أقرأ أيضاً
التاريخ: 4-6-2019
1747
التاريخ: 19-4-2020
1537
التاريخ: 11-6-2022
1425
التاريخ: 2024-04-09
682
|
قالوا: كثيراً ما تظهر آثار أصحاب الفضائل في أرباب الرذائل فيما يصدر عنهم من الأفعال والأعمال، فيشتبه الأمر على ضعفاء العقول من الرجل، فيمدحون بصنوف المدائح والمناقب مع انغمارهم في المساوي والمثالب.. أمّا الحكمة فربّما يتلقّف مسائلها تقليداً على وجه يتعجّب المستمع من أحسن التقرير والبيان مع خلوّها عن برد اليقين ونور الايقان، فمثل حاملها كمثل الأطفال في التشبّه بالرجال أو كبعض الحيوانات في المحاكاة لما يراه أو يسمعه من سائر الحيوانات.
وأمّا العفّة فربّما يترك جنس من الشهوات الرديّة لتحصيل ما هو أتمّ أو أدوم من اللذّات الحسّية ، أو لخمود القوّة وقصورها وضعف البنية وفتورها ، أو عدم التمكّن من أسبابها ، أو عدم القدرة على الدخول من أبوابها ، أو لشبعه وتملّيه من كثرة تعاطيه والافراط فيه ، أو للحذر عن الأوجاع والأسقام ، أو اطلاع الخواص وتوبيخ العوام ، أو لعدم إدراك تلك اللذّات ، كما هو شأن أهل الجبال والفلوات والصحاري ، مع أنّ فضيلة العفّة هي الحرية واستخلاص النفس عن أسر العبوديّة ، وانقيادها للقوّة العقليّة مع الاتيان بالقدر اللازم والمصلحة الضروريّة ، ويكون قصده في الفعل والترك مجرّد كونها سعادة حقيقية ، والتشبّه بالمجرّدات المنزّهة عن الشهوات الحسيّة.
وأمّا الشجاعة فربما يقدم بعض الرجال على الشدائد الصعبة وعظائم الأهوال ولا يبالي عن الضرب والأسر والقتال مع الأبطال لتحصيل الجاه أو المال أو الشهوة أو الجمال ، أو يقحم نفسه في شدائد المصائب ومكاره النوائب تعصّباً عن الأتباع والأقارب ، أو يعتمد على تكرّر الغلبة الحاصلة له في سوالف الأيام ، فلا يبالي على ما اعتاده من الاقدام مع أنّها ناشئة إمّا عن الجبن أو الشره أو عن طبيعة القوّة والقدرة أو عن قلّة العقل والحماقة ، والشجاع الحقيقي من صدر فعله عن الحكمة ، ويكون الباعث على فعله نفس فضيلة الشجاعة ، فربّما كان الحذر عن بعض النوازل لازماً أو راجحاً عند الحكيم العاقل ، فيكون ممّا يناقضها (1) وينافيها ، وربما انعكس الأمر فيكون ممّا تقتضيها (2) فهو لا يحذر الا عن نقصان دينه وشهامة ذاته (3) ، ولا يبالي بعد ذلك عن حياته ومماته ، ويجتنب عن زوال شرفه ولحوق عاره وهتك حرمته وشعاره ، ويرغب في طاعة ربّه ووليّ نعمته وحماية شريعته والذبّ عن شعائر الاسلام وحرمته ووقاية أهل ملته ولو بسفك دمه وقتل عترته وسبي ذريته ، كما وقع لسيّد الشهداء (عليه السلام) وأصحابه البررة السعداء عليهم أفضل التحيّة والثناء ، ايثاراً للذكر الجليل والأجر الجزيل والثناء الجميل على الحظّ الناقص القليل ، وترجيحاً للسعادة الأبديّة على النعمة الفانية الدنيوية المشوبة بالذّل والهوان والكدورات المتجدّدة آناً بعد آن.
وبالجملة فالشجاع ساكن وقور متحمّل صبور مستخفّ بما يستعظمه الجمهور غير مضطرب من شدائد الدهور وعظائم الأمور، ذو همّة عليّة وبصيرة جليّة مقصور غضبه على مقتضى الفكر والرويّة.
وأمّا العدالة فربّما يتكلّف في تقلّد ما لها من الآثار والأعمال وتجشّم الزهد والعبادة وإظهار الفضل والكمال لجلب القلوب وتحصيل الجاه أو المال، مع أنّها كما عرفت ملكة راسخة حاصلة من استجماع الفضائل وسلب النقائص والرذائل ورفع التنازع بين القوى وتسالمها في الآراء والأهواء وصدور الأفعال على نهج الاعتدال.
وكذا الحال في سائر أنواع الفضائل النفسيّة حيث تشتبه كثيراً ما بأنواع الرذائل الخلقية كالتواضع والوقار بالتملّق والاستكبار والتبذير بالسخاء والعبادة بالرياء، وغير ذلك ممّا لا يحصى.
__________________
(1) كذا، والصحيح: ممّا لا يناقضها ولا ينافيها، أي الحذر حينئذٍ لا ينافي الشجاعة.
(2) كذا، والصحيح: ممّا يناقضها.
(3) كذا.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|