أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-09-11
196
التاريخ: 2024-06-09
729
التاريخ: 2024-07-20
440
التاريخ: 11-1-2017
1679
|
وقد كان التصميم الذي قدَّمه «سنموت» للملكة عظيمًا، على الرغم من أنه أخذ فكرة إقامته في هذه البقعة عن سلفه؛ لأنه توسَّعَ فيه بطريقةٍ ابتدَعَ فيها شيئًا جديدًا من الدقة والتأثير، فقد كان الإنسان يصل إلى طبقاته الثلاث بمنحدرات خفيفة الميل، تُشعِر الناظر بأن المهندس قد أراد أن يجعل مبناه يكاد يكون أفقيًّا في هيئته الخارجية، بما أظهره من المهارة في جعل تدرجه لا يُحَسُّ. هذا إلى أن تناسُبَ قاعات العمد التي تواجه هذه المدرجات تكشف لنا كما يقول الأستاذ «برستد» عن حاسة التناسُب والتنسيق المتقن، ممَّا يدحض القول السائد بأن الإغريق هم أول شعب فهم فن تنسيق قاعات العمد الخارجية في المباني، وأن المصريين لم يعرفوا إلا استعمال العمد داخل مبانيهم وحسب، وقد دلَّتِ الحفائر التي عُمِلت حديثًا على أن «سنموت» قد أزال بعض المباني الدينية التي كانت موجودةً لإقامة معبد «حتشبسوت»، منها معبد صغير للملك «أمنحتب الأول» ووالدته «أحمس»، وكذلك معبد صغير من عهد الأسرة الحادية عشرة.(1) وقد زُيِّن الطريق الذي يبتدئ من باب المعبد شرقًا إلى مسافة نحو 500 متر، حتى يصل إلى باب آخَر وجدت آثاره بتماثيل «بو الهول» في صورة الملكة نفسها على كلا الجانبين، وقد كان الرواق السفلي كذلك مزيَّنًا بمثل هذه التماثيل، وظاهرٌ أن تحتمس الثالث أزالها من أماكنها، عندما تربَّعَ على عرش الملك ثانيةً؛ وقد عثر على بعض أجزاء منها. هذا وقد عثر على تماثيل الملكة في صورة «أوزير»، واحد منها في النهاية القصوى من الرواق السفلي، وكذلك كان يوجد واحد منها في الرواق الأعلى، وفي قاعة العمد وُجِدت عدة كوًى كانت تحتوي تماثيل للملكة في صورة «أوزير «. وكان الرواق الأعلى في المعبد مؤلَّفًا من صفٍّ من تماثيل «أوزير» تمتد على طول المعبد، ويمكن للآهلين أن يروها عندما يعبرون إلى الشاطئ الشرقي من عند معبد الكرنك،(2) والواقع أن الطريق التي كان لا بد أن يمرَّ فيها موكب الإله «آمون» من الفخامة بقدرٍ عظيمٍ، وذلك عندما يقوم بزيارته من معبد الكرنك إلى معبد الدير البحري في وقت «عيد الوادي» المشهور، فقد كانت تماثيل «بو الهول» مصفوفةً على جانبي الطريق، كل منها رابض على قاعدته التي يبلغ ارتفاعها نحو ثلاثة أمتار، وعرضها نحو متر، مزيَّنة بإطاراتٍ صُوِّر عليها أسرى يرسفون في الأغلال، فكانت هذه التماثيل تصور أمام الناظر موكبًا مترامي الأطراف مؤلَّفًا من تماثيل أسود، نرى فيها قوة الفرعون تسيطر على مدن العالم المغلوبة على أمرها. ولا شك في أن هذه التماثيل حينما كان يسطع عليها شمس مصر في سمائها الصافية، تمثل صورة رائعة لما كان لمصر من قوة خارقة للعادة في ذلك العهد، ولكن لا نكاد نتأمَّلها حتى ندرك أن ذلك وَهْم كاذب، فإن ذلك البطل الفاتح الذي صُوِّر في هيئة أسد ذي لحية، هو في الواقع امرأة قد جلست على عرشها بمساعدة شرذمة قليلة من رجال البلاط، ومن المحتمل أنها لم تَرَ جيشًا غازيًا قطُّ، ومع ذلك نراها مرسومة وهي تطأ الأعداء بقدمَيْها، حتى أولئك الآشوريون الذين يسكنون في الجهات النائية غير المعروفة، ولا شك في أن هذا نوع من الزهوِّ لم يكن يحقُّ حتى لتحتمس الثالث أن يفاخر به. وهكذا تضيع الحقائق التاريخية أحيانًا عندما تختلط بالفخر وحب الظهور، وبخاصة في التاريخ المصري المفعم بمثل هذه المناظر الكاذبة، وقد عُثِر على بقايا أكثر من مائة وعشرين تمثالًا من هذه التماثيل التي تمثِّل الملكة في صورة «بو الهول»، غير أنه لم يوجد منها واحد سليم، كما لم يمكن جَمْع أجزاء تمثال واحد منها؛ فقد أمر «تحتمس الثالث» بتحطيمهما جميعًا، وشتَّتَ أجزاءها في جهات مختلفة، وكانت كل هذه التماثيل تؤلِّف عنصرًا من عناصر بناء المعبد، اللهم إلا تمثالًا واحدًا من المرمر كان في مقصورة الملكة، فكان بعضها لتزيين الطريق المقدَّسة المؤدِّية للمعبد على كلا الجانبين، وكان البعض الآخَر مُقامًا في صور عمد في الأروقة، وبخاصة الرواق الأعلى فإن أعمدته كانت تتألَّف من تماثيل الملكة في صورة أوزير. ومن التماثيل الطريفة التي وُجِدت: بقايا تمثال لمربية الملكة، وقد مُثِّلت جالسةً تحمل صورةً مصغَّرةً لملك، (3) وهذه المرضع تُدعَى «ين»، وقد نُقِش على ظهر التمثال أنه عمل لأجل مربية الملكة «ماعت كارع» (حتشبسوت)، غير أننا لم نعثر على تمثال مربيتها الأولى «ست رع» التي كانت تُعَدُّ من أكبر الشخصيات حظوةً عندها، وهم الذين كان على رأسهم «سنموت «.
..............................................
1- راجع: Winlock, “Excavations at Dier el Bahri”, p. 114
2- راجع: Ibid. p. 214.
3- راجع: Ibid p. 212.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|