جرت العادة أن تظهر الخرائط الموضوعية (التوزيعات) تمثيل الظاهرات الجغرافية المختلفة باستخدام العديد من الأساليب كالدوائر والمربعات والمثلثات وطرق التوزيع الكمية الاخرى. إلا ان بعض الدراسات الكرتوجرافية الحديثة طالعتنا باستخدامات جديدة تتمثل في الكرتوجرام.

وطريقة الكرتوجرام ما هي إلا تمثيل كرتوجرافي كمي يعتمد على المساحة ، وذلك من خلال العلاقة بين القيم الإحصائية ومساحة الإقليم ، وهذا يعني أن طريقة الإنشاء تكمن في أن تشترك القيم الإحصائية سواء كانت أرقاماً مطلقة أو متوسطات أو معدلات مع مساحة الإقليم نفسه في تمثيل الظاهرة.

وعلى الرغم من أن الكرتوجرام يعد من انجح الخراط في تمثيل العديد من الظاهرات الجغرافية إلا أن تطبيقاته المختلفة ما زالت غامضة على بعض المتخصصين ، وربما يكون هذا عيباً يوصم به الكرتوجرافيوم الذين يطبقون أحياناً أدوات ووسائل مستمدة من علوم اخرى دون فهمها فهماً صحيحاً والتأكد من نجاحها في مجالات البحوث والدراسات الجغرافية.

وينبغي على الكرتوجرافيين قبل محاولة تطبيق أي فكرة او أسلوب مستعار من علوم أخرى ان يتأكدوا من سلامة هذا الأسلوب ومدى ملاءمته للدراسات والبحوث المختلفة في مجال الجغرافيا، وتقوم خرائط الكرتوجرام على فكرة التجريد ، وهي فكرة قديمة لم تبتعد عنها الخرائط نفسها، ومع كل فقد ظلت هذه الفكرة على هامش اختماما الكرتوجرافيين ولم تتبلور حديثاً إلا مع خرائط الكرتوجرام.

ويمكن القول: إنه منذ عام 1940 حيث جرت محاولات عززت أساليب بحثية جديدة تمثلت في الاهتمام بالنماذج والأنظمة تعاظم الاهتمام بهذا الأسلوب الكرتوجرافي، أي إنه من الحق القول بأن الاهتمام بالكرتوجرام جاء وليد الاهتمام بنظرية الأنظمة العامة General System Theory.

وتهدف هذه الدراسة إلى تقديم فكرة أولية عن بعض الأساليب الكرتوجرافية التي يمكن تطبيقها بسهولة في مجال تمثيل الظاهرات الجغرافية ، وقد روعى فيها التبسيط بقدر الإمكان بحيث يمكن للطالب ذي الخلفية الرياضية والمعرفة الكرتوجرافية ان يستوعبها بيسر ويطبقها بسهولة.

وانطلاقاً من أن موضوعات الجغرافية ليست بيسيرة المعالجة الكرتوجرافية وذلك بسبب تداخل المتغريات المؤثرة في معظم الظاهرات الجغرافية الممثلة كرتوجرافيا فستظل طريقة الكرتوجرام ببساطتها تجذب الظاهرات الاقتصادية والاجتماعية والعمرانية والسياسية لتمثيلها كرتوجرافياً، وذلك لسهولة رسمها وبساطة تحليلها ، وهذا يعني ان خريطة الكرتوجرام تعني صياغة سهلة للظواهر الجغرافية بشكل أكثر تبسيطاً من أي أساليب أخرى من خلال الاستخدام النافع والمفيد للقيم الإحصائية.

وتتنوع أغراض خرائط الكرتوجرام ووظائفها ، ولعل هذا وراء ظهور العديد من التعريفات ، فالمدرسة الكرتوجرافية الانجليزية ⁽¹⁾ تعتبرها تمثيلاً دقيقاً للظاهرة المراد دراستها من خلال العرض الموجز لهذه الظاهرة ، وبغض النظر عن اختلافات التعاريف فخريطة الكرتوجرام إطار مرجعي وأسلوب تمثيلي يعتمد بشكل أساسي على التبسيط.

وأعنى بالتبسيط ان يتم التخلص في مرحلة الرسم من التفاصيل الزائدة في حدود المناطق او الأقاليم الموضحة على الخريطة ، على أن يكون هذا غير ذي تأثيرعلى مستخدم الخريطة (قارئها) وهو يستخلص الاستنتاجات التي تكشف عن العلاقات الموجودة بين عناصر الخريطة المختلفة، وبذلك تكون خريطة الكرتوجرام أنجح من غيرها منا لخرائط في توزن عملية البحث بين تحليل ودراسة شكل الظاهرة.

والمادة الإحصائية اللازمة لإنشاء خريطة الكرتوجرام لا تختلف في طبيعتها عن أي مواد إحصائية اخرى لازمة لإنشاء العديد من الخرائط التوزيعات الكمية ، بل يمكن القول إن الارضية المشتركة بين الأثنين هي أن يحكمها في النهاية رباط واحد وهو المكان.

وينبغي التنويه من البداية لذلك الاختلاف بين خرائط الكرتوجرام وخرائط التوزيعات الكمية الأخرى، فلكون خريطة الكرتوجرام ستعتمد في تمثيلها على القيم الإحصائية بدلاً من الشكل الفعلي لشكل سطح الأرض فإن هذا سيؤدي إلى وجود تشويه في المساحة والمسافة والاتجاه والشكل، ولكن هذا التشويه يعد ثانوياً لأن هدف ذلك النوع من الخرائط لا يركز على إظهار أي من هذه العناصر بشكله الصحيح بل الهدف ــ كما أوضحنا سلفاً هو تمثيل القيم الإحصائية في شكل مساحي معبر، وقد اتفق معظم الكرتوجرافيين على قدرة خريطة الكرتوجرام في توصيل المعلومات بسهولة ويسر لقارئ الخريطة ، خاصة إذا كان ذا خبرة في هذا المجال.

وتتطلب القراءة الجيدة لخريطة الكرتوجرام عدة أمور هامة هي:

1ــ يلزم لتصميم أي خريطة موضوعية كمية معالجات رياضية قد تكون بسيطة وأحياناً صعبة بل ومعقدة ، وخريطة الكرتوجرام تعتبر تمثلاً مساحياً للظاهرة ، وهي بذلك تختلف في طبيعتها عن التمثيل الموقعي (النقطي) أو التمثيل الخطي.

2ــ تقدير القيم الإحصائية الممثلة على الكرتوجرام.

3ــ قراءة المفتاح الموجود بالخريطة بدقة.

وينبغي على المصمم لهذه الخريطة أن يراعي عدة أمور هامة أيضاً هي:

1ــ المعالجة الرياضية الدقيقة والسليمة للقيم الإحصائية.

2ــ إبراز  الشكل بالطريقة المناسبة التي لا تؤثر على قراءة الخريطة ، أي أنه ينبغي ان يكن شكل الإقليم الممثل إحصائياً متشابهاً إلى حد كبير مع شكل الإقليم الفعلي.

3ــ تزويد الخريطة بركن جانبي (inside) تعمل لزيادة توضيح الموقع إذ إن القارئ غير المدرب قد لا يمكنه التعرف على المكان بسهولة.

وقد أوضح "ناصر سلمى"⁽²⁾ في دراسته عن الكرتوجرام بعض الأهداف والطريقة التي يمكن ان يحقق بها الهدف كالتالي:

الأهداف                                          الطريقة

لمعرفة الغرض من الخريطة                  تنظيم الخريطة بطريقة تبين الهدف.

لمعرفة المكان                                    العناية بالشكل في رسم الكرتوجرام.

لتعريف القارئ بالخريطة                      إضافة خارطة جانبية مع الكرتوجرام.

لبيان القيمة الإحصائية للخريطة.             إضافة مقياس محدود بخطوط مستقيمة.

لمعرفة مفهوم الكرتوجرام                     اجعل المعلومة الممثلة واضحة.

____________________

 (1) ربما ارتبط هذا التعريف للكرتوجرام في هذه المدرسة بمحتوى الفكرة التي تؤكد على ان الدراسة الجغرافية التقليدية في إنجلترا ظلت أسيرة لسنوات عدة للدراسات الإقليمية ، وقد انتهى هذا الأسر بتبلور بعض الاتجاهات والاهتمامات الجغرافية الحديثة والتي كان من أبرزها الجغرافية الطبية التي استجابت في كثير من تمثيل ظاهراتها كرتوجرافياً لطريقة الكرتوجرام.

(2) ناصر سلمى : خرائط التوزيعات البشرية ، الرياض ، 1995 ، ص252