المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 7465 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
{وان هذا صراطي‏ مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل}
2024-05-15
{ولا تقربوا مال اليتيم الا بالتي‏ هي احسن}
2024-05-15
{قل تعالوا اتل ما حرم ربكم عليكم}
2024-05-15
{قل هلم شهداءكم}
2024-05-15
معنى الخرص
2024-05-15
معنى الشحوم و الحوايا
2024-05-15

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


تحــديد ظهور الدليل اللفظي   
  
2205   11:21 صباحاً   التاريخ: 18-8-2016
المؤلف :  محمد باقر الصدر
الكتاب أو المصدر :  المعالم الجديدة للأصول
الجزء والصفحة : ص 129.
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / علم اصول الفقه / المباحث اللفظية /

1-أحسن إلى الفقير .

2- حافظ على أحكام الشريعة .

3- إدفع الخطر عن الإسلام .

1- إذا زالت الشمس وجبت الصلاة .

2 - إذا هل هلال شهر رمضان وجب الصوم .

3 - إذا هاجم العدو بلاد الإسلام وجب الجهاد .

1 - العلماء أولياء الامور .

2- يجب على الفقهاء إيصال الاحكام .

3- الصبيان لا يجوز بيعهم .

هذه ثلاث فئات من الكلام تشتمل كل فئة على مجموعة من الجمل تصلح كل واحدة من تلك الجمل أن تكون دليلا لفظيا لأثبات حكم شرعي، ولكي نفهم الحكم الذي تدل عليه تلك الجملة يجب أن نعرف المعاني اللغوية والظواهر اللفظية في الجملة.

 ونحن إذ دققنا النظر في كل فئة وجدنا أن كل جملة فيها تتميز بألفاظها عن الجمل الاخرى، فالإحسان والفقير كلمتان تتميز بهما الجملة الاولى القائلة أحسن إلى الفقير ، كما أن الجملة الثانية بكلمة الشريعة وكلمة أحكام وكلمة حافظ وهكذا.

ولهذا إذا أردنا أن نفهم الحكم الذي تدل عليه الجملة الاولى يجب أن نعرف معنى الاحسان ومعنى كلمة الفقير ، بينما لا نحتاج إلى معرفة ذلك إذا أردنا أن نفهم الحكم الذي تدل عليه الجملة الثانية، وإنما نحتاج بدلا عن ذلك إلى معرفة كلمة الشريعة وكلمة أحكام وكلمة حافظ الامور التي جاءت في الجملة الثانية، ولكن يوجد في جميع جمل الفئة الاولى عنصر عام يتوقف فهم الحكم الشرعي من جميع تلك الجمل على معرفة معناه، وهذا العنصر هو صيغة فعل الامر، فإن هذه الصيغة موجودة في الجمل الثلاث بالرغم من اختلاف تلك الجمل في جميع كلماتها، فلا بد أن نعرف ما هو مدلول صيغة فعل الامر وأنها هل تدل على الوجوب أو الاستحباب؟ لكي نستنبط نوع الحكم المتعلق بالإحسان إلى الفقير، ونوع الحكم المتعلق بالمحافظة على أحكام الشريعة، ونوع الحكم المتعلق بدفع الخطر عن الإسلام.

وإذا لاحظنا الجملة في الفئة الثانية وجدنا فيها أيضا عنصرا عاما يتوقف على معرفة معناه فهم الاحكام التي تدل عليها تلك الجمل، وهذا العنصر العام هو أداة الشرط المتمثلة في كلمة إذ ، فإن هذه الاداة هي التي تدل على ربط وجوب الصلاة بالزوال، وربط وجوب الصوم بهلال رمضان، وربط وجوب الجهاد بمهاجمة العدو لبلاد الإسلام.

وفي الفئة الثالثة نجد عنصرا عاما وهو صيغة الجمع المعرف باللام، فإن هذه الصيغة موجودة في كلمة العلماء وكلمة الفقهاء وكلمة الصبيان ، فيجب لكي نفهم حدود الاحكام التي دلت عليها الجمل الثلاث أن نعرف ما هو المدلول اللغوي لصيغة الجمع المعرف باللام وهل تدل على العموم - أي على شمول الحكم لجميع الافراد أو لا ؟ وفي هذا الضوء نستطيع أن نقسم العناصر اللغوية من وجهة نظر أصولية إلى عناصر مشتركة في عملية الاستنباط وعناصر خاصة في تلك العملية. فالعناصر المشتركة هي كل أداة لغوية تصلح للدخول في أي دليل مهما كان نوع الموضوع الذي يعالجه ذلك الدليل، ومثاله صيغة فعل الامر، فإن بالإمكان استخدامها بالنسبة إلى أي موضوع، فيقال تارة: أحسن إلى الفقير وأخرى صل وثالثة ادفع الخطر عن الإسلام . والعناصر الخاصة في عملية الاستنباط هي كل أداة لغوية لا تصلح للدخول إلا في الدليل الذي يعالج موضوع معينا، ولا أثر لها في استنباط دليل سوى الدليل الذي يشتمل على حكم مرتبط بالإحسان، ولا علاقة للأدلة التي تشتمل على حكم الصلاة مثلا بكلمة الاحسان ، فلهذا كانت كلمة الاحسان عنصرا خاصا في عملية الاستنباط، لأنها تختص باستنباط أحكام نفس الاحسان، ولا أثر لها في استنباط حكم موضوع آخر.

وعلى هذا الاساس يدرس علم الاصول من اللغة القسم الاول من الادوات اللغوية التي تعتبر عناصر مشتركة في عملية الاستنباط ، فيجب عن مدلول صيغة فعل الامر وأنها هل تدل على الوجوب أو الاستحباب؟ ولا يبحث عن مدلول كلمة الاحسان . ويدخل في القسم الاول من الادوات اللغوية أداة الشرط أيضا، لأنها تصلح للدخول في استنباط الحكم من أي دليل لفظي مهما كان نوع الموضوع الذي يتعلق به، فنحن نستنبط من النص القائل:

إذا زالت الشمس وجبت الصلاة ، أن وجوب الصلاة مرتبط بالزوال بدليل أداة الشرط، ونستنبط من النص القائل: إذا هل هلال شهر رمضان وجب الصوم ، أن وجوب الصوم مرتبط بالهلال، ولأجل هذه يدرس علم الاصول أداة الشرط بوصفها عنصرا مشتركا، ويبحث عن نوع الربط الذي تدل عليه ونتائجه في استنباط الحكم الشرعي.

 وكذلك الحال في صيغة الجمع المعرف باللام، لأنها أداة لغوية صالحة للدخول في الدليل اللفظي مهما كان نوع الموضوع الذي يتعلق به.

وفيما يلي نذكر بعض النماذج من هذه الادوات المشتركة التي يدرسها الاصوليون:

1 - صيغة الامر :

 صيغة فعل الامر نحو إذهب و صل و صم و جاهد إلى غير ذلك من الاوامر.

والمقرر بين الاصوليين عادة هو القول بأن هذه الصيغة تدل لغة على الوجوب.

وهذا القول يدعونا أن نتساءل هل يريد هؤلاء الاعلام من القول بأن صيغة فعل الامر تدل على الوجوب أن صيغة فعل الامر تدل على نفس ما تدل عليه كلمة الوجوب؟ فيكونان مترادفين كالترادف بين كلمتي إنسان و بشر ، وكيف يمكن افتراض ذلك؟ مع أننا نحس بالوجدان أن كلمة الوجوب وصيغة فعل الامر ليستا مترادفتين، وإلا لجاز أن نستبدل إحداهما بالأخرى فيقول الآمر: وجوب الصلاة بدلا عن صل ويقول: وجوب الصوم بدلا عن صم ، وما دام هذ الاستبدال غير جائز فنعرف أن صيغة فعل الامر تدل على معنى يختلف عن المعنى الذي تدل عليه كلمة الوجوب، ويصبح من الصعب عندئذ فهم القول السائد بين الاصوليين بأن صيغة فعل الامر تدل على الوجوب. والحقيقة أن هذا القول يحتاج إلى تحليل مدلول صيغة فعل الامر لكي نعرف كيف تدل على الوجوب، ونحن حين ندقق في فعل الامر نجد أنه يشكل جملة مفيدة بضم فاعله إليه نظير فعل الماضي أو المضارع إذا ضم فاعله إليه، فكما أن ذهب عامر جملة مفيدة مكونة من فعل ماض وفاعل، كذلك جملة اذهب إذا خاطبت عامر بها.

وقد مر سابقا أن الجملة المفيدة تدل هيئتها دائما على النسبة التامة، وعلى هذ الاساس يكون مدلول فعل الامر بوصفه جملة مفيدة هو النسبة التامة بين مادة الفعل والمخاطب، أي بين الذهاب والشخص المدعو للذهاب في مثال اذهب وبين الصلاة والشخص المدعو للصلاة في صل وهكذا.

كما أن مدلول فعل الماضي أو المضارع هو النسبة التامة أيضا، ف‍ــ (ذهب عامر و اذهب ) كلتاهما جملتان مفيدتان تدلان على النسبة التامة بين مادة الفعل والفاعل.

 ولكن اذهب و ذهب بالرغم من دلالتهما معا على النسبة التامة يختلفان أيضا من ناحية أخرى، لان اذهب تعتبر جملة انشائية وكذلك كل أفعال الامر، و ذهب تعتبر جملة خبرية، فأنت تقول: ذهب عامر حين تريد أن تخبر عن ذهابه، وتقول: اذهب حين تريد أن تدفعه إلى وهذا الاختلاف يعنى - على ضوء ما عرفنا سابقا من فرق بين الجملة الانشائية والجملة الخبرية أن مدلول اذهب هو النسبة بين الذهاب والمخاطب بما هي في طريق التحقيق وباعتبارها يراد تحقيقها، بينما تدل صيغة ذهب على النسبة بما هي حقيقة واقعة مفروغ عنها.

 ونستخلص من ذلك أن صيغة فعل الامر تدل على نسبة تامة بين مادة الفعل والفاعل منظورا إليها بما هي نسبة يراد تحقيقها وإرسال المكلف نحو ايجادها.

أرأيت الصياد حين يرسل كلب الصيد إلى فريسته؟

إن تلك الصورة التي يتصورها الصياد عن ذهاب الكلب إلى الفريسة وهو يرسله إليها، هي نفس الصورة التي يدل عليها فعل الامر، ولهذا يقال في علم الاصول أن مدلول صيغة الامر هو النسبة الارسالية.

 وكما أن الصياد حين يرسل الكلب إلى فريسته قد يكون إرساله هذا ناتجا عن شوق شديد إلى الحصول على تلك الفريسة ورغبة أكيدة في ذلك وقد يكون ناتجا عن رغبة غير أكيدة وشوق غير شديد، كذلك النسبة الارسالية التي تدل عليها الصيغة في فعل الامر قد نتصورها ناتجة عن شوق شديد وإلزام أكيد وقد نتصورها ناتجة عن شوق أضعف ورغبة أقل درجة.

وعلى هذا الضوء نستطيع الآن أن نفهم معنى ذلك القول الاصولي القائل: إن صيغة فعل الامر تدل على الوجوب، فإن معناه أن الصيغة قد وضعت للنسبة الارسالية بوصفها ناتجة عن شوق شديد وإلزام أكيد، ولهذا يدخل معنى الالزام والوجوب ضمن الصورة التي نتصور بها المعنى اللغوي للصيغة عند سماعها دون أن يصبح فعل الامر مرادفا لكلمة الوجوب.

 وليس معنى دخول الالزام والوجوب في معنى الصيغة أن صيغة الامر لا يجوز استعمالها في مجال المستحبات، بل قد استعملت كثيرا في موارد الاستحباب كما استعملت في موارد الوجوب، ولكن استعمالها في موارد الوجوب استعمال حقيقي، لأنه استعمال للصيغة في المعنى الذي وضعت له، واستعمالها في موارد الاستحباب استعمال مجازي يبرره الشبه القائم بين الاستحباب والوجوب.

2- صيغة النهي : صيغة النهي نحو " لا تذهب ، لا تخن ، لا تكسل في طلب العلم .

والمقرر بين الاصوليين هو القول بأن صيغة النهي تدل على الحرمة، ويجب أن نفهم هذا القول بصورة مماثلة لفهمنا القول بأن صيغة الامر تدل على الوجوب، فإن النهي يشكل جملة مفيدة ويشتمل لأجل ذلك على نسبة تامة، وتعتبر الجملة التي يشكلها جملة انشائية لا إخبارية، فأنت حين تقول لا تذهب لا تريد أن تخبر عن عدم الذهاب وإنما تريد أن تمنع المخاطب عن الذهاب وتمسكه عن ذلك، فصيغة الامر والنهي متفقتان في كل هذ ولكنهما تختلفان في الارسال والامساك، لان صيغة الامر تدل على نسبة إرسالية كم سبق، وأما صيغة النهي فتدل على نسبة إمساكية، أي إنا حين نسمع جملة اذهب نتصور نسبة بين الذهاب والمخاطب ونتصور أن المتكلم يرسل المخاطب نحوها ويبعثه إلى تحقيقه كما يرسل الصياد كلبه نحو الفريسة، وأما حين نسمع جملة لا تذهب فنتصور نسبة بين الذهاب والمخاطب، ونتصور أن المتكلم يمسك مخاطبه عن تلك النسبة ويزجره عنها، كما لو حاول كل الصيد أن يطارد الفريسة فأمسك به الصياد، ولهذا نطلق عليها اسم النسبة الامساكية . وتدخل الحرمة في مدلول النهي بالطريقة التي دخل بها الوجوب إلى مدلول الامر، ولنرجع بهذا الصدد إلى مثال الصياد، فإنا نجد أن الصياد حين يمسك كلبه عن تتبع الفريسة قد يكون إمساكه هذا ناتجا عن كراهة تتبع الكلب للفريسة بدرجة شديدة، وقد ينتج عن كراهة ذلك بدرجة ضعيفة. ونظير هذ تماما نتصوره في النسبة الامساكية التي نتحدث عنه، فإنها قد نتصورها ناتجة عن كراهة شديدة للمنهي عنه، وقد نتصورها ناتجة عن كراهة ضعيفة. ومعنى القول بأن صيغة النهي تدل على الحرمة في هذا الضوء أن الصيغة موضوعة للنسبة الامساكية بوصفها ناتجة عن كراهة شديدة وهي الحرمة، فتدخل الحرمة ضمن الصورة التي نتصور بها المعنى اللغوي لصيغة النهي عند سماعها. وفي نفس الوقت قد تستعمل صيغة النهي في موارد الكراهة، فينهى عن المكروه أيضا بسبب الشبه القائم بين الكراهة والحرمة، ويعتبر استعمالها في موارد المكروهات استعمال مجازيا.

3- الاطلاق: وتوضيحه أن الشخص إذا أراد أن يأمر ولده بإكرام جاره المسلم فلا يكتفي عادة بقوله: أكرم الجار بل يقول: أكرم الجار السلم ، وأما إذا كان يريد من ولده أن يكرم جاره مهما كان دينه فيقول: أكرم الجار ويطلق كلمة الجار أي لا يقيدها بوصف خاص ويفهم من قوله عندئذ أن الامر لا يختص بالجار المسلم بل يشمل الجار الكافر أيضا، وهذا الشمول نفهمه نتيجة لذكر كلمة الجار مجردة عن القيد، ويسمى هذا ب‍ الاطلاق ويسمى اللفظ في هذه الحالة مطلق . وعلى هذا الاساس يعتبر تجرد الكلمة من القيد اللفظي في الكلام دليلا على شمول الحكم، ومثال ذلك من النص الشرعي قوله تعالى : {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة: 275] ، فقد جاءت كلمة البيع هنا مجردة عن أي قيد في الكلام، فيدل هذا الاطلاق على شمول الحكم بالحلية لجميع أنواع البيع. وأما كيف أصبح ذكر الكلمة بدون قيد في الكلام دليلا على الشمول وما هو مصدر هذه الدلالة فهذا ما لا يتسع له البحث على مستوى هذه الحلقة.

4- أدوات العموم: أدوات العموم مثاله كل في قولن: احترم كل عادل و قاطع كل من يعادي الإسلام ، وذلك أن الآمر حين يريد أن يدلل على شمول حكمه وعمومه قد يكتفي بالإطلاق وذكر الكلمة بدون قيد كما شرحناه آنفا فيقول: أكرم الجار وقد يريد مزيدا من التأكيد على العموم والشمول فيأتي بأداة خاصة للدلالة على ذلك فيقول: في المثال المتقدم مثل أكرم كل جار، فيفهم السامع من ذلك مزيد من التأكيد على العموم والشمول، ولهذا تعتبر كلمة كل من أدوات العموم لأنه موضوعة في اللغة لذلك، ويسمى اللفظ الذي دلت الاداة على عمومه عام ويعبر عنه ب‍ مدخول الاداة ، لان أداة العموم دخلت عليه وعممته.

ونستخلص من ذلك أن التدليل على العموم يتم بإحدى طريقتين :

الاولى سلبية وهي الاطلاق، أي ذكر الكلمة بدون قيد.

والثانية إيجابية وهي استعمال أداة العموم نحو كل و جميع و كافة وما إليها من ألفاظ.

وقد اختلف الاصوليون في صيغة الجمع المعرف باللام من قبيل الفقهاء العلماء ، الجيران ، العقود .

فقال بعضهم: إن هذه الصيغة نفسه من أدوات العموم أيضا مثل كلمة كل ، فأي جمع من قبيل فقهاء أو علماء أو جيران إذا أراد المتكلم إثبات الحكم لجميع أفراده والتدليل على عمومه بطريقة إيجابية أدخل عليه اللام فيجعله جمعا معرفا باللام ويقول: احترم الفقهاء أو أكرم الجيران أو أوفوا بالعقود .

 وبعض الاصوليين يذهب إلى أن صيغة الجمع المعرف باللام ليست من أدوات العموم، ونحن إنما نفهم الشمول في الحكم عندما نسمع المتكلم يقول أكرم الجيران مثلا بسبب الاطلاق وتجرد الكلمة عن القيود لا بسبب دخول اللام على الجمع، أي بطريقة سلبية إيجابية، فلا فرق بين أن يقال: أكرم الجيران أو أكرم الجار فكما يستند فهمنا للشمول في الجملة الثانية إلى الاطلاق كذلك الحال في الجملة الاولى، فالمفرد المعرف باللام وهو الجار والجمع المعرف باللام وهو الجيران لا يدلان على الشمول إلا بالطريقة السلبية، أي بإطلاق الكلمة وتجريدها عن القيد.

5- أداة الشرط : أداة الشرط مثاله إذ في قولن إذا زالت الشمس فصل و إذ أحرمت للحج فلا تتطيب ، وتسمى الجملة التي تدخل عليها أداة الشرط جملة شرطية، وهي تختلف في وظيفتها اللغوية عن غيرها من الجمل التي لا توجد فيها أداة شرط، فإن سائر الجمل تقوم بربط كلمة بأخرى، نظير ربط الخبر بالمبتدأ في قولنا: "علي إمام "  أو ربط الفعل بالفاعل في قولنا: "ظهر نور الإسلام " .

وأما الجملة الشرطية فهي تربط بين جملتين، ففي مثال إذا زالت الشمس فصل تعتبر زالت الشمس جملة وتعتبر صل جملة أخرى، وأداة الشرط تربط بين هاتين الجملتين وتجعل الاولى شرطا والثانية مشروطة أو جزاء. وعلى هذا الاساس نعرف أن الجملة الشرطية تحتوي على شرط ومشروط وإذ لاحظنا المثالين المتقدمين للجملة الشرطية وجدنا أن الشرط في مثال إذا زالت الشمس فصل هو زوال الشمس، والشرط في قولنا: " إذا أحرمت للحج فلا تتطيب" هو الاحرام للحج، وأما المشروط فهو مدلول جملة صل و لا تتطيب .

ولما كان مدلول صل بوصفه صيغة أمر هو الوجوب ومدلول لا تتطيب بوصفه صيغة نهي هو الحرمة كما تقدم، فنعرف أن المشروط هو الوجوب أو الحرمة أي الحكم الشرعي، ومعنى أن الحكم الشرعي مشروط بزوال الشمس أو بالأحرام للحج أنه مرتبط بالزوال أو الاحرام ومقيد بذلك، والمقيد ينتفي إذا انتفى قيده.

وينتج عن ذلك أن أداة الشرط تدل على انتفاء الحكم الشرعي في حالة انتفاء الشرط، لان ذلك نتيجة طبيعية لدلالتها على تقييد الحكم الشرعي وجعله مشروطا، فيدل قولنا: "إذا زالت الشمس فصل" على عدم وجوب الصلاة قبل الزوال، ويدل قولنا: إذ أحرمت للحج فلا تتطيب على عدم حرمة الطيب في حالة عدم الاحرام للحج، وبذلك تصبح الجملة الشرطية ذات مدلولين: أحدهما ايجابي والآخر سلبي.

فالإيجابي هو ثبوت الجزاء عند ثبوت الشرط أي إن الوجوب يثبت عند الزوال ومدلولها السلبي هو انتفاء الجزاء عند انتفاء الشرط - أي عدم وجوب الصلاة قبل الزوال وعدم حرمة الطيب في غير حالة الاحرام للحج. ويسمى المدلول الايجابي منطوق للجملة، والمدلول السلبي مفهوم . وكل جملة لها مثل هذا المدلول السلبي يقال في العرفي الاصولي: إن هذه الجملة أو القضية ذات مفهوم. وقد وضع بعض الاصوليين قاعدة عامة لهذا المدلول السلبي في اللغة فقال: إن كل أداة لغوية تدل على تقييد الحكم وتحديده لها مدلولها سلبي، إذا تدل على انتفاء الحكم خارج نطاق الحدود التي تضعها للحكم وأداة الشرط تعتبر مصداقا لهذه القاعدة العامة، لأنها تدل على تحديد الحكم بالشرط.

ومن مصاديق القاعدة أيضا أدت الغاية حين تقول مثل: صم حتى تغيب الشمس ، فإن صم هنا فعل أمر يدل على الوجوب، وقد دلت حتى بوصفها أداة غاية على وضع حد وغاية لهذا الوجوب الذي تدل عليه صيغة الامر، ومعنى وضع غاية له تقييده، فيدل على انتفاء وجوب الصوم بعد مغيب الشمس، وهذا هو المدلول السلبي الذي نطلق عليه اسم المفهوم. ويمسى المدلول السلبي للجملة الشرطية ب‍ مفهوم الشرط كما يسمى المدلول السلبي لأداة الغاية من قبيل حتى في المثال المتقدم ب‍ مفهوم الغاية .




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.


شعبة التوجيه الديني النسوي تختتم دورة تعليم مناسك الحج
العتبتان المقدستان العلوية والعباسية تبحثان تعزيز التعاون في مجال خدمة الزائرين
منها الشبابيك والأبواب.. أعمال فنيّة عدّة ينفذها قسم الصناعات والحرف
قسم شؤون المعارف يصدر العدد الخامس عشر من مجلة تراث البصرة