أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-07-08
474
التاريخ: 2024-10-13
348
التاريخ: 2023-07-27
1178
التاريخ: 2024-10-17
577
|
والزعم السائد أن «أعح حتب» كانت زوج الفرعون «سقنن رع «(1) (انظر الشكل 1)، غير أنه لا توجد آثار تدل على ذلك صراحة، ولكن توجد براهين جلية تُثبِت ذلك، فنعلم أن «أعح حتب» كانت والدة «أحمس» الأول، وأنها كانت الزوجة الأولى للملك «سقنن رع تاعا»، وكذلك كانت ابنة ملك (2). ونجد على تمثال أميرٍ يُدعَى «أحمس» أن والدَيْه كانا يحملان الألقاب الآتية: الإله الطيب رب الأرضين «تاعا»، والابنة الملكية العظيمة التي استولت على التاج الأبيض «أعح حتب»؛ ومن ذلك يتضح أن «أعح حتب» هذه كانت لا بد هي أم «أحمس الأول»، وأن هذا الملك «تاعا» هو زوجها، وهو «سقنن رع» الثاني الذي يُنسَب إلى الجيل الذي سبق «أحمس» الأول مباشَرةً؛ وممَّا لا نزاع فيه أن «أعح حتب» كانت على قيد الحياة بعد وفاة زوجها، بل المظنون أنها عاشت حتى عهد «أمنحوتب الأول»، بل عاصَرَتْ «تحتمس الأول«،(3) أما أنها عاشت حتى عهد «أحمس الأول» فلا جدال في ذلك، فكما أن «تيتي شري» قد كانت تمثِّل القوة خلف الملك في بداية حكمه كما يظهر ذلك على اللوحة التي كشف عنها «بتري»، فإنَّا نشاهد كذلك أن «أعح حتب» أخذت مكانتها هذه بعد موتها، كما يظهر ذلك على لوحة «الكرنك» وفي «بوهن» بالقرب من «وادي حلفا«. ولم تحل السنةُ الثانية والعشرون من حكمه حتى أخذت مكانتها «نفرتيري»، كما تدل على ذلك نقوش «طره»، وقد كان لهذه الملكة الثالثة الحظوة عند الجميع حتى اعتلاء «تحتمس الأول» عرش الملك، ولا نزاع في أن تلألؤ نجم «نفرتيري» لم يلمع ولم يسطع إلا في نهاية حكم «أحمس الأول»، أيْ بعد موت «أعح حتب»، وذلك ظاهر من الحفاوة التي خصَّها بها «كامس» و«أحمس» من هدايا جنازها التي وُجِدت معها في تابوتها، وأنه لم يشترك في إهدائها غير هذين الملكين؛ ولكن يلوح في الوقت نفسه أن زوجها قد اشترك في إعداد أثاثها الجنازي، فقد دلَّ الفحصُ على أن تابوتها الخشبي يكاد يكون قطعةً مطابِقةً لتابوت الملك «سقنن رع» زوجها (4). وعلى الرغم من أن دفن الملكة «أعح حتب» لم يحدث في عهد الأسرة السابعة عشرة كما دفنت الملكة «تيتي شري»، فإن هناك من الأسباب مع ذلك ما يدعونا للإشارة إليه هنا.
الكشف عن تابوت الملكة «أعح حتب»
والواقع أن عمال «مريت» قد كشفوا عن تابوت هذه الملكة الذي كان يحتوي كذلك على مجوهراتها في التراب القريب من «ذراع أبو النجا» عام 1859م، وقد كان لهذا الحادث ضجة عظيمة، حتى تضارَبَتِ الأقوالُ في كُنْهِ هذا الكشف ومحتوياته، غير أن لحُسْن الحظ كان العالم الأثري «ديودور دفريا» في إجازة من «متحف اللوفر»، وكان موجودًا مع «مريت» في «متحف بولاق» في ذلك الوقت، وقد دوَّنَ الحادث في خطابٍ خاصٍّ مُؤرَّخ في الثاني والعشرين من مارس سنة 1859م،(5) وسنورد هذا الخطاب هنا ليرى القارئ كيف كانت تسير الأحوال في تلك الفترة من عهد الوالي سعيد باشا، وها هو ذا:
نص خطاب «دفريا»
ولما أعلن المسيو «مونييه» مساعد قنصل مصر خبرَ هذا الكشفِ، أرسل إلى «مريت» نسخةً من النقوش التي على التابوت، فأمكنني منها الاهتداء إلى أن هذه كانت مومية الملكة «أعح حتب»، وعندئذٍ كتب «مريت» لإرسالها في الحال إلى متحف «بولاق» على ظهر باخرة خاصة، ولكن لسوء الحظ كان مدير الجهة (قنا) قد فتح التابوت قبل أن يصل الخطاب، ولا نعرف سبب ذلك؛ أحُبًّا في الاطِّلاع، أم حقدًا وغيظًا منه؟ ومهما يكن من أمرٍ فإني لم أرغب في أن أوجد نفسي في نعل هذا الموظف عندما يقع نظر «مريت» عليه لأول مرة. وقد حدث كالمعتاد؛ فأُلقِيت أكفان الملكة وعظمها جانبًا، واحتُفِظ بالأشياء التي دُفِنت مع المومية، وقد حصل «مريت» على قائمةٍ بمحتويات التابوت من أحد الموظفين المصريين هناك، وقد أرسل مدير «قنا» من جانبه قائمةً بتلك الأشياء للوالي، مُعلِنًا إياه أنه مُرسِلُ الأشياء مباشَرةً إلى بلاطه. والواقع أن القائمتين كانتا شبه موحَّدتين في المحتويات، غير أن فيهما مبالغة ظاهرة في عدد الأشياء الموصوفة، وفي وزن الذهب الذي تحتويه، ولما حصلنا على أمرٍ وزاريٍّ بأن يكون لنا الحق في الاستيلاء على أي قارب يحمل آثارًا ونقلها إلى قاربنا، سرنا في النيل في باكورة يوم واحد وعشرين من مارس، ولم نكد نصل إلى «سمنود» حتى لمحنا القارب الذي كان يحمل الكنزَ الذي أُخِذ من المومية الفرعونية، يقترب منَّا، وما هي إلا نصف ساعة حتى تلاقَى القاربان، وبعدَ تبادُلِ كلمات صاخبة مصحوبة بإشارات عنيفة، هدَّدَ «مريت» أحدهم بأنه سيلقيه في الماء، وهدَّدَ الثاني بأنه سيشوي مخه، والثالث بأنه سيرسله إلى الأعمال الشاقة في السفن، والرابع بأنه سيضع حبل المشنقة في عنقه؛ وكانت نتيجة ذلك أن حَفَظَة الكنز سلَّموه مقابل صكٍّ من «مريت»، وقد كانت دهشتنا عظيمةً عندما رأينا أن الصندوق يحتوي كميةً من المجوهرات، ورموزًا ملكية وتعاويذَ، وتكاد كلها تحمل اسم «أحمس» أحد ملوك الأسرة الثامنة عشرة، في حين أن الملكة «أعح حتب» لم يُذكَر اسمها على واحدة منها، ودقة صُنْع هذه المجوهرات يفوق كلَّ الذي عُرِف حتى الآن، وهو قليل جدًّا، وعلى ما أظن لم يكن الذهب الذي تحتويه هذه التحف يزيد عن كيلوجرامين في الوزن، غير أن قطع المجوهرات كانت قد صيغت بمهارة عظيمة، ورُصِّعَتْ بأحجار صلبة وميناء ملونة. وقد أسرع «مريت» بالمجوهرات إلى الوالي سعيد باشا في الإسكندرية، وقصَّ عليه القصةَ بطريقة خلابة، حتى إن سعيدًا قد تغاضى عن استيلاء «مريت» على قارب حكومي بغير إذن، بل على العكس استغرق في الضحك وشمله برعايته، وقد استعار «سعيد باشا» من هذا الكنز سلسلةً من الذهب معلقًا فيها جعران، لأحبِّ زوجاته إليه، غير أنه أعادَها بعد فترة وجيزة (6) إلى متحف بولاق.
سبب وجود آثار للملكين «كامس» و«أحمس» في تابوت الملكة «أعح حتب»
وقد تضاربت الأقوال في وجود آثار «أحمس» و«كامس» في تابوت الملكة «أعح حتب»، غير أن الرأي الذي أدلى به الأستاذ «ونلك» عند فحص هذا الموضوع هو الرأي الذي يقرب من الحقيقة؛ إذ يقول: «ليس لديَّ من الأسباب التي تجعلني لا أصدِّق أن الملكة «أعح حتب» كانت قد دُفِنت في أوائل حكم الفرعون «أحمس»، وأنها زُيِّنت بالمجوهرات التي أهداها لها هو والملك «كامس» الذي حكم قبل «أحمس» مباشَرةً.»(7) وآثار الملكة «أعح حتب» مشهورة جدًّا، وسنذكر أهمها هنا، وبخاصة ما كان له قيمة من الوجهة التاريخية: «وُجِد على الجثة جعران وسلسلة باسم «أحمس الأول» الذي كُتِب على المشبك، هذا فضلًا عن ثلاثة أسورة يد، وسوار ذراع، وكلها باسم «أحمس» أيضًا؛ أما في داخل لفائف الكفن، فقد وُضِعت «بلطة» من الذهب وخنجر، وكلاهما نُقِش عليه اسم «أحمس»، وعلى ذلك تكون الزينة الشخصية الخاصة بهذه الملكة قد قدَّمها لها «أحمس»، أيْ عندما كانت بين الخمسين والخامسة والسبعين من عمرها.»
وخلافًا لهذه المجوهرات التي نُقِشت باسم الملك «أحمس»، كان معها أشياء أخرى باسم ولدها البكر «كامس»، ففي التابوت وُجِد قاربان نموذجيان بمجاديف، واحد منهما مصنوع من الذهب وعليه اسم «كامس»، والثاني من الفضة خالٍ من النقش. أما الأشياء فهي: مذبة و«بلطة» من الشبه باسم «كامس»، ويحتمل كذلك «بلط» أخرى، وحربة باسمه محفوظة الآن في إنجلترا، وقد أتَتْ من نفس الكنز، ولا نزاع في أن هذه المجوهرات عنوان واضح على التقدم الطبعي في ثروة البلاد والمهارة الفنية، التي جاءت نتيجةً لطرد الهكسوس من مصر، ولا أدل على ذلك ممَّا نشاهده من المجوهرات الخشنة الصنع التي تُعزَى لأول حكم «أحمس»، وهي التي وُجِدت على جسم الفرعون «كامس»، الذي كان في حروبٍ مستمرَّةٍ مع الهكسوس. وقد وُجِد تمثالٌ باسم الابن الأكبر الملكي «أحمس» المرحوم (8). ومن هذا التمثال نعرف علاقة «أعح حتب» بالملك «سقنن رع»؛ إذ نجد بين الدعاء يطلب قرابين للإله «بتاح سكر» قد ذكر أسماء أفراد أسرة هذا الأمير، الذين جعلوا اسمه يعيش لأجل أن يقوم بكل عمل خيري لهم في العالم السفلي، وهؤلاء الأقارب هم والده «تاعا» الثاني، وأمه «أعح حتب» كما ذكرنا آنفًا، ثم أخته الابنة الملكية العظيمة «أحمس»، وأخته الابنة الملكية العظيمة «أحمس» الصغرى، وقد كانت على قيد الحياة.
.....................................................
1- راجع: Maspero, “Momies Royales de Deir el Bahari”, p. 625; “Histoire Ancienne des Peuples de l’Orient”, Vol. II, p. 78.
2- راجع: J. E. A., Vol. X, p. 251. Note 4.
3- راجع: Maspero, “Momies Royales”, p. 627; Petrie, “History”, II, p. 10; Breasted. “History”, p. 252.
4- راجع: J. E. A. Vol. X, p. 251 Note. 3.
5- راجع: Maspero, “Bib. Egypt”. 18, CII, ff, and Maspero, “Guide” XIV.
6- راجع: Maspero, “Bib. Egypt”. op. cit. CIII.
7- راجع: J. E. A., X, p. 254.
8- راجع: Sethe, Urkunden IV, p. 12.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|