المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

بمختلف الألوان
ـ نشأ أميرُ المؤمنينَ وسيِّدُ الوصيّينَ عليُّ بن أبي طالبٍ (عليه السّلام) منذُ نعومةِ أظفارِهِ في حِجرِ رسولِ اللهِ (صلّى الله عليه وآله) وتغذَّى من مَعِينِ هَديهِ، وكانَ أوَّلَ المؤمنينَ بِهِ والمُصدِّقِين، وفدى النبيَّ بنفسِهِ حتَّى نزلَ فيهِ قولُهُ تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ... المزيد
أخر المواضيع
الرئيسة / مقالات اجتماعية
الالتزام الديني والاخلاقي للطالبات مدعاة فخر واعتزاز للمرجعية الدينية
عدد المقالات : 264
حسن الهاشمي
لكي يؤتي العلم ثماره النافعة لابد له من ان يستند الى الدين والاخلاق، والا فانه يكون وبالا على صاحبه عاجلا أم آجلا، ولا تزال العلاقات الاجتماعية المتينة قائمة على أساس الاحترام المتبادل بين الأفراد، ولا يكون ذلك الا من خلال الدين الذي يسوي العلاقة بين الفرد وخالقه، والأخلاق التي تنظم العلاقة بين سائر الأفراد في المجتمع الانساني، والعلاقة بين الدين والأخلاق علاقة مطردة ومتداخلة ومتكاملة، بل ان الدين هو الاساس في تنظيم العلاقات النموذجية، والأخلاق بطبيعة الحال منبثق من الدين بل مندك فيه وهو أحد مقوماته الأساسية، ولنجاح أية علاقة، ولنجاح أي مشروع، لابد من توافر العلاقة الوطيدة بين العلم والدين، فانه ينبثق من هذه العلاقة الاخلاص والاتقان والعفاف والكفاف والنزاهة والتطور، والامة التي تبني علاقة أفرادها على هذا المنوال، فإنها أمة فاعلة لا تنحني للعواصف مهما كانت عاتية.
بما أن كل مجتمع من المجتمعات الإنسانية يخضع لنظام يحكم حياته وينظم العلاقات بين أفراده، هذا النظام هو الذي يُمثل القيم الأخلاقية التي يحتكم إليها الأفراد ويحترمونها، ويشعرون بقداستها، والالتزام بهذه القيم ضروري في حياة الناس، أفرادا وجماعات، فلا ريب أن الجامعة هي المعنية ـ قبل غيرها من مؤسسات المجتمع الأخرى ـ بغرس الالتزام الأخلاقي في نفوس مرتاديها وقاصديها من الطلبة والباحثين وتكوينهم على أساس من تقديس الأخلاق والحرص على تمثلها والالتزام السلوكي بها في واقع الحياة.
والطالب أو الباحث الجامعي هو المعنيُّ ـ قبل غيره من الناس ـ بأن يكون مثالا للإنسان المهذب الذي يحترم نفسه أولا والآخرين ثانيا، الحريص على ألا يصدر منه أي سلوك يتعارض مع مبادئ الأخلاق الكريمة التي لها قداستها واحترامها عند الناس، وما ذلك إلا لما له من مكانة تجعله يتبوأ مقام القدوة في النفوس، لأن الناس دأبت على الحكم على الإنسان المثقف بأنه لا محالة مهذب باعتبار أن ما درسه من علم وما تلقاه من معرفة لا شك أن كل ذلك سيجعل سلوكه مهذبا وعلاقته بغيره قائمة على المودة والمحبة والاحترام والتعاون المتبادل، ولا شك أن تحلل الطالب الجامعي من قيود الأخلاق، سيكون له تأثيرُه العميق بعد ذلك عندما ينطلق هذا الطالبُ إلى مجالات الحياة العملية، حيث سيظهر ذلك على سلوكه وعلى علاقته بعمله وبالمحيط الذي يعمل فيه.
الالتزامُ المطلوب في الطالب الجامعي، والذي هو المُرادُ من حديثنا هنا؛ هو أولا حرصُه على احترامِ نفسه، ووضعِها في موضِعِها الصحيح، فلا يرفعُها فوقَ قدْرِها، ولا ينزلُ بها دونَ مكانتها.. ومن احترامِه لنفسِه؛ ألا يقفَ مواقفَ الشبهات، وألا يقع في الفواحش والمنكرات مما تشمئز منه النفوس السليمة وتأباه الطباع النقية، وألا يصدر منه ما يُزري بالصفة الاجتماعية التي يحملها والتي لها في نفوس الناس قداستُها واعتبارُها، فلا يتفوَّهَ بالكلام البذيئ مثلا، ولا تمتدَّ يدُه إلى تخريب مرفق اجتماعي، ولا يصاحبَ من كان معروفا بالسَّفاهة والطيش والحُمق، ولا يتعصب تعصبا أعمى لرأي يراه أو جهة يرتبط بها، وإنما ينتصر دائما لما يقره الدين والعلم والمنطق والذوق السليم.
ولا شك أنه حين يخرج بعد ذلك إلى ميادين الحياة العملية، وبغضِّ النظر عن الوظيفة الاجتماعية والحياتية التي سيُمارسُها، سيكون عُضْوًا صالحا في المجتمع، وأحد عوامل البناء فيه، وسببا من أسباب تقدُّمِ هذا المجتمع وسَيْرِ الحياة الإنسانية داخله سيرا طبيعيا مبنيا على تبادل المنافع والتعاون والتضامن.
فالطالب الملتزم الذي هذا شأنه إن تبوأ ـ بعد تخرجه ـ منصب أستاذ أو معلم مثلا، فلا شك أنه سيبذل أقصى جُهْدِه وغاية وُسْعِه في سبيل نفع طلبته وتلاميذه وإفادتهم علميا وتوجيههم وتهذيبهم خلقيا، وعلى كل حال، ففي أيِّ منصب وُجِدَ هذا الطالب ـ بعد تخرُّجِه وانطلاقِه في شعاب الحياة العملية ـ فإنه يكون عضوا صالحا في المجتمع، لا يصدر عنه إلا كل خير للمجتمع وابنائه.
وفي المقابل، فإن غياب الالتزام الأخلاقي لدى الطالب أثناء دراستِه الجامعية، يجعل منه مثلا سيِّئا سواء في محيطه الجامعي أو في حياته العملية، فالطالب غير الملتزم، بعيدٌ عن الشعور بواجبه في حضور المحاضرات والدروس، لأنه مشغول عن كلِّ ذلك بأشياء كثيرة يتصورها هيَ واجباته الحقيقية التي ينبغي أن يوجه جهده ووقته لتحصيلها، فهو مشغول بالجلوس في المقاهي، أو مشغول بربط العلاقات المشبوهة، أو مُنْكَبّ على تزجية الأوقات في التجول في الشوارع والأسواق.
وهو بعيدٌ عن احترام نفسه أو احترام أساتذته أو احترام زملائه أو المحيط الذي يعيش فيه، لأن كل هذه الأطراف بالنسبة إليه تقفُ موقفَ العداء له وتنظرُ إلى سلوكه نظرة استنكار وازدراء، ولذلك فهو يعتقد أنه لابد له أن يبادلها الازدراء ولا يشعر تجاهها بأيِّ مودة أو احترام.
والطالب الذي من هذا النوع لن يكونَ للتحصيل العلمي أيَّ مكانة في نفسه، لأن القضية بالنسبة إليه قضية شهادة.. وما الشهادة في نظره؟ إنها مجرد ورقة، وهذه الورقة ما دام يمكن الحصول عليها بالغشِّ في الامتحان أو بمختلف الوساطات والشفاعات فلا داعي للشقاء والتعب في حضور المحاضرات واستذكار الدروس في سبيل الحصول عليها.
ولنتصور كيف سيكون حال مثل هذا الإنسان إذا ما تخرَّجَ بعد ذلك من الجامعة، وهو يحمل شهادة يشهدُ هو نفسُه أنها شهادة زور وأنه ليس أهلا للحصول عليها لأنه لم يبذل أيَّ جُهد في سبيلها، وليس في عقله ولا ضميره أيّ شيء مما يدل عليها؟
لا شك أنه سيواصل حياته على نفس الوتيرة، وسيكون دَيْدَنُه الدائم طيلةَ حياته الغشّ والخداع والتحايل، لأنه في الواقع لن تكون بيده وسيلة أخرى يتحرك بها في أي مجال من مجالات الحياة التي يجد نفسه معنيا بالعمل فيها.
لا ريب أن هذا النوع من الطلبة، في أي مجال سيوجد فيه بعد تخرجه من الجامعة، سيكون نقمة على المجتمع، وسببا من أسباب تنغيص حياة الناس، وعاملا من عوامل فقدان الثقة وانعدام الرحمة وانفصام شبكة العلاقات الإنسانية داخل المجتمع.
ولكي نبني مجتمعا زاهرا بالعلم والاخلاق والفضيلة، ولكي لا ننزلق في متاهات العلاقات المضطربة داخل المجتمع الانساني، أكد المتولي الشرعي للعتبة العباسية المقدسة، السيد أحمد الصافي أن المرجعية الدينية العليا تشعر بالسرور لما عليه بناتها الطالبات من التزام ديني وأخلاقي.
جاء ذلك في كلمة لسماحته بالحفل الختامي لتخرج دفعة بنات الكفيل السابعة، يوم الجمعة، 1 مارس 2024م الذي تنظمه شعبة مدارس الكفيل الدينية النسوية في العتبة العباسية المقدسة، نوجز اهم ما جاء فيها بالنقاط التالية:
1ـ المرجعية الدينية العليا تشعر بسرور بما عليه هذه الصفوة من بناتها، فهذه الثلة الطيبة من بنات المرجعية، لما عليهن من التزام ديني وأخلاقي، أنها تدعو الله تبارك وتعالى لهن بالموفقية والسداد في حياتهن الأسرية والمهنية.
2ـ العراق بلد علم وأخلاق وقيم، وأنتن جزء من حل مشاكله، وتحل جميع المشاكل بهذه الثلة الطيبة من أبنائنا وبناتنا.
3ـ أشكر الأسر الكريمة لهذه التربية الطيبة التي أنتجت هذا النموذج الرائع في العلاقات الطيبة، وهذا الحرص من الآباء الأعزاء ومن الأمهات الفاضلات، على أولادهن وبناتهن سيُعزز بحرص مستمر في إيجاد جميع الأجواء المناسبة لأبنائهم، كما أتوجه بالشكر الجزيل إلى الجامعات الرصينة والأساتذة الأفاضل الذين ما فتئوا يبذلون الجهد تلو الجهد في سبيل إيصال المعلومة العلمية والسلوكية والأخلاقية إلى أبنائنا وبناتنا.
4ـ هناك رغبة شديدة من الآباء والأمهات فضلا عن الطالبات أن يلتحقن بهذه الاحتفالية، وهن لهن تمام الحق، أننا نفتخر ونعتز ونطرح هذا النموذج أمام العالم، فهذه هي الفتاة العراقية التي انجبتها الأمهات الغاليات العزيزات.
5ـ أيتها البنات الطاهرات النجيبات العفيفات حذار أن يتصرف في قلوبكن من يتصرف خلاف الفطرة السليمة، وهذه الأعمار مهمة وحساسة، فحذار أن تغيّرن الفطرة السليمة التي جبلتن عليها، وأن يتصرف في قلوبكن وعيونكن وأسماعكن من لا حريجة له، أنتن الآن تحملن شارات عديدة من التقوى والإيمان والقوة والنجابة والحياء، وكل هذه بالنسبة لنا مشاعر فخر واعتزاز.
6ـ انتن مشروع أسرة ناجحة وقوية ومتماسكة في المجتمع، واليوم التحدي لتفتيت القيم وانسلاخ الإنسان من فطرته، وهناك حرب شعواء على انسلاخ المرأة من الحياء، والمرأة هي الحياء، فلا تجعلن من يحاول أن يعزل القيم عنكن، أنتن صاحبات القيم والمواقف، انتن الأمل في أن ترتسم دائما البسمات على الأسر، ونحن نؤمن أن صلاح المجتمع يمر من صلاحكن، فلابد من أن ترجعوا الجهد الكبير الذي بذل من قبل أسرِكن إليهم.
7ـ نحن نريد أن نراكم دائما في أفضل ما يمكن أن يرى الوالد ابنته، وأفضل ما يمكن أن يرى الأب أولاده، فالوالد يحب أن يرى أولاده أفضل منه، والأم تحب أن ترى بناتها أفضل منها.
8ـ هذه الأكف اليوم وقفت أمام ضريح أفضل من جسّد الوفاء والتضحية، بطل من أبطال كربلاء، هذه اليد التي اقسمتن بها أمام الضريح هب يد طاهرة ينبغي ان لا تمتد إلى أي عمل محرّم في المستقبل، تذكرن هذه اليد عندما اعطيتن عهدًا، انه وبمرور الأيام والسنين سترون الآثار الطيبة لما فعلتن، أنتن اليوم جسدتن شيئًا كبيرًا يدل على التمسك بالهوية والفطرة والحياء والعفة والنجابة، فأنتن صنعتن شيئًا محل افتخار.
9ـ هناك محطات في حياة كل إنسان، ومحطة التخرج من الذكريات العالقة، التي تبقى في نفس الطالبة أو الطالب، والناس الآن تريد أن تتعلم منكن فأنتن صنعتن مدرسة في التخرج والعهد والقسم، وفي كل ما يمت إلى القيم من مسائل، وأنتن القيمة الحقيقية التي نعتز بها.
10ـ نحن نأنس بالاحتفال أكثر منكن، فعندما نرى هذه الطاقات، ونرى بناتنا وهن يشقنَ طريق الحياة بهذا المظهر المهم والروحاني وبهذه الهيئة، فأنتن صنعتن شيئًا محل فخر واعتزاز لنا جميعا.

حسن الهاشمي
لكي يؤتي العلم ثماره النافعة لابد له من ان يستند الى الدين والاخلاق، والا فانه يكون وبالا على صاحبه عاجلا أم آجلا، ولا تزال العلاقات الاجتماعية المتينة قائمة على أساس الاحترام المتبادل بين الأفراد، ولا يكون ذلك الا من خلال الدين الذي يسوي العلاقة بين الفرد وخالقه، والأخلاق التي تنظم العلاقة بين سائر الأفراد في المجتمع الانساني، والعلاقة بين الدين والأخلاق علاقة مطردة ومتداخلة ومتكاملة، بل ان الدين هو الاساس في تنظيم العلاقات النموذجية، والأخلاق بطبيعة الحال منبثق من الدين بل مندك فيه وهو أحد مقوماته الأساسية، ولنجاح أية علاقة، ولنجاح أي مشروع، لابد من توافر العلاقة الوطيدة بين العلم والدين، فانه ينبثق من هذه العلاقة الاخلاص والاتقان والنزاهة والتطور، والامة التي تبني علاقة أفرادها على هذا المنوال، فإنها أمة فاعلة لا تنحني للعواصف مهما كانت عاتية.
بما أن كل مجتمع من المجتمعات الإنسانية يخضع لنظام يحكم حياته وينظم العلاقات بين أفراده، هذا النظام هو الذي يُمثل القيم الأخلاقية التي يحتكم إليها الأفراد ويحترمونها، ويشعرون بقداستها، والالتزام بهذه القيم ضروري في حياة الناس، أفرادا وجماعات، فلا ريب أن الجامعة هي المعنية ـ قبل غيرها من مؤسسات المجتمع الأخرى ـ بغرس الالتزام الأخلاقي في نفوس مرتاديها وقاصديها من الطلبة والباحثين وتكوينهم على أساس من تقديس الأخلاق والحرص على تمثلها والالتزام السلوكي بها في واقع الحياة.
والطالب أو الباحث الجامعي هو المعنيُّ ـ قبل غيره من الناس ـ بأن يكون مثالا للإنسان المهذب الذي يحترم نفسه أولا والآخرين ثانيا، الحريص على ألا يصدر منه أي سلوك يتعارض مع مبادئ الأخلاق الكريمة التي لها قداستها واحترامها عند الناس، وما ذلك إلا لما له من مكانة تجعله يتبوأ مقام القدوة في النفوس، لأن الناس دأبت على الحكم على الإنسان المثقف بأنه لا محالة مهذب باعتبار أن ما درسه من علم وما تلقاه من معرفة لا شك أن كل ذلك سيجعل سلوكه مهذبا وعلاقته بغيره قائمة على المودة والمحبة والاحترام والتعاون المتبادل، ولا شك أن تحلل الطالب الجامعي من قيود الأخلاق، سيكون له تأثيرُه العميق بعد ذلك عندما ينطلق هذا الطالبُ إلى مجالات الحياة العملية، حيث سيظهر ذلك على سلوكه وعلى علاقته بعمله وبالمحيط الذي يعمل فيه.
الالتزامُ المطلوب في الطالب الجامعي، والذي هو المُرادُ من حديثنا هنا؛ هو أولا حرصُه على احترامِ نفسه، ووضعِها في موضِعِها الصحيح، فلا يرفعُها فوقَ قدْرِها، ولا ينزلُ بها دونَ مكانتها.. ومن احترامِه لنفسِه؛ ألا يقفَ مواقفَ الشبهات، وألا يقع في الفواحش والمنكرات مما تشمئز منه النفوس السليمة وتأباه الطباع النقية، وألا يصدر منه ما يُزري بالصفة الاجتماعية التي يحملها والتي لها في نفوس الناس قداستُها واعتبارُها، فلا يتفوَّهَ بالكلام البذيئ مثلا، ولا تمتدَّ يدُه إلى تخريب مرفق اجتماعي، ولا يصاحبَ من كان معروفا بالسَّفاهة والطيش والحُمق، ولا يتعصب تعصبا أعمى لرأي يراه أو جهة يرتبط بها، وإنما ينتصر دائما لما يقره الدين والعلم والمنطق والذوق السليم.
ولا شك أنه حين يخرج بعد ذلك إلى ميادين الحياة العملية، وبغضِّ النظر عن الوظيفة الاجتماعية والحياتية التي سيُمارسُها، سيكون عُضْوًا صالحا في المجتمع، وأحد عوامل البناء فيه، وسببا من أسباب تقدُّمِ هذا المجتمع وسَيْرِ الحياة الإنسانية داخله سيرا طبيعيا مبنيا على تبادل المنافع والتعاون والتضامن.
فالطالب الملتزم الذي هذا شأنه إن تبوأ ـ بعد تخرجه ـ منصب أستاذ أو معلم مثلا، فلا شك أنه سيبذل أقصى جُهْدِه وغاية وُسْعِه في سبيل نفع طلبته وتلاميذه وإفادتهم علميا وتوجيههم وتهذيبهم خلقيا، وعلى كل حال، ففي أيِّ منصب وُجِدَ هذا الطالب ـ بعد تخرُّجِه وانطلاقِه في شعاب الحياة العملية ـ فإنه يكون عضوا صالحا في المجتمع، لا يصدر عنه إلا كل خير للمجتمع وابنائه.
وفي المقابل، فإن غياب الالتزام الأخلاقي لدى الطالب أثناء دراستِه الجامعية، يجعل منه مثلا سيِّئا سواء في محيطه الجامعي أو في حياته العملية، فالطالب غير الملتزم، بعيدٌ عن الشعور بواجبه في حضور المحاضرات والدروس، لأنه مشغول عن كلِّ ذلك بأشياء كثيرة يتصورها هيَ واجباته الحقيقية التي ينبغي أن يوجه جهده ووقته لتحصيلها، فهو مشغول بالجلوس في المقاهي، أو مشغول بربط العلاقات المشبوهة، أو مُنْكَبّ على تزجية الأوقات في التجول في الشوارع والأسواق.
وهو بعيدٌ عن احترام نفسه أو احترام أساتذته أو احترام زملائه أو المحيط الذي يعيش فيه، لأن كل هذه الأطراف بالنسبة إليه تقفُ موقفَ العداء له وتنظرُ إلى سلوكه نظرة استنكار وازدراء، ولذلك فهو يعتقد أنه لابد له أن يبادلها الازدراء ولا يشعر تجاهها بأيِّ مودة أو احترام.
والطالب الذي من هذا النوع لن يكونَ للتحصيل العلمي أيَّ مكانة في نفسه، لأن القضية بالنسبة إليه قضية شهادة.. وما الشهادة في نظره؟ إنها مجرد ورقة، وهذه الورقة ما دام يمكن الحصول عليها بالغشِّ في الامتحان أو بمختلف الوساطات والشفاعات فلا داعي للشقاء والتعب في حضور المحاضرات واستذكار الدروس في سبيل الحصول عليها.
ولنتصور كيف سيكون حال مثل هذا الإنسان إذا ما تخرَّجَ بعد ذلك من الجامعة، وهو يحمل شهادة يشهدُ هو نفسُه أنها شهادة زور وأنه ليس أهلا للحصول عليها لأنه لم يبذل أيَّ جُهد في سبيلها، وليس في عقله ولا ضميره أيّ شيء مما يدل عليها؟
لا شك أنه سيواصل حياته على نفس الوتيرة، وسيكون دَيْدَنُه الدائم طيلةَ حياته الغشّ والخداع والتحايل، لأنه في الواقع لن تكون بيده وسيلة أخرى يتحرك بها في أي مجال من مجالات الحياة التي يجد نفسه معنيا بالعمل فيها.
لا ريب أن هذا النوع من الطلبة، في أي مجال سيوجد فيه بعد تخرجه من الجامعة، سيكون نقمة على المجتمع، وسببا من أسباب تنغيص حياة الناس، وعاملا من عوامل فقدان الثقة وانعدام الرحمة وانفصام شبكة العلاقات الإنسانية داخل المجتمع.
ولكي نبني مجتمعا زاهرا بالعلم والاخلاق والفضيلة، ولكي لا ننزلق في متاهات العلاقات المضطربة داخل المجتمع الانساني، أكد المتولي الشرعي للعتبة العباسية المقدسة، السيد أحمد الصافي أن المرجعية الدينية العليا تشعر بالسرور لما عليه بناتها الطالبات من التزام ديني وأخلاقي.
جاء ذلك في كلمة لسماحته بالحفل الختامي لتخرج دفعة بنات الكفيل السابعة، يوم الجمعة، 1 مارس 2024م الذي تنظمه شعبة مدارس الكفيل الدينية النسوية في العتبة العباسية المقدسة، نوجز اهم ما جاء فيها بالنقاط التالية:
1ـ المرجعية الدينية العليا تشعر بسرور بما عليه هذه الصفوة من بناتها، فهذه الثلة الطيبة من بنات المرجعية، لما عليهن من التزام ديني وأخلاقي، أنها تدعو الله تبارك وتعالى لهن بالموفقية والسداد في حياتهن الأسرية والمهنية.
2ـ العراق بلد علم وأخلاق وقيم، وأنتن جزء من حل مشاكله، وتحل جميع المشاكل بهذه الثلة الطيبة من أبنائنا وبناتنا.
3ـ أشكر الأسر الكريمة لهذه التربية الطيبة التي أنتجت هذا النموذج الرائع في العلاقات الطيبة، وهذا الحرص من الآباء الأعزاء ومن الأمهات الفاضلات، على أولادهن وبناتهن سيُعزز بحرص مستمر في إيجاد جميع الأجواء المناسبة لأبنائهم، كما أتوجه بالشكر الجزيل إلى الجامعات الرصينة والأساتذة الأفاضل الذين ما فتئوا يبذلون الجهد تلو الجهد في سبيل إيصال المعلومة العلمية والسلوكية والأخلاقية إلى أبنائنا وبناتنا.
4ـ هناك رغبة شديدة من الآباء والأمهات فضلا عن الطالبات أن يلتحقن بهذه الاحتفالية، وهن لهن تمام الحق، أننا نفتخر ونعتز ونطرح هذا النموذج أمام العالم، فهذه هي الفتاة العراقية التي انجبتها الأمهات الغاليات العزيزات.
5ـ أيتها البنات الطاهرات النجيبات العفيفات حذار أن يتصرف في قلوبكن من يتصرف خلاف الفطرة السليمة، وهذه الأعمار مهمة وحساسة، فحذار أن تغيّرن الفطرة السليمة التي جبلتن عليها، وأن يتصرف في قلوبكن وعيونكن وأسماعكن من لا حريجة له، أنتن الآن تحملن شارات عديدة من التقوى والإيمان والقوة والنجابة والحياء، وكل هذه بالنسبة لنا مشاعر فخر واعتزاز.
6ـ انتن مشروع أسرة ناجحة وقوية ومتماسكة في المجتمع، واليوم التحدي لتفتيت القيم وانسلاخ الإنسان من فطرته، وهناك حرب شعواء على انسلاخ المرأة من الحياء، والمرأة هي الحياء، فلا تجعلن من يحاول أن يعزل القيم عنكن، أنتن صاحبات القيم والمواقف، انتن الأمل في أن ترتسم دائما البسمات على الأسر، ونحن نؤمن أن صلاح المجتمع يمر من صلاحكن، فلابد من أن ترجعوا الجهد الكبير الذي بذل من قبل أسرِكن إليهم.
7ـ نحن نريد أن نراكم دائما في أفضل ما يمكن أن يرى الوالد ابنته، وأفضل ما يمكن أن يرى الأب أولاده، فالوالد يحب أن يرى أولاده أفضل منه، والأم تحب أن ترى بناتها أفضل منها.
8ـ هذه الأكف اليوم وقفت أمام ضريح أفضل من جسّد الوفاء والتضحية، بطل من أبطال كربلاء، هذه اليد التي اقسمتن بها أمام الضريح هب يد طاهرة ينبغي ان لا تمتد إلى أي عمل محرّم في المستقبل، تذكرن هذه اليد عندما اعطيتن عهدًا، انه وبمرور الأيام والسنين سترون الآثار الطيبة لما فعلتن، أنتن اليوم جسدتن شيئًا كبيرًا يدل على التمسك بالهوية والفطرة والحياء والعفة والنجابة، فأنتن صنعتن شيئًا محل افتخار.
9ـ هناك محطات في حياة كل إنسان، ومحطة التخرج من الذكريات العالقة، التي تبقى في نفس الطالبة أو الطالب، والناس الآن تريد أن تتعلم منكن فأنتن صنعتن مدرسة في التخرج والعهد والقسم، وفي كل ما يمت إلى القيم من مسائل، وأنتن القيمة الحقيقية التي نعتز بها.
10ـ نحن نأنس بالاحتفال أكثر منكن، فعندما نرى هذه الطاقات، ونرى بناتنا وهن يشقنَ طريق الحياة بهذا المظهر المهم والروحاني وبهذه الهيئة، فأنتن صنعتن شيئًا محل فخر واعتزاز لنا جميعا.
اعضاء معجبون بهذا
جاري التحميل
ثقافية
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 1 ساعة
2024/04/30م
نصت المادة (٢١/اولا) من قانون التقاعد الموحد لسنة ٢٠١٤ المعدل على ان (( يستحق المحال الى التقاعد الراتب التقاعدي اذا كانت لديه خدمة تقاعدية لاتقل عن (١٥)خمس عشرة سنة ولايصرف الراتب التقاعدي الا اذا كان قد اكمل(٤٥)خمسا واربعين سنة من عمره وفي كل الأحوال لايصرف عن المدة السابقة لتاريخ اكمال السن المذكورة... المزيد
عدد المقالات : 128
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 5 ايام
2024/04/25م
بقلم/ مجاهد منعثر منشد من دواعي سرور المرء أن يقرأ عن شخصية يحبها وتعامل معها لفترة وجيزة ,فأثر به فكريا ودينيا وسياسيا نتيجة استقامتها ونقاء سريرتها وصفاء وطنيتها التي شحذت همم الغيارى لبناء الوطن, وعقليتها الإسلامية المبتكرة العميقة النوعية . هكذا شخصية عند اصطفائها من الله سبحانه وتعالى بالشهادة... المزيد
عدد المقالات : 368
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 7 ايام
2024/04/23م
اجازت المادة (٢٧/أولا) من قانون الموازنة العامة للدولة رقم (١٣)لسنة ٢٠٢٣ منح الموظف إجازة لمدة خمس سنوات على وفق شروط حددتها حصرا ، علما بأن هذه الاجازة ليس محلها قانون الموازنة العامة ولكن المشرع العراقي دأب في السنوات الأخيرة على حشر نصوص في القانون المذكور منبتة الصلة به ومثل هذه النصوص يسميها... المزيد
عدد المقالات : 128
عدد الاعجابات بالمقال :1
عدد التعليقات : 0
منذ اسبوعين
2024/04/18م
بقلم // مجاهد منعثر منشد هذا الكتاب الموسوم (كتاب مراقد الائمة المعصومين في العراق كما وصفها الرحالة والمسؤولين الأجانب) تأليف أ.د/ عماد جاسم حسن الموسوي أستاذ التاريخ المعاصر في كلية التربية للعلوم الإنسانية في جامعة ذي قار . قدمنا عن المؤلف الباحث سيرة موجزة في قراءتنا على كتابه (دراسات في تاريخ... المزيد
عدد المقالات : 368
أدبية
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ شهرين
2024/02/26م
بقلمي: إبراهيم أمين مؤمن وغادر الطبيب بعد أن أخبر هدى بالحقيقة، وقد مثلت تلك الحقيقة صدمة كبيرة لها، وطفقت تفكر في مآل مَن حولها والصلة التي تربطها بهم. انهمرت الدموع من عينيها، هاتان العينان البريئتان الخضراوان اللتان ما نظرتا قط ما في أيادي غيرها من نعمة؛ بل كانتا تنظران فحسب إلى الأيادي الفارغة... المزيد
عدد المقالات : 39
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 3 شهور
2024/02/05م
أ.د. صادق المخزومي الشعر الانساني قلم وفم يتمحور بوحُه حراك الإنسان على وسادة الألم ومقاربة الأمل، ويفصح عن حقائق الحياة الخالدة وحكمها الرفيعة؛ يهدف هذا النوع من الشعر الى نشر معالم الأخلاق وأدبيات المجتمع، وإرساء الحكمة والمعرفة والقيم الدينية والاجتماعية؛ بهذه التمثلات في الانثروبولوجيا... المزيد
عدد المقالات : 12
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 3 شهور
2024/02/05م
يا أنتِ يا عِطرَ الغَوالي لا لستُ في قولي اُغالي إنْ قُلتُ أنّكِ شمعتي في نورها هَزمتْ ضَلالي أوْ قُلتُ أنّكِ نجمتي بشُعاعِها وَشَجتْ حِبالي أوْ قُلتُ أنّكِ كوثري يا كوثرَ الماءِ الزُلالِ أوْ قُلتُ أنّكِ بلسمــــي إنْ ساءَ في الازماتِ... المزيد
عدد المقالات : 54
عدد الاعجابات بالمقال :1
عدد التعليقات : 0
منذ 3 شهور
2024/01/19م
أ.د. صادق المخزومي من فنون الأدب، وقد يشمل القصص والكتب والمجلات والقصائد المؤلفة بشكل خاص للأطفال، فالطفولة شريحة عمرية مهمة في المجتمع، وتكون حاجتها للأدب مثلما تحتاجه الشرائح العمرية الأخرى، ولعلها أكثر، لأن الأدب قد يسهم في التربية والتنمية الاجتماعية والثقافية، وينبغي أن يكون هذا النوع الأدبي... المزيد
عدد المقالات : 12
علمية
الصوت هو واحد من أكثر الظواهر المألوفة والمهمة في حياتنا اليومية، ومع ذلك، يمكن أن يكون مفهومه وتأثيره عميقًا ومعقدًا. في علم الفيزياء، يُعرف الصوت على أنه موجة ميكانيكية تنتشر من خلال وسط مادي مثل الهواء أو السوائل أو الصلب. لفهم الصوت بشكل أفضل،... المزيد
في أوائل سبعينات القرن الماضي، أدى الصراع في الشرق الأوسط إلى طفرة في أسعار النفط دفعت بالبنوك المركزية حول العالم إلى المسارعة ببذل جهود حثيثة للسيطرة على التضخم. وبعد مرور عام أو نحو ذلك، استقرت أسعار النفط وبدأ التضخم في التراجع. واعتقدت بلدان... المزيد
الموازنة العامة : ادوارها وانواعها ومراحلها الموازنة العامة تعلب دورا كبيرا في تشجيع النشاطات الإنتاجية والحد من الأنشطة غير الإنتاجية، وتقليل البطالة ورفع إنتاجية العمل الاجتماعي، والاستقرار العام للأسعار والحد من التضخم، وجذب الاستثمارات... المزيد
آخر الأعضاء المسجلين

آخر التعليقات
صحابة باعوا دينهم -3[ سمرة بن جندب]
نجم الحجامي
2024/03/05م     
صحابة باعوا دينهم -3[ سمرة بن جندب]
نجم الحجامي
2024/03/05م     
المواطن وحقيقة المواطنة .. الحقوق والواجبات
عبد الخالق الفلاح
2017/06/28م     
شكراً جزيلاً
منذ شهرين
اخترنا لكم
علي عبد الجواد الأسدي
2024/03/26
في مدينة مضطربة كانت ملبّدة بغيوم الجهل وزاخرة بالظلم والاستبداد وقتل الأولاد من إملاق ووأد البنات، مدينة ملأى بأشواك الكفر وعبادة...
المزيد

صورة مختارة
رشفات
الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)
2024/04/03
( أَوْلَى النَّاسِ بِالْعَفْوِ أَقْدَرُهُمْ عَلَى الْعُقُوبَةِ )
المزيد

الموسوعة المعرفية الشاملة
القرآن وعلومة الجغرافية العقائد الاسلامية الزراعة الفقه الاسلامي الفيزياء الحديث والرجال الاحياء الاخلاق والادعية الرياضيات سيرة الرسول وآله الكيمياء اللغة العربية وعلومها الاخبار الادب العربي أضاءات التاريخ وثائقيات القانون المكتبة المصورة
www.almerja.com