المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 16575 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
المقاومة الحشرية لمبيدات الحشرات الحيوية
2024-06-16
رع موسى المدير الملكي.
2024-06-15
الموظف توتو.
2024-06-15
بارت نفر ساقي الفرعون.
2024-06-15
باك مدير أعمال محاجر الجبل الأحمر.
2024-06-15
الموظف محو رئيس الشرطة.
2024-06-15

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


الاخبارالقراني عن نجاح الإسلام والرسول  
  
983   04:45 مساءاً   التاريخ: 27-01-2015
المؤلف : الشيخ جعفر السبحاني
الكتاب أو المصدر : مفاهيم القران
الجزء والصفحة : ج3 ، ص370-376.
القسم : القرآن الكريم وعلومه / الإعجاز القرآني / الإعجاز الغيبي /

قال سبحانه : { يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالهُدَىٰ وَدِينِ الحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ المُشْرِكُونَ } [ التوبة : 32 ـ 33 ] .

ويقرب منهما ما ورد في سورة الصف 8 ـ 9 ، باختلاف يسير ) فأظهره على الدين كلّه أعزّ اظهار ، اُرغمت به آناف المشركين ، وقبض ولحق بالرفيق الأعلى ، ولم يبق في الجزيرة العربية وثن ولا وثني ، ولأعلام التفسير حول الآية كلمات تفسر الآية بغير ما ذكرناه.

قال صاحب المنار بعد ما حقّق وفصل أن الإسلام هو الدين الوحيد الذي يصلح لأن يكون عالمياً ، ويظهر على الدين كلّه ، وأنّه صح عن النبي (صلى الله عليه واله وسلم )  : « أنّ الله زوى لي الأرض مشارقها ومغاربها وسيبلغ ملك اُمتي ما زوى لي منها » ، قال : ومن العلماء من يقول إنّ بعض البشارات هذه لا يتم إلاّ في آخر الزمان عند ظهور المهدي وما يتلوه من نزول عيسى بن مريم (عليه السلام) من السماء وإقامته لدين الإسلام (1)

وفسّر الطبرسي « الظهور » بالغلبة بالحجة والقهر معاً ، وقال أي ليظهر دين الإسلام على جميع الأديان بالحجة والغلبة والقهر لها حتى لا يبقى على وجه الأرض دين إلاّ مغلوباً ، ولا يغلب أحد الإسلام بالحجة وأهل الإسلام يغلبون أهل سائر الأديان بالحجة ، وأمّا الظهور بالغلبة فهو أنّ كل طائفة من المسلمين قد غلبوا على ناحية من نواحي أهل الشرك ولحقهم قهر من جهتهم.

وقيل : أراد عند نزول عيسى بن مريم فانّه لا يبقى أهل دين إلاّ أسلم أو أدّى الجزية ، وقال أبو جعفر (عليه السلام)  إنّ ذلك يكون عند خروج المهدي من آل محمد فلا يبقى أحد إلاّ أقرّ بمحمد (صلى الله عليه واله وسلم )  ، وقال المقداد بن الأسود سمعت رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم )  يقول : لا يبقى على ظهر الأرض بيت مدر ولا وبر إلاّ أدخله الله كلمة الإسلام أمّا بعزّ عزيز وأمّا بذل ذليل ... (2)

وقال في موضع آخر : وفي هذه دلالة على صحّة نبوّة نبيّنا محمد (صلى الله عليه واله وسلم )  لأنّه سبحانه قد أشهر دينه على جميع الأديان بالاستعلاء والقهر واعلاء الشأن كما وعده ذلك في حال الضعف وقلّة الأعوان. روى عباية : أنّه سمع أمير المؤمنين يقول : { هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالهُدَىٰ وَدِينِ الحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ } أظهر بعد ذلك ؟ قالوا : نعم ، قال : كلا ، فوالذي نفسي بيده حتى لا تبقى قرية إلاّ وينادى فيها شهادة أن لا إله إلاّ الله بكرة وعشياً (3)

نعم يمكن أن يقال : المراد من الظهور معناه الجامع العام أي الظهور والغلبة أعم من الغلبة بالبرهان والحجة والغلبة بالقدرة والسيطرة ، ثم الظهور أعم من الظهور على الشرك والوثنية السائدة في الجزيرة العربية يوم نزول الآية ، والظهور على الشرائع كلها ، في مشارق الأرض ومغاربها ، فللظهور مراتب ودرجات تحقق بعضها في عصر الرسول والبعض الآخر بعده (صلى الله عليه واله وسلم )  والدرجة العليا منها إنّما تتحقق بظهور المهدي من آل محمد « عجل الله تعالى فرجه ».

على أنّ هنا آيات تنبّأت بمستقبل الإسلام ونجاحه نجاحاً باهراً مثل قوله سبحانه : { كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الأَمْثَالَ } [ الرعد ـ 17 ].

فتنبّأ بأنّ الإسلام سيخلد ويبقى ، وأنّ الباطل والوثنية سيذهب جفاء ، أخبر بذلك في الوقت الذي كان فيه المسلمون في مكة مضطهدين مستضعفين يخافون أن يتخطّفهم الناس ، وقريب منه قوله سبحانه : { أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ } [ إبراهيم : 24 ـ 25 ] فالمراد من الكلمة الطيبة ، هي كلمة التوحيد وما يتفرّع عنها من أحكام وفروع ، فالاعتقاد بالله سبحانه ووحدانيته هو الأصل الثابت والمحفوظ من كل تغير وزوال ، ومن طروء أي بطلان عليه ، وتتفرّع عنها أحكام ونسك وأخلاق زاكية وأعمال صالحة يحيى بها الانسان ، ويعمّر بها المجتمع ، وتعطي اُكلها وثمارها التي هي عبارة عن صلاح المجتمع الانساني وتكامله كل حين.

فالآية تشير إلى أنّ العقائد الحقّة وما يتفرع عنها من الأحكام ، كشجرة طيبة فكما هي تضرب عروقها في الأرض وتعلوا أغصانها إلى السماء ، ويتظلّل بها الناس ، ويستفيد من ثمارها القريب والبعيد ، فهكذا الدين الحق والكلمة الطيبة التي هي كلمة التوحيد والإسلام ، سوف تستقر في قلوب الناس ، وتضرب عروقها في ضمائرهم وقلوبهم ، وترفع أغصانها في مظاهر حياتهم ، يتظلّل بها العرب والعجم ويستفيد من آثارها الداني والقاصي ، وبها يستقر السلام العام وتأمن سعادة الناس ، وبها يتكامل المجتمع البشري في مراحل الحياة ومظاهرها ، فتبقى دائمة على مرّ الليالي والأيام.

فهذه الآية تنبّئ عن مستقبل الإسلام ونجاحه نجاحاً باهراً في وقت لم يكن من بواسم الآمال ما يلقى ضوءً على نجاح هذا الدين ، ولم يكن عند النبي من العوامل ما يجعله يثق بهذا النجاح ، وليس النبي بشهادة تاريخ حياته ورجاحة عقله واتزانه ودقته ، من الذين يلقون القول على عواهنه غير متريّثين بما يقولون بل كان يثبت في كلامه ، ويتحرّى في مقاله حتى اشتهر بالصدق والأمانة ، ومع ذلك فقد أخبر بلغة الواثق فيما يقول ، عن نجاح دينه في المستقبل وأنّه سوف يضرب بجرانه خارج مكة بل خارج الجزيرة العربية إلى أقاصي الدنيا.

وأعطف على ذلك تنبّؤ القرآن بكل وعود تدل على نجاح الرسل والمؤمنين في ميادين الحياة ومعارك التنازع ، كقوله سبحانه : { وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا المُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ المَنصُورُونَ * وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ } [ الصافات : 171 ـ 173 ] وقوله سبحانه : { إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ } [ غافر ـ 51 ] وقوله سبحانه : { وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ } [ النور ـ 55 ] (4)

فهذه الوعود المؤكدة الكريمة وإن وردت بصورة عامة ، لكنّها تعم النبي الأكرم والذين آمنوا به ، فقد نصر النبي وجنده وغلبهم على مخالفيهم وأعدائهم ، ومكّن الذين آمنوا وعملوا الصالحات في أرضه واستخلفهم فيها ، وبدل خوفهم أمناً حتى استطاعوا أن يعبدوه آمنين غير خائفين إلى يومنا هذا.

« إنّ الإسلام لقى من ضروب العنت مراراً وتكراراً في أزمان متطاولة وعهود مختلفة ، ما كان بعضه كافياً في محوه وزواله ولكنّه على رغم أنف هذه الأعاصير العاتية بقي ثابتاً ، يسامي الجبال ، شامخاً يطاول السماء ، على حين انّ سجّلات التاريخ لا تزال تحفظ بين طياتها ، ما يشيب الوليد من ألوان الاضطهاد والأذى الذي أصاب الرسول وأتباعه في مكة والمدينة وقد رمتهم العرب بقوس واحدة ، عندما نزلوا المدينة وكانوا لا يبيتون إلاّ بالسلاح ولا يصبحون إلاّ فيه ، وقد وعدهم بالنصر والغلبة وهم يضطهدون ، وما أعجل تحقق هذا الوعد الإلهي ، رغم هذه الأحوال المنافية في العادة لما وعد ، فدالت الدولة لهم واستخلفهم في أقطار الأرض وأورثهم ملك كسرى وقيصر ، ومكّن لهم دينهم الذي ارتضى لهم ، وأبدلهم بعد خوفهم آمناً ، يا لها نبوءة تأبى عادة أن يتحدّث بها إلاّ من يملك تحقيقها ويخرق إن شاء عادات الكون ونواميسه من أجلها ، { إِن تَنصُرُوا اللهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ } { وَلَيَنصُرَنَّ اللهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ } » (5)

كيف وهو لم يكتف بهذا بل تنبّأ في الوقت الذي لم يكن فيه من بواسم الآمال ، ما يوجب اطمئنانه بنجاحه ونجاح دينه وبأنّه سيعود إلى معاده وموطنه في حين أنّ المسلمين كانوا بمكة في أذى وغلبة من أهلها ، وكان هو بالجحفة أثناء هجرته إلى المدينة وقال سبحانه : { إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَىٰ مَعَادٍ قُل رَّبِّي أَعْلَمُ مَن جَاءَ بِالهُدَىٰ وَمَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُّبِينٍ } [ القصص ـ 85 ] فأخبر عن رجوعه إلى معاده من غير شرط ولا استثناء وجاء المخبر مطابقاً للخبر (6)

وانّك لتجد في سبرك الذكر الحكيم آيات اُخرى غير ما ذكرناه تبشر بنجاح الإسلام والمسلمين ، وتعبّر عن غلبتهم على أعدائهم ، وهذه الآيات الكثيرة الواردة في هذا القسم من المغيبات ، قد تحققت كلها ولم تتخلّف منها واحدة ولو تخلّفت منها واحدة لزمرت وطبّلة على تلك السقطة أعداؤه وطفقوا يرقصون فرحاً بالخلاف الذي وجدوه في كتابه الذي به تحدّاهم فهدم كيانهم وسفه أحلامهم.

ولا بأس بذكر بعض ما يناسب المقام من الآيات التي تنبّأت بانتصار الرسول والمسلمين على أعدائهم وأنّهم سوف يدخلون مكة بل يفتحونها.

قال سبحانه : { لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ المَسْجِدَ الحَرَامَ إِن شَاءَ اللهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَٰلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا } [ الفتح ـ 27 ] ، روى أصحاب السير والتاريخ : « إنّ الله تعالى أرى نبيّه في المنام بالمدينة قبل أن يخرج إلى الحديبية ، انّ المسلمين دخلوا المسجد الحرام ، فأخبر بذلك أصحابه ، وأنّهم سوف يدخلون مكة ، فلمّا خرجوا من المدينة وبلغوا الحديبية ، خرج منها رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم )  في عدد من أصحابه حتى إذا كان بذي الحليفة بعث النبي (صلى الله عليه واله وسلم )  عيناً ، وجاء فأخبره بأنّ كعب بن لؤي وعامر بن لؤي ، قد جمعوا لك الأحابيش طليعة ، وبعد محادثات جرت بين المسلمين وقريش اصطلحوا على أن يضعوا الحرب عشر سنين وأن يرجع رسول الله ومن معه من أصحابه في عامه هذا فلا يدخل مكة إلاّ من العام القابل ، فيقيم بها ثلاثاً ومعه سلاح الراكب والسيوف في القرب ، ولا يدخلها بغيره ، فلمّا أنصرف رسول الله ومن معه من أصحابه ، قال المنافقون : ما حلقنا ولا قصرنا ولا دخلنا المسجد الحرام ، فأنزل الله هذه الآية وأخبر أنّه أرى رسوله الصدق في منامه ، لا الباطل وأنّهم يدخلونه وأقسم على ذلك وقال : { لَتَدْخُلُنَّ المَسْجِدَ الحَرَامَ } أي العام القابل وكان بين نزول الآية والدخول مدة سنة ولعلّ التقييد بالمشيئة لعلمه سبحانه بأنّ منهم من يموت قبل السنة أو يمرض فلا يدخلها ، فأدخل الاستثناء لأنّ لا يقع في الخبر خلف (7)

ونختم هذا القسم بتنبّؤين :

1. تنبّؤ القرآن بانتصاره على أعدائه من قريش وفتحه عاصمة الوثنيين ودخول الناس في دين الإسلام فوجاً بعد فوج ، قال سبحانه : { إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْوَاجًا * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا } [النصر : 1 ـ 4] فأظفره الله على أعدائه وفتح مكة ودخل الناس في دين الإسلام زمرة بعد زمرة ، ولأجل ذلك النصر العظيم أمره سبحانه بتنزيه الله عمّا لا يليق به ، وليست هذه هي المرة الوحيدة التي تنبّأ فيها القرآن الكريم بفتح مكة ، بل تنبّأ بفتح مكة مرة اُخرى وهو قوله سبحانه : { إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا } ( الفتح ـ 1 ) فقد روي أنّ المسلمين رجعوا عن غزوة الحديبية وقد حيل بينهم وبين نسكهم فهم بين الحزن والكآبة إذ أنزل الله عزّ وجلّ : { إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا } فأدرك الرسول السرور والفرح ، ما شاء الله ، ففتحت مكة بعد عامين من نزول السورة ، ومعنى قوله : ( إِنَّا فَتَحْنَا ) إنّا قضينا لك بالفتح.

وقال سبحانه : { وَأُخْرَىٰ تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِّنَ اللهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ } ( الصف ـ 13 ) والمراد من « فتح قريب » أمّا فتح مكة أو فتح بلاد الفرس والروم (8)

2. تنبّؤ القرآن بأنّه لا يضر ارتداد من ارتد ممّن آمن به فانّ الله يأتي بقوم رحماء على المؤمنين أشدّاء على الكافرين ، يجاهدون في سبيل الله لاعلاء كلمة الله وإعزاز دينه ، حيث قال سبحانه : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى المُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَٰلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ } ( المائدة ـ 54 )

وروي أنّ النبي (صلى الله عليه واله وسلم )  سئل عن هذه الآية ، فضرب بيده على عاتق سلمان فقال : هذا وذووه ... ثم قال : لو كان الدين معلّقاً في الثريّا لتناوله رجال من أبناء فارس ، ونقلت في هدف الآية أقوال اُخر (9).

____________________

1- المنار ج 10 ص 460.

2- مجمع البيان ج 3 ص 24.

3- مجمع البيان ج 5 ص 280.

4- راجع ما أسلفاه حول الآيات المتقدمة من عمومية المعنى وأوسعيته وكونه ذا مراتب فلا ينافي تأويلها بخروج الإمام المنتظر.

5- مناهل العرفان ج 2 ص 270 ـ 271 بتصرف.

6- مجمع البيان ج 4 ص 269.

7- سيرة ابن هشام ج 2 ، ص 308 ـ 322 ، مجمع البيان ج 5 ص 126.

8- مجمع البيان ج 5 ص 108 ـ 109 و 282.

9- مجمع البيان ج 2 ص 208.



وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .