أقرأ أيضاً
التاريخ: 6-10-2016
![]()
التاريخ: 4-2-2022
![]()
التاريخ: 6-10-2016
![]()
التاريخ: 6-10-2016
![]() |
لما كان علاج كل علّة بمقابلة سببها بضده ، و علّة العجب الجهل المحض فعلاجه المعرفة المضادة لذلك الجهل فقط فلنفرض العجب بفعل داخل تحت اختيار العبد كالعبادات ، فان العجب بهذا أغلب من العجب بالجمال و القوة و النسب و ما لا يدخل تحت اختياره و لا يراه من نفسه فنقول :
الورع و التقوى و العبادة و العمل الذي به يعجب إما أن يكون يعجب به من حيث إنه فيه و هو محلّه و مجراه ، أو من حيث إنه منه و بسببه و قدرته و قوته ، فان كان الأوّل فهو جهل لان المحل مسخر و انما يجري فيه و عليه من جهة غيره لا مدخل له في الايجاد و التحصيل فكيف يعجب بما ليس إليه ، و إن كان الثاني فينبغي أن يتأمل في قدرته و إرادته و أعضائه و ساير الأسباب التي تمّ بها عمله أنها من أين كانت له فان كان علم أن جميع ذلك نعمة من اللّه إليه من غير حقّ سبق له و من غير وسيلة يدلى بها فينبغي أن يكون إعجابه بجود اللّه تعالى و كرمه و فضله إذ افاض عليه مالا يستحقه و آثره به على غيره من غير سابقة و وسيلة فان قال وفقني للعبادة لحبي له.
فيقال : و من خلق الحب في قلبك؟ , فسيقول : هو فيقال : فالحبّ و العبادة كلاهما نعمتان من عنده ابتدأك بهما من غير استحقاق من جهتك إذ لا وسيلة لك و لا علاقة فيكون الاعجاب بجوده إذ أنعم بوجودك و بوجود صفاتك و بوجود أعمالك و أسباب أعمالك فاذن لا معنى لعجب العابد بعبادته و عجب العالم بعلمه و عجب الجميل بجماله و عجب الغني بغناه؛ لأن كل ذلك من فضل اللّه و إنما هو محلّ لفيضان فضل اللّه وجوده ، و المحل أيضا من فضله وجوده فانّه هو الذي خلقك و خلق أعضاءك و خلق فيها القوة و القدرة و الصّحة و خلق لك العقل و العلم و الارادة ، و لو أردت أن تنفي شيئا من ذلك عن نفسك لم تقدر عليه.
ثم خلق الحركات في اعضائك مستبدا باختراعه من غير مشاركة له من جهتك معه في الاختراع إلا أنه خلقها على ترتيب فلم يخلق الحركة ما لم يخلق في العضو قوة و في القلب إرادة ، و لم يخلق إرادة ما لم يخلق علما بالمراد ، و لم يخلق العلم ما لم يخلق القلب الذي هو محل العلم ، فتدريجه في الخلق شيئا بعد شيء هو الذي خيل اليك أنّك أوجدت علمك ، و قد غلطت فان تحريك البواعث و صرف العوائق و تهيئة الأسباب كلها من اللّه تعالى ليس شيء منها إليك.
و من العجائب أن تعجب بنفسك و لا تعجب بمن إليه الأمر كله ، و لا تعجب بجوده و فضله و كرمه في إيثاره إيّاك على الفسّاق من عباده ، إذ مكنهم من أسباب الشهوات و اللذات و زواها عنك ، و صرف عنهم بواعث الخير و دواعيه و سلطها عليك حتّى تيسّر لك و تيسّر لهم الشرّ فعل ذلك كله بك و بهم من غير وسيلة سابقة منك و لا جريمة سابقة منهم.
روي أن أيوب (على نبّينا و آله و عليه السلام) قال : «الهي انك ابتليتني بهذا البلاء و ما ورد على أمر إلا آثرت هواك على هواي ، فنودي من غمامة بعشرة آلاف صوت : يا أيوب أنى لك ذلك؟ , قال : فأخذ رمادا فوضعه على رأسه فقال : منك يا رب فرجع عن نسيانه و أضاف ذلك إلى اللّه تعال : و لهذا قال اللّه تعالى : {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا} [النور: 21] , و قال (صلى الله عليه واله): «ما منكم من أحد ينجيه عمله قالوا : و لا أنت يا رسول اللّه ، قال : و لا أنا إلا أن يتغمدني اللّه برحمته»(1).
فإذن هذا هو العلاج القاطع لمادة العجب من القلب ، و مهما غلب ذلك على القلب شغله خوف سلب هذه النعمة عن الاعجاب بها.
____________________
1- احياء علوم الدين : ج 3 , ص 349.
|
|
دراسة تكشف منافع ومخاطر عقاقير خفض الوزن
|
|
|
|
|
ارتفاع تكاليف إنتاج الهيدروجين ونقله يعرقل انتشاره في قطاع النقل
|
|
|
|
|
قسم الشؤون الفكرية يرفد مكتبة جامعة العميد بمجموعةٍ جديدة من الكتب العلمية
|
|
|