المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 7457 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


بساطة مفهوم المشتقّ وتركّبه  
  
1671   09:25 صباحاً   التاريخ: 30-8-2016
المؤلف : ناصر مكارم الشيرازي
الكتاب أو المصدر : أنوَار الاُصُول
الجزء والصفحة : ج 1 ص 188.
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / علم اصول الفقه / المباحث اللفظية /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-8-2016 1171
التاريخ: 31-8-2016 1407
التاريخ: 5-8-2016 1363
التاريخ: 8-8-2016 1366

وهو مهمّ من جهة ابتناء النزاع في المشتقّ عليه في كلمات بعض الأعاظم كالمحقّق النائيني رحمه ‌الله كما مرّ بيانه ( وإن عدل عنه في ذيل كلامه ) ولهذا ذكره بمنزلة إحدى المقدّمات في أوّل البحث.

فكيف كان ينبغي تقديم مقدّمتين قبل الورود في أصل البحث وبيان الأقوال فيه :

المقدمة الاولى : في تحرير محلّ النزاع:

فنقول : يتصوّر للبساطة والتركيب ثلاثة معان :

الأوّل : البساطة والتركّب التصوّري ، فالمركّب ما يتبادر منه إلى الذهن معنيان مستقلاّن كما في كلمة « غلام زيد » والبسيط ما يتصوّر منه معنى واحد كما في مثل « زيد ».

الثاني : البساطة والتركّب عند التحليل العقلي الفلسفي كتحليل الإنسان لدى العقل إلى الحيوان والناطق.

الثالث : البساطة والتركّب عند التحليل المفهومي ، فالمركّب ما يكون مفهومه مشتملاً على أجزاء بعد تحليل مفهومه ، وإن كان قبل ذلك وحدانياً في بدء النظر كـ « العلماء ».

أمّا المعنى الأوّل : فليس داخلاً في محلّ النزاع قطعاً ، لأنّه لا يقول أحد بإسباق معنيين مستقلّين من إطلاق « القائم » مثلاً إلى الذهن من دون وجود وحدة بينهما.

وأمّا الثاني : فكذلك يكون خارجاً عن محلّ النزاع ، لأنّ الكلام في المقام لفظي لا دخل لتحليلات العقليّة فيه ، لأنّه لا مدخل للعقل في تعيين مفاهيم الألفاظ وفي تعيين الموضوع له ، فيتعيّن المعنى الثالث ، فيقع البحث في أنّ مفهوم المشتقّ هل يكون مركّباً من ذات ومبدأ مع تصوّر صورة واحدة له فكأن المشتقّ ذات ثبت له المبدأ ، أو يكون عبارة عن المبدأ لا بشرط؟

وبعبارة اخرى : هل المشتقّ في الحقيقة مفهومان مندمجان ، أو أنّه مفهوم واحد من دون وجود اندماج فيه؟

وبعبارة ثالثة : إنّ للمشتقّ هيئةً ومادّةً ، فهل يبدو للذهن من الهيئة والمادّة شيئان ، أو يبدو شيء واحد؟

المقدمة الثانيّة : في الأقوال في المسألة فإنّها خمسة:

أحدها : أنّ المشتقّ مركّب من ثلاثة امور : الذات والمبدأ والنسبة.

ثانيها : أنّه مركّب من أمرين ، المبدأ والنسبة ، فالمشتقّ هو الحدث المقيّد بالنسبة أو الحدث المنتسب ( فيفهم الذات من المشتقّ حينئذٍ بالدلالة الالتزاميّة لعدم تصوّر النسبة بدون الذات لكونها قائمة بطرفيها ).

ثالثها : أنّه بسيط فوضع لمجرّد المبدأ لكن للحصّة التوأمة مع النسبة ، أي الحدث حين النسبة أو التوأم مع النسبة ( لا مقيّدة بالذات ولا مقيّدة بالنسبة ) فيستفاد الذات والنسبة بالدلالة الالتزاميّة أيضاً.

رابعها : أنّه وضع للمبدأ الاّ بشرط عن الحمل فيكون أيضاً بسيطاً.

خامسها : أنّه مركّب من الذات والمبدأ من دون وجود نسبة في البين.

أمّا الأوّل : فهو المشهور بين القدماء فيما حكي عنهم.

وأمّا الرابع : فهو المشهور بين المتأخّرين من الاصوليين والفلاسفة ، ويستفاد من كلمات المحقّق الخراساني رحمه‌ الله في بدء النظر إنّه قائل بالبساطة لكنّه ذهب إلى التركّب في أواخر البحث.

والمختار هو القول الأوّل ( ولا يخفى أنّ هذه المسألة أيضاً من المسائل التي وقع الخلط فيها بين المباحث اللّفظيّة والعقليّة ).

فإذا عرفت هذا فنقول : استدلّ للقول ببساطة المشتقّ بوجوه :

الوجه الأوّل : ما أفاده السيّد مير شريف في حاشيته على شرح كتاب المطالع بعد أن انتهى صاحب المطالع إلى تعريف الفكر وقال في تعريفه : إنّ جمعاً من المحقّقين عرّفوا الفكر بأنّه ترتيب امور معلومة للوصول إلى أمر مجهول ، ثمّ نقل عن بعض أنّه أورد على هذا التعريف بأنّه ينتقض بكون الفكر في بعض الموارد أمراً واحداً كالناطق في جواب السؤال عن حقيقة الإنسان فلا يصحّ تعريفه بأنّه ترتيب امور ، ثمّ أجاب عنه بأنّه ليس ناقضاً لكون الناطق مركّباً لأنّه شيء ثبت له النطق فلا يكون أمراً واحداً فقال : ليس الناطق مركّباً وإلاّ يستلزم أحد الإشكالين على سبيل منع الخلو :

أحدهما : دخول العرض العامّ في الذاتي لو كان المراد من الشيء في تعريف الناطق مفهوم الشيء لكون الناطق فصلاً ، من الذاتيات ، ومفهوم الشيء عرض عامّ لشموله جميع الكائنات ودخول العرض العامّ الخارج عن الذات في أمر ذاتي محال.

ثانيهما : انقلاب الممكنة إلى الضروريّة لو كان المراد من الشيء مصداق الشيء ، لأنّ مصداق الشيء في مثل الكاتب هو الإنسان فمعنى الكاتب « إنسان ثبت له الكتابة » فانقلبت قضيّة «الإنسان كاتب » إلى قضيّة « الإنسان إنسان ثبت له الكتابة » وهي قضيّة ضروريّة ، فيتعيّن أن يكون المشتقّ بسيطاً ( انتهى كلامه ) (1).

وأجاب عنه صاحب الفصول بأنّه يمكن أن يختار الوجه الأوّل ( أي كون المأخوذ مفهوم الشيء) ويدفع الإشكال بأنّ كون الناطق فصلاً مبني على عرف المنطقيين حيث اعتبروه مجرّداً عن مفهوم الذات وذلك لا يوجب أن يكون وضعه لغة كذلك ( انتهى ).

وأورد المحقّق الخراساني رحمه ‌الله على كلام صاحب الفصول بأنّ من المقطوع إنّ المنطقيين قد اعتبروا مثل الناطق فصلاً بلا تصرّف في معناه أصلاً بل بما له من المعنى لغة.

ثمّ قال : الحقّ في الجواب أن يقال : ليس الناطق فصلاً حقيقيّاً بل أنّه فصل مشهوري فيكون من العوارض الخاصّة كالضاحك ، فلا يستلزم دخول العرض العامّ في الذاتي ( والظاهر أنّ مراده كون النطق من مقولة الكيف المسموع إن كان بمعنى النطق باللسان وكونه من مقولة الكيف النفساني إن كان بمعنى إدراك الكلّيات ، فلا يكون من الذاتيات على كلا التقديرين ) ثمّ استشهد لكلامه وقال : ولذا ربّما يجعل عرضان مكان الفصل الحقيقي إذا كانا متساوي النسبة إليه كالحسّاس والمتحرّك بالإرادة في تعريف الحيوان فيقال : « إنّه نامٍ حسّاس متحرّك بالإرادة » والحسّاس والمتحرّك بالإرادة عرضان من عوارض الحيوان والزمان قد وضعا مكان الفصل الحقيقي ، وليسا بفصلين حقيقيين للحيوان لوضوح امتناع أن يكون للشيء فصلان.

أقول : ويشهد له أيضاً أنّه يقال في تعريف الفرس : « حيوان صاهل » مع أنّ الصهل هو صوت الفرس وهو كيف مسموع وكذلك في تعريف الحمار إنّه « حيوان ناهق » وغيره من الفصول المذكورة بعنوان المثال في المنطق.

واستشكل المحقّق النائيني رحمه‌ الله على المحقّق الخراساني رحمه ‌الله بأنّ « هذا الإيراد مبني على جعل الناطق بمعنى المدرك للكلّيات فإنّ إدراك الكلّيات يكون من خواصّ الإنسان وعوارضه وأمّا لو كان الناطق عبارة عمّا يكون له النفس الناطقة التي بها يكون الإنسان إنساناً فهو فصل حقيقي للإنسان وليس من العوارض » (2).

وقال في المحاضرات ( بعد نقل كلام استاذه هذا ) : « وغير خفي أنّ هذا من غرائب ما صدر عنه فإنّ صاحب النفس الناطقة هو الإنسان وهو نوع لا فصل » (3).

أقول : ليس مراد المحقّق من صاحب النفس الناطقة الإنسان بل إنّه يريد بذلك سبب النطق وهو النفس الإنساني الذي ينشأ منها النطق.

والصحيح في المسألة أن يقال :

أوّلاً : أنّ المراد من مبدأ النطق الخصوصيّة الموجودة في نفس الإنسان الموجبة للنطق اللّفظي أو المعنوي فهو فصل حقيقة ويشار إليه بالنطق اللّفظي أو المعنوي أي إدراك الكلّيات فيرتفع الإشكال.

وثانياً : لا يجوز قبول الشقّ الأوّل من كلام السيّد الشريف ( وهو كون المراد من الشيء مفهوم الشيء ) لأنّ الشيء هنا كناية عن الذات ، فليكن المراد مصداق الشيء.

ثالثاً : الخطأ الأساس يكمن في منهج البحث ، فالبحث هنا بحث لغوي ، والمعيار فيه هو التبادر، ولا يدخل فيه مثل هذه الاستدلالات العقليّة الدقّية.

هذا كلّه في الشقّ الأوّل من كلام السيّد مير شريف.

أمّا الشقّ الثاني : منه وهو لزوم انقلاب الممكنة الخاصّة إلى الضروريّة ، فاستشكل فيه صاحب الفصول أيضاً بأنّ المحمول في القضيّة ليس مجرّد مفهوم الإنسان فحسب حتّى يلزم انقلابها إلى الضروريّة بل المحمول الإنسان المقيّد بالكتابة ولا يكون ضروريّاً للإنسان ( انتهى ).

واستشكل عليه المحقّق الخراساني رحمه‌ الله بأنّ الكتابة إمّا شرط أو جزء فإن كانت شرطاً فيكون خارجاً عن المحمول فيصدق « الإنسان إنسان » بدون القيد وهي ضروريّة ، وإن كان جزءً فينحلّ القضيّة إلى قضيّتين : احديهما « الإنسان إنسان » والثانيّة « الإنسان له الكتابة » ، والاولى ضروريّة والثانيّة ممكنة ، فيصدق انقلاب الممكنة إلى الضروريّة على كلّ حال.

أقول : الإنصاف أنّ ما ذكره صاحب الفصول كلام جيّد ويمكن الدفاع عنه بامور :

الأمر الأوّل : أنّه لو كانت الكتابة شرطاً كان الشرط خارجاً عن المشروط إلاّ أن الاشتراط والتقيّد داخل ، وفرق بين « الإنسان المقيّد بالكتابة » و « الإنسان المطلق منها » حيث إنّ الأوّل ضروري للإنسان بخلاف الثاني.

الأمر الثاني : أنّه لو فرض كون الكتابة جزءً لم تنحلّ القضيّة إلى قضيتين ، لأنّ التركيب بينهما أيضاً قيد للمحمول ، فليس المحمول كلّ من الذات والكتابة باستقلاله بل هما مركّباً محمول واحد للإنسان ، فلا يصحّ عندئذ حمل كلّ منهما مستقلاً على الموضوع ، وهو نظير الماء الذي تركّب من عنصري هيدروجين واوكسجين ويقال « الماء هو هذا وهذا » فيحمل العنصران عليه معاً في حال التركّب لكن لا يصحّ حمل أحدهما مستقلاً على الماء.

نعم إن قلنا بكون المبدأ ( وهو الكتابة في المثال ) من قبيل الخبر بعد الخبر، تنحلّ القضيّة إلى قضيتين لكن لا يقول به أحد.

ولقد أجاد بعض الأعلام حيث قال : إن قلنا بكون المشتقّ مركّباً لا يكون مركّباً تفصيلاً بل إنّه مركّب انحلالي فلا يكون من قبيل الخبر بعد الخبر (4).

فظهر إلى هنا أنّ الحقّ مع صاحب الفصول الذي قال بعدم لزوم انقلاب الممكنة إلى الضروريّة.

الأمر الثالث : أنّه قد مرّ كراراً بأنّ جرّ الأبحاث الاصوليّة إلى المسائل الفلسفية خروج عن محور البحث لأنّه لا يرجع في كشف المعنى اللغوي للمشتقّ إلى الفلسفة وما يصل إليه العلماء المتبحّرون في هذا الفنّ ، فما قد يقال من رجوع هذا الدليل إلى التبادر في ذهن المنطقيين لا يرجع إلى محصّل.

بقي هنا شيء :

وهو أنّ صاحب الفصول قد رجع عن مقالته في خاتمة كلامه تحت عنوان « فيه نظر » ( وليته لم يرجع ) فقال : « إنّ الإنسان الذي يكون موضوعاً في القضيّة ، إمّا أن يكون كاتباً في الواقع والخارج ، أو لا ، فعلى الأوّل يلزم الانقلاب إلى الضروريّة الموجبة ، لأنّ الموضوع هو الإنسان الكاتب واقعاً فيصير القضيّة « الإنسان الكاتب كاتب » وهي ضروريّة ، وعلى الثاني يلزم الانقلاب إلى الضروريّة السالبة كما لا يخفى ، ثمّ قال بجريان نفس هذا البيان في الشقّ الأوّل أيضاً فقال : لأنّ لحوق مفهوم الذات أو الشيء لمصاديقهما أيضاً ضروري ولا وجه لتخصيصه بالوجه الثاني » ( إنتهى كلامه ).

أقول : لقد أجاد من أجاب عنه بأنّ واقعية المحمول وخارجيته غير دخيلة في الموضوع ، وإلاّ يستلزم رجوع جميع القضايا إلى الضروريّة ، بل الموضوع هو الإنسان مثلاً مع قطع النظر عن اتّصافه الخارجي بالكتابة أو عدمها.

هذا كلّه في الدليل الأوّل على البساطة.

الوجه الثاني : ما استدلّ به المحقّق النائيني رحمه ‌الله وحاصله أنّ المشتقّ لو كان مركّباً من الذات والمبدأ والنسبة يستلزم كون المشتقّات مبنيات لأنّ النسبة معنى حرفي فيوجب شباهة المشتقّات بالحروف ، ولكن كونها من المعربات دليل على عدم دخالة النسبة في معنى المشتقّ ، ويستكشف منه عدم دخول الذات أيضاً في المشتقّ لأنّ النسبة تلازم الذات لكونها قائمة بطرفيها (5).

أقول : أوّلاً : إنّ المشتقّ مادّة وهيئة ، والمادّة هي المعنى الاسمي ، ويمكن أن يكون معرباً لأجلها.

ثانياً : أنّ البناء أو الاعراب أمر سماعي لا قياسي ، والقياس على الحرف ممنوع وليس هناك قاعدة كلّية يرجع إليها في جميع مواردها وفي معرفة كون المشتقّ معرباً أو مبنياً ، بل علينا أن نرجع إلى أهل اللّغة واستعمالاتهم فيها.

الوجه الثالث : من الأدلّة على البساطة ما أفاده المحقّق النائيني رحمه‌ الله أيضاً وحاصله : لغويّة أخذ الذات في المشتقّ ( لكفاية أخذ المبدأ لا بشرط عن الحمل في صحّة الحمل ) وهو خلاف حكمة الواضع الحكيم ، وإليك نصّ كلامه : « إنّ كلّ محمول جامداً أو مشتقّاً لا بدّ وأن يؤخذ لا بشرط حتّى يكون قابلاً للحمل ، فأخذ الذات فيه خلف لأنّه ملازم لأخذه بشرط شيء ، وهو ينافي المحموليّة الصرفة ، مع أنّه يلزم من أخذ الذات فيه محاذير أُخر منها : إنّ الواضع الحكيم لا بدّ وأن يلاحظ في أوضاعه فائدة مترتّبة عليها ولا يترتّب فائدة على أخذ الذات أصلاً » (6).

أقول : أوّلاً : لا يكفي أخذ المبدأ لا بشرط في صحّة الحمل لأنّه يحتاج إلى نوع من الاتّحاد بين الموضوع والمحمول ، ولا اتّحاد بين الذات الذي يكون جوهراً والمبدأ الذي يكون عرضاً وإن أخذ لا بشرط.

إن قلت : المراد من اللابشرط هنا هو اللابشرط بالنسبة إلى الحمل ، فلا مانع من حمل المبدأ حينئذ على الذات.

قلت : إنّ اللابشرط بالنسبة إلى الحمل لا معنى محصّل له ، فإنّ الحمل تابع للمفهوم ، فلو كان المبدأ متّحداً معه الذات كان الحمل صحيحاً ، وإلاّ كان باطلاً.

وبعبارة اخرى : الحمل أو عدمه ليس من قيود المعنى بل من آثاره الناشئة من وحدة الموضوع والمحمول وعدمها ، وهما ناشئان عن مفهومهما الخاصّ ، فالضرب وذات زيد ليسا متّحدين بطبيعتهما فلا معنى للقول بأنّه يؤخذ الضرب لا بشرط الحمل.

وثانياً : يكفي في ارتفاع اللغويّة التصريح بما يكون سبباً للوحدة وعدم الاكتفاء باللوازم.

الوجه الرابع : أنّ أخذ الذات يستلزم أن يكون هناك نسبتان في قضيّة واحدة في عرض واحد ، احديهما نسبة تامّة بين الموضوع والمحمول ، وثانيهما نسبة ناقصة في خصوص المحمول.

ويرد عليه : أنّه ليس كذلك ، بل احديهما في طول الاخرى ، لأنّ النسبة في المحمول ناقصة تشكّل الخبر فقط ، فتكون رتبته مقدّمة على النسبة التامّة بين المبتدأ والخبر.

الوجه الخامس : إنّ أخذ الذات في المشتقّ يستلزم التكرار في الموصوف فجملة « زيد قائم » تكون بمعنى : زيد زيد له القيام ، وهو كما ترى.

وفيه : إنّه ينتقض بمثل « زيد رجل عالم فاضل » الذي تكرّر فيه المبتدأ الموصوف بالصراحة ، ولا كلام في صحّته وحسنه.

مضافاً إلى أنّ المأخوذ في المشتقّ هو ذات مبهم من جميع الجهات التي تنطبق على المبتدأ ولا يكون نفس المبتدأ بعينه فلا يلزم حينئذ تكرار.

الوجه السادس : أنّه يستلزم دخول المعروض في العرض في مثل « الضارب » ، والجنس في الفصل في مثال « الناطق » ، لأنّ الضارب مثلاً عرض ، والذات معروض ، فيلزم من أخذها فيه دخول المعروض في العرض ، كما أنّ الذات في الناطق ، جنس يتميّز بوصف النطق فيكون الوصف فصلاً لها ، وأخذها في الوصف يستلزم دخول الجنس في الفصل.

أقول : أوّلاً : إنّ « الضارب » عرضي لا عرض ، خلافاً للضرب الذي يكون من مقولة الفعل إحدى المقولات التسعة العرضيّة ، وعرضي الشيء غير عرضه.

وثانياً : أنّ قياس الذات في ما نحن فيه بالجنس المنطقي قياس مع الفارق لما تقرّر في محلّه من أنّ الجنس هوية غير متحصّلة ، ولا تحصّل ولا تحقّق له في الخارج إلاّ بفصله ، بينما الذات فيما نحن فيه له معنا متحصّلاً لما مرّ من أنّ المأخوذ في المشتقّ هو مصداق الشيء لا مفهومه.

وما ذكرنا سابقاً ـ من أنّ الذات المأخوذة في المشتقّ مبهمة من جميع الجهات إلاّ من جهة المبدأ ـ لا ينافي ذلك ، فإنّ الابهام في الجنس ابهام وجودي فلا تحصّل له إلاّ بالفصل ، ولكن الابهام في المقام ليس من ناحية الوجود بل من ناحية المفهوم من الجهات العرضيّة فقط.

ثالثاً : سلّمنا ، إلاّ أن اللازم دخول الجنس في الفصل فيما إذا قلنا بدخول الذات في الوصف المنطقي أيضاً لا ما إذا قلنا بتجريد المنطقيين الناطق والضارب عن الذات ، والقول بأنّ المتبادر إلى ذهن أهل اللّغة هو المتبادر إلى ذهن المنطقي كما ترى.

وذكر المحقّق العراقي رحمه‌ الله في وجه بساطة المشتقّ عن الذات مع القول بتركّبه من المبدأ والنسبة على نحو تقييده بها ، وجهين :

الأوّل : التبادر وأنّ المتبادر من المشتقّ هو المبدأ والنسبة ولا يتبادر منه الذات.

الثاني : أنّ للمشتقّ هيئة ومادّة فالمادّة ، تدلّ على المبدأ فقط والهيئة تدلّ على النسبة ، كذلك وليس هناك دالّ آخر يدلّ على الذات.

ثمّ قال : إن قلت : إنّ النسبة قائمة بطرفيها ، فكيف تتصوّر وتستفاد من المشتقّ بدون الذات؟

قلت : نفهم الذات بالدلالة الالتزاميّة لأنّ النسبة قائمة بطرفيها ، إحداهما ، هو الذات في الموضوع وثانيهما ، هو المبدأ المحمول كما نقول به أيضاً في جواب ما يقال : « من أنّ المشتقّ لا يخلو من أن يقع أحد الأمرين ، إمّا أن يقع موضوعاً أو محمولاً ، وفي كلا الحالين لا بدّ من وجود الذات ، أمّا إذا وقع موضوعاً فلأنّ المبدأ مع النسبة بدون الذات لا يبتدأ به ، وأمّا إذا وقع محمولاً فلأنّ الحمل يحتاج إلى اتّحاد بين الموضوع والمحمول ، وبدون أخذ الذات في المحمول لا يحصل الاتّحاد » فنقول في جوابه أيضاً إنّ المشتقّ يدلّ على الذات بالدلالة الالتزاميّة لا المطابقية حتّى تكون الذات جزءً من مفهوم المشتقّ ( انتهى ملخّص كلامه ) (7).

أقول : وفي كلامه مواقع للنظر :

الأوّل : أنّ الوجدان حاكم على تبادر الذات في المشتقّ عند إطلاقه فيتبادر من « السارق » من يسرق ، فتكون الذات جزء من معناه المطابقي لا الالتزامي.

الثاني : أنّ الوجدان حاكم أيضاً على أنّ الوحدة التي تكون بين المبتدأ والخبر هي الوحدة بين ذاتين تكونان مدلولين لهما بالدلالة المطابقية لا الوحدة بين المدلول المطابقي والمدلول الالتزامي.

الثالث : أنّ لازم كلامه عدم دخول نفس الزمان والمكان في معنى اسم الزمان والمكان ، وكذا عدم دخول الآلة في معنى اسم الآلة ( لأنّ الذات في هذه الأسماء عبارة عن نفس الزمان والمكان والآلة ) مع أنّ الزمان هو القوام والأساس في اسم الزمان ، وكذا المكان والآلة في اسم المكان واسم الآلة بل لا معنى لهذه الأسماء بدون تلك الأشياء ، وحيث إنّه لم يقل أحد بالفرق بين هذه الثلاثة وسائر المشتقّات فنستكشف منه أنّه وزان الجميع واحد.

وأمّا انحصار مدلول الهيئة في النسبة فهو دعوى بلا دليل.

هذا كلّه ما استدلّ به على عدم أخذ الذات في المشتقّ ، وقد ظهر ضمن المناقشات الواردة أنّ المختار في المقام هو التركّب من الذات والمبدأ والنسبة معاً ، وظهر أيضاً بعض ما يدلّ عليه ، وملخّص الكلام أنّه يمكن أن يستدلّ للتركّب بصور :

الاولى : التبادر في أذهان أهل العرف فإنّهم إذا سُئِلوا عن معنى الضارب مثلاً يقولون : معناه « الذي يضرب » ، والقاتل هو « الذي يقتل ».

الثانيّة : صحّة حمل المشتقّ على الذات ، وهي كاشفة عن أخذ الذات فيه ، لأنّ الحمل يحتاج إلى اتّحاد بين الموضوع والمحمول كما مرّ.

الثالثة : عدم تصوّر عدم أخذها في بعض المشتقّات ، وهو اسم الزمان والمكان واسم الآلة كما مرّ آنفاً.

الرابعة : ( وقد يكون مجرّد مؤيّد في المسألة لا دليلاً مستقلاً على المدّعى ) عروض الصفات المختصّة بالذات على المشتقّ مثل « التأنيث والتذكير والإفراد والتثنية والجمع » فيثنّى الضارب مثلاً حينما تثنّى الذات ، ويؤنّث حينما يكون الذات مؤنّثاً.

إن قلت : إنّه ينتقض بعروض التثنية والجمع على الفعل أيضاً.

قلت : ما يثنّى أو يجمع في الفعل أيضاً هو الضمير الفاعلي لا نفس الفعل.

بقي هنا أمران :

الأمر الأوّل : ما أفاده بعض الأعلام في مقام إثبات مختاره في المقام ( وهو تركّب المشتقّ من المبدأ والذات بدون النسبة ) فإنّه قال بعد الإشارة إلى أنّ الذات هنا مبهم من جميع الجهات إلا من ناحية وصف كذا : إنّ المراد من التركّب من الذات والمبدأ هو التركّب التحليلي لا التفصيلي.

توضيحه : أنّ المفاهيم على ثلاثة أنواع :

الأوّل : ما يكون بسيطاً من ناحية الدالّ والمدلول والدلالة جميعاً كمفهوم الجسم.

الثاني : ما يكون متعدّداً تفصيلاً كذلك كمفهوم « له القيام ».

الثالث : ما يكون متعدّداً في الجهات الثلاثة عند التحليل لا تفصيلاً كمفهوم « القائم » الذي يكون مصداقاً من مصاديق المشتقّ ، وبالنتيجة تكون المشتقّات كالبرازخ بين الجمل التفصيلية والجوامد.

أقول : كلامه جيّد حيث أوضح المراد من التركّب والبساطة في المشتقّ إلاّ أن فيه : إنّ المشتقّ مركّب من الذات والمبدأ والنسبة جميعاً لا من الأوّلين فقط ، لأنّ تلبّس الذات بالمبدأ لا يتصوّر بدون النسبة الناقصة كما مرّ.

الأمر الثاني : ما أفاده المحقّق الإصفهاني رحمه ‌الله في بعض عباراته ، وحاصله : إنّ المشتقّ قد أخذ في مفهومه ما يصحّ به الحمل ولكن ليس هذا من مفهوم الذات وإلاّ لم يصحّ القول بأنّ «الوجود موجود » أو « البياض أبيض » لعدم تصوّر ذات في « الموجود » و« الأبيض » هنا، نعم يوجد فيهما شيء إجمالاً يصحّ بذلك الحمل (8).

أقول : أوّلاً : إنّا لا نريد من الذات أكثر من ذلك الشيء الذي يصحّ به الحمل كما اعترف به.

ثانياً : لا ينتقض القول بأخذ الذات في المشتقّ بهذين المثالين لأنّهما ليست من الإطلاقات العرفيّة التي يثبت بها المعنى الموضوع له حتّى تكون معياراً في تعيين مداليل الألفاظ ، فلا يصحّ عرفاً إطلاق الأبيض على البياض.

إلى هنا... ظهر أنّ الحقّ... تركّب المشتقّ من الذات والمبدأ والنسبة جميعاً.

__________________

(1) راجع شرح المطالع : ص 11.

(2) فوائد الاصول : ج 1 ، ص 111 ، طبع جماعة المدرّسين.

(3) المحاضرات : ج 1 ، ص 270.

(4) راجع تهذيب الاصول : ج 1 ، ص 92 ، طبع مهر.

(5) أجود التقريرات : ج 1 ، ص 65 و 66.

(6) المصدر السابق : ص 67.

(7) راجع بدائع الأفكار : ج 1 ، ص 170 و 171.

(8) نهاية الدراية : ج 1 ص 92 ، من الطبع القديم.




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.


جامعة الكفيل تناقش تحضيراتها الخاصة بالامتحانات النهائية
المجمع العلمي يستأنف برنامج (عرش التلاوة) الوطني
أرباح مصرف الراجحي ترتفع إلى 4.4 مليار ريال في الربع الأول
الأمانة العامة للعتبة العبّاسية تشارك في مُلتقى أمناء العتبات المقدّسة داخل العراق