Logo

بمختلف الألوان
في وطنٍ تئنُّ روحه من ثِقل الأيام، وتتوقُّ أجياله إلى فجرٍ يمحو ظلام اليأس، انبعث نورٌ من قلب مدينة مقدسة، نورٌ يملأ الوطن ضياءً، وأيدٍ أمينة تعانق آماله واحلامه. سطع نور العتبة العباسية المقدسة، التي لطالما كانت مَوئِلاً للعلم والمعرفة، لتتجاوز دورها الديني وتصبح حاضنة حقيقية للطاقات الشابة،... المزيد
أخر المواضيع


مرحبا بكَ زائرنا العزيز
نتمنى أن تكون في تمام الصحة والعافية

تحذير! هل انت متأكد من حذف هذا المقال مع الردود عليه ؟
الشيخ محمد بن إدريس الحليّ وأثره في نشوء فقه الحديث

منذ سنتين
في 2024/04/23م
عدد المشاهدات :1091
بيت القصيد
إن الجهود الفريدة للمدرسة الحلّية الفقهية في نشوء علم فقه الحديث، كاصطلاح مهمّ في الحركة الاستنباطية لفقهاء الإمامية، مما يثبت أن للفكر الحلّي يدٌ طولى في التسلسل التاريخي لنشوء فقه الحديث، ويمثل هذا الدخول الشيخ محمّد ابن إدريس الحلّي، الذي أسس بادرة هذا النشوء في المدرسة الإمامية، وإن كان هذا النشوء خجولًا فقيرًا في مبناه، إذ لم يحظ هذا العلم بالتأسيس والمنهجة إلّا متأخرًا وهكذا حال كلّ نشأة، إلّا أن بوادر ولادته حلّية، في صورة حسنة تضاف إلى حسنات المدرسة الحلّية الفقهية كمرجع علميّ
إنّ الأحكام الشرعية التي ألزم الشارع المقدّس بها عنق المكلّف، حتّى جرت على قواعده قوانين الثواب والعقاب، لم تكن يومًا وليدة الصدفة، أو أنّ نشأتها كانت اعتباطية ساعد على هيكلتها وتقعيدها الأزمان وتوالي النظريات، بل الجدير بالذكر أنّ هذه المنظومة التشريعية المتكاملة تأسست وفق منظور إلهي يواكب حركة التطور البشري، وينافي في قواعده المتجددة فكرة التأخر عن الركب، أو الرجعية القهقرائية التي لا تنسجم مع الانتعاش الفكري المتجدد لدى العقل البشري، فقد أسّس الشارع المقدّس المتمثّل بالنبي الأكرم (صلّى الله عليه وآله) وذريته المعصومين (عليهم السلام) قواعد الأحكام الشرعية بمنظور كلّي تكاملي بصورة حلقية، بحيث لا يمكن الاستغناء عن حلقة تشريعية واحدة.
ولما أشرنا إليه آنفًا من كلّية القواعد التشريعية التي تستلزم التفريع والتحليل وتوظيف المفهوم الكلّي وتجييره لمواكبة عجلة السنين والأيّام وفق نظرية المصلحة والمفسدة، ولكن من هم يا ترى قد قادوا عجلة التفريع
هم العلماء الفقهاء الذين أخذوا على عاتقهم تكبّد عناء التحليل والاستنباط والافتاء وفق المنصوص من الكتاب والسنة بمعيّة العقل وأدواره التكاملية في طور التشريع المقدّس.
فلهذه الحركة الاستنباطية نشوء وقمّة، بدءًا من باكورة العصر الإسلامي إلى عصرنا هذا، وقد تحرّكت بمستوى المنقول وروحية النصّ المقدّس والتي قاد دفّتها الشيخ الصدوق وغيره من الفقهاء المتقدّمين، ومن ثم تحرّكت عجلة الفقاهة الشيعية إلى التنظير والتقعيد والمناورة والآراء المقارنة، والتي كان من روّاد حركتها الشيخ المفيد والسيّد المرتضى، إلى أن قاد الشيخ الطوسي مرحلتها الثانية، فكان الصادر الأعظم لحركة التجديد والتنظير والتقعيد وفق المنصوص والمعقول، فجرت على نهجه فقهاء الشيعة كملهمٍ أخرج الاستنباط الفقهي من صورته النمطية إلى صورة قواعدية يقبع خلفها أساطين الفكر الإمامي، وكانت أوج تلك الحركات الفقهية وصراع التشريع المقدّس في عهد الشيخ محمّد ابن إدريس الحلّيّ والمحقق الحلّي وصولًا للعلّامة الحلّي وابنه فخر المحققين (طاب ثراهم).
يعدّ الحديث الشـريف المصدر الثاني من مصادر التشـريع لدى المسلمين ، بل ويعتبر حلقة البيان والتفسير للمصدر الأول وهو الكتاب، فما اشتمل عليه الأسّ التشريعي الأوّل من شواهد تأريخية وفقهية يقتضي بيانًا وتأويلًا لبيان المبهم من التشريع الإلهي، وهذا ما تتكفّل به منظومة الحديث الشريف الّتي عملت على توظيف الآي المحكم في مضمار الاستنباط الفقهي، ولم يكن هذا فقط، بل تعدّت إلى صناعة الدولة الحميدة من خلال البناء الأخلاقي بمراحله التشذيبية والتهذيبية بطرقها النظرية والعملية المتمثلة بشخص النبيّ الأكرم (ص) وسيرة العقلاء بالعرف الفقهي حجة.
وعليه، فقد أهتمّ به المسلمون منذ قرابة خمسة عشر قرنًا وإلى عصرنا الحالي، مسلّطين الضوء على كلّ زواياه وخباياه في ظلّ تطوّر الجبلة البشرية وكثرة تشعباتها وشبهاتها.
فتبلورت عدّة علوم اندرجت تحت لوائه، فأطلق عليها (علوم الحديث)، فكان منها ما اختصّ بعلم الأسانيد بالبحث عن أحوال الرجال وسلامة النقل، ومنها ما اختصّ بدراسة المتن، إذ كانت العلوم الحديثة تتحرك باتجاهي رجالي ودرائي، إلى أن برزت الحاجة الملحة إلى نشوء علم يهتم بفهم الرواية ومناخها، الأمر الذي كان ممهدًا لنشوء علم فقه الحديث، في صورة ذاتية مستقلّة بنظرياتها وتطبيقاتها، وأوّل ما سنشرع به هو إيراد التعريف البياني لهذا الاصطلاح بمعناه اللغوي والإفرادي.
مفهوم فقه الحديث ومقاربات الاصطلاح
فقه الحديث مركب إضافي يتألّف من كلمتين هما فقه، والحديث. وقبل أن نلج في تعريف فقه الحديث، لابدّ لنا من تعريف علمي الرّجال والدراية، وذلك للصلة الوثيقة بين هذه العلوم الثلاث، لكي يتسنّى لنا معرفة ماهيّة هذه العلوم وما به من اشتراك وما به من اختلاف.
علم الرجال: هو العلم الّذي يُبحث فيه عن قواعدِ معرفة أحوال الرّواة من حيث تشخيص ذواتهم، وتبين أوصافهم الّتي هي شرط في قبول روايتهم أو رفضها.
علم الدراية: هو العلم الباحث عن الحالات العارضة على الحديث، من جانب السند أو المتن.
وعرف فقه الحديث، بأنه : ما يظهر أو يفهم أو ما تدلّ عليه كلمات المعصوم ( صلوات الله عليه).
ويُعرّف أيضًا، بأنّه: هو العلم الّذي يبحث في متن الحديث، ويقرّبنا إلى المقصود الأصلي لقائل الحديث من خلال عرض الأسس والسير المنطقي لفهمه.
وأيضًا، بأنّه: فهم الحديث فهماً واعيا ً جامعًا مع ملاحظة تأثيره في النّصوص الدينية الأخرى.
وهذا ما يتضح جليًا من خلال عين التعريف والمشار إليه آنفًا، وذلك من خلال الجمع بين المعنى اللغوي للفقه (الفهم والإدراك)، والمعنى الاصطلاحي للحديث (قول المعصوم، وفعله وتقريره)، وينتج من ذلك: أنّ المراد منه هو معرفة وإدراك واستعلام ما في النصّ الوارد عن المعصوم.
(أثر الشيخ محمّد ابن إدريس الحلّي في نشوء فقه الحديث)
وبعد أن سلف التعريف الإجمالي عن مفهوم فقه الحديث آن لنا أن نستعلم الصلة ما بين نشوء مصطلح فقه الحديث عند الإمامية وبين الشيخ محمّد ابن إدريس الحلّي، حيث ذهبت بعض الدراسات الحديثة والاستقراءات المتتبعة إلى أنّ أوّل من استخدم هذا الاصطلاح (فقه الحديث) عندنا هو الشيخ محمد بن منصور بن أحمد بن إدريس الحلي والله المتوفى (٥٩٨) هـ، في كتاب السرائر.
وقد أقرّ هذا الاستقصاء والاستقراء الباحث هاشم أبو خمسين في كتابه (دروس منهجية في فقه الحديث)، وكذلك الباحث فارس فضيل عطيوي في كتابه (فقه الحديث ومناهجه البحثية).
وعليه فقد وقف الشيخ ابن إدريس الحلي (ت: ٥٩٨ هـ) على هذا الاصطلاح في موردين :
المورد الأول: عند بيان وجه الفتيا لديه، تعقيباً على رواية حريز عن أبي عبد الله (ع): رجل دفع إلى رجل ألف درهم، يخلطها بماله، ثم استتبع قائلًا:
فقد يأتي المستقبل بمعنى الماضي، والماضي بمعنى المستقبل، وهذا كثير في كلام العرب والقرآن، قال الله تعالى: وَنَادَى أَصْحَابُ الأَعْرَافِ معناه وينادي، وقال الشاعر:
وانضخ جوانب قبره بدمائها فلقد يكون اخادم ودبايح
معناه فلقد كان بغير شك، هذا فقه الحديث.
المورد الثاني: في بيان مورد الكفاءة في الزواج تعقيباً على ردّ الكفء في التزويج قائلاً : ووجه الحديث في ذلك أنه إنما يكون عاصياً إذا رده ولم يزوجه، لما هو عليه من الفقر والأنفة منه لذلك، واعتقاده أن ذلك ليس بكفؤ في الشرع، فأما إن رده ولم يزوجه لا لذلك، بل لأمر آخر وغرض غير ذلك من مصالح دنياه، فلا حرج عليه، ولا يكون عاصيًا، فهذا فقه الحديث.
وجاء من بعد الشيخ ابن إدريس الحلي (رحمه الله) عدد من الفقهاء لينقلوا نص كلامه في موارد البحث ولم يُشيروا إلى المصطلح مكتفين بعبارته التي تضمنت (فقه الحديث) وهم كلّ من : الشيخ المفلح الصيمري البحراني (ت: ٩٠٠ هـ) في "غاية المرام"، والسيد محمد العاملي (ت : ۱۰۰۹ هـ) في "نهاية المرام"، ، والفاضل الهندي (ت : ١١٣٧ هـ) في "كشف اللثام"، ، والمحقق يوسف البحراني (ت : ١١٨٦ هـ) في "الحدائق الناظرة"، والشيخ محمد حسن النجفي (ت: 1266 هـ) في "جواهر الكلام".
ويتضح مما سبق الجهود الفريدة للمدرسة الحلّية الفقهية في نشوء علم فقه الحديث، كاصطلاح مهمّ في الحركة الاستنباطية لفقهاء الإمامية، مما يثبت أن للفكر الحلّي يدٌ طولى في التسلسل التاريخي لنشوء فقه الحديث، ويمثل هذا الدخول الشيخ محمّد ابن إدريس الحلّي، الذي أسس بادرة هذا النشوء في المدرسة الإمامية، وإن كان هذا النشوء خجولًا فقيرًا في مبناه، إذ لم يحظ هذا العلم بالتأسيس والمنهجة إلّا متأخرًا وهكذا حال كلّ نشأة، إلّا أن بوادر ولادته حلّية، في صورة حسنة تضاف إلى حسنات المدرسة الحلّية الفقهية كمرجع علميّ مهمٍّ لكثير من العلوم المختلفة.

اعضاء معجبون بهذا

حين يسقط القناع: قراءة نفسية في تغيّر الصديق الطيّب
بقلم الكاتب : حنين ضياء عبدالوهاب الربيعي
كان يبدو صديقًا حقيقيًا، قريبًا للروح، تتحدث إليه فيفهمك دون أن تشرح كثيرًا. عاش بينك زمنًا من المودّة والصدق الظاهري، حتى ظننت أن صداقتكما من النوع الذي لا يتبدّل. لكنك كنتَ مخدوعًا أو بالأحرى كنت ترى الوجه الذي أراد أن يُريك إياه. فجأة تغيّر. صار يتصرف بسوء، يتحدث عنك في غيابك، يذكرك بأقبح الكلام،... المزيد
المزيد من المقالات الإجتماعية

المزيد من المقالات الثقافية

كان اسمها (زينب)  ويقال إن للإنسان نصيبا من اسمه،وهي كذلك،ترتدي الخُلق وتنطق... المزيد
ونحنُ في المشتاةِ ندعو الجَفَلَىٰ لا تُرى الآدِبَ فينا يُنتَقَرُ طرفة بن العبد... المزيد
مازلتُ غريقا في جيبِ الذكرياتِ المُرّةِ، أحاولُ أن أخمدها قليلا ؛لكنّ رأسها... المزيد
رُوَّادُ الولاء : شعراء أضاءوا بالحقِّ فطُمِسَ نورُهم لطالما تهادت على بساط... المزيد
في قريةٍ صغيرةٍ محاطةٍ بجبالٍ شاهقة، عاش رجلٌ يدعى هشام، معروفٌ بحكمته وطيب قلبه،... المزيد
في فضاءات القصيدة العراقية، ينهض فالح حسون الدراجي كصرحٍ شعريٍّ نادر، يُجسّد... المزيد
في زاوية السوق، جلس رجل أشيب، يضم كفيه الفارغتين إلى صدره كمن يحمي كنزًا لا يُرى. كان اسمه...
حين نتحدث عن الأجناس الأدبية التي تتصدر المشهد الثقافي العربي عامة، والعراقي خاصة، نُشَخِّص...
في رحاب الكاظمية المقدسة، وُلد جابر بن جليل كرم البديري الكاظمي عام 1956، ليكون نجمًا متألقًا...
كان يتذمر،والشكوی تضحك في فمه كيف يعلِّمني صبيٌّ علی كلٍّتلميذٌ صغير  وسأعيد تربيته أنا...


منذ يومين
2025/11/16
احلفكم بالله ايها المحللون والاعلاميون اتركوا المنتخب العراقي وشأنه ولا تضعوا...
منذ يومين
2025/11/16
سلسلة مفاهيم في الفيزياء الجزء السادس والسبعون: كون داخل الكون: العوالم المتعددة...
منذ يومين
2025/11/16
منذ سنوات برزت ظاهرة من قبل بعض جماهير الاندية الكبيرة ضد نادي الزوراء وانتشرت...
رشفات
( مَن صبر أُعطي التأييد من الله )