بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ لله الذي أوضَحَ لنا سُبُلَ الهدى واليقين، وأوجبَ علينا التمسّكَ بشِرعَة الحقّ المبين، وأفضلُ الصلاةِ وأتمُّ التسليمِ على محمدٍ الأمين، خير الورى وسيدِ الأنبياء والمرسلين، وعلى آله الهداة الميامين..
السلام على الإمامين الهمامين الكاظمين الجوادين.. السلام عليكما وعلى آبائكما وأبنائكما الميامينَ الغُرَر، ما طلعَت شمسٌ وما أضاءَ قمَر..
السلام على صاحب الطلعة الرشيدة والغرة الحميدة الإمام الحجة بن الحسن العسكري..
السلام على الشهداء السعداء.. الساعين إلى الموت والفناء.. طاعة لله ورسوله واستجابة لفتاوى العلماء..
السادةُ الحضور.. أصحابُ السماحة.. الشيوخُ الأفاضل.. الضيوفُ الكرام.. السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته..
مرّ العراق بأيام عصيبة وتعرض إلى شتى أنواع المحن والخطوب إذ عانى شعبه الجريح من نير الاحتلال والظلم والجور.. وفرض المحتلون قيودا إثر قيود لنشر الجهل والفقر بين أفراد المجتمع لغرض السيطرة عليه سيطرة كاملة.. إلا أن ذلك لم ينجح طويلا لوجود مرجعية دينية يستقر عرينها في النجف الأشرف بجوار أسد الله الغالب علي بن أبي طالب عليه السلام.. وهكذا تم استنهاض الهمم وإيقاد الحس الديني والوطني حتى اندلعت الثورة العراقية الكبرى (ثورة العشرين) قبل مئة عام وهي أول ثورة وطنية في تاريخ العراق الحديث خاضها الشعب العراقي بكل طوائفه لتكون عنوانَ وحدتهم تحت قيادة شعبية موحدة من كافة فئات الشعب العراقي تحت إشراف المرجعية الدينية العُليا آنذاك بإعلان الجهاد وإشعال فتيل الثورة حتى هزت العرش البريطاني وقضّت مضاجع الغزاة المحتلين، والتفت الجماهير حولها فكان من ثمرات هذه الثورة إعلان العراق كدولة رسمية تحت حكم النظام الملكي.
نعم.. إنها مفخرة العراقيين لأنها كانت المفتاح الأول لتأسيس الدولة العراقية وبنائها ولأن المرجعية الدينية العليا تصدر من سراج واحد فإن ثوابتها لا تتغير.. لذا تكرر المشهد في السنوات الأخيرة وصدرت بيانات وفتاوى من المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف بعد الاحتلال لبناء الدولة وكتابة الدستور وتنظيم الانتخابات كذلك فتوى الجهاد الكفائيّ المباركة التي أعلنت في الصحن الحسيني الشريف في يوم الجُمعة الرابع عشر من شعبان عام 1435 هجري الموافق الثالث عشر من حزيران عام 2014 ميلادي ضد العصابات التكفيرية بعد تدنيسهم أرض العراق وانتهاك الحرمات والقتل والتهجير وسلب الأموال، فكان لها دور فعال في القضاء على المجموعات التكفيرية واستعادة الارض العراقية بعد التفاف الجماهير حولها.
وانطلاقا من الواجب الأخلاقي والتاريخي تجاه صفحات المجد والعلى في تاريخ العراق الحديث ولمناسبة الذكرى المئوية لثورة العشرين سعت الامانة العامة للعتبة الكاظمية المقدسة في هذه الرحاب الطاهرة للإمامين الكاظمين الجوادين عليهما السلام إلى إقامة هذا المؤتمر العلمي السنوي بنسخته التاسعة لتسليط الضوء على دور المرجعية الدينية العليا في بناء الدولة العراقية خلال مئة عام والذي ينعقد تحت شعار (المرجعية الدينية.. تعدد أدوار ووحدة هدف) ليكون ثمار هذا المؤتمر وما يتمخض عنه.. عملية تدوين وتوثيق علمي ومهني لدور المرجعية الدينية خلال قرن من الزمان لإغناء المكتبات بنتاجات الإخوة الباحثين أعزهم الله كي تكون متاحة للباحثين والدارسين وتعريف الأجيال القادمة بتلك الأدوار المصيرية.
أشكركم جميعاً لحضوركم وأشكر جميع الجهود الساعية لإنجاح هذه التظاهرة الثقافية خاصة وأنها متعلقة بجهة لطالما كان همها الاول والاخير إحقاق الحق ورفع الحيف والجور عن الناس مهما كانت طائفته واختلفت في العرق واللون ألا وهي المرجعية الدينية العليا سائلا الله تعالى في الختام أن يحفظها لا سيما صمام العراق سماحة آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني دام ظله الوارف.. حفظ الله البلاد والعباد من كل سوء وبلاء إنه مجيب سميع الدعاء.
رئيس اللجنة التحضيرية
خادم الإمامين الكاظمين الجوادين عليهما السلام
الأمين العام للعتبة الكاظمية المقدسة