أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-9-2016
![]()
التاريخ: 25-4-2022
![]()
التاريخ: 31-5-2020
![]()
التاريخ: 2024-12-16
![]() |
إننا قلّما نجد صفة من الصفات الرذيلة تتضمّن عناصر الشر والتخريب مثلما لرذيلة الغضب، ولو أننا كتبنا تفصيلاً عن الآثار السلبية للغضب لاتّضح لدينا أنّها أكثر من الرذائل الأخلاقية الاخرى ومن ذلك :
1 ـ ينبغي الالتفات قبل كل شيء إلى هذه الحقيقة ، وهي أنّ حالة الغضب تقع ضمن أعداء الإنسان حيث أنّه يفقد عقله تماماً في ثورة الغضب ويتحوّل إلى كائن غير منسجم التصرفات والحركات بحيث يتعجّب منه من حوله من الناس ، بل إنّ الإنسان نفسه وبعد هدوء هيجان الغضب يتعجّب من تصرفاته وسلوكياته الشائنة أثناء هذه الحالة ، وفي تلك الحال قد يهجم الشخص على أقرب المقرّبين إليه من دون أن يتعقّل ما ذا يفعل ، وقد يتسبب في تلوث يده بدماء الأبرياء أيضاً ، فيقتل ويحطّم ويسرق ويخرّب وكأنّه مجنون تماماً.
ولذلك ورد في الحديث الشريف عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قوله : «الغَضَبُ يُفسِدُ الألبابَ وَيُبعِدُ مِنَ الصَّوابِ» ([1]).
ولهذا السبب ورد في الروايات الإسلامية أنّه إذا أردتم أن تختبروا عقل الأشخاص وحنكتهم ورأيهم فعليكم بالنظر إليهم في حالة الغضب ومدى سيطرتهم على أنفسهم من شرّ هذه القوّة الهائجة ، وقد ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال : «لا يَعرِفُ الرَّأيُ عِندَ الغَضَبَ» ([2]).
2 ـ إنّ الغضب يؤدّي إلى اضمحلال إيمان الشخص وتلاشيه ، لانّ الشخص عند ما تمتلكه الحدّة فلا يرتكب الذنوب الكبيرة فقط بل يخرج من الإيمان أيضاً لأن هذه الحالة تتقاطع تماماً مع الإيمان الصحيح والعميق ، بل أحياناً يتجرّأ هذا الشخص على الله تعالى أو يعترض على حكمه وتقديره للأمور ، وهذه المرحلة من أخطر المراحل التي تمر بالإنسان في حالة سورة الغضب.
وقد قرأنا الأحاديث السابقة أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال : «الغَضَبُ يُفسِدُ الإِيمانَ كَما يُفسِدُ الصَّبرُ العَسَلَ».
3 ـ إنّ الغضب يعمل على تخريب منطق الإنسان وكلامه الموزون ، ويقوده إلى التلفظ بالباطل والكلمات اللّامسؤولة ، وعند ما يستند الغاضب مسند القضاء فإنّ حكمه سيكون غير سليم قطعاً ، ولذلك نقرأ في الحديث الشريف عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال: «شِدَّةُ الغَضَبِ تَغَيِّرُ المَنطِقَ وَتَقطَعُ مادَةَ الحُجَّةِ ، وَتَفَرِّقُ الفَهمَ» ([3]).
وقد ورد التصريح في آداب القضاء في الكتب الفقهية هذا المعنى أيضاً وأنّ القاضي لا ينبغي أن يجلس على كرسي القضاء في حالة الغضب.
وقد ورد في الحديث الشريف عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قوله : «مَنْ ابتَلى بِالقَضاءِ فلا يَقضِي وَهُوَ غَضبان».
4 ـ والآخر من الآثار السلبية لحالة الغضب هو إشهارها لعيوب الإنسان الخفيّة ، لأنّ هذا الشخص في حالاته العادية يتحرّك من موقع السيطرة على قواه النفسية ، فلا تتجلّى عيوبه ونقاط ضعفه للآخرين ، بل تبقى مستورة ويحفظ بذلك سمعته وماء وجهه في أنظار الناس ، ولكن عند ما تستعر في نفسه نار الغضب ، فإنّها تزيل السواتر والأقنعة عن واقع الإنسان وتكسر قيود العقل وتظهر عيوب صاحبها الخفيّة وتؤدّي إلى سقوط شخصيته ومكانته بين الناس.
ولذلك ورد في درر الحكم عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قوله : «بئسَ القَرِينُ الغَضَبُ يُبدِي المَعايبَ وَيُدنِي الشَّرَّ وَيُباعِدُ الخَيرَ» ([4]).
5 ـ إنّ الغضب بإمكانه أن يفتح طريق الشيطان للإنسان ويوقعه في شراكه ومصائده ، لأنّ الإيمان والعقل يعتبران مانعين مهمّين يصدّان هجمات الشيطان ، ولكنّهما في حالات الغضب سينكمشان ويدركهما الضعف وعدم الحيلة وبذلك ترتفع الموانع أمام الشيطان لينفذ بسهولة ويصل إلى قلب الإنسان ويحكم سيطرته على قواه ، ويفعّل عناصر الشر في نفسه وباطنه.
ونقرأ في الحديث المعروف : «أنّ نوح (عليه السلام) لمّا دعا ربّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلى قَومِهِ أَتاهُ إِبلِيسُ لَعنَهُ اللهُ فَقالَ : يا نُوحُ إِنَّ لَكَ عِندِي يَداً ارِيدُ أَن اكافِيكَ عَلَيه ، فَقالَ لَهُ نُوحٌ (عليه السلام) : إِنَّهُ لَيبغَض إِليَّ أَن يَكُونَ لَكَ عِندِي يد فَما هِي؟ قالَ : بلى دَعوتَ اللهَ عَلى قَومِكَ فَأَغرَقتَهُم فَلم يَبقَ أَحدٌ أَغويهِ فأَنا مُستَريحٌ حتّى يَنسقَ قرنٌ آخر وَاغويهِم ، فَقال نُوحٌ (عليه السلام) : ما الّذِي تُريدُ أَن تُكافِينِي بهِ؟ قالَ : اذكُرنِي فِي ثَلاثِ مَواطِن فَإنّي أَقرَبُ ما أَكُونُ إِلى العَبدِ إذا كان في أحدهن : اذكُرنِي إِذا غَضِبتَ ، اذكُرنِي إِذا حَكَمتَ بَينَ اثنَينِ ، اذكُرنِي إِذا كُنتَ مَعَ امرأَةٍ خالياً لَيسَ مَعَكُما أَحَداً» ([5]).
ونقرأ في حديث آخر : «عَن ذي القَرنَين أَنّه لَقى مَلَكاً مِنَ المَلائِكَةِ فَقالَ عَلِمنِي عِلماً أَزدادُ بِهِ إِيماناً وَيَقِيناً ، قالَ : لا تَغضَبْ فإنَّ الشَّيطانَ أَقدَرُ ما يَكُونُ عَلى ابنِ آدمَ حِينَ الغَضَبِ» ([6]).
ولا شك أنّ الغضب مضافاً إلى هذه الآثار السيئة على المستوى المادي والاجتماعي والأخلاقي فإنّه تترتب عليه آثار معنوية سيئة كثيرة أيضاً بحيث يستفاد من الروايات المختلفة أنّ الشخص الذي يسيطر على غضبه ويكظم غيظه له ثواب الشهداء ([7]) ويحشر يوم القيامة مع الأنبياء ([8]) ويملأ قلبه من نور الإيمان ([9]).
|
|
دراسة: خطر يتعرض له الملايين يفاقم خطر الإصابة بالباركنسون
|
|
|
|
|
الأمم المتحدة: ذوبان الجليد يهدد إمدادات الغذاء والماء لملياري شخص حول العالم
|
|
|
|
|
قسم حفظ النظام يستحدث خدمة جديدة لذوي الاحتياجات الخاصّة وكبار السنّ خلال شهر رمضان المبارك
|
|
|