1

بمختلف الألوان
في وطنٍ تئنُّ روحه من ثِقل الأيام، وتتوقُّ أجياله إلى فجرٍ يمحو ظلام اليأس، انبعث نورٌ من قلب مدينة مقدسة، نورٌ يملأ الوطن ضياءً، وأيدٍ أمينة تعانق آماله واحلامه. سطع نور العتبة العباسية المقدسة، التي لطالما كانت مَوئِلاً للعلم والمعرفة، لتتجاوز دورها الديني وتصبح حاضنة حقيقية للطاقات الشابة،... المزيد
أخر المواضيع
الرئيسة / مقالات اجتماعية
الالتزام الديني والاخلاقي للطالبات مدعاة فخر واعتزاز للمرجعية الدينية
عدد المقالات : 342
حسن الهاشمي
لكي يؤتي العلم ثماره النافعة لابد له من ان يستند الى الدين والاخلاق، والا فانه يكون وبالا على صاحبه عاجلا أم آجلا، ولا تزال العلاقات الاجتماعية المتينة قائمة على أساس الاحترام المتبادل بين الأفراد، ولا يكون ذلك الا من خلال الدين الذي يسوي العلاقة بين الفرد وخالقه، والأخلاق التي تنظم العلاقة بين سائر الأفراد في المجتمع الانساني، والعلاقة بين الدين والأخلاق علاقة مطردة ومتداخلة ومتكاملة، بل ان الدين هو الاساس في تنظيم العلاقات النموذجية، والأخلاق بطبيعة الحال منبثق من الدين بل مندك فيه وهو أحد مقوماته الأساسية، ولنجاح أية علاقة، ولنجاح أي مشروع، لابد من توافر العلاقة الوطيدة بين العلم والدين، فانه ينبثق من هذه العلاقة الاخلاص والاتقان والعفاف والكفاف والنزاهة والتطور، والامة التي تبني علاقة أفرادها على هذا المنوال، فإنها أمة فاعلة لا تنحني للعواصف مهما كانت عاتية.
بما أن كل مجتمع من المجتمعات الإنسانية يخضع لنظام يحكم حياته وينظم العلاقات بين أفراده، هذا النظام هو الذي يُمثل القيم الأخلاقية التي يحتكم إليها الأفراد ويحترمونها، ويشعرون بقداستها، والالتزام بهذه القيم ضروري في حياة الناس، أفرادا وجماعات، فلا ريب أن الجامعة هي المعنية ـ قبل غيرها من مؤسسات المجتمع الأخرى ـ بغرس الالتزام الأخلاقي في نفوس مرتاديها وقاصديها من الطلبة والباحثين وتكوينهم على أساس من تقديس الأخلاق والحرص على تمثلها والالتزام السلوكي بها في واقع الحياة.
والطالب أو الباحث الجامعي هو المعنيُّ ـ قبل غيره من الناس ـ بأن يكون مثالا للإنسان المهذب الذي يحترم نفسه أولا والآخرين ثانيا، الحريص على ألا يصدر منه أي سلوك يتعارض مع مبادئ الأخلاق الكريمة التي لها قداستها واحترامها عند الناس، وما ذلك إلا لما له من مكانة تجعله يتبوأ مقام القدوة في النفوس، لأن الناس دأبت على الحكم على الإنسان المثقف بأنه لا محالة مهذب باعتبار أن ما درسه من علم وما تلقاه من معرفة لا شك أن كل ذلك سيجعل سلوكه مهذبا وعلاقته بغيره قائمة على المودة والمحبة والاحترام والتعاون المتبادل، ولا شك أن تحلل الطالب الجامعي من قيود الأخلاق، سيكون له تأثيرُه العميق بعد ذلك عندما ينطلق هذا الطالبُ إلى مجالات الحياة العملية، حيث سيظهر ذلك على سلوكه وعلى علاقته بعمله وبالمحيط الذي يعمل فيه.
الالتزامُ المطلوب في الطالب الجامعي، والذي هو المُرادُ من حديثنا هنا؛ هو أولا حرصُه على احترامِ نفسه، ووضعِها في موضِعِها الصحيح، فلا يرفعُها فوقَ قدْرِها، ولا ينزلُ بها دونَ مكانتها.. ومن احترامِه لنفسِه؛ ألا يقفَ مواقفَ الشبهات، وألا يقع في الفواحش والمنكرات مما تشمئز منه النفوس السليمة وتأباه الطباع النقية، وألا يصدر منه ما يُزري بالصفة الاجتماعية التي يحملها والتي لها في نفوس الناس قداستُها واعتبارُها، فلا يتفوَّهَ بالكلام البذيئ مثلا، ولا تمتدَّ يدُه إلى تخريب مرفق اجتماعي، ولا يصاحبَ من كان معروفا بالسَّفاهة والطيش والحُمق، ولا يتعصب تعصبا أعمى لرأي يراه أو جهة يرتبط بها، وإنما ينتصر دائما لما يقره الدين والعلم والمنطق والذوق السليم.
ولا شك أنه حين يخرج بعد ذلك إلى ميادين الحياة العملية، وبغضِّ النظر عن الوظيفة الاجتماعية والحياتية التي سيُمارسُها، سيكون عُضْوًا صالحا في المجتمع، وأحد عوامل البناء فيه، وسببا من أسباب تقدُّمِ هذا المجتمع وسَيْرِ الحياة الإنسانية داخله سيرا طبيعيا مبنيا على تبادل المنافع والتعاون والتضامن.
فالطالب الملتزم الذي هذا شأنه إن تبوأ ـ بعد تخرجه ـ منصب أستاذ أو معلم مثلا، فلا شك أنه سيبذل أقصى جُهْدِه وغاية وُسْعِه في سبيل نفع طلبته وتلاميذه وإفادتهم علميا وتوجيههم وتهذيبهم خلقيا، وعلى كل حال، ففي أيِّ منصب وُجِدَ هذا الطالب ـ بعد تخرُّجِه وانطلاقِه في شعاب الحياة العملية ـ فإنه يكون عضوا صالحا في المجتمع، لا يصدر عنه إلا كل خير للمجتمع وابنائه.
وفي المقابل، فإن غياب الالتزام الأخلاقي لدى الطالب أثناء دراستِه الجامعية، يجعل منه مثلا سيِّئا سواء في محيطه الجامعي أو في حياته العملية، فالطالب غير الملتزم، بعيدٌ عن الشعور بواجبه في حضور المحاضرات والدروس، لأنه مشغول عن كلِّ ذلك بأشياء كثيرة يتصورها هيَ واجباته الحقيقية التي ينبغي أن يوجه جهده ووقته لتحصيلها، فهو مشغول بالجلوس في المقاهي، أو مشغول بربط العلاقات المشبوهة، أو مُنْكَبّ على تزجية الأوقات في التجول في الشوارع والأسواق.
وهو بعيدٌ عن احترام نفسه أو احترام أساتذته أو احترام زملائه أو المحيط الذي يعيش فيه، لأن كل هذه الأطراف بالنسبة إليه تقفُ موقفَ العداء له وتنظرُ إلى سلوكه نظرة استنكار وازدراء، ولذلك فهو يعتقد أنه لابد له أن يبادلها الازدراء ولا يشعر تجاهها بأيِّ مودة أو احترام.
والطالب الذي من هذا النوع لن يكونَ للتحصيل العلمي أيَّ مكانة في نفسه، لأن القضية بالنسبة إليه قضية شهادة.. وما الشهادة في نظره إنها مجرد ورقة، وهذه الورقة ما دام يمكن الحصول عليها بالغشِّ في الامتحان أو بمختلف الوساطات والشفاعات فلا داعي للشقاء والتعب في حضور المحاضرات واستذكار الدروس في سبيل الحصول عليها.
ولنتصور كيف سيكون حال مثل هذا الإنسان إذا ما تخرَّجَ بعد ذلك من الجامعة، وهو يحمل شهادة يشهدُ هو نفسُه أنها شهادة زور وأنه ليس أهلا للحصول عليها لأنه لم يبذل أيَّ جُهد في سبيلها، وليس في عقله ولا ضميره أيّ شيء مما يدل عليها
لا شك أنه سيواصل حياته على نفس الوتيرة، وسيكون دَيْدَنُه الدائم طيلةَ حياته الغشّ والخداع والتحايل، لأنه في الواقع لن تكون بيده وسيلة أخرى يتحرك بها في أي مجال من مجالات الحياة التي يجد نفسه معنيا بالعمل فيها.
لا ريب أن هذا النوع من الطلبة، في أي مجال سيوجد فيه بعد تخرجه من الجامعة، سيكون نقمة على المجتمع، وسببا من أسباب تنغيص حياة الناس، وعاملا من عوامل فقدان الثقة وانعدام الرحمة وانفصام شبكة العلاقات الإنسانية داخل المجتمع.
ولكي نبني مجتمعا زاهرا بالعلم والاخلاق والفضيلة، ولكي لا ننزلق في متاهات العلاقات المضطربة داخل المجتمع الانساني، أكد المتولي الشرعي للعتبة العباسية المقدسة، السيد أحمد الصافي أن المرجعية الدينية العليا تشعر بالسرور لما عليه بناتها الطالبات من التزام ديني وأخلاقي.
جاء ذلك في كلمة لسماحته بالحفل الختامي لتخرج دفعة بنات الكفيل السابعة، يوم الجمعة، 1 مارس 2024م الذي تنظمه شعبة مدارس الكفيل الدينية النسوية في العتبة العباسية المقدسة، نوجز اهم ما جاء فيها بالنقاط التالية:
1ـ المرجعية الدينية العليا تشعر بسرور بما عليه هذه الصفوة من بناتها، فهذه الثلة الطيبة من بنات المرجعية، لما عليهن من التزام ديني وأخلاقي، أنها تدعو الله تبارك وتعالى لهن بالموفقية والسداد في حياتهن الأسرية والمهنية.
2ـ العراق بلد علم وأخلاق وقيم، وأنتن جزء من حل مشاكله، وتحل جميع المشاكل بهذه الثلة الطيبة من أبنائنا وبناتنا.
3ـ أشكر الأسر الكريمة لهذه التربية الطيبة التي أنتجت هذا النموذج الرائع في العلاقات الطيبة، وهذا الحرص من الآباء الأعزاء ومن الأمهات الفاضلات، على أولادهن وبناتهن سيُعزز بحرص مستمر في إيجاد جميع الأجواء المناسبة لأبنائهم، كما أتوجه بالشكر الجزيل إلى الجامعات الرصينة والأساتذة الأفاضل الذين ما فتئوا يبذلون الجهد تلو الجهد في سبيل إيصال المعلومة العلمية والسلوكية والأخلاقية إلى أبنائنا وبناتنا.
4ـ هناك رغبة شديدة من الآباء والأمهات فضلا عن الطالبات أن يلتحقن بهذه الاحتفالية، وهن لهن تمام الحق، أننا نفتخر ونعتز ونطرح هذا النموذج أمام العالم، فهذه هي الفتاة العراقية التي انجبتها الأمهات الغاليات العزيزات.
5ـ أيتها البنات الطاهرات النجيبات العفيفات حذار أن يتصرف في قلوبكن من يتصرف خلاف الفطرة السليمة، وهذه الأعمار مهمة وحساسة، فحذار أن تغيّرن الفطرة السليمة التي جبلتن عليها، وأن يتصرف في قلوبكن وعيونكن وأسماعكن من لا حريجة له، أنتن الآن تحملن شارات عديدة من التقوى والإيمان والقوة والنجابة والحياء، وكل هذه بالنسبة لنا مشاعر فخر واعتزاز.
6ـ انتن مشروع أسرة ناجحة وقوية ومتماسكة في المجتمع، واليوم التحدي لتفتيت القيم وانسلاخ الإنسان من فطرته، وهناك حرب شعواء على انسلاخ المرأة من الحياء، والمرأة هي الحياء، فلا تجعلن من يحاول أن يعزل القيم عنكن، أنتن صاحبات القيم والمواقف، انتن الأمل في أن ترتسم دائما البسمات على الأسر، ونحن نؤمن أن صلاح المجتمع يمر من صلاحكن، فلابد من أن ترجعوا الجهد الكبير الذي بذل من قبل أسرِكن إليهم.
7ـ نحن نريد أن نراكم دائما في أفضل ما يمكن أن يرى الوالد ابنته، وأفضل ما يمكن أن يرى الأب أولاده، فالوالد يحب أن يرى أولاده أفضل منه، والأم تحب أن ترى بناتها أفضل منها.
8ـ هذه الأكف اليوم وقفت أمام ضريح أفضل من جسّد الوفاء والتضحية، بطل من أبطال كربلاء، هذه اليد التي اقسمتن بها أمام الضريح هب يد طاهرة ينبغي ان لا تمتد إلى أي عمل محرّم في المستقبل، تذكرن هذه اليد عندما اعطيتن عهدًا، انه وبمرور الأيام والسنين سترون الآثار الطيبة لما فعلتن، أنتن اليوم جسدتن شيئًا كبيرًا يدل على التمسك بالهوية والفطرة والحياء والعفة والنجابة، فأنتن صنعتن شيئًا محل افتخار.
9ـ هناك محطات في حياة كل إنسان، ومحطة التخرج من الذكريات العالقة، التي تبقى في نفس الطالبة أو الطالب، والناس الآن تريد أن تتعلم منكن فأنتن صنعتن مدرسة في التخرج والعهد والقسم، وفي كل ما يمت إلى القيم من مسائل، وأنتن القيمة الحقيقية التي نعتز بها.
10ـ نحن نأنس بالاحتفال أكثر منكن، فعندما نرى هذه الطاقات، ونرى بناتنا وهن يشقنَ طريق الحياة بهذا المظهر المهم والروحاني وبهذه الهيئة، فأنتن صنعتن شيئًا محل فخر واعتزاز لنا جميعا.

حسن الهاشمي
لكي يؤتي العلم ثماره النافعة لابد له من ان يستند الى الدين والاخلاق، والا فانه يكون وبالا على صاحبه عاجلا أم آجلا، ولا تزال العلاقات الاجتماعية المتينة قائمة على أساس الاحترام المتبادل بين الأفراد، ولا يكون ذلك الا من خلال الدين الذي يسوي العلاقة بين الفرد وخالقه، والأخلاق التي تنظم العلاقة بين سائر الأفراد في المجتمع الانساني، والعلاقة بين الدين والأخلاق علاقة مطردة ومتداخلة ومتكاملة، بل ان الدين هو الاساس في تنظيم العلاقات النموذجية، والأخلاق بطبيعة الحال منبثق من الدين بل مندك فيه وهو أحد مقوماته الأساسية، ولنجاح أية علاقة، ولنجاح أي مشروع، لابد من توافر العلاقة الوطيدة بين العلم والدين، فانه ينبثق من هذه العلاقة الاخلاص والاتقان والنزاهة والتطور، والامة التي تبني علاقة أفرادها على هذا المنوال، فإنها أمة فاعلة لا تنحني للعواصف مهما كانت عاتية.
بما أن كل مجتمع من المجتمعات الإنسانية يخضع لنظام يحكم حياته وينظم العلاقات بين أفراده، هذا النظام هو الذي يُمثل القيم الأخلاقية التي يحتكم إليها الأفراد ويحترمونها، ويشعرون بقداستها، والالتزام بهذه القيم ضروري في حياة الناس، أفرادا وجماعات، فلا ريب أن الجامعة هي المعنية ـ قبل غيرها من مؤسسات المجتمع الأخرى ـ بغرس الالتزام الأخلاقي في نفوس مرتاديها وقاصديها من الطلبة والباحثين وتكوينهم على أساس من تقديس الأخلاق والحرص على تمثلها والالتزام السلوكي بها في واقع الحياة.
والطالب أو الباحث الجامعي هو المعنيُّ ـ قبل غيره من الناس ـ بأن يكون مثالا للإنسان المهذب الذي يحترم نفسه أولا والآخرين ثانيا، الحريص على ألا يصدر منه أي سلوك يتعارض مع مبادئ الأخلاق الكريمة التي لها قداستها واحترامها عند الناس، وما ذلك إلا لما له من مكانة تجعله يتبوأ مقام القدوة في النفوس، لأن الناس دأبت على الحكم على الإنسان المثقف بأنه لا محالة مهذب باعتبار أن ما درسه من علم وما تلقاه من معرفة لا شك أن كل ذلك سيجعل سلوكه مهذبا وعلاقته بغيره قائمة على المودة والمحبة والاحترام والتعاون المتبادل، ولا شك أن تحلل الطالب الجامعي من قيود الأخلاق، سيكون له تأثيرُه العميق بعد ذلك عندما ينطلق هذا الطالبُ إلى مجالات الحياة العملية، حيث سيظهر ذلك على سلوكه وعلى علاقته بعمله وبالمحيط الذي يعمل فيه.
الالتزامُ المطلوب في الطالب الجامعي، والذي هو المُرادُ من حديثنا هنا؛ هو أولا حرصُه على احترامِ نفسه، ووضعِها في موضِعِها الصحيح، فلا يرفعُها فوقَ قدْرِها، ولا ينزلُ بها دونَ مكانتها.. ومن احترامِه لنفسِه؛ ألا يقفَ مواقفَ الشبهات، وألا يقع في الفواحش والمنكرات مما تشمئز منه النفوس السليمة وتأباه الطباع النقية، وألا يصدر منه ما يُزري بالصفة الاجتماعية التي يحملها والتي لها في نفوس الناس قداستُها واعتبارُها، فلا يتفوَّهَ بالكلام البذيئ مثلا، ولا تمتدَّ يدُه إلى تخريب مرفق اجتماعي، ولا يصاحبَ من كان معروفا بالسَّفاهة والطيش والحُمق، ولا يتعصب تعصبا أعمى لرأي يراه أو جهة يرتبط بها، وإنما ينتصر دائما لما يقره الدين والعلم والمنطق والذوق السليم.
ولا شك أنه حين يخرج بعد ذلك إلى ميادين الحياة العملية، وبغضِّ النظر عن الوظيفة الاجتماعية والحياتية التي سيُمارسُها، سيكون عُضْوًا صالحا في المجتمع، وأحد عوامل البناء فيه، وسببا من أسباب تقدُّمِ هذا المجتمع وسَيْرِ الحياة الإنسانية داخله سيرا طبيعيا مبنيا على تبادل المنافع والتعاون والتضامن.
فالطالب الملتزم الذي هذا شأنه إن تبوأ ـ بعد تخرجه ـ منصب أستاذ أو معلم مثلا، فلا شك أنه سيبذل أقصى جُهْدِه وغاية وُسْعِه في سبيل نفع طلبته وتلاميذه وإفادتهم علميا وتوجيههم وتهذيبهم خلقيا، وعلى كل حال، ففي أيِّ منصب وُجِدَ هذا الطالب ـ بعد تخرُّجِه وانطلاقِه في شعاب الحياة العملية ـ فإنه يكون عضوا صالحا في المجتمع، لا يصدر عنه إلا كل خير للمجتمع وابنائه.
وفي المقابل، فإن غياب الالتزام الأخلاقي لدى الطالب أثناء دراستِه الجامعية، يجعل منه مثلا سيِّئا سواء في محيطه الجامعي أو في حياته العملية، فالطالب غير الملتزم، بعيدٌ عن الشعور بواجبه في حضور المحاضرات والدروس، لأنه مشغول عن كلِّ ذلك بأشياء كثيرة يتصورها هيَ واجباته الحقيقية التي ينبغي أن يوجه جهده ووقته لتحصيلها، فهو مشغول بالجلوس في المقاهي، أو مشغول بربط العلاقات المشبوهة، أو مُنْكَبّ على تزجية الأوقات في التجول في الشوارع والأسواق.
وهو بعيدٌ عن احترام نفسه أو احترام أساتذته أو احترام زملائه أو المحيط الذي يعيش فيه، لأن كل هذه الأطراف بالنسبة إليه تقفُ موقفَ العداء له وتنظرُ إلى سلوكه نظرة استنكار وازدراء، ولذلك فهو يعتقد أنه لابد له أن يبادلها الازدراء ولا يشعر تجاهها بأيِّ مودة أو احترام.
والطالب الذي من هذا النوع لن يكونَ للتحصيل العلمي أيَّ مكانة في نفسه، لأن القضية بالنسبة إليه قضية شهادة.. وما الشهادة في نظره إنها مجرد ورقة، وهذه الورقة ما دام يمكن الحصول عليها بالغشِّ في الامتحان أو بمختلف الوساطات والشفاعات فلا داعي للشقاء والتعب في حضور المحاضرات واستذكار الدروس في سبيل الحصول عليها.
ولنتصور كيف سيكون حال مثل هذا الإنسان إذا ما تخرَّجَ بعد ذلك من الجامعة، وهو يحمل شهادة يشهدُ هو نفسُه أنها شهادة زور وأنه ليس أهلا للحصول عليها لأنه لم يبذل أيَّ جُهد في سبيلها، وليس في عقله ولا ضميره أيّ شيء مما يدل عليها
لا شك أنه سيواصل حياته على نفس الوتيرة، وسيكون دَيْدَنُه الدائم طيلةَ حياته الغشّ والخداع والتحايل، لأنه في الواقع لن تكون بيده وسيلة أخرى يتحرك بها في أي مجال من مجالات الحياة التي يجد نفسه معنيا بالعمل فيها.
لا ريب أن هذا النوع من الطلبة، في أي مجال سيوجد فيه بعد تخرجه من الجامعة، سيكون نقمة على المجتمع، وسببا من أسباب تنغيص حياة الناس، وعاملا من عوامل فقدان الثقة وانعدام الرحمة وانفصام شبكة العلاقات الإنسانية داخل المجتمع.
ولكي نبني مجتمعا زاهرا بالعلم والاخلاق والفضيلة، ولكي لا ننزلق في متاهات العلاقات المضطربة داخل المجتمع الانساني، أكد المتولي الشرعي للعتبة العباسية المقدسة، السيد أحمد الصافي أن المرجعية الدينية العليا تشعر بالسرور لما عليه بناتها الطالبات من التزام ديني وأخلاقي.
جاء ذلك في كلمة لسماحته بالحفل الختامي لتخرج دفعة بنات الكفيل السابعة، يوم الجمعة، 1 مارس 2024م الذي تنظمه شعبة مدارس الكفيل الدينية النسوية في العتبة العباسية المقدسة، نوجز اهم ما جاء فيها بالنقاط التالية:
1ـ المرجعية الدينية العليا تشعر بسرور بما عليه هذه الصفوة من بناتها، فهذه الثلة الطيبة من بنات المرجعية، لما عليهن من التزام ديني وأخلاقي، أنها تدعو الله تبارك وتعالى لهن بالموفقية والسداد في حياتهن الأسرية والمهنية.
2ـ العراق بلد علم وأخلاق وقيم، وأنتن جزء من حل مشاكله، وتحل جميع المشاكل بهذه الثلة الطيبة من أبنائنا وبناتنا.
3ـ أشكر الأسر الكريمة لهذه التربية الطيبة التي أنتجت هذا النموذج الرائع في العلاقات الطيبة، وهذا الحرص من الآباء الأعزاء ومن الأمهات الفاضلات، على أولادهن وبناتهن سيُعزز بحرص مستمر في إيجاد جميع الأجواء المناسبة لأبنائهم، كما أتوجه بالشكر الجزيل إلى الجامعات الرصينة والأساتذة الأفاضل الذين ما فتئوا يبذلون الجهد تلو الجهد في سبيل إيصال المعلومة العلمية والسلوكية والأخلاقية إلى أبنائنا وبناتنا.
4ـ هناك رغبة شديدة من الآباء والأمهات فضلا عن الطالبات أن يلتحقن بهذه الاحتفالية، وهن لهن تمام الحق، أننا نفتخر ونعتز ونطرح هذا النموذج أمام العالم، فهذه هي الفتاة العراقية التي انجبتها الأمهات الغاليات العزيزات.
5ـ أيتها البنات الطاهرات النجيبات العفيفات حذار أن يتصرف في قلوبكن من يتصرف خلاف الفطرة السليمة، وهذه الأعمار مهمة وحساسة، فحذار أن تغيّرن الفطرة السليمة التي جبلتن عليها، وأن يتصرف في قلوبكن وعيونكن وأسماعكن من لا حريجة له، أنتن الآن تحملن شارات عديدة من التقوى والإيمان والقوة والنجابة والحياء، وكل هذه بالنسبة لنا مشاعر فخر واعتزاز.
6ـ انتن مشروع أسرة ناجحة وقوية ومتماسكة في المجتمع، واليوم التحدي لتفتيت القيم وانسلاخ الإنسان من فطرته، وهناك حرب شعواء على انسلاخ المرأة من الحياء، والمرأة هي الحياء، فلا تجعلن من يحاول أن يعزل القيم عنكن، أنتن صاحبات القيم والمواقف، انتن الأمل في أن ترتسم دائما البسمات على الأسر، ونحن نؤمن أن صلاح المجتمع يمر من صلاحكن، فلابد من أن ترجعوا الجهد الكبير الذي بذل من قبل أسرِكن إليهم.
7ـ نحن نريد أن نراكم دائما في أفضل ما يمكن أن يرى الوالد ابنته، وأفضل ما يمكن أن يرى الأب أولاده، فالوالد يحب أن يرى أولاده أفضل منه، والأم تحب أن ترى بناتها أفضل منها.
8ـ هذه الأكف اليوم وقفت أمام ضريح أفضل من جسّد الوفاء والتضحية، بطل من أبطال كربلاء، هذه اليد التي اقسمتن بها أمام الضريح هب يد طاهرة ينبغي ان لا تمتد إلى أي عمل محرّم في المستقبل، تذكرن هذه اليد عندما اعطيتن عهدًا، انه وبمرور الأيام والسنين سترون الآثار الطيبة لما فعلتن، أنتن اليوم جسدتن شيئًا كبيرًا يدل على التمسك بالهوية والفطرة والحياء والعفة والنجابة، فأنتن صنعتن شيئًا محل افتخار.
9ـ هناك محطات في حياة كل إنسان، ومحطة التخرج من الذكريات العالقة، التي تبقى في نفس الطالبة أو الطالب، والناس الآن تريد أن تتعلم منكن فأنتن صنعتن مدرسة في التخرج والعهد والقسم، وفي كل ما يمت إلى القيم من مسائل، وأنتن القيمة الحقيقية التي نعتز بها.
10ـ نحن نأنس بالاحتفال أكثر منكن، فعندما نرى هذه الطاقات، ونرى بناتنا وهن يشقنَ طريق الحياة بهذا المظهر المهم والروحاني وبهذه الهيئة، فأنتن صنعتن شيئًا محل فخر واعتزاز لنا جميعا.
اعضاء معجبون بهذا
جاري التحميل
ثقافية
عدد الاعجابات بالمقال :1
عدد التعليقات : 0
منذ 3 ايام
2025/10/17م
مأساة العقل: عندما نجيب عن أسئلة لم تُطرح الأستاذ الدكتور نوري حسين نور الهاشمي 16/10/2025 كم مرة أجابنا بسرعة، ظنًّا أننا نفهم، لنكتشف بعد ذلك أن السؤال لم يكن كما تصوّرنا هذه هي مأساة العقل، الذي يسبق الفهم بالعجلة، ويختزل الحقيقة في صورة الإجابة الأولى. في مسيرتي الأكاديمية الطويلة، التي تشعّبت بين... المزيد
عدد المقالات : 84
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 6 ايام
2025/10/14م
كثيرًا ما تحسم مصائر الشعوب والدول سياسيًا من خلال المعارك العسكرية الفاصلة التي تكون بداية توجه سياسي جديد يختلف عن النمط السابق. ولعل أهم معركة سياسية في تاريخ إنجلترا كانت معركة هيستينغز الشهيرة عام 1066، التي غيرت مجرى التاريخ الإنجليزي تمامًا على جميع الأوجه سياسيًا واجتماعيًا واقتصاديًا، بل... المزيد
عدد المقالات : 53
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 1 اسبوع
2025/10/12م
يمر العراق اليوم بأزمة سياسية خانقة تمثل حصيلة مباشرة لتراكمات اثنين وعشرين عاما من سوء إدارة الحكم وتغول الأحزاب السياسية في بنية الدولة والمجتمع. لقد أفضت تلك الحقبة إلى انهيار شبه شامل في مستويات الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، بحيث غدا المواطن العراقي يشعر بالاغتراب عن دولته، تماما... المزيد
عدد المقالات : 6
عدد الاعجابات بالمقال :1
عدد التعليقات : 0
منذ 3 اسابيع
2025/10/01م
بحر آرال كان في منتصف القرن العشرين رابع أكبر بحيرة داخلية في العالم، يقع بين كازاخستان وأوزبكستان. غير أن المشاريع السوفيتية في الستينيات، التي حولت مجاري الأنهار المغذية له لريّ القطن، تسببت في انكماشه بشكل كارثي. خلال عقود قليلة فقد البحر أكثر من 90 من مساحته، وانقسم إلى أجزاء صغيرة مع تدهور بيئته... المزيد
عدد المقالات : 53
أدبية
عدد الاعجابات بالمقال :1
عدد التعليقات : 0
منذ شهرين
2025/08/13م
رُوَّادُ الولاء : شعراء أضاءوا بالحقِّ فطُمِسَ نورُهم لطالما تهادت على بساط التاريخ أسماءٌ كالشموس، بينما توارت في حنايا الظل أسماءٌ أُخر، لوّحتْ أقلامُها بمِدادٍ من لهيبٍ لا يقلُّ حممًا عن دماء السيوف في ساحات الوغى. أولئك كانوا حَمَلَةَ هَمِّ آل البيت الكرام، فكانت قصائدُهم صرخةَ حقٍّ تُردِّدُها... المزيد
عدد المقالات : 60
عدد الاعجابات بالمقال :1
عدد التعليقات : 0
منذ شهرين
2025/08/13م
في قريةٍ صغيرةٍ محاطةٍ بجبالٍ شاهقة، عاش رجلٌ يدعى هشام، معروفٌ بحكمته وطيب قلبه، لكنه كان يعاني من فقرٍ شديد. رغم ذلك، لم يشكُ يومًا ولم يطلب من أحد، بل كان دائم التوكل على الله. في ليلةٍ شتويةٍ عاصفة، ضاعت ماشية أحد أغنياء القرية في الجبال. أرسل الرجل خدمه للبحث، لكنهم عادوا خائبين. حينها، تقدم هشام... المزيد
عدد المقالات : 12
عدد الاعجابات بالمقال :1
عدد التعليقات : 0
منذ شهرين
2025/08/12م
في فضاءات القصيدة العراقية، ينهض فالح حسون الدراجي كصرحٍ شعريٍّ نادر، يُجسّد آلام أمةٍ وهموم وطنٍ مزقته رياحُ الظلم. إنه ليس مجرد شاعرٍ ينسج الكلمات، بل **مؤرِّخٌ للجرح** بصوته الشعبي الصادق، و**مناضلٌ بالكلمة** في ساحات المواجهة ضد الطغيان. فشعره **سيفٌ مصقول** من حقائق المعاناة، و**مرآةٌ عاكسة** لتاريخ... المزيد
عدد المقالات : 60
عدد الاعجابات بالمقال :1
عدد التعليقات : 0
منذ شهرين
2025/08/12م
في زاوية السوق، جلس رجل أشيب، يضم كفيه الفارغتين إلى صدره كمن يحمي كنزًا لا يُرى. كان اسمه "يعقوب"، رجل عُرف يومًا بحكمته الراجحة ولسانه البليغ، لكنه اليوم بات شبحًا لمن كان. نشب خلاف بين تاجرين، وارتفعت الأصوات، فتوجهت الأنظار إلى يعقوب، الذي كان الحَكم في مثل هذه النزاعات. قال أحدهم: "يا يعقوب، احكم... المزيد
عدد المقالات : 12
علمية
سلسلة مفاهيم في الفيزياء الجزء السبعون: الدالة الموجية دون اختزال نظريات الكم في بحثها عن الحقيقة الأستاذ الدكتور نوري حسين نور الهاشمي 20/10/2025 تُعد نظريات المتغيرات المخفية، التي تتعامل مع الدالة الموجية بوصفها "موجة دليلية" (pilot wave) ، من بين... المزيد
تنتمي زهرة الزعفران إلى مملكة النباتات، وفئة وحيدة الفلقة، وعائلة القزحيات، وهي من بين 75 نوعًا ينتشر في جميع أنحاء العالم، وتُعد من النباتات بطيئة النمو. الموطن الأصلي لزهرة الزعفران: يعود أصل الزهرة إلى جبال الألب، ومنطقة البحر الأبيض... المزيد
سلسلة مفاهيم في الفيزياء الجزء التاسع والستون: الوجود خارج المكان والزمان: تأملات في طبيعة الدالة الموجية الأستاذ الدكتور نوري حسين نور الهاشمي 16/10/2025 نحن كائنات واعية، قادرة على استقبال المعلومات من خلال حواسنا عن الواقع الذي نعيش فيه والذي... المزيد
آخر الأعضاء المسجلين

آخر التعليقات
علماء السنة يقولون ما أخذنا العطاء حتى...
عبد العباس الجياشي
2024/12/20م     
دور الجغرافية في حماية الغلاف الجوي من...
علي الفتلاوي
2025/08/12م     
تجربة شخصية ومراجعة علمية لحالة حنف القدم:...
محسن حسنين مرتضى السندي
2025/06/15م     
اخترنا لكم
إصدارات
2025/09/29
صدر عن قسم الشؤون الفكرية والثقافية في العتبة العباسية المقدسة، كتاباً توثيقياً حمل عنوان: (تاريخ السدانة في العتبة العباسية...
المزيد

صورة مختارة
رشفات
الإمام الحسن العسكري (عليه السلام)
2025/09/29
( مَن صبر أُعطي التأييد من الله )
المزيد

الموسوعة المعرفية الشاملة
القرآن وعلومة الجغرافية العقائد الاسلامية الزراعة الفقه الاسلامي الفيزياء الحديث والرجال الاحياء الاخلاق والادعية الرياضيات سيرة الرسول وآله الكيمياء اللغة العربية وعلومها الاخبار الادب العربي أضاءات التاريخ وثائقيات القانون المكتبة المصورة
www.almerja.com