أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-7-2016
![]()
التاريخ: 25-4-2022
![]()
التاريخ: 29-7-2016
![]()
التاريخ: 2024-02-12
![]() |
مع الأسف إننا نعيش في العالم المعاصر الذي افتقد كثيراً من القيم الأخلاقية واستولت عليه الكثير من الانحرافات الأخلاقية في دائرة الاسر والعوائل الخاصة ، ولا سيما ما نجده في العالم الغربي من الارتباط اللّامشروع بين النساء والرجال بحيث نسيت هذه الصفة الأخلاقية ، بل إنّها وصلت لدى البعض إلى حالة معاكسة فأصبحت مخالفة للقيم والاصول الأخلاقية واعتبرت من قبيل التعصّبات العمياء والأنانية ، وهذا يعدّ بذاته فاجعة كبيرة على المستوى الأخلاقي والثقافي ، في حين أنّ الإنسان والمجتمع البشري لا يستطيع أن يتحرّك باتّجاه حماية الأخلاق والقيم والمبادئ الدينية والاجتماعية بدون عنصر الغيرة.
وفي هذه الإشارة نعود إلى القرآن الكريم لنستوحي من آياته دورساً وعبراً في هذه المسألة المهمّة والأساسية في حياة الإنسان الاجتماعية :
1 ـ (لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجاوِرُونَكَ فِيها إِلَّا قَلِيلاً* مَلْعُونِينَ أَيْنَما ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً* سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً)([1]).
2 ـ (قالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجاهِلِينَ)([2]).
3 ـ (... وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ ما يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ)([3]).
تفسير واستنتاج :
تتحدّث «الآية الاولى» من الآيات محل البحث عن ثلاثة طوائف من الفئات الشريرة في المجتمع الإسلامي الأول في المدينة ، فتذكر الآية هذه الطوائف الثلاث بإسم المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون ، أي الذين يتحرّكون في بث الشائعات والأكاذيب بين الناس لتضعيف معنويّات المسلمين وإتهام النساء العفيفات والمحصنات وتحذّرهم الآية بأشد العذاب الإلهي وتقول : (لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجاوِرُونَكَ فِيها إِلَّا قَلِيلاً* مَلْعُونِينَ أَيْنَما ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً).
هذه الغيرة الإلهية التي تقود المسلمين إلى الدفاع الشديد عن أعراضهم ونواميسهم وكيانهم هي اسوة لجميع المسلمين في مسألة الغيرة على الدين والناموس ، وتدلّ على أنّ الإنسان الذي يتحرّك في خط الإيمان والحق لا ينبغي أن يواجه ممارسات الأراذل والمنافقين والأشرار من موقع اللّامبالاة وعدم الاهتمام والبرودة.
وهذا التعبير الوارد في الآية الكريمة يدلّ على أنّ هذه المسألة عبارة عن فضيلة أخلاقية كبيرة ووظيفة اجتماعية للمؤمنين رغم ما أورده التاريخ من سيرة النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) الذي كان يتشدّد في مثل هذه الموارد مع المخالفين وقوى الانحراف.
إنّ الصفات الثلاثة التي ذكرتها الآية لهؤلاء المخالفين : (الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ) يمكنها أن تشير جميعها إلى طائفة معيّنة تتحرّك باتّجاهات مختلفة لتكريس حالة التخاذل والوهن والضعف بين المسلمين ، ولكنّ ظاهر الآية وما ورد في شأن نزولها من الروايات يشير إلى أنّ هذه الصفات الثلاث هي لثلاث طوائف من هؤلاء المنحرفين وهم : المنافقون الذين يتحرّكون في بث الشائعات حول غزوات النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) لتضعيف روحية المسلمين وتقوية عنصر الانهزام والتخاذل في قلوبهم ، وطائفة الأراذل والأشرار الذين يتعرّضون لنساء المسلمين ويتسببون في إزعاجهّن والتحرّش بهنّ ، والطائفة الثالثة يتحرّكون في عملية بث الشائعات عن النساء المؤمنات واتهامهنّ في عفتهن حيث يؤلمهنّ ذلك بشدّة ، فنزلت الآية أعلاه من موقع التهديد لهذه الفئات الثلاث بالنفي والقتل.
أمّا قوله : (الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) فقد يرد في الآيات القرآنية بمعاني مختلفة ، فأحياناً يشير إلى النفاق مثل ما ورد في الآية 10 من سورة البقرة : (فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَهُمُ اللهُ مَرَضاً) ، وأحياناً اخرى يرد في مورد الأشخاص الذين يتّبعون غريزتهم الجنسية في دائرة الحيوانية كما ورد في الآية 32 من هذه السورة التي تخاطب نساء النبي وتوصيهنّ بأن لا يخضعن بالقول للأشخاص الأجانب حتى لا تتحرّك فيهم الغريزة ويطمعوا بالحرام فيقول : (فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ).
والملفت للنظر أنّ القرآن الكريم بعد هذه الآيات (الآية 60 و 61) يضيف أنّ هذه هي سنّة الله في الأقوام السالفة (ولا تنحصر بالأمّة الإسلامية ولا تبديل لسنة الله).
وهذا السياق الشريف يشير إلى حكم عام وارد في جميع الأديان الإلهية ، وسنة إلهية قطعية لا تتبدّل ، وهي ضرورة المواجهة الجادّة مقابل المنافقين والانتهازيين والذين يبثون الشائعات المغرضة (طبعاً مع حفظ جميع المقرّرات الشرعية والعقلية) وهذا هو مفهوم الغيرة بكل وضوح.
وتتحرّك «الآية الثانية» لتحكي لنا عن نموذج للغيرة الدينية التي تتجلّى في سلوك أحد أكبر الانبياء الإلهيين ، أي النبي يوسف (عليه السلام) وذلك عند ما تعرّض للتحرش من قبل نساء مصر وخاصة زليخا امرأة العزيز حيث طلبت منه الاستسلام والرضوخ لمطاليبهن اللّامشروعة وارتكاب الفاحشة ، وبينما كان يوسف (عليه السلام) في سن الشباب والمراهقة وتهب في صدره أعاصير الحيوية والغريزة والانجذاب إلى الدنيا ، إلّا أنّه قاوم كل هذه التحدّيات الداخلية والخارجية الصعبة حتى أنّه فضّل دخول السجن مع جميع مشقاته وآلامه على الاستسلام لمطاليبهن والرضوخ لعناصر الشهوة والمقام والجمال وطلب من الله تعالى أن يوفقّه لدخول السجن للخلاص من هؤلاء النسوة وقال : (قالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجاهِلِينَ).
وهذا السياق الشريف يكشف عن مقام العصمة والعفّة ليوسف (عليه السلام) وكذلك يحكي عن غيرته وتقواه أمام الهزات ، فعند ما نقارن بين هذه الروحية العالية في دائرة التعفف والصمود والإرادة مع ما نجده لدى عزيز مصر من عدم الغيرة والتساهل في أمر العفّة لدى زوجته بعد ما ثبت له سلوك زوجته الخائن اكتفى بالقول : (يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هذا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخاطِئِينَ)([4]).
ويتّضح جليّاً الفرق بين هذين الرجلين من موقع الأمانة والتقوى والعفّة النفسية ، ولم يكن يوسف (عليه السلام) يقصد طلب السجن من الله تعالى بالذات ولغرض شخصي بل كان هدفه التخلص من ممارسة اللّامشروع وأنّه إذا خيّر بين السجن وبين الممارسة اللّامشروعة فإنّه يفضّل السجن على ذلك العمل.
وتأتي «الآية الثالثة» لتستعرض الأمر الإلهي للنساء المؤمنات بأنّه مضافاً إلى لزوم حفظ الحجاب فيجب عليهنّ أن لا يضربن بأرجلهن أثناء المشي في الطرقات لكي لا يسمع الأجنبي صوت الخلاخل من الزينة وتقول : (... وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ ما يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ).
فنرى في هذه الآية الشريفة اقتران الغيرة مع العفّة إلى درجة أنّه لم يسمح للنسوة أن يضربن بأرجلهن فيسمع الرجال أصوات الخلاخل في أرجلهن ، وكما أشرنا آنفاً أنّ الإسلام يأمر نساء النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) (بعنوان كونهنّ اسوة وقدوة لسائر النساء المسلمات) أنّه عند ما يتحدّثن مع الغرباء فلا يخضعن بالقول ولا يرى الغريب عنصر المرونة واللطافة في كلامهنّ ولئلّا تتحرّك فيه عناصر الشر ، كل ذلك يعدّ تأكيداً لرعاية العفّة من جهة ، وكذلك الالتزام بفضيلة الغيرة من جهة اخرى.
|
|
دراسة: خطر يتعرض له الملايين يفاقم خطر الإصابة بالباركنسون
|
|
|
|
|
الأمم المتحدة: ذوبان الجليد يهدد إمدادات الغذاء والماء لملياري شخص حول العالم
|
|
|
|
|
العتبة العباسية المقدسة تتشح بالسواد في ذكرى شهادة الإمام علي (عليه السلام)
|
|
|