جاء في کتاب دعاء الإمام الحسين في يوم عاشوراء بين النظرية العلمية والأثر الغيبي للسيد نبيل الحسني: عن طاووس اليماني، عن عبد الله بن عباس، قال: دخلت على النبي صلى الله عليه وآله وسلم والحسن على عاتقه والحسين على فخذه يلثمهما ويقبلهما ويقول: (اللهم وال من والاهما وعاد من عادهما). ثم قال: (يا ابن عباس كأني به وقد خضبت شيبته من دمه، يدعو فلا يجاب، ويستنصر فلا ينصر). قلت: من يفعل ذلك يا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. قال صلى الله عليه وآله وسلم : شرار أمتي، مالهم لا أنالهم الله شفاعتي. ثم قال صلى الله عليه وآله وسلم : يا ابن عباس من زاره عارفاً بحقه كتب له ثواب ألف حجة وألف عمرة ألا ومن زاره فكأنما زارني، ومن زارني فكأنما زار الله، وحق الزائر على الله أن لا يعذبه بالنار ألا وإن الإجابة تحت قبته والشفاء في تربته، والأئمة من ولده. قلت: يا رسول الله، فكم الأئمة بعدك. قال صلى الله عليه وآله وسلم: (بعدد حواري عيسى وأسباط موسى ونقباء بني اسرائيل). قلت: يا رسول الله، فكم كانوا.قال صلى الله عليه وآله وسلم: كانوا اثني عشر، والأئمة بعدي اثنا عشر، أولهم علي بن أبي طالب، وبعده سبطاي الحسن والحسين فإذا انقضى الحسين فابنه علي، فإذا انقضى علي فابنه محمد، فإذا انقضى محمد فابنه جعفر، فإذا انقضى جعفر فابنه موسى، فإذا انقضى موسى فابنه علي، فإذا انقضى علي فابنه محمد، فإذا انقضى محمد فابنه علي، فإذا انقضى علي فابنه الحسن، فإذا انقضى الحسن فابنه الحجة. قال ابن عباس: قلت، يا رسول الله أسامي لم أسمع بهن قط. قال لي: يا ابن عباس هم الأئمة بعدي وإن قهروا، أمناء معصومون، نجباء أخيار، ويا ابن عباس من أتى يوم القيامة عارفاً بحقهم أخذت بيده فأدخلته الجنة. يا ابن عباس من أنكرهم أو رد واحداً منهم فكأنما قد أنكرني وردّني، ومن أنكرني وردني فكأنما أنكر الله ورده يا ابن عباس سوف يأخذ الناس يميناً وشمالاً فإذا كان كذلك فاتبع علياً وحزبه، فإنه مع الحق والحق معه ولا يفترقان حتى يردا على الحوض. يا ابن عباس ولايتهم ولايتي وولايتي ولاية الله، وحربهم حربي وحربي حرب الله، وسلمهم سلمي وسلمي سلم الله. ثم قال صلى الله عليه وآله وسلم: "يُريدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَ يَأْبَى اللَّهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَ لَوْ كَرِهَ الْكافِرُون" (التوبة 32)).
وعن الخصوصية الزمانية لدعاء الإمام الحسين عليه السلام يقول السيد الحسني في كتابه: مثلما ارتبط الدعاء بخصوصية المكان، كذلك ارتبط بخصوصية الزمان، فهناك أزمنة وأوقات اختارها الله عزوجل لكي يتقرب فيها إليه، ويلتمس فيها فضله وعفوه ومغفرته، فيمنّ على من يشاء ويختص برحمته من يشاء وهو أكرم الأكرمين. والشواهد على ذلك كثيرة كـشهر رمضان، وليلة القدر، وليلة عرفة ويومه، وليلة الفطر ويومه، وليلة الأضحى ويومه، وليلة المبعث ويومه، وليلة الجمعة ويومها، وليلة النصف من شعبان ويومه، والأيام البيض من كل شهر، وغيرها. أما ما يتعلق بهذا اليوم الذي وقف فيه ريحانة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يدعو ربه ويناجيه فقد وردت فيه روايات عديدة تكشف إن لهذه البقعة المباركة أياماً ارتبطت بالله عزوجل وبالدعاء إليه. بل تفيد الروايات أن هذه الأيام التي لله عزوجل والتي يحب عزّ شأنه أن يتقرب له فيها، أنها إذا قرنت بهذا المكان كانت أسرع في الإجابة وأنفذ في قضاء الحاجة لأن الداعي إلى الله عزوجل قد جمع الخصوصية الزمانية والمكانية للدعاء في آن واحد. والقرآن يعرض هذه الحقيقة الغيبية في مناجاة موسى الكليم عليه السلام فقد اختار الله عزوجل للكليم الزمان والمكان الذي يناجي فيه ربه. قال تعالى: "وَ واعَدْنا مُوسى ثَلاثينَ لَيْلَةً وَ أَتْمَمْناها بِعَشْرٍ فَتَمَّ ميقاتُ رَبِّهِ أَرْبَعينَ لَيْلَة" (الأعراف 142). وفي الإسراء والمعراج اختار الله عزوجل لحبيبه المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم الزمان والمكان الذي يعرج منه إلى السماء. قال تعالى: "سُبْحانَ الَّذي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذي بارَكْنا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا إِنَّهُ هُوَ السَّميعُ الْبَصير" (الاسراء 1). فكان المكان هو المسجد الحرام والمسجد الأقصى، والزمان كان الليل. وغيرها من الشواهد والدلائل القرآنية التي تشير إلى حقيقة تعيين الأزمنة والأمكنة التي يتقرب من خلالها إلى الله تعالى. وعند الرجوع إلى أحاديث العترة النبوية الطاهرة عليهم السلام نجد أن هذه الأحاديث قد خصت هذا المكان بأزمنة محددة يتقرب فيها إلى الله عزّوجلّ.
وعن النظر إلى زوار قبر الحسين عليه السلام مع تقدم وقوف أهل عرفات زماناً لاختلاف الأفق يقول السيد نبيل الحسني: غالباً ما يختلف الأفق بين أرض الرافدين وأرض الحجاز في رؤية الهلال في كل عام مما يؤدي إلى تقدم الشهر القمري بيوم وليلة في الحجاز، فيقوم الوافدون إلى بيت الله الحرام بالبدء بمناسك الحج تبعاً لرؤية الهلال. فيكون الوقوف على جبل عرفات متقدماً على من ذهب لزيارة قبر الإمام الحسين عليه السلام بيوم وليلة، فكيف يتحقق نظر المولى عزّوجلّ بعين الرحمة والمغفرة إلى زوار قبر الإمام الحسين عليه السلام قبل نظره عزّوجلّ إلى أهل عرفات. ودفع هذا الإشكال يكون في أمرين: الأمر الأول: هو أن لكل إنسان ملائكة موكلين بعمله يكتبون كل ما يصدر عنه خيراً أو شراً، لقوله تعالى: "وَ إِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظينَ كِراماً كاتِبينَ يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُون" (الانفطار 10-12). وإن هذا العمل يرفع إلى الله تعالى فينظر فيه ثم يعرض على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم على وصيه عليه السلام، قال تعالى: "وَ قُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ وَ الْمُؤْمِنُونَ وَ سَتُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَ الشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ" (التوبة 105). هذا النظر من الله عزّوجلّ في أعمال الخلق يكون فيه أولويات فتقدم بعض الأعمال للنظر فيه على غيره، ومثاله ولله المثل الأعلى كمن أراد أن يتقدم بطلب لدى مؤسسة حكومية أو أهلية وغيرها، للحصول على وظيفة، أو استثمار، أو مناقصة، وغيرها من الطلبات، وهو يرى أن هناك العديد من الطلبات التي سبقته في التقديم، وأن هناك كثيرين سيأتون بعده وهم يحملون نفس الشروط، سينظر المختصون في طلبه قبل هؤلاء جميعاً وجوابه: هو نيل رضا المختصين في هذه المؤسسة. الأمر الثاني: من الناحية العلمية فإن دوران الأرض حول نفسها يجعل الفارق الزمني بين مكة المكرمة وشمال أمريكا ما يقارب سبع الساعات، وإن قيام المسلمين بإحياء ليلة القدر في شمال أمريكا متأخر على أهل مكة بنحو ثلثي ليلة القدر في حين إن وعد الله صدق وقوله فصل، فليلة القدر، "سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْر" (القدر 5). وعليه، فنزول الملائكة في ليلة القدر قائم بدوام عنوان الليل ووجوده سواء أكان الليل في مكة متقدماً على الليل في كندا بـ(6 أو 7) ساعات، أم أن ليل مكة متأخر عن ليل استراليا والشرق الأقصى سبع أو ثماني ساعات، فالأعمال كلها يعرج بها إلى الله تعالى، لكن تقديم بعضها على البعض في نيل رضا الله مرهون بمودة من أوجب الله مودتهم على جميع الخلق، ومن أعظم مصاديق المودة لآل البيت عليهم السلام هو زيارة قبر الإمام الحسين عليه السلام، ولأجلها ينال الزائر كل هذا الأجر والثواب والمغفرة وأكبر من ذلك كله، "وَ رِضْوانٌ مِنَ اللَّه" (التوبة 72). ولذلك، فقد زخرت كتب الحديث والفقه والأدعية بتأكيد استحباب زيارة قبر الحسين عليه السلام في بعض الأزمنة المخصوصة فضلاً عن ليلة عرفة ويومه، كليلة الفطر ويومه، وليلة الأضحى ويومه، وليلة الأول من رجب ويومه، وليلة النصف منه، وكذلك ليلة النصف من شعبان، وليلة القدر، وليلة عاشوراء ويومه. وجميع هذه الأزمنة كان لها خصوصية التقرب إلى الله عزّوجلّ وطلب عفوه ومغفرته، وقد عرفت بين المسلمين بأنها ليالٍ وأيام مباركة يلوذ بها الداعي إلى ربه. فكيف إذا أضيف إليها ما حواه قبر ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من خصوصية خاصة في استجابة الدعاء ونزول الرحمة وشمول العفو والمغفرة للزائرين والداعين.
جاء في کتاب دعاء الإمام الحسين في يوم عاشوراء بين النظرية العلمية والأثر الغيبي للسيد نبيل الحسني: روى الشيخ الصدوق رحمه الله عن محمد بن علي ماجيلويه، قال حدثنا علي بن إبراهيم عن أبيه، عن الريان بن شبيب، قال: دخلت على الرضا عليه السلام في أول يوم من المحرم، فقال: (يا بن شبيب، أصائم أنت). فقلت: لا. فقال: (إن هذا اليوم الذي دعا فيه زكريا عليه السلام ربه عزّ وجلّ، فقال: (هُنالِكَ دَعا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قالَ رَبِّ هَبْ لي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَميعُ الدُّعاء" (آل عمران 38). فاستجاب به، وأمر الملائكة فنادت زكريا وهو قائم يصلي في المحراب: "أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيى" (آل عمران 39). فمن صام هذا اليوم ثم دعا الله عزوجل استجاب الله له، كما استجاب لزكريا عليه السلام). ثم قال: (يا بن شبيب، إن المحرم هو الشهر الذي كان أهل الجاهلية فيما مضى يحرمون فيه الظلم والقتال لحرمته، فما عرفت الأمة حرمة شهرها ولا حرمة نبيها صلى الله عليه وآله وسلم لقد قتلوا في هذا الشهر ذريته، وسبوا نساءه وانتهبوا ثقله، فلا غفر الله لهم ذلك أبدا. يا بن شبيب، إن كنت باكيا لشيء، فابك للحسين بن علي بن أبي طالب علیهما السلام، فإنه ذبح كما يذبح الكبش، وقتل معه من أهل بيته ثمانية عشر رجلاً مالهم في الأرض من شبيه، ولقد بكت السماوات السبع والارضون لقتله، ولقد نزل إلى الأرض من الملائكة أربعة آلاف فوجدوه قد قتل، فهم عند قبره شعث غبر إلى أن يقوم القائم فيكونون من أنصاره، وشعارهم يا لثارات الحسين. يا بن شبيب، إن بكيت على الحسين حتى تصير دموعك على خديك غفر الله لك كل ذنب اذنبته، صغيراً أو كبيراً، قليلاً أو كثيراً. يا بن شبيب، إن سرك أن تلقى الله عزّوجلّ ولا ذنب عليك، فزر الحسين عليه السلام. يا بن شبيب، إن سرك أن يكون لك من الثواب مثل ما لمن استشهد مع الحسين عليه السلام فقل متى ذكرته: يا يلتني كنت معهم فأفوز فوزاً عظيماً. يا بن شبيب، إن سرك أن تكون معنا في الدرجات العلى من الجنان، فاحزن لحزننا وافرح لفرحنا، وعليك بولايتنا فلو أن رجلا تولى حجرا لحشره الله معه يوم القيامة).







وائل الوائلي
منذ يومين
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)
قسم الشؤون الفكرية يصدر مجموعة قصصية بعنوان (قلوب بلا مأوى)
EN