خلقت الزراعة منذ نشأتها ظروفا مناسبة لتطور أمراض النباتات المزروعة عن طريق تكثيف المجتمعات النباتية على بعض المساحات، والزراعة المتتالية لصنف واحد على مساحات واسعة في نفس المكان. وهناك الكثير من الامثلة عبر التاريخ عن الكوارث التي ألحقتها الأوبئة بالإنسانية وشعوبها محدثة مجاعات، وهجرة أعداد كبيرة من سكان بعض المناطق، وموت مئات الالوف من البشر. ومازالت الامراض النباتية تسبب خسائر فادحة على الكثير من المحاصيل الحقلية، ومحاصيل الخضار، وأشجار الفاكهة والغابات، وتعقد لها ندوات خاصة، وتهدر الكثير من الاموال في مكافحتها.
تعتبر الامراض الفطرية في المرتبة الأولى من حيث أهميتها بين مسببات امراض النبات، ومن الأمثلة على الكوارث والخسائر التي سببتها الامراض الفطرية ما يلي:
في بداية القرن الثامن عشر (1722)، أهلك الجيش الروسي بعد أن كان على وشك سحق العثمانيين، وذلك بعد استهلاكه لطحين الشيلم المسموم بقلويدات الإرجوت Ergot alkaloids الناتجة عن الأجسام الحجرية للفطر Claviceps purpurea المسبب لمرض مهماز الشيلم، وهذا الحدث سمح للإمبراطورية التركية بالبقاء أيضا لمدة 200 سنة أخرى.
في عام 1846، أدى دخول الفطر Phytophthora infestans المسبب لمرض اللفحة المتأخرة على البطاطا إلى إيرلندا إلى حدوث مجاعة حقيقية أدت إلى موت أكثر من مليونين من السكان، وهجرة حوالي مليون من الشباب إلى العالم الجديد. كما قضي هذا المرض على زراعة البطاطا في ألمانيا عام 1916، وأدى عام 1917 إلى مجاعة بين السكان المدنيين، مما زعزع قوى الحرب عند الألمان.
أمراض النبات جعلت الإنكليز يتحولون إلى شرب الشاي، بعد أن كانوا من شاربي القهوة حتى عام 1880 تقريبا. ففي تلك الفترة دمرت أشجار القهوة في سيلان (سيريلانكا) بعد إصابتها بمرض صدأ القهوة المتسبب عن الفطر Hemileia vastatrix مما أدى إلى استبدالها بأشجار الشاي.
كما أن ظهور وانتشار أمراض جديدة أدى وما زال يؤدي دورا محددا في توفر السلع الزراعية من جهة، وفي أسعارها من جهة أخرى. ومن بين الأمثلة على ذلك انتشار مرض البياض الزغبي على التبغ في أوروبا عام 1960 مدخلا من أمريكا من قبل أحد الهواة. وفي عام 1970، انتشار الوباء المدمر بالفطر Helminthosporium maydis على الذرة الصفراء في الولايات المتحدة الأمريكية نتيجة التجانس الوراثي الكبير للأصناف المزروعة. وفي عام 1972، انتشار الموجه الثانية من مرض الذبول الوعائي على الدردار المتسبب عن الفطر Ophiostoma noviulmi في أوروبا الغربية، وانتشار صدأ القهوة في أمريكا الجنوبية، وأنثراکنوز القهوة في أفريقيا.







وائل الوائلي
منذ يومين
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)
قسم الشؤون الفكرية يصدر مجموعة قصصية بعنوان (قلوب بلا مأوى)
EN