حسن الهاشمي
في عصر المصلح الموعود كما ألمحنا تذوب المذاهب والقوميات والوطنيات، بل ترتقي الى مستوى عقلي متكامل يسمو الى الانفتاح وقبول الآخر النوعي على أساس التقوى والفهم والعلم، ربما التعمق في نبش الموروث العقدي بين المذاهب يوسع من دائرة الخلافات، وانها بطبيعة الحال تؤسس لبيئة رافدة للشحن القومي والوطني المؤطر باطار الأنانية والعنصرية والشوفينية، والمصلح الموعود اذا ما جاء فانه سيلغي المذاهب وسيعم العالم الاسلام المحمدي الأصيل، وبذلك ستذوب جميع السلبيات في الإنتمائين القومي والوطني بل ستتجذر فيهما حب الخير والمسارعة في تقديم الأفضل في كل مجالات الحياة، وسيمهد الطريق مشرعا أمام التقدم في العالم سواء في التكنولوجيا المتطورة او النظريات الاقتصادية الناهضة.
لا يخفى ان الغرب تطور كثيرا من الناحية التكنلوجية، وفي الوقت نفسه هناك شرائح كثيرة في امريكا وفي اوربا متدينة ومؤمنة بالسيد المسيح (ع) تنتظر عودته ورجوعه، فالشعوب المسيحية في الغرب شيء وحكوماتهم شيء آخر، هؤلاء وفي مناسبات متعددة يدعون الناس الى انتظار المسيح وعودته الى الارض، اذن هم مشتركون معنا في انتظار المسيح، وعندما تحدثهم عن انتظار المسيح (ع) وان المهدي يظهر ايضا ويتعاونان معا لإصلاح العالم تنشرح قلوبهم، قال رسول الله صلى الله عليه وآله: (إن خلفائي وأوصيائي الاثني عشر أولهم أخي، وآخرهم: ولدي، قيل: يا رسول الله من أخوك قال: علي بن أبي طالب، قيل من ولدك قال: المهدي الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا، كما ملئت جورا وظلما، والذي بعثني بالحق بشيرا، لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يخرج فيه ولدي المهدي، فينزل عيسى بن مريم، فيصلي خلفه، وتشرق الأرض بنور ربها، ويبلغ سلطانه المشرق والمغرب) كمال الدين للصدوق: 27/280. وهذا ليس من مختصات أتباع أهل البيت عليهم السلام، بل ما اجمع عليه المسلمون قاطبة بانصهار المسيحية في المهدوية لهداية العالم وتحقيق حلم الأنبياء في ارساء العدالة في كافة مجالات الحياة، يقول الحافظ السيوطي في الحاوي للفتاوى: (هذا من أعجب العجب، فإنّ صلاة عيسى خلف المهدي ثابتة في عدّة أحاديث صحيحة بإخبار رسول اللّه، وهو الصادق المصدّق الذي لا يخلف خبره) الحاوي للفتاوي 2 / 167.
وحسب ما ينقل من الأخبار والاحاديث ان المصلح الموعود يظهر من مكة ثم يتجه الى العراق والى الشام والى القدس، وفي ثمانية اشهر يوحّد العالم الاسلامي، يفاجئ الغرب بتتابع الاحداث ثم يبدأ بالاستعداد لحرب الامام المهدي (ع) خاصة عندما يرى انكسار اليهود، في هذه الفترة ينزل المسيح (ع) الذي ادّخره الله عز وجل من اجل مساعدة خاتم الاوصياء في اقامة دولة العدل الالهي على الأرض، وحيال ذلك ينقسم الغرب الى قسمين: قسم مع المسيح والامام المهدي (ع)، وقسم مع الحكومات الغربية، والنتيجة الحتمية لهذا الصراع هي انتصار جبهة التوحيد المهدوية العيسوية على جبهة الكفر الغربية، وبهذا تتحقق ارادة الله تعالى في انتزاع وراثة الأرض من الطبقة المستكبرة الى الطبقة المستضعفة، وهو انتصار الحق على الباطل والفضائل على الرذائل والعدالة على المحسوبية، وهو حلم طالما كان يراود المستضعفون في الأرض؛ لما لحق بهم من حيف وظلم من قبل الطواغيت منذ بدء الخليقة لحين ظهور المنقذ.
أجمع المسلمون على أنّ عيسى المسيح ينزل من السماء إلى الأرض في آخر الزمان، وفي تفسير قوله تعالى: (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا) النساء: 159. إنّ الآية الشريفة تشير إلى نزول عيسى بن مريم في آخر الزمان، وأنّ عيسى هو آية من آيات الساعة، وحين ينزل إلى الأرض يؤمن به أهل الكتاب من النصارى واليهود. تفسير القرطبي: الآية الشريفة.
حسب ما يقوله الشيخ علي الكوراني في کتاب "عصر الظهور" عند نزول المسيح تَعُمَّ العالم المسيحي مظاهرات عارمة ويعتبر المسيحيون انّ ظهور نبيّهم هو نصرٌ لهم أمام المهدي عند المسلمين، فيظهر الله على يده المعجزات ويهتدي على هداه أعداد كبيرة، ثم يعقد اتفاقية الهدنة مع المهدي حتی لا يكون عداء بين الدول الغربية والإسلامية. عصر الظهور للشيخ علي الكوراني العاملي: 1 / 308.
وقد تكون صلاة عيسى خلف المهدي بعدما تنقض الدول الغربية معاهدة الهدنة وتحشّد جيوشها لغزو المنطقة وحرب المهدي، عند ذلك يتخذ المسيح موقفه الصريح إلى جانب المسلمين ويدعو قومه إلى مناصرة المهدي في حربه ضد الاستكبار العالمي، وهذا ما سيسرّع في سقوط كثير من دول العالم المسيحي بيد شعوبها التي ترفض المشاركة في أي حرب تكون ضد المهدي والمسيح. عصر الظهور للشيخ علي الكوراني العاملي: 1/24ـ25.
ثم يدعو المسيح قومه المسيحيين واليهود لترك المسيحية واليهودية والدخول في الإسلام فيصلي خلف الإمام المهدي كي يتبعوه في أفعاله وأقواله، وصلاته خلف المهدي هي دعوة لقومه للاقتداء به ودخولهم الإسلام، لأنّ الإسلام هو آخر الأديان ومن لا يسلم فهو من الخاسرين في الآخرة، فيتمكن المسيح من نصرة المهدي في إرساء العدل وبسطه في ربوع العالم، ثم يهزم الغربيين في معركتهم، ويدخلوا إلى عواصمهم ويستقبلوهما أهلها بالهتاف والتكبير. نزول عيسى من السماء ونصرته الإمام المهدي عليهما السلام، نسخة محفوظة 29 يونيو 2008 على موقع واي باك مشين.
هل خروج الامام المهدي (ع) والتحاق النبي عيسى به يواكب العصرنة التي نعيشها في الوقت الحاضر في معرض الاجابة عن هكذا تساؤل لابد ان نوضح ان البشرية جربت انواع الانظمة وفشلت، وكلما فشلت البشرية في تحقيق العدل على وجه الارض تقترب أكثر من تقبل دولة العدل الالهي على يد الامام وهي ختام الدول على وجه الارض التي تمتد الى يوم القيامة، وكما هو معلوم ان كل نبي يرسل بلسان قومه، فانه يستعمل الوسائل الموجودة في عصره وربما يطوّر تلك الوسائل كما تدل الاحاديث، والامام المهدي (ع) ليس استثناء من تلك القاعدة، بل انه سيطور الوسائل العلمية والتكنلوجية والالكترونية والحربية وغيرها وستظهر منه الكرامات والمعجزات وسينصره الله عز وجل بالقوة والمنعة والعلم والتقدم والتطور، فالالتحام المهدوي العيسوي بما يمثلانه من امتدادات ثقافية واجتماعية ودينية ـ هو التحام القيم بالعصرنة، والتحام التكنلوجيا بالأخلاق، والتحام الشرق بالغرب، هذا الالتحام الذي يذوّب جميع العناوين في بوتقة العدل الإلهي.







وائل الوائلي
منذ يومين
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)
قسم الشؤون الفكرية يصدر مجموعة قصصية بعنوان (قلوب بلا مأوى)
EN