Logo

بمختلف الألوان
في وطنٍ تئنُّ روحه من ثِقل الأيام، وتتوقُّ أجياله إلى فجرٍ يمحو ظلام اليأس، انبعث نورٌ من قلب مدينة مقدسة، نورٌ يملأ الوطن ضياءً، وأيدٍ أمينة تعانق آماله واحلامه. سطع نور العتبة العباسية المقدسة، التي لطالما كانت مَوئِلاً للعلم والمعرفة، لتتجاوز دورها الديني وتصبح حاضنة حقيقية للطاقات الشابة،... المزيد
أخر المواضيع


مرحبا بكَ زائرنا العزيز
نتمنى أن تكون في تمام الصحة والعافية

تحذير! هل انت متأكد من حذف هذا المقال مع الردود عليه ؟
قـراءة في شــعـر بعض فـحـول الـشعـر

منذ 8 سنوات
في 2017/10/10م
عدد المشاهدات :2600
عزيزي القارئ ...

اليوم لم اقرأ لك في كتاب ، وانّـما هي قراءة لأبيات من الشعر لشعراء يُـشار اليهم بالبنان وهم بلا ريب فرسان البيان ولكن لكل جواد كبوة ولكل سيف نبوة ، وان حصل هذا فلا يقدح بشاعريتهم او يقلل من منزلتهم ، ومهما حاول الانسان بـلوغ الكمال فلا يـسـتطيعه ويـبقى الكمال لله وحـده ، وما من انسان مهـما بلغ من العـلم إلّا وتُـدركه حـالة من الضعف أو الـوهـن والتهافت وأحياناً الخَطَل وما نُعِتَ شاعرنا بالاخطل الا لخَطَلٍ حصل له في أحد ابياتِ قصيدةٍ قالها .
ومدار حديثي اليوم يدور عن شاعرنا المتنبي وآخـرين من فـحول الـشعراء :
حيث وقفتُ على بعض اشعاره التي كثيراً ما نرددُها او نتمثلُ بها على سبيل الحكمة فتكون فيصل المتمثلِ بها أمام خصمهِ ومن هذه الامثال قول شاعرنا المتنبي :
وإذا أتَتْكَ مَذَمّتي من نَاقِصٍ ... فَهيَ الشّهادَةُ لي بأنّي كامِلُ
فالمتنبي أسند حُجّته بالكمال الى شخص ناقص ، والناقص إمّـا ان يكون بالعقل او بالدين او بالعِرْض وعلى هذا يدورُ كلامي ، أقول : كيف مـرّ هذا الـبـيت على الـمتـنـبي أولاً وعلى سامعـيه ومتعاوريهِ ثانياً ونحن نردده من دون ان نَـعِيَ معـناه والمعروف شرعاً وعقلاً ان الانسان الناقص في احدى هذه النقائص لا يؤخذ بـشهادته لكونه لا يتمتع بالاهلية الشرعية أو القانونية ، ومن خلال هذا التوضيح يتبين لنا ان بيت الشعرمختل المعنى ولا يقوم على الحكمة كما تصورناه ، وعلى القارئ ان لا يسـتـشهد به مـسـتقبلاً لخلـوّه من الغرض المطلوب .
ومع المتنبي أيضاً في قصيدته الرائعة :
مغاني الشعب طيباً في المغاني ... بمنزلة الربيع من الزمانِ
يتسلسل بوصفه الرائع الى أن يقول:
ولو كانت دمشق ثنى عناني ... لبيقُ الثردِ صينيّ الجفانِ
يلنجوجيّ ما رُفعتْ لضيفٍ... به النيرانُ نـدّي الدُخانِ
أقول : ما كان أغنى الشاعر عن هذين البيتين ، وليته طرحهما عن هـذه الـقـصيدة التي تـفيض عذوبة ًوتنطف سحراً ، ولا احسبه الا انه كان جائعاً ساعتها فتذكرالثريدَ الدمشقي المطبوخ بعود اليلنجوج العطر ، والذي لا يُعمل ذلكَ الثريد الا للخاصة من امثاله فأراد تسجيل مشاعر الجوع مع مشاعره المأخوذة بالطبيعة الساحرة ، فالتقتا في شعب بوان في هذين البيتين .
ومن شاعرنا المتنبي أنتقلُ الى شاعرنا أبي تمّـام وقوله في قصيدة يرثي بها أحد الامراء والتي مطلعها :
كذا فليَجلَّ الخطبُ وليَفدحِ الأمرُ... فليسَ لعين لم يفضْ ماؤها عذرُ
الى ان يقول :
ونفسٌ تعافُ العارَ حتى كأنَّه ... هو الكفرُ يومَ الروعِ أوْ دونَه الكفرُ
وما ماتَ حتى ماتَ مَضرِبُ سيفهِ ... مِنَ الضَّرْبِ واعْتَلَّتْ عليهِ القَنا السُّمْرُ
الى ان يقول في بيته الآتي :
وقد كانَ فَوْتُ المَوْتِ سَهْلاً فردَّهُ... إليه الحِفاظُ المرُّ والخُلُقُ الوَعْرُ
وهذا هو ما اُريد الوقوفَ عليه ؛ فالشاعر وصف المُرثى أنّهُ كان قادراً على الفرار والتخلص من القتل وبذلك الفـوتِ يـفـوتُ على الموتِ ، إلا أنّ [ المُرثى ] كان صاحب حـفاظ وهـذا الحفاظ مرٌّ لايمكن أن يتجرعَهُ إلا ذو النفس الكبيرة وهـو المُرثى ، وأنّ صاحبَ الحفاظِ الـمُـرِّ هـذا مقـرون بـوعرةِ الاخلاق ِ، وهـذا من غريب الوصف لأن الاخلاق الرفـيعة لاتوصف بالـوعـورة ولا بالخـشونة وانما توصف بالدماثة و بالسهولة واللين ،ولا ادري كيف مـرّت هذه العبارةُ على السامعين حينها وكيف تقبلوها منه والمُرثى رجل ذو مكانة
ويشاكل هذه الكلمة في الاستعمال غير المناسب قول شاعرنا الجواهري في مطلع قصيدته التي يقول فيها :
أطْبِقْ دُجى ، أطْبِقْ ضَبابُ ... أطْبقْ جَهاماً يا سَحابُ
فالشاعر استعمل كلمة (جهامٍ ) وهو يُريد بها السحاب الثقيل القادم بالويل على من يعنيهم ،إلّا أن الجهامَ جاءت على غير المعنى المقصود ؛ لأن الجهام هو الغيم الخفيف الابيض وليس فيه شيئ من الماء ، فالكلمة هـنا في غير موضعها وكان بامكان الشاعر ابدالها .
ومع الجواهري نبقى ففي قصيدته (طنج) المنشورة في ديوانه المطبوع عام 1980 على نفقة وزارة الثقافة والاعلام يقـــــول :
[ لله درّك lt طنج gt من وطنٍ ... وقف الدلال عليه والغنجُ ]
[ الليل عن جفنيك منطلقٌ ... والصبح عن عينيك منفرجُ ]
[ تتخالف الالوان في شفق ... ويلمّـها غـسق فـتـنـمزجُ ]
وعلى كلمة [ فتنمزج ] أقف لأقول :
ان الشاعر استعمل الكلمة العاميّة وهي كلمة غير فصيحة وليس فيها ما يثير في حين كان بامكانه ان يقول lt فتمتزج gt وهي الافصح والانسب والاجمل ، وفي نفس الجزء يقول شاعرنا الجواهري :
[ آليت أبرد حرّ جمري ... وأديل من أمر بخمري ]
[ وأقايض البلوى بأيـّة... بسـمة عن أيّ ثـغــر ]
الى أن يقول :
[ يتكالب الشـرّ المـحيــــقُ ... بها فيلجأ للأ شـرّ ]
وكلمة [ الأشر ] هي استعمال عامّي وصفة المبالغة lt أفعل gt لاتأتي في شر على الاشر .
ونظلُّ في (طنج) فيقول شاعرنا الجواهري :
[ تُغفينَ والاطيافُ حالمةٌ ... في كلِّ مغنى فيكِ تختلجُ ]
أقولُ : كان على الشاعر أن يتنبهَ الى أنّ الاطياف لا تحلم وإنّما تهيمُ وكان عليه أن يقول : [ تُغفينَ والاطيافُ هائمةٌ ] كما أنّ الاطياف بمعناها هي الاحلام ذاتُها .
ويقولُ الجواهري في الجزء السابع من ديوانه في قصيدته (سجا البحرُ) :
[ ولستُ بدارٍ هل أسمّيْ أشرّها ... بأمِّ المآسي أمْ بأمِّ المهازلِ ]
وكان بامكان الجواهري وهو القادر على أن يتفادى هذه المفردة العاميةِ [ أشرّها ] بمجرد تحريك الياء الساكنةِ في [ أسمّيْ ] فيكون صدر البيت كالاتي [ ولستُ بدارٍ هل أسمّيَ شرّها ..... الى آخر البيت ] ويتخلص من هذه المفردة العامية .
وفي الجزء السادس من ديوانه وفي مساء يوم الخميس الثاني من تشرين الاول عام 1975 يُـلقي الجواهري بـيـتـين من الـشـعـر ارتجالاً في حـفـل افـتـتاح الرابطة الادبية في النجف في موسمها الثقافي حيثُ قال :
[ مُقامي بينكم شُكرُ ويومي عندكم دهرُ ] ثم يُعرّجُ
جامع الديوان فيقول قرأ الشاعر البيت في قراءةٍ ثانيةٍ :
[ مُقامي بينكم شُكرُ... ويومي عندكم عُمْرُ ]
فـفي البيت الاول أراد الـشاعـر أن يصف يـومه بالـسـعادة والـبـهـجة حتى صار وكأنّهُ دهــرٌ ، وهذا ما لا يتفقُ مع ما أراد ؛ لأن الزمن في حال الـسـعادة لا يـوصف بالـطـول وإنّـما يـوصف بالقصر ، ولأنّ السعادةَ قصيرٌ أمدُها فلا توصف بالطولِ وربّما نـبّههُ أحدهم أو هو تنبه الى غلطهِ فأراد أن يتفادى ذلك بتعديل عجز البيتِ ولكنّه لم يُـوفّـق أيضاً ؛ لأنّ العمر مدى طويل يدل على ثقل الزمن وعلى الاغلب عدم ارتياح الشاعر في هذا الحفـل .
وفي الـجـزء نـفـسـه يـقـول الـشـاعـر في قـصيـدتـه ذكـرى وفـاة جـمـال عـبـد الناصر الـتـي الـقـاها في احـتـفـالـية تـأبـيـنه عام 1971 يـقـول شــاعـرنا :
[ يا أيُّها النسرُ المحلِّقُ يتّقي ... فيما يميلُ عواصفاً هوجاءا ]
[ ينقضُّ عجلاناً فيفلتُ صيدُهُ ... ويصيدُهُ إذْ يُحسنُ الابطاءا ]
وهنا لا أدري هل أراد الشاعرُ أنْ يُؤبِّـنَ أم اراد أن ينتقصَ ، وهو يعلمُ عِـلمَ اليقينِ أن النسور لا تصيدُ فرائسها وإنّما هي تأكلُ الجيف كما أنّ الشاعر جعل من المُـؤبَّـنِ إنـسانًا لا يتمتع بالبديهيةِ فهو يُخطئُ ولا يستطيعُ تحديد الهدف أو الوصول الى مبتغاه بفكرةٍ ألمعيةٍ ولا بسرعة العارضة ، ولا أظنه إلا اراد هذا المعنى بالذات فمرّر البيتَ ولم يلتفت الى قصده أحـدٌ من سـامعيه وهذه حـذلـقـة ُ شـاعـر إذا كان يـقـصـدُها .
وقد أحسن الشاعر أبو القاسم الشابي حين قال :
[ سأعيشُ رغم الداءِ والاعداءِ ... كالنسرِ فوقَ القمّةِ الشمّاءِ ]
حيث أصاب في تـشـبـيههِ ؛ لأنّ الـنـسـور لا تسكن إلا في قُـلـل الجـبال والمرتفعات العالية.
وفي قراءتي لديوان امير الشعراء شوقي وقـفـتُ في قصيـدته العـصماء (نهج الـبـردة) على استعماله اداة الشرط (مـهـمـا) في غير مكانها فيقول :
lt مهما دُعيتَ الى الهيجاء قمتَ لها ... ترمي بأسـدٍ ، ويرمي الله بالرُجُـمِ gt
فخطاب الشاعر الى الرسول صلّى عليه وآله وسلم خطاب الحاضر ولـو جـازَ إسـتعمالها فالافضل أن يـسـتـعملَ [ إذا ] فـيقول :
lt إذا دُعيتَ الى الهيجاء قمت لها ...... ترمي بأسدٍ ويرمي الله بالرُجُـمِ gt
وفي قصيدته lt ولد الهدى gt يقول :
والوحي يقطر سلسلاً من سلسلٍ ... واللوحُ والقلمُ البديعُ رَواءُ
فقد استعمل الشاعر كلمة lt يقطر gt والوحي لايقطر وإنّما يحمل ، فلو قال :
lt والوحي يحملُ سلسلاً من سلسل ... الى آخر البيت gt لكان بيت الـشعرأجمل لصورةِ الوحي وأمـتنَ في تـركـيـبتهِ ، وفي القصيدة نفسها يقول الشاعر:
[ اسم الجلالة في بـديع حروفهِ ... ألـفٌ هـنـالكَ واسـم طه الـباءُ ]
فقد استعمل اسم الاشارة هنالك وهي اشارة الى البعيد والله جل وتبارك وتعالى موجود وحاضرفي كل مكان والانـسـب كما أراه أن يـقـول : [ ألِـفٌ يُـوحّـدُ واسـم طه الباءُ ] ، وقـوله في القـصيدة نـفـسها :
واذا خـطـبت فـللمنابر هـِزّة ... تعـرو الـنـديَّ وللقـلوب بكاءُ
كان بامـكان الـشـاعرأن يقـول [ وللدنى إصغاءُ ] بدلاً عن [ وللقلوب بكاء ] ؛ لأن الرسالة المحمديّـة رسـالة عـامّـة تحملُ
الـخـيرَ لـكلّ البـشـريّـة وهي الـنـبـأ العظيم .
وبهـذا القـدر أخـتـتم قـراءتي وأقـول وللـشـعـراء في ما يـشـتهـون مـذاهب .

اعضاء معجبون بهذا

حين يسقط القناع: قراءة نفسية في تغيّر الصديق الطيّب
بقلم الكاتب : حنين ضياء عبدالوهاب الربيعي
كان يبدو صديقًا حقيقيًا، قريبًا للروح، تتحدث إليه فيفهمك دون أن تشرح كثيرًا. عاش بينك زمنًا من المودّة والصدق الظاهري، حتى ظننت أن صداقتكما من النوع الذي لا يتبدّل. لكنك كنتَ مخدوعًا أو بالأحرى كنت ترى الوجه الذي أراد أن يُريك إياه. فجأة تغيّر. صار يتصرف بسوء، يتحدث عنك في غيابك، يذكرك بأقبح الكلام،... المزيد
المزيد من المقالات الإجتماعية

المزيد من المقالات الثقافية

كان اسمها (زينب)  ويقال إن للإنسان نصيبا من اسمه،وهي كذلك،ترتدي الخُلق وتنطق... المزيد
ونحنُ في المشتاةِ ندعو الجَفَلَىٰ لا تُرى الآدِبَ فينا يُنتَقَرُ طرفة بن العبد... المزيد
مازلتُ غريقا في جيبِ الذكرياتِ المُرّةِ، أحاولُ أن أخمدها قليلا ؛لكنّ رأسها... المزيد
رُوَّادُ الولاء : شعراء أضاءوا بالحقِّ فطُمِسَ نورُهم لطالما تهادت على بساط... المزيد
في قريةٍ صغيرةٍ محاطةٍ بجبالٍ شاهقة، عاش رجلٌ يدعى هشام، معروفٌ بحكمته وطيب قلبه،... المزيد
في فضاءات القصيدة العراقية، ينهض فالح حسون الدراجي كصرحٍ شعريٍّ نادر، يُجسّد... المزيد
في زاوية السوق، جلس رجل أشيب، يضم كفيه الفارغتين إلى صدره كمن يحمي كنزًا لا يُرى. كان اسمه...
حين نتحدث عن الأجناس الأدبية التي تتصدر المشهد الثقافي العربي عامة، والعراقي خاصة، نُشَخِّص...
في رحاب الكاظمية المقدسة، وُلد جابر بن جليل كرم البديري الكاظمي عام 1956، ليكون نجمًا متألقًا...
كان يتذمر،والشكوی تضحك في فمه كيف يعلِّمني صبيٌّ علی كلٍّتلميذٌ صغير  وسأعيد تربيته أنا...


منذ 3 ايام
2025/11/16
احلفكم بالله ايها المحللون والاعلاميون اتركوا المنتخب العراقي وشأنه ولا تضعوا...
منذ 3 ايام
2025/11/16
سلسلة مفاهيم في الفيزياء الجزء السادس والسبعون: كون داخل الكون: العوالم المتعددة...
منذ 3 ايام
2025/11/16
منذ سنوات برزت ظاهرة من قبل بعض جماهير الاندية الكبيرة ضد نادي الزوراء وانتشرت...
رشفات
( مَن صبر أُعطي التأييد من الله )