المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 16450 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
الموظف نفرحات.
2024-05-16
الفرعون أمنحتب الثالث.
2024-05-16
الموظف حوي.
2024-05-16
الموظف حقر نحح.
2024-05-16
قبر الموظف بنحت.
2024-05-16
بتاح مس.
2024-05-16

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


الصحابة في الذكر الحكيم  
  
1673   03:25 مساءاً   التاريخ: 29-09-2015
المؤلف : آية الله جعفر السبحاني
الكتاب أو المصدر : مفاهيم القرآن
الجزء والصفحة : ج5 ، ص 445 - 454.
القسم : القرآن الكريم وعلومه / مقالات قرآنية /

نرى أنّ الذكر الحكيم يصنّف صحابة النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) ويمدحهم في ضمن أصناف نأتي ببعضها :

1. السابقون الأوّلون

يصف الذكر الحكيم السابقين الأوّلين من المهاجرين والانصار والتابعين لهم بأنّ الله رضي عنهم وهم رضوا عنه ، قال عزّ من قائل : { وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ المُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ }[ التوبة : 100].

2. المبايعون تحت الشجرة

يصف سبحانه جماعة من الصحابة الذين بايعوه تحت الشجرة بنزول السكينة عليهم ويقول في محكم كتابه : { لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ المُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا }[ الفتح : 18].

3. المهاجرون

وهؤلاء الذين يصفهم تعالى ذكره بقوله : ( لِلْفُقَرَاءِ المُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولَٰئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ }[ الحشر : 8].

أصحاب الفتح

هؤلاء هم الذين وصفهم الله سبحانه وتعالى في آخر سورة الفتح بقوله : { مُحَمَّدٌ رَّسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا }[ الفتح : 29].

الأصناف الأُخرى للصحابة

فالناظر المخلص المتجرّد عن كل رأي مسبق ، يجد في نفسه تكريماً لهؤلاء الصحابة غير أنّ القضاء البات في عامة الصحابة ، يستوجب النظر إلى كل الآيات القرآنية الواردة في حقّهم ، فعندئذ يتبيّن لنا أنّ هناك أصنافاً أُخرى من الصحابة غير ما سبق ذكرها ، تمنعنا من أن نضرب الكل بسهم واحد ، ونصف الكل بالرضا والرضوان ، وهذا الصنف من الآيات يدل بوضوح على وجود مجموعات من الصحابة تضاد الأصناف السابقة في الخلقيات والملكات والسلوك والعمل ، وإليك قسطاً منهم :

1. المنافقون المعروفون

المنافقون المعروفون بالنفاق الذين نزلت في حقهم سورة « المنافقون » ، قال سبحانه : { إِذَا جَاءَكَ المُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ ... } ( إلى آخر سورة المنافقون ).

فهذه الآيات تعرب بوضوح عن وجود كتلة قوية من المنافقين بين الصحابة آنذاك وكان لهم شأن ، فنزلت سورة قرآنية كاملة في حقّهم.

2. المنافقون المختفون

تدل بعض الآيات على أنّه كانت بين الأعراب القاطنين خارج المدينة ومن نفس أهل المدينة ، جماعة مردوا على النفاق وكان النبي الأعظم لا يعرف بعضهم ، ومن تلك الآيات قوله سبحانه : { وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ المَدِينَةِ مَرَدُوا (1) عَلَى النِّفَاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ }[ التوبة : 101].

لقد أعطى القرآن الكريم عناية خاصة بعصبة المنافقين وأعرب عن نواياهم وندّد بهم في السور التالية : البقرة ، آل عمران ، المائدة ، التوبة ، العنكبوت ، الأحزاب ، محمد ، الفتح ، الحديد ، المجادلة ، الحشر ، والمنافقون.

وهذا ان دلّ على شيء فإنّما يدل على أنّ المنافقين كانوا جماعة هائلة في المجتمع الإسلامي بين معروف ، عرف بسمة النفاق ووصمة الكذب ، وغير معروف بذلك مُقنّع بقناع التظاهر بالإيمان والحب للنبي ، فلو كان المنافقون جماعة قليلة غير مؤثرة لما رأيت هذه العناية البالغة في القرآن الكريم وهناك ثلة من المحقّقين كتبوا حول النفاق والمنافقين رسائل وكتابات ، وقد قام بعضهم بإحصاء ما يرجع إليهم فبلغ مقداراً يقرب من عشر القرآن الكريم (2). وهذا ان دلّ على شيء فإنّما يدل على كثرة أصحاب النفاق وتأثيرهم يوم ذاك في المجتمع الإسلامي ، وعلى ذلك لا يصح لنا الحكم بعدالة كل من صحب مع غض النظر عن تلك العصابة المجرمة ، المتظاهرة بالنفاق أو المختفية في أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).

3. مرضى القلوب

وهذه المجموعة من الصحابة لم يكونوا من زمرة المنافقين ، بل كانوا يتلونهم في الروحيات والملكات مع ضعف في الإيمان والثقة بالله ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، قال سبحانه بحقهم : { وَإِذْ يَقُولُ المُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُورًا }[ الأحزاب : 12].

فانّى لنا أنّ نصف مرضى القلوب الذين ينسبون خلف الوعد إلى الله سبحانه وإلى رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) بالتقوى والعدالة ؟

4. السمّاعون

تلك المجموعة كانت قلوبهم كالريشة في مهب الريح تتمايل تارة إلى هؤلاء ، وأُخرى إلى أُولئك بسبب ضعف إيمانهم ، وقد حذّر الباري عزّ وجل المسلمين منهم حيث قال عز من قائل ، واصفاً إياهم بالسمّاعون لأهل الريب : { إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ * وَلَوْ أَرَادُوا الخُرُوجَ لأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَٰكِن كَرِهَ اللهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ * لَوْ خَرَجُوا فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً وَلأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ }[ التوبة : 45 ـ 47] ، وذيل الآية دليل على كون السمّاعين من الظالمين لا من العدول.

5. خالطو العمل الصالح بالسيّء

وهؤلاء هم الذين يقومون بالصلاح والفلاح تارة ، والفساد والعبث مرة أُخرى ، فلأجل ذلك خلطوا عملاً صالحاً بعمل سيّء ، قال سبحانه : { وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا }[ التوبة : 102].

6. المشرفون على الارتداد

إنّ بعض الآيات تدلّ على أنّ مجموعة من الصحابة كانت قد أشرفت على الارتداد يوم دارت عليهم الدوائر ، وكانت الحرب بينهم وبين قريش طاحنة فأحسّوا بضعفهم ، وقد أشرفوا على الارتداد عرفهم الحق سبحانه بقوله : { وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللهِ غَيْرَ الحَقِّ ظَنَّ الجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ الأَمْرِ مِن شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ للهِ يُخْفُونَ فِي أَنفُسِهِم مَّا لا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ مَّا قُتِلْنَا هَاهُنَا }[ آل عمران : 154].

7. الفاسق

إنّ القرآن الكريم يحثّ المؤمنين وفي مقدمتهم الصحابة الحضور ، على التحرّز من خبر الفاسق حتى يتبيّن ، فمن هذا الفاسق الّذي أمر القرآن بالتحرز منه ؟ اقرأ أنت ما نزل حول الآية من شأن النزول واحكم بما هو الحق ، قال سبحانه : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ }[ الحجرات : 6].

فإنّ من المجمع عليه بين أهل العلم انّه نزل في حق الوليد بن عقبة بن أبي معيط ، وذكره المفسّرون في تفسير الآية ، فلا نحتاج إلى ذكر المصادر.

كما نزل في حقّه قوله تعالى : { أَفَمَن كَانَ مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا لاَّ يَسْتَوُونَ }[ السجدة : 18]. نقل الطبري في تفسيره بإسناده إنّه كان بين الوليد وعلي ، كلام فقال الوليد : أنا أبسط منك لساناً وأحدّ منك سناناً وأرد منك للكتيبة ، فقال علي (عليه السلام): « اسكت فإنّك فاسق » فأنزل الله فيهما : { أَفَمَن كَانَ مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا لاَّ يَسْتَوُونَ } (3).

وقد نظم الحديث حسان بن ثابت ( شاعر عصر الرسالة ) وقال :

أنزل الله والكتاب عزيز                في علي وفي الوليد قرآنا

فتبوّأ الوليد إذ ذاك فسقاً              وعلي مبوّأ إيمانا

ليس من كان مؤمناً عرف           الله كمن كان فاسقاً خوّانا

سوف يدعى الوليد بعد قليل          وعلي إلى الحساب عيانا

فعلي يجزى بذاك جناناً               ووليد يجزى بذاك هوانا (4)

أفهل يمكن لباحث حر ، التصديق بما ذكره ابن عبد البر وابن الأثير وابن حجر وفي مقدمتهم أبو زرعة الرازي الّذي هاجم المتفحّصين المحقّقين في أحوال الصحابة واتّهمهم بالزندقة.

8. المسلمون غير المؤمنين

إنّ القرآن يعد جماعة من الأعراب الذين رأوا النبي وشاهدوه وتكلّموا معه ، مسلمين غير مؤمنين وانّهم بعد لم يدخل الإيمان في قلوبهم قال سبحانه : { قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَٰكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِن تُطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ لا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }[ الحجرات : 14].

أفهل يصح عد عصابة غير مؤمنين من العدول الأتقياء ؟!

9. المؤلّفة قلوبهم

اتفق الفقهاء على أنّ المؤلّفة قلوبهم ممّن تصرف عليهم الصدقات ، قال سبحانه : { إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }[ التوبة : 60].

والمراد من { وَالمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ } : الذين كانوا في صدر الإسلام ممّن يظهرون الإسلام ، يتألّفون بدفع سهم من الصدقة إليهم لضعف يقينهم ، وهناك أقوال أُخرى فيهم متقاربة ، والكل يهدف إلى الإعطاء لمن لا يتمكن إسلامه حقيقة إلاّ بالعطاء (5).

10. المولّون أمام الكفّار

إنّ التولّي عن الجهاد والفرار منه ، من الكبائر الموبقة الّتي ندّد بها سبحانه بقوله : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلا تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ * وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفًا لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَىٰ فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِّنَ اللهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ المَصِيرُ }[ الأنفال : 15 ـ 16].

إنّ التحذير من التولّي والفرار من الزحف ، والحثّ على الصمود أمام العدو ، لم يصدر من القرآن إلاّ بعد فرار مجموعة كبيرة من صحابة النبي في غزوة « أُحد » و « حنين ».

أمّا الأوّل ، فيكفيك قول ابن هشام في تفسير الآيات النازلة في أُحد ، قال : ثم أنّبهم بالفرار عن نبيّهم وهم يدعون ، لا يعطفون عليه لدعائه إيّاهم فقال : { إِذْ تُصْعِدُونَ وَلا تَلْوُونَ عَلَىٰ أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ }.

وأمّا الثاني : فقد قال ابن هشام فيه أيضاً : فلمّا انهزم الناس ورأى من كان مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من جفاة أهل مكة ، الهزيمة ، تكلّم رجال منهم بما في أنفسهم من الضغن ، فقال أبو سفيان بن حرب : لا تنتهي هزيمتهم دون البحر ، وصرخ جبلة بن حنبل : ألا بطل السحر اليوم ... (6).

أفبعد هذا يصح أن يعد جميع الصحابة بحجة أنّهم رأوا نور النبوة عدولاً أتقياء ؟!

قال القرطبي في « تفسيره » قد فرّ الناس يوم « أُحد » وعفا الله عنهم ، وقال الله فيهم يوم حنين : { ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ } ثم ذكر فرار عدة من أصحاب النبي من بعض السرايا (7).

هذا الإمام الواقدي يرسم لنا تولّي الصحابة منهزمين ويقول : فقالت أُم الحارث فمر بي عمر بن الخطاب ، فقالت أُم الحارث : يا عمر ما هذا ؟ فقال عمر : « أمر الله » ، وجعلت أُم الحارث تقول : يا رسول الله من جاوز بعيري فاقتله (8).

هذه هي الأصناف العشرة من صحابة النبي ممّن لا يمكن توصيفهم بالعدالة والتقوى ، أتينا بها في هذه العجالة مضافاً إلى الأصناف المضادة لها ، ولكن نلفت نظر القارئ الكريم إلى الآيات الواردة في أوائل سورة البقرة وسورة النساء وغيرها من الآيات القرآنية ، فترى فيها أنّ الإيمان بعدالة الصحابة مطلقاً خطأ في القول ، وزلة في الرأي ، يضاد نصوص الذكر الحكيم ، ولم يكن الصحابة إلاّ كسائر الناس ، فيهم صالح تقي بلغ القمة في التقى والنزاهة ، وفيهم طالح شقي سقط إلى هوة الشقاء والدناءة ، ولكن الّذي يميّز الصحابة عن غيرهم انّهم رأوا نور النبوة وتشرّفوا بصحبة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وشاهدوا معجزاته في حلبة المباراة بأُمّ أعينهم ، ولأجل ذلك تحمّلوا مسؤولية كبيرة أمام الله وأمام رسوله وأمام الأجيال المعاصرة لهم واللاحقة بهم ، فإنّهم ليسوا كسائر الناس فزيغهم وميلهم عن الحق أشد لا يعادل زيغ أكثر الناس وانحرافهم ، وقد قال سبحانه في حق أزواج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : { يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاءِ }[ الأحزاب : 32] ، فلو انحرف هؤلاء فقد انحرفوا في حال شهدوا النور ، ولمسوا الحقيقة ، وشتان الفرق بينهم وبين غيرهم.

__________________

(1) مردوا على النفاق : تمرنوا وتمرسوا عليه.

(2) النفاق والمنافقون : تأليف الأُستاذ إبراهيم علي سالم المصري.

(3) تفسير الطبري : 21 / 62 ; تفسير ابن كثير : 3 / 462.

(4) تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي : 115 ; « كفاية » الگنجي : 55 ; مطالب السؤول : 20 ; شرح النهج : 2 / 103 ، الطبعة القديمة ; جمهرة الخطب : 2 / 23 ; لاحظ الغدير : 2 / 42.

(5) تفسير القرطبي : 8 / 187. لاحظ المغني لابن قدامة : 2 / 556.

(6) سيرة ابن هشام : 3 / 114 و 4 / 444. ولاحظ التفاسير.

(7) تفسير القرطبي : 7 / 383.

(8) مغازي الواقدي : 3 / 904. انّ تعليل الفرار عن الزحف بقضاء الله كتعليل عباد الأوثان شركهم به كما في قوله سبحانه حاكياً عن المشركين : { لَوْ شَاءَ اللهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا }[ الأنعام : 148 ] وتلزم من ذلك تبرئة العصاة والكفّار ، لأنّ أعمالهم كلّها بقضاء منه.

 




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .



اختتام الأسبوع الثاني من الشهر الثالث للبرنامج المركزي لمنتسبي العتبة العباسية
راية قبة مرقد أبي الفضل العباس (عليه السلام) تتوسط جناح العتبة العباسية في معرض طهران
جامعة العميد وقسم الشؤون الفكرية يعقدان شراكة علمية حول مجلة (تسليم)
قسم الشؤون الفكريّة يفتتح باب التسجيل في دورات المواهب