أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-09-08
117
التاريخ: 2024-09-08
141
التاريخ: 2024-09-07
121
التاريخ: 2024-08-03
306
|
فصل يذكر فيه قَلَّ وأقلّ:
اعلم: أنَّ قَلَّ: فعلٌ ماضٍ، وأقلَّ: اسم، إلاّ أن أقلّ رجل قد أَجروه مجرى قَلَّ رجل، فلا تدخل عليه العوامل، وقد وضعته العرب موضع "ما" لأنه أقرب شيءٍ إلى المنفي القليل، كما أن أبعد شيء منه الكثير، وجعلت "أقلَّ" مبتدأةً صدرًا إذا جُعلتْ تنوبُ عن النفي، كما أن النفيَ صدرٌ فلا يبنونَ أقلَّ على شيءٍ، فتقول: أقلّ رجلٍ يقول ذاك، ولا تقولُ: لَيتَ أقلَّ رجلٍ يقول ذاك، ولا لعل ولا إنَّ، إلا أن تضمر في "إنَّ" وترفع أقلّ بالابتداء، قال الأخفش: هو أيضًا قبيحٌ؛ لأن أقلَّ رجلٍ يجري مجرى:
قَلَّ رجلٍ, وربُّ رجلٍ، لو قلت: كان أقلُّ رجلٍ يقولُ ذاكَ فرفعت "أقلّ" على "كانَ" لم يجز ولكن تضمر في "كانَ" وترفع أقلَّ على الابتداء، وأقلُّ رجلٍ وقلَّ رجلٌ قد أجروه مجرى النفي، فقالوا: أقلُّ رجلٍ يقولُ ذاكَ إلا زيدٌ وقال سيبويه: لأنه صار في معنى: ما أحَدٌ فيهما إلا زيد(1)، وقال: وتقولُ: قلَّ رجلٌ يقولُ ذاك إلا زيدٌ، فليس زيدٌ بدلًا من الرجل في "قَلَّ" ولكن: قَلَّ رجلٌ في موضعِ أقلّ رجلٍ, ومعناه كمعناه وأقل رجل مبتدأ مبني عليه, والمستثنى بدل منه لأنك تدخله في شيءٍ يخرج من سواه. قال: وكذلك: أقلُّ مَنْ, وقَلُّ مَنْ، إذا جعلت "مَنْ" بمنزلة رجلٍ. حدثنا بذلك يونس عنِ العرب(2) يجعلونه نكرةً كما قال:
رُبَّما تَجْزَعُ النُّفُوسُ مِنَ ... الأمرِ لهُ فَرْجَةٌ كَحَلِّ العِقَالِ(3)
يريد أنَّ "رُبَّ" دخلت على "مَا" وهي لا تدخلُ إلا على نكرةٍ، فتنكيرُ "مَا" كتنكير "مَنْ" قالَ: وتقولُ: قَلَّ ما سرتُ حتى أدخلُها، مِنْ قبل أنَّ قَلَّما نفي لقوله كَثُرَ مَا, كما أنَّ ما سرتُ نفي لقوله: سرتُ، ألا ترى أنه قبيح أن تقول: قلما سرتُ فأدخلها، كما يقبح في ما سرت إذا أردت معنى, فإذا أنا أدخل، إنما قبحه لأنه إذا لَمْ يكن سيرٌ, لم يكن دخولٌ, فكذلك قلّما لَمّا أُريدَ بها النفي كان حكمُها حكم قالَ, وتقولُ: قلَّما سرت فأدخلها, فانتصب بإلغائها هنا كما تنصبُ فيما قال. وتقول: قلّما سرت، إذا عنيت سيرًا واحدًا, أو عنيت غير سيرٍ، كأنك قد تنفي الكثيرَ من السيرِ الواحدِ، كما تنفيه من غير سيرٍ, يريدُ بقولِه: من غير سيرٍ أي: سيرًا بعد سيرٍ, قالَ الأخفش: الدليلُ على أن أقلَّ رجلٍ يجري مجرى رُبَّ وما أشبهها أنَّك تقول: أقلَّ امرأةٍ تقولُ ذاك فتجعلُ اللفظَ على امرأة, وأقلَّ امرأتين يقولان ذاكَ، فينفي أقلَّ، كأنه ليس له خبر، ولا تحمله إلا على الآخر، يعني: لا تحمل الفعلَ إلا على الذي أضفت إليه أقلَّ, فهذا يدل على أنه لا يشبه الأسماء, يعني إذا كان الخبر يجيء على الثاني وكذلك: أقلُّ رجال يقولون ذاك، ولا يحسن, كذلك لو قلت: أقَلُّ رجلينِ صالحانِ لم يُحسنْ, ولا يحسنُ من خبره إلا الفعل والظرف, أقلُّ رجلين صالحين في الدار وأقلُّ امرأةٍ ذاتُ جمةٍ في الدار, وأقلُّ رجلٍ ذي جمةٍ في الدار, كان جيدًا، ولو ألغيت الخبر كان مذهبه كمذهب "رُبَّ" فإنْ قلت: فما لي إذا قُلت: قلَّ رجلٌ يقولُ ذاك، وقَلّ رجلٌ قائلٌ ذاكَ, وهو صفة لا يجوز حذفه؛ فلأنك إنما قللتَ الموصوفين ولم تقللِ الرجال مفردين في الوصف، ألا ترى أنك لا تقول: قلّ رجلٌ قائلٌ ذاك إلا وأنت تريد القائلين ولست تريد أن تقلل الرجال كلهم.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
1- انظر الكتاب 1/ 361.
2- انظر الكتاب 1/ 361.
3- من شواهد سيبويه 1/ 270 و1/ 362 على أن "ما" نكرة لوقوعها بعد "رب"، وقيل: إن "ما" هنا غير كافة لأن الضمير قد عاد عليها من قوله: له فرجة.
والفرجة بالفتح في الأمر، وبالضم في الحائط ونحوه مما يرى.
ونسب سيبويه هذا الشاهد إلى أمية وهو في ديوانه/ 50, وقد ورد في شعر عبيد بن الأبرص في ديوانه/ 36.
وانظر: المقتضب 1/ 42, وأمالي ابن الشجري 2/ 238, وابن يعيش 4/ 2, وارتشاف الضرب/ 264, والمغني 1/ 297, والسيوطي/ 359, والخزانة 2/ 541.
|
|
دور النظارات المطلية في حماية العين
|
|
|
|
|
العلماء يفسرون أخيرا السبب وراء ارتفاع جبل إيفرست القياسي
|
|
|
|
|
شعبة الخطابة النسوية تطلق فعّاليات النسخة السادسة من رابطة خطيبات المنبر الحسيني
|
|
|