المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
معنى الانسلاخ
2024-06-12
القواعد أو المعايير المنظمة للزراعة العضوية
2024-06-12
عبء اثبات بعض المنازعات الناشئة عن عقد الوكالة
2024-06-12
{واذان من اللـه ورسوله الى الناس}
2024-06-12
عبء اثبات النسب
2024-06-12
إعـداد جـداول الحـسابـات القـومـيـة فـي حالـة الاقتـصاد المـغلـق
2024-06-12

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


حق الانسحاب من المواثيق المنشئة للمنظمات الدولية  
  
4799   02:47 مساءاً   التاريخ: 20-6-2016
المؤلف : اركان حميد جديع الدليمي
الكتاب أو المصدر : الجزاءات التأديبية والانسحاب في قانون المنظمات الدولية
الجزء والصفحة : ص86-95.
القسم : القانون / القانون العام / القانون الدولي العام و المنظمات الدولية / المنظمات الدولية /

إن المعاهدات المنشئة للمنظمات الدولية تحمل صفتين في الوقت نفسه فهي من جانب معاهدات دولية تخضع للأحكام العامة لقانون المعاهدات والقانون الدولي العام ، وتعد هذه المعاهدات من ناحية أخرى دستورا للمنظمة الدولية ومن ثم تخضع للمبادئ النظرية والدستورية للمنظمات الدولية (1). ....، وشكلت الممارسة الدولية لهذا الحق أشبه ما يكون بالقاعدة العرفية التي تستمد مصدرها من سيادة الدول وإرادتها ، لذا قلما نجد منظمة دولية لا ينص ميثاقها على الانسحاب ، وتكاد تكون الأمم المتحدة وبعض المنظمات الدولية الأخرى كمنظمة الصحة العالمية ، ومنظمة اليونسكو استثناء من القاعدة العامة التي تنص على الانسحاب(2) والواقع أن وجود حق الانسحاب من عدمه يعتمد على طبيعة المنظمة الدولية ووظائفها وأغراضها وعلى نية الأطراف والهدف من إنشاء هذه المنظمة الدولية ، وقد نص ميثاق منظمة الوحدة الإفريقية على أن : ( أي  دولة ترغب في الانسحاب من المنظمة تقدم تبليغا كتابيا بذلك إلى الأمين العام الإداري ولا يطبق هذا الميثاق على الدولة المبلغة بعد انقضاء عام واحد من تاريخ التبليغ ، ما لم تسحب تبليغها خلال هذا العام وبذلك يبطل انتماؤها إلى المنظمة ) (3) . كذلك نصت اتفاقية منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية الأوربية لعام 1960 على أنه : ( لكل طرف متعاقد أن يضع نهاية ، فيما يتعلق به ، على تطبيق الاتفاقية ، وذلك بإعطاء إخطار للحكومة المودع لديها مدته سنة ) (4) ، فالنص على الانسحاب في المواثيق الدولية بلغ حد التواتر (5) . ولا يوجد خلاف في حالة النص على الانسحاب ، لكن الجدل حاصل حول مشروعية الانسحاب في حالة غياب النص إذ ظهرت ثلاثة آراء نعرضها كما يأتي :

الرأي الأول : يرفض حق الانسحاب في حالة غياب النص على ذلك :

يستند أصحاب هذا الرأي لدعم وجهة نظرهم إلى حجج عديدة قانونية وسياسية وعملية يمكن إيجازها بالآتي :

1- إن سبب فشل عصبة الأمم وانهيارها هو كثرة الانسحابات منها ، إذ وصل عدد الانسحابات إلى ثمانية عشر انسحابا مما عد نقيصة من نقائص العصبة ومن أسباب زوالها ، لهذا ينبغي عدم تشجيعه (6) .

2- لا يتفق الانسحاب مع أهداف المنظمة الدولية وخاصة في مجال الأمن الجماعي وحفظ السلم والأمن الدوليين الذي يقتضي تظافر جهود جميع الدول لتحقيق هذه  الأهداف ، ويشكل الانسحاب تعارضا مع هذه الجهود (7) .

3- إن عدم النص على الانسحاب في مواثيق المنظمات الدولية يستهدف إسقاط هذا الحق الذي استندت إليه الدولة بوصفها صاحبة سيادة ، وبالتالي فالانسحاب لا يسمح به ما دام لا يوجد نص صريح على ذلك وهذا يستند إلى مبدأ الفاعلية والاستقرار (8) .

4- لا يسمح بالانسحاب في المنظمات الدولية استنادا إلى ما يجري في الدول الفيدرالية فالانسحاب منها يعد مخالفا للدستور الاتحادي (9) .

5- لا يجوز لدولة عضو في المنظمة الدولية التحلل من التزاماتها بإرادتها المنفردة ، وذلك لأن المعاهدة المنشئة للمنظمة الدولية هي معاهدة غير محدودة الأجل وبالتالي لا يجوز فسخها بالإرادة المنفردة ، والقول بعكس ذلك يؤدي إلى تقويض نظام الأمن الجماعي (10) .

6- إذا كان الانسحاب يرجع إلى سيادة الدولة فإن هذا يؤدي إلى أن الدولة تملك صلاحية مطلقة في الانضمام متى تشاء والانسحاب متى تشاء ، وهذا مخالف لروح المواثيق المنشئة للمنظمات الدولية ، كذلك فإن الانسحاب يكون عديم الجدوى في ظل وجود المادة 2/6 من ميثاق الأمم المتحدة التي تفرض التزامات على غير الأعضاء للمحافظة على السلم والأمن الدوليين ويدلل ( كلسن ) على رأيه بما يسمى بفدرالية المنظمات الدولية ، إذ تتلاشى سيادات الدول الأعضاء ، وأضاف حجة أخرى وذلك بأن الدولة قبلت باختيارها التزامات الميثاق فليس لها أن ترجع عن هذا القبول الودي إذا ما علمنا أنها لم تحتفظ صراحة بحق الانسحاب ، وغاية ما تعمله الدولة هو التمسك بشرط ( بقاء الشيء على حاله ) وإن هناك تغيرا جوهريا في الظروف وهذا لا ينتج أثر إلا بموافقة الدول الأخرى الأطراف (11) . أثبتت الممارسة الدولية إن المنظمات الدولية لا تعترف بالانسحاب الذي مارسته العديد من الدول كانسحاب إندونيسيا من الأمم المتحدة ، وعد عملها ( وقفا للتعاون ) وليس انسحابا ، وقد احتج عدد كبير من الدول في منظمة اليونسكو ومنظمة الصحة العالمية على إعلانات الانسحاب لبعض الدول وبالتالي لا يمكن القول بوجود قاعدة عرفية تدلل على ذلك (12) .

الرأي الثاني : يبيح حق الانسحاب في حالة عدم وجود النص على ذلك :

ويستند أصحاب هذا الرأي إلى الحجج الآتية :

1- إن حق الانسحاب من المنظمات الدولية هو حق أصيل يستمد مصدره من مبدأ السيادة ، فما دامت الدولة تدخل المنظمة الدولية باختيارها فلا يوجد ما يجبرها على البقاء ، ويمكن استنتاج هذا الحق من مبدأي الديمقراطية والمساواة التي تقوم عليهما المنظمات الدولية (13) .  وهذا الرأي أيدته الدول الكبرى كالاتحاد السوفيتي السابق والولايات المتحدة الأمريكية في مؤتمر سان فرانسيسكو 1945 ، فحق الانسحاب هو تعبير عن السيادة الدولية وبالتالي فإن هذا الحق يدور مع السيادة وجودا أو عدما (14) .

2- إن عدم تضمين ميثاق المنظمة الدولية أي نص على الانسحاب فإن ذلك يفيد معنى الإباحة ووجود الحق بمعنى أن العضو يملك حق الانسحاب لعدم وجود نص صريح على المنع استنادا إلى القاعدة العامة القائلة ( إن الأصل في الأشياء الإباحة ) (15) .

3- لا يجوز إجبار دولة أو إلزامها بالبقاء في منظمة دولية انتهكت مبدؤها أو أدخلت تعديلات على مواثيقها لم تقبلها تلك الدولة العضو ، فما دام الانضمام إلى المنظمات الدولية هو وسيلة للتعاون الاختياري فإن الدولة تهدف بانضمامها تنمية التعاون الدولي الاختياري مع غيرها بمحض إرادتها ، ومن مفهوم المخالفة إذا ما تعارضت تلك الالتزامات مع مصالحها العليا فلها الحق بالانسحاب (16) .

4- من الملائم أن لا تحرم دولة من الانسحاب من العضوية كي لا تكون تلك الدولة في وضع أسوأ من الدولة غير العضو بشرط ممارسة الدولة لحقها بحسن نية (17) .

5- إن الشروط الموضوعية لاكتساب العضوية التي تضمنتها المادة 4 من ميثاق الأمم المتحدة هي شروط بقاء وليس شروط ابتداء فقط ، أي يجب توافر هذه الشروط ما دامت العضوية قائمة  وعندما تفقد الدولة رغبتها في الالتزام بالميثاق فإن عليها الانسحاب من عضوية المنظمة (18)

6- إن الانسحاب لا يتعارض مع مبدأ العالمية لأن هذا الوصف لا يعد أصلا من أصولها ، فمواثيق المنظمات الدولية تنص على جزاءي الوقف والفصل كما في  المادتين 5، 6 من ميثاق الأمم المتحدة ولم يقل أحد بانتفاء الصفة العالمية المحتج بها من قبل المانعين لحق الانسحاب (19) .

7- إن الممارسة الدولية توجه بعض الدعم إلى حق الانسحاب من المنظمات الدولية كانسحاب الاتحاد السوفيتي وبعض دول أوربا الشرقية من منظمتي اليونسكو والصحة العالمية مع غياب النص على الانسحاب في ميثاقهما (20) . يمكن القول بعد ذلك أنه يتعذر من الناحية العملية منع الدولة من الانسحاب إلا إذا كان من شأن ذلك أن يهدد السلم والأمن الدوليين . إن ما تقدم ، وما أظهره مؤتمر سان فرانسيسكو لا يتفق مع أصحاب الرأي الأول الذين عدوا النص على الانسحاب من أسباب انهيار عصبة الأمم ، كذلك لا يتفق مع أصحاب الرأي الثاني الذين يجيزون حق الانسحاب دون قيد أو شرط ، كل ذلك ألقى بظلاله عند وضع ميثاق الأمم المتحدة مع وجود من تشبث بالإبقاء على هذا الحق (21). لكل تلك الأسباب والظروف لم ينص ميثاق الأمم المتحدة على حق الانسحاب وقد قامت اللجنة الفنية الثانية التي عوهد إليها صياغة الميثاق بتقديم التقرير الآتي الذي جاء فيه أنه ( ترى اللجنة أن الميثاق لا ينبغي أن يتضمن نصا يجيز الانسحاب من الهيئة الدولية أو يمنعه ، وأنها لتقدر أن من أخص واجبات الأمم التي تنتظم في سلك   العضوية أن تسير قدما في طريق التعاون داخل الهيئة في سبيل حفظ السلم والأمن الدولي ، على أنه إذا أحست دولة من الدول في ظروف استثنائية أن لا مناص لها من الانسحاب وإلقاء عبء حفظ السلام والأمن الدولي على عاتق الآخرين ، فليس مما يدخل في أغراض الهيئة أن ترغم مثل هذه الدولة على الاستمرار في هذا التعاون داخل الهيئة ) . ( ومن البديهي أن لا مناص من انسحاب الدول بعضها إثر بعض ، أو من حل الهيئة بأية صورة أخرى إذا هي انتهى أمرها بأن خيبت آمال الإنسانية بأن تكون قد عجزت عن حفظ السلام أو بأن كان حفظها للسلام على حساب القانون   والعدل .كذلك لا يدخل في أغراض الهيئة أن ترغم عضوا على البقاء فيها إذا كانت حقوقه والتزاماته قد تغيرت بسبب تعديل أدخل على الميثاق لم يشترك في الموافقة  عليها ، ولا قبل له بقبوله ، وإذا كان التعديل الذي أقرته الأكثرية المطلوبة في الجمعية العامة أو في مؤتمر عام لم يحصل على تصديق العدل اللازم من الدول لكي يصبح نافذا . لهذا الأسباب قررت اللجنة إلا توحي بوضع نص في الميثاق يقضي بإجازة الانسحاب أو منعه ) (22). لهذا رأت وزارة الخارجية البريطانية في تعليقها على هذا الإعلان التفسيري ( أن العضوية في المنظمة هي عضوية دائمة وليس للأطراف حق الانسحاب وعدم وجود النص على الانسحاب يجعل الانسحاب غير ممكن لأنه جرى النص على الانسحاب في المعاهدات متعددة الأطراف ) (23).

الرأي الثالث : لا يجيز حق الانسحاب إلا في حالات معينة :

ويمكن القول أن ميثاق الأمم المتحدة قد تبنى هذا الرأي أي أنه سمح بالانسحاب طبقا لمبدأ تغير الظروف ، ولما كان الإعلان التفسيري لم يصوت عليه ، فقد اختلفت الآراء في دلالة ذلك ، فهناك رأي يقول أن عدم التصويت على هذا الإعلان يعني القبول الضمني بما جاء فيه ، وهناك رأي آخر يقول إن عدم التصويت على هذا الإعلان يعني أن الدول لم تبد رأيها فيه ، وأي من الرأيين لم يحصل على الموافقة الإجماعية (24) . السؤال الذي يطرح هنا ، هل يتمتع الإعلان التفسيري بالقوة الإلزامية التي يملكها الميثاق ؟ اختلف فقهاء القانون الدولي في ذلك ، فقد قال الأستاذان ( كودرش وهامبرو )  ( Goodrich and Hambro  ) ( إن الإعلان التفسيري جزء من الميثاق  وبالتالي يبدو هذا الإعلان منطقيا ومعقولا ويتمتع بنفس القوة الإلزامية التي يتمتع بها الميثاق ) ، وقد أيد الأستاذ ( شوارزنبركر ) هذا الرأي وأضاف إن كل أعضاء الأمم المتحدة الأصليين والمنضمين ملزمين بهذا الإعلان (25) . اما الأستاذ ( كلسن ) فله موقف مخالف إذ يقول ( إن الإعلان التفسيري ليس جزء من الميثاق وبالتالي لا يتمتع بالقوة القانونية الملزمة في حالة غياب النص على الانسحاب ، فالدولة لا تملك حق الانسحاب المنفرد ، إذ يعد الإعلان التفسيري بمثابة توصية خالصة ، والميثاق وحده ملزم للدول الأعضاء ، وهذا هو الرأي الراجح فالتقرير لا يتمتع بالصفة الإلزامية ) . ويعد جزءا من الأعمال التحضيرية يعبر فيه عن رغبة واضعي الميثاق من أجل تجنب ضعف عهد العصبة واستبعاد إمكانية الانسحاب مع إباحته في ظروف معينة (26) . ويذكر أن ممثل إنكلترا في مؤتمر سان فرانسيسكو أيد وجهة نظر ممثل بلجيكا في معارضته للمبدأ العام للانسحاب وإباحته في ظروف معينة (27) . ( وقد علقت وزارة الخارجية المصرية على الإعلان التفسيري بالقول :

1- إن الأصل في العضوية أنها عضوية دائمة وهذا يعتبر من أخص واجبات الدول كما جاء في التقرير .

2- أما الاستثناء فهو الانسحاب من العضوية في الظروف الاستثنائية ، وهذه الظروف وردت على سبيل المثال وتتمثل في الآتي :

أ- عجز الهيئة عن حفظ السلم والأمن الدوليين .

ب- حفظ السلام والأمن الدولي ولكن على حساب العدل والقانون .

جـ- التعديلات التي تدخل على الميثاق ولم تشترك الدولة في الموافقة عليها ولا قبل لها بقبولها .

د- إذا كان التعديل الذي أقرته الأغلبية المطلوبة لم يحصل على تصديق العدد اللازم من الدول كي يصبح نافذا ) (28) . ولما كان الانسحاب هو استثناء من الأصل العام لذا يجب عدم التوسع فيه وحصره في نطاق ظروف معينة ، إذ يصبح علاجا لأمر ما . وهذه المسوغات التي وردت في الإعلان التفسيري ترجع إلى إخفاق المنظمات الدولية في تحقيق أهدافها كفشل المنظمة الدولية في إيقاف نشوب الحرب بين دولتين أو أكثر في المنظمة الدولية ، ومسألة إخفاق المنظمة الدولية أو عجزها عن حفظ السلم والأمن الدوليين أمران يصعب تحديدهما ويغلب عليهما الجانب السياسي ، أما مسألة تعديل ميثاق المنظمة الدولية فهو معيار قانوني يتسم بالتحديد والضبط (29) . مع كل الذي قيل عن الانسحاب وأسبابه فإنه تستطيع كل دولة أن تنسحب من المنظمة الدولية دون أن تبرر انسحابها ولا يوجد جزاء دولي يفرض على تلك الدولة (30) .

الانسحاب ونظرية تغيير الظروف

وتعد نظرية تغير الظروف من أهم الأسباب التي تبيح للدولة حق الانسحاب ، ومؤدى نظرية تغير الظروف أن التزام الدولة بمعاهدة ما يستند إلى اقتناع الدولة بتلك المعاهدة ، وأنها تحقق أهدافها ومصالحها ، لكن قد تستجد ظروفاً معينة تجعل من الصعوبة تنفيذ الدولة التزاماتها المستقبلية ، فلتلك الدولة المطالبة بالتحلل من التزاماتها الدولية (31). وتحتل نظرية تغير الظروف أهمية خاصة لا تقتصر على كون ( بقاء الشيء على حاله ) سببا لانقضاء المعاهدة وإعادة النظر فيها ، بل يمكن للدولة بموجب هذا الشرط أن ترفض تنفيذ اتفاقية ما إذا كانت الظروف التي أبرمت فيها قد تغيرت تغييرا جوهريا ، وتحاول هذه النظرية الموازنة بين الواقع المتغير للمجتمع الدولي وقواعد القانون الدولي (32) . لكن ما هو الأساس القانوني لنظرية تغير الظروف ؟  رأت النظرية التقليدية بوجود شرط ضمني اتفاقي ، أي أن الأطراف جميعا التزموا بمعاهدة في ظروف ما وهي التي دفعتهم إلى إبرامها وإذا ما تبدلت هذه الظروف فإنها تكون غير ملزمة لهم ، وهناك من يقول بأن هذه النظرية تقوم على شرط ضمني افتراضي ، أي تقوم بالتحري عن النية الحقيقية لأطراف المعاهدة وإذا ما فشلت تلك المعاهدة في تحقيق تلك الأهداف ، أصبحت غير جديرة بالتمسك بها ، وهنا تكمن صعوبة هذين المعيارين لأن النية مسألة داخلية يصعب الكشف عنها (33) .  كل ذلك استدعى البحث عن نظرية موضوعية تكون أكثر تواءما مع تلك  الظروف ، مما أدى إلى تطبيق نظرية التغيير الجوهري في الظروف وهذا ما تبنته اتفاقية فينا لقانون المعاهدات بين الدول عام 1969 (34) . ويشترط لتطبيق نظرية التغيير الجوهري في الظروف الشروط الآتية :

1- أن يكون هناك تغييرا جوهريا في الظروف التي كانت سائدة وقت عقد المعاهدة .

وكلمة ( جوهري ) تتميز بالعمومية وعدم التحديد فمن الذي يحدد هذا التغيير الجوهري ؟

لم تجبنا الاتفاقية عن ذلك ، وإذا ترك تحديد ذلك للدولة فسوف تستعمله كسلاح في كل وقت لإنهاء المعاهدة والتحلل من أحكامها ، فالتغير الجوهري تمس آثاره بصورة مباشرة أهداف وموضوع المعاهدة مما يؤدي إلى تغيير الالتزامات بصورة جذرية (35) .

2- أن لا يكون التغيير متوقعا ، وهذا الشرط هو شرط ذاتي أي أن الأطراف ما كانوا ليعقدوا هذه المعاهدة لو كانت تلك الظروف متوقعة من قبلهم .

3- أن يترتب على التغيير تبدلا جذريا في نطاق الالتزامات التي يجب أن تنفذ مستقبلا طبقا للمعاهدة .

ويترتب على تطبيق نظرية التغيير الجوهري في الظروف إنهاء المعاهدة أو الانسحاب منها أو إيقاف العمل بها (36) . ولا سبيل أمام الدولة التي تحتج بالتغير الجوهري في الظروف سوى التفاوض مع الدول الأخرى وفي حالة فشل التفاوض تلجأ إلى التحكيم أو القضاء ، ويجب على الطرف المتضرر إخطار بقية الأطراف بالأسباب التي دعته لهذا الإخطار وإذا لم يعترض أحد خلال ثلاثة أشهر تصبح الدولة حرة في تنفيذ إخطارها وفي حالة الاعتراض يلجأ إلى المادة 33 من ميثاق الأمم المتحدة والمواد ( 65-68 ) من اتفاقية فينا لقانون المعاهدات بين الدول عام 1969 (37) .

__________________________

- د. صالح جواد الكاظم ، دراسة في المنظمات الدولية ، المصدر السابق ، ص46 .

2- أدت كثرت الانسحابات من منظمة اليونسكو إلى تعديل ميثاقها عام 1954م وقد تم النص على الانسحاب في المادة 2/6 من ميثاقها وكذلك منظمة الصحة العالمية ، د. صلاح الدين عامر ، المصدر السابق ، ص360 .

3- المادة 32 من ميثاق منظمة الوحدة الإفريقية .

4- المادة 17 من اتفاقية منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية الأوربية .

5- ورد النص على الانسحاب في العديد من مواثيق المنظمات الدولية ، كعهد عصبة الأمم في المادة 1/3 ، وميثاق جامعة الدول العربية في المادة 18 ، وميثاق الدول الأمريكية في المادة 122 ، ودستور مجلس أوربا في المادة7 ، ودستور الأوبك في المادة 8 ، وأغلب مواثيق الوكالات المتخصصة كاتفاقية صندوق النقد الدولي في المادة 15 ، ودستور البنك الدولي للإنشاء والتعمير في المادة 6 ، وميثاق منظمة الأغذية والزراعة في المادة 19 ، والعديد من المواثيق الدولية الأخرى .

6- د. محمد طلعت الغنيمي ، المصدر السابق ، ص544 .

7- د. محمد عزيز شكري ، المصدر السابق ، ص166 .

8- د. أحمد أبو الوفا محمد ، المصدر السابق ، ص544 .

9- Negendra Singh, Termination of the membership of International organization, London, 1958, p. 9.

0- د. عبد الواحد محمد الفار ، التنظيم الدولي ، القاهرة ، 1987-1988 ، ص126 .

1- H. Kelsen, op.cit, pp.124-126.

2- د. صلاح الدين عامر ، المصدر السابق ، ص363 .

3- N. Feinberg, Unilateral withdrawal from an International organization, B.Y.B.I.L, 1963, pp. 212-213.

4- Egon Schwelb, withdrawal form the United Nations, the Indonesian intermezzo, A.J.I.L, vol.61, No.1, 1967, p. 662.

5- د. محمد طلعت الغنيمي ، المصدر السابق ، ص483 .

6- د. محمد المجذوب ، المصدر السابق ، ص70 .

7- د. صلاح الدين عامر ، المصدر السابق ، ص361 .

8- د. محمد السعيد الدقاق ، المصدر السابق ، ص295 .

9- د. محمد عزيز شكري ، المصدر السابق ، ص166 .

20- F. Livingstone, withdrawal from the United Nations, “Indonesia”, I.C.L.Q, vol. 14, part. 2, 1965, p.643.

21- كان من مؤيدي حق الانسحاب : الاتحاد السوفيتي ( السابق ) ، الولايات المتحدة الأمريكية ، والمملكة المتحدة .

22- د. حامد سلطان ، انسحاب إندونيسيا من الأمم المتحدة ، المجلة المصرية للقانون الدولي ، مجلد 21 ، لسنة 1965م ، ص26، 27 .

23- N. Feinberg, op.cit, p. 173.

24- د. محمد طلعت الغنيمي ، المصدر السابق ، ص572 .

25- A.C.C. Unni, Indonesia’s withdrawal from the United Nations, I.J.I.L, vol. 5, 1965, p. 134.

26- H. Kelsen, op.cit, p. 127.

27- N. Feinberg, op.cit, p. 201.

28- د. حامد سلطان ، المصدر السابق ، ص27 .

29- د. بطرس بطرس غالي ، التنظيم الدولي ، المصدر السابق ، ص359، 360 .

30- د. حامد سلطان ، المصدر السابق ، ص27، 28 .

3- L. Oppenheim,The International law,vol.1 8th ed, edited by H. Lauterpacht, London, 1958, p. 33.

32- د. جعفر عبد السلام ، شرط بقاء الشيء على حاله ، أو نظرية تغير الظروف في القانون الدولي ، دار الكتاب العربي للطباعة ، القاهرة ، 1971 ، ص49-50 .

33- د. حامد سلطان ، القانون الدولي العام وقت السلم ، ط5 ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1972 ، ص270-274 .

34- نصت المادة 62 من اتفاقية فينا على أنه ( -1- لا يجوز الاستناد إلى التغيير الجوهري غير المتوقع في الظروف التي كانت سائدة عند إبرام المعاهدة كسبب لإنهاء المعاهدة أو الانسحاب منها إلا إذا توافر الشرطين الآتيين :

أ- إذا كان وجود هذه الظروف قد كون أساسا هاما لارتضاء الأطراف الالتزام بالمعاهدة ؛

ب- وإذا ترتب على التغيير الجوهري تبديل جذري في نطاق الالتزامات التي يجب أن تنفذ مستقبلا طبقا للمعاهدة .

2- لا يجوز الاستناد إلى التغيير الجوهري في الظروف كسبب لإنهاء المعاهدة أو الانسحاب منها في الأحوال التالية :

أ- إذا كانت المعاهدة منشئة لحدود ؛

ب- إذا كان التغيير الجوهري نتيجة إخلال الطرف بالتزام طبقا للمعاهدة أو بأي التزام دولي لأي طرف آخر في المعاهدة .

3- إذا جاز لطرف أن يستند إلى التغيير الجوهري في الظروف وفقا للفقرات السابقة لإنهاء المعاهدة أو الانسحاب منها يجوز أيضا الاستناد إلى ذات السبب لإيقاف العمل بالمعاهدة ) .

35- أ.ن. طلالايف ، قانون المعاهدات الدولية ( نفاذ وتطبيق المعاهدات ) ، الكتاب الثاني ، ترجمة د. صالح مهدي العبيدي ، مطبعة العاني ، بغداد ، 1987 ، ص306 .

36- د. محمد يوسف علوان ، المصدر السابق ، ص362-363 .

37- أ.ن ، طلالايف ، المصدر السابق ، ص316، 317 .

 

 




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .