ثانيا) طبيعة محاسبة المسؤولية ومقوماتها:

أ) تعريف محاسبة المسؤولية:

يقصد بـ "محاسبة المسؤولية" (Responsibility Accounting) في المصرف أن أداء كل مدير يقاس بحسن إدارته تلك الأنشطة (أو) المجالات التي تقع ضمن مسؤوليته ورقابته المباشرة عليها. يتطلب تحقيق هذا النوع من قياس المسؤولية، دراسة تكاليف وإيرادات المصرف بشكل دقيق، وتبويبها بحسب المستويات المتعاقبة في الهيكل التنظيمي، حيث تقع مسؤولية رقابتها . هكذا يصبح كل مدير مسؤولاً عن تلك التكاليف التي يهتم بها، مع تحديد مساءلة كل مدير عن الانحرافات بين النتائج المتحققة والمخططة في الموازنة. وتؤدي محاسبة المسؤولية إلى ربط النظام المحاسبي بالمدير المسؤول، أي أنه ينظر إلى التكاليف من وجهة نظر الشخص المسؤول عن رقابتها، وليس من وجهة نظر المصرف ككل. ويعد هذا المفهوم أساسياً في صياغة أي نظام فاعل للتخطيط والرقابة.

ب ) مقومات محاسبة المسؤولية :

تستند محاسبة المسؤولية إلى ثلاثة مقومات أساسية هي : 

(1) يمكن تخصيص التكاليف والإيرادات بما يتوافق ومستويات المسؤوليات الإدارية في الهيكل التنظيم للمصرف. 

(2) قدرة المدير، في مستوى معين في الهيكل التنظيمي، على رقابة التكاليف والإيرادات التي تبوب وتقع ضمن مسؤولياته. 

(3) تحضير بيانات الموازنات بما يؤدي إلى تقييم الأداء الفعلي على مستوى الإدارات والفروع، وذلك من خلال المقارنة بين النتائج المخططة والمتحققة.

(4) المصرف، بهذا المنظار، هو منشأة تتكون من مجموعة من الأفراد يسعون لتحقيق أهداف مشتركة. وكلما أمكن مساعدة كل فرد على إنجاز مهماته، كلما صارت الفرص المتاحة أوسع أمام المصرف ككل لتحقيق أهدافه. تعني محاسبة    المسؤولية، تعيين مراكز للمسؤولية قابلة للتحديد، ويمكن متابعة أدائها، وقياسه وإعداد التقارير الدورية عنه إلى المستويات الأعلى في المصرف. تترابط محاسبة المسؤولية، بشكل خاص مع التكاليف المعيارية التي تتيح مقاييس يمكن بواسطتها  متابعة الأداء دورياً. كما أن نظام محاسبة المسؤولية يمتد ليشتمل ليس فقط على الادارات داخل الإدارة العامة للمصرف، وإنما إلى الفروع، التي يعد كل منها مركزاً للمسؤولية. بل إن كل فرع، بحسب مستوياته وأهميتها، يمكن أن يتكون من عدد من مراكز المسؤولية إذا كان الفرع بحجم مناسب لذلك. 

جـ) مثال مفترض

لإيضاح كيفية تنفيذ نظام محاسبة المسؤولية، يمكن افتراض البيانات الآتية عن مصرف شامل، وهو الاتجاه المعاصر اليوم في العمليات المصرفية ولغرض التبسيط، فقد افترض أن المصرف يتكون من أربعة مستويات للمسؤولية، تتمثل في أربع إدارات رئيسة هي: العمليات، القروض ، الاستثمارات ، الموارد البشرية (مع  حذف الادارات الأخرى). وسوف يتم اختيار إدارة القروض لاستكمال عرض المثال فهي تتكون من أربعة أقسام للقروض: الصناعية، التجارية، الاستهلاكية، العقارية ويتكون قسم القروض التجارية الذي سيؤكد عليه في المثال من شعبتين هما: القروض بالجملة (الشركات)، والقروض بالتجزئة . 

اذ يتطلب نظام محاسبة المسؤولية إعداد تقارير الأداء (Performance Reports) دورياً، وهي تتجه صعوداً من المستويات الأدنى إلى الأعلى، وبشكل متدرج وهي في صعودها تتكثف معلوماتها، قياساً بالتفاصيل الأدق في المستويات الأدنى. بعبارة أخرى، فإن هناك عملية متواصلة ومتعاقبة لتجميع وتنسيق المعلومات، من القواعد إلى قمة الهيكل التنظيمي للمصرف، مروراً بالمستويات التنظيمية الوسيطة. لذلك، لا بد من البدء، بحسب المثال المطروح أعلاه، من المستوى الرابع، ثم الثالث، ثم الثاني، وصولاً إلى المستوى الأول. ويضم التقرير الدوري، في كل حالة، معلومات عن الأداء المخطط والمتحقق، والانحرافات بينهما ، التي تم تبويبها إلى "إيجابية" يرمز لها بـ (أ) و سلبية" ويرمز لها بـ (س)، كما في الشكل .(3). فالزيادة بالتكلفة هي سلبية، بينما يعتبر انخفاضها إيجابياً والعكس صحيح في حالة الإيرادات.

(1) المستوى الرابع للمسؤولية: 

وهو مستوى مدير شعبة "القروض التجارية بالتجزئة" وقد تم تبويب "التكلفة المتغيرة" (وهي التي تخضع لرقابة المدير) إلى عناصرها الثلاثة الأساسية: الأموال العمل المباشر، التكلفة غير المباشرة.

يتضح من الجدول أن هناك إنحرافاً سلبيا بمقدار (800) ألف دينار، أي أن التكلفة الفعلية كانت أعلى من التكلفة المخططة بذلك المقدار.

(2) المستوى الثالث للمسؤولية

وهو مستوى "مدير قسم القروض التجارية" الذي يضم قسمه شعبتين (جملة، تجزئة). ويظهر من توحيد معلومات الشعبتين سوية، أن هناك إنحرافاً سلبياً في التكلفة المتغيرة بمقدار (1500) ألف دينار. وهذا يعني ضمناً، أن إنحراف قروض الجملة كان سلبياً أيضاً وبمقدار (700) ألف دينار. أما لو كان إنحراف الجملة إيجابياً، مثلا، بمقدار (800) ألف دينار، لكان الإنحراف للقسم ككل صفرا، في حين أنه لو كان إيجابيا بمقدار (1000) ألف دينار لكان الإنحراف للقسم ككل (200) ألف دينار.

(3) المستوى الثاني للمسؤولية

وهو مستوى "مدير إدارة القروض"، الذي يتولى مسؤولية أربعة أقسام هي القروض الصناعية، والتجارية، والاستهلاكية والعقارية. وبعد أن تم توحيد أداء القروض التجارية مع أداء الأنواع الثلاثة من القروض، فإن الإنحراف السلبي في التكلفة (زيادة المتحقق عن المخطط) كان بمقدار (3) ألاف دينار.

(4) المستوى الأول للمسؤولية

هو مستوى المدير العام للمصرف المسؤول عن كل الادارات (عمليات، قروض، استثمارات أفراد) ويظهر في الشكل المذكور أن الانحراف السالب في التكلفة كان بمقدار (7) الاف دينار.

هكذا تبدو أهمية التكثيف المتواصل والمتعاقب في المعلومات المشار إليه أعلاه والمرونة العالية التي يتمتع بها النظام ككل من حيث طبيعة المعلومات المطلوبة. بدون ذلك، ستكون المعلومات إجمالية، وموزعة حسب التبويب المحاسبي لأنواع المصروفات، وليس حسب مراكز المسؤولية.