العقوبات الجسمية والروحية
المؤلف:
ناصر مكارم الشيرازي
المصدر:
تفسير الامثل
الجزء والصفحة:
ج12 , ص 474
25-09-2014
5916
قال تعالى : {إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ (43) طَعَامُ الْأَثِيمِ (44) كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ (45) كَغَلْيِ الْحَمِيمِ (46) خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ (47) ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ (48) ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ (49) إِنَّ هَذَا مَا كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ} [الدخان: 43 - 50]
نحن نعلم، وطبقاً لصريح القرآن، أنّ للمعاد جانباً جسمياً، وآخر روحياً، وعلى ذلك فمن الطبيعي أن تكون العقوبات والمثوبات متصفتين بهما كذلك، ولذلك أشير في آيات القرآن الكريم والرّوايات الإسلامية إلى كلا القسمين، غاية ما في الأمر أنّ إنتباه الناس وإحساسهم لمّا كان منصباً على الاُمور الجسمية غالباً، لذلك يلاحظ أنّ التفصيل في العقوبات والمثوبات المادية أكثر، لكن لا يعني هذا أن الإشارة إلى المثوبات والعقوبات المعنوية قليلة.
وقد رأينا في الآيات أعلاه نموذجاً لهذا المطلب، فمع ذكر عدّة أقسام من العقوبات الجسمية الأليمة، هناك إشارة وجيزة عميقة المحتوى إلى الجزاء الروحي الذي سينال المستكبرين.
وتلاحظ في آيات أُخرى من القرآن الإشارة إلى المثوبات الروحية أيضاً، فيقول الله تعالى في موضع: {وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ } [التوبة: 72].
ويقول في موضع آخر: {سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ} [يس: 58].
وأخيراً يقول في موضع ثالث: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ} [الحجر: 47].
ولا يخفى أنّه لا يمكن وصف اللذائذ المعنوية غالباً وخاصّة في ذلك العالم الواسع، ولذلك فقد أشير إليها في القرآن إشارة غامضة عادة، أمّا العقوبات الروحية التي تكون بالتحقير والإهانة، التوبيخ والتقريع، والأسف والهم والحزن، فقد وصفتها الآيات وأوضحتها, وقد قرأنا نماذج منها في الآيات أعلاه.
الاكثر قراءة في مقالات عقائدية عامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة