعمالنا مضافا إلى وجهها الظاهري وجها واقعيا أيضا، وجها مستورا عنا في هذه الدنيا، لا نراه بعيوننا هنا، ولكنه يظهر في العالم الآخر، وهذا الأمر هو ما يشكل مسألة تجسم الأعمال المطروحة في المعتقدات الإسلامية.
إن القرآن يصرح في هذه الآية بأن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما وجورا، وإن كان الوجه الظاهري لفعلهم هذا هو الأكل من الأطعمة اللذيذة الملونة، ولكن الوجه الواقعي لهذه الأغذية هو النار المحرقة الملتهبة، وهذا الوجه هو الذي يظهر ويتجلى على حقيقته في عالم الآخرة.
إن بين الوجه الواقعي للعمل والكيفية الظاهرية للعمل تناسبا وتشابها دائما، فكما أن أكل مال اليتيم وغصب حقوقه يحرق فؤاد اليتيم، ويؤذي روحه، فكذا يكون الوجه الواقعي للعمل نارا محرقة.
إن الانتباه إلى هذا الأمر (أي الوجه الحقيقي الواقعي لكل عمل) خير رادع للذين يؤمنون بهذه الحقائق، كيما لا يرتكبوا المعاصي ولا يقترفوا الذنوب، فهل يوجد ثمة من يحب أن يأخذ بيديه قبسات من النار، ويضعها في فمه ويبتلعها؟
إنه من غير الممكن - والحال هذه - أن يقدم المؤمنون على أكل مال اليتيم ظلما، ولو أننا وجدنا ثمة من لا يقدم على هذا الفعل، بل ولا يفكر في المعصية أبدا (كالأولياء)، فلأنهم يرون - بفضل ما لديهم من الإيمان والعلم، وما حصلوا عليه من تربية خلقية - حقائق الأفعال البشرية ووجوهها الواقعية، فلا يفكرون في اقتراف هذه الأعمال السيئة، فضلا عن الهم باقترافها. الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج ٣ - ص ١٢٤.
بشرى لمن حفظ فمه عن أكل الحرام فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد ضمن له الجنة، فقال: (من ضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه ضمنت له الجنة) معاني الأخبار للصدوق: ٤١١ / ٩٩. أي: فلا يأكل إلا حلالاً، ولا يشرب إلا حلالاً، ولا ينكح الا حلالا، وكلما تورع المرء عن الحرام فهذا دليل على صدق اللجوء إلى الله، وصحة الاستقامة، وعنوان الإيمان والتقوى.

اعضاء معجبون بهذا

الغرفة الزجاجية بين الصخب الإعلامي وظلال الحقيقة
بقلم الكاتب : وائل الوائلي
في زمنٍ صار فيه الضوء يُسلَّط حيث الضجيجُ أعلى، لا حيث الحاجةُ أعمق، بتنا نشهد مشاهد إنسانية تُقدَّم على هيئة عروضٍ استعراضية، غرفٌ زجاجية تُشيَّد كأنها معابد عصرية للترند، لا يُعرَف من يديرها، ولا إلى أين تذهب الأموال التي تُسكَب عند عتبتها، ولا بأي روحٍ تُستثمر دموعُ الفقراء على منصاتها... المزيد
المزيد من المقالات الإجتماعية

المزيد من المقالات الثقافية

الْتَّضَارِيْسُ إِنَّ الْـعُـيُوْنَ الَّـتِـيْ سَـالَـتْ تُـوَدِّعُـكُمْ ... المزيد
كان اسمها (زينب)  ويقال إن للإنسان نصيبا من اسمه،وهي كذلك،ترتدي الخُلق وتنطق... المزيد
ونحنُ في المشتاةِ ندعو الجَفَلَىٰ لا تُرى الآدِبَ فينا يُنتَقَرُ طرفة بن العبد... المزيد
مازلتُ غريقا في جيبِ الذكرياتِ المُرّةِ، أحاولُ أن أخمدها قليلا ؛لكنّ رأسها... المزيد
رُوَّادُ الولاء : شعراء أضاءوا بالحقِّ فطُمِسَ نورُهم لطالما تهادت على بساط... المزيد
في قريةٍ صغيرةٍ محاطةٍ بجبالٍ شاهقة، عاش رجلٌ يدعى هشام، معروفٌ بحكمته وطيب قلبه،... المزيد
في فضاءات القصيدة العراقية، ينهض فالح حسون الدراجي كصرحٍ شعريٍّ نادر، يُجسّد آلام أمةٍ...
في زاوية السوق، جلس رجل أشيب، يضم كفيه الفارغتين إلى صدره كمن يحمي كنزًا لا يُرى. كان اسمه...
حين نتحدث عن الأجناس الأدبية التي تتصدر المشهد الثقافي العربي عامة، والعراقي خاصة، نُشَخِّص...
في رحاب الكاظمية المقدسة، وُلد جابر بن جليل كرم البديري الكاظمي عام 1956، ليكون نجمًا متألقًا...


منذ 1 اسبوع
2025/11/28
يُعد التلوث النفطي من أخطر أنواع التلوث البحري، لأنه يؤثر مباشرة على الماء...
منذ اسبوعين
2025/11/24
تُعدّ الجذور الحرّة أحد أكثر العوامل الكيميائية تأثيرًا على صحة الإنسان، فهي...
منذ اسبوعين
2025/11/24
سلسلة مفاهيم في الفيزياء الجزء الثامن والسبعون: فيزياء الذات والمصير: اختيار...