أقرأ أيضاً
التاريخ: 19-6-2016
2231
التاريخ: 28-4-2017
2101
التاريخ: 20-5-2022
2020
التاريخ: 2-1-2023
1219
|
يرغب الشاب بطبعه إلى استغلال أوقات فراغه فيما يجلب له المتعة والنشاط ، ليسر نفسه ويطيب خاطره ويحصل على منافع له ، لكنه بحاجة أكيدة إلى من يهديه ويرشده إلى الطريق القويم كي لا يتمادى في إرضاء هذه الرغبة إلى حد الافراط.
وقد حرص الأئمة الأطهار (عليهم السلام) في وصاياهم ومناهجهم التربوية على تعديل الرغبة في الإلتذاذ وتحديده وفق ما يتطابق مع حدود المصلحة والسلامة العامة ، فأجازوا الاستمتاع باللذات التي تبعث السرور في النفس ولا تلحق ضرراً بسعادة الإنسان ، كما أكدوا صلوات الله وسلامه عليهم على أن اللذات المباحة من شأنها أن تعين الإنسان في أداء واجباته الروحية والمعنوية .
عن أبي عبد الله الإمام الصادق (عليه السلام) : ينبغي للمسلم العاقل أن يكون له ساعة يفضي بها إلى عمله فيما بينه وبين الله عز وجل وساعة يلاقي إخوانه الذين يفاوضهم ويفاوضونه في أمر آخرته وساعة يخلى بين نفسه ولذاتها في غير محرم فإنها عون على تلك الساعتين(1).
أما اللذات التي تضر بجسم الإنسان ونفسه ولا تتوافق وسعادته وسلامته وتودي به إلى التعاسة والشقاء فإنها محرمة في الإسلام ، وقد حذر أئمتنا (عليهم السلام) من اتباعها.
قال أمير المؤمنين علي (عليه السلام): نزهوا أنفسكم عن دنس الذات وتبعات الشهوات(2).
وعنه (عليه السلام) : لا خير في لذة توجب ندماً وشهوة تعقب ألماً(3).
الإفراط في اللذات
لقد ساهم تطور العلوم الطبيعية والصناعات الآلية في إيجاد ظواهر ممتعة جديدة للإنسان. وقد شكل ازدياد ساعات الفراغ والحريات المفرطة أرضية مناسبة للإنسان لاستغلال هذه اللذات والمتع. فتم تكريس الطاقات المالية والإنسانية لإنشاء مراكز اللهو والفساد، وقد ازدادت هذه المراكز باطراد يوماً بعد يوم. ووجد الشباب المهووس الفرصة مؤاتية لإصابة المزيد من اللذات متجاهلين أن بعض تلك اللذات يتعارض ومصالحهم ويتنافى وسعادة الإنسان وسلامته ، ويجلب له بالتالي تعاسة لا يمكنه التخلص منها.
«أصبح للرغبة في اللهو والترفيه بعداً عالمياً ، فجميع أفراد البشر يبدون تعلقاً كبيراً بأيام البطالة - أي العطل - ويعتبرون اللهو والترفيه من حقوقهم الطبيعية، وفي أمريكا راحت مراكز والفساد تزداد بشكل كبير ، وتصرف من أجلها ميزانيات طائلة»(4).
«يقول «جان ديوئي»: لا تتعارض الرغبة في الترفيه مع الأخلاق ، فالرغبة في النشاط والاختلاط بالمجتمع من أكثر قواعد الأخلاق والسلوك المطلوب رسوخاً ، ولكن الأمر قد اختلط على الإنسان بين الترفيه والنشاط وبين الإنفعالات الخاصة والإثارات القوية ودغدغة الحواس والمشاعر وإثارة الشهوة لإصابة لذة آنية دون الإلتفات للعواقب الوخيمة المترتبة على ذلك. وهذا النوع من الترفيه والإلتذاذ لدليل على اضمحلال الإنسان وذوبانه، فالنشاط الذي يفقد دافعاً طبيعياً أو إثارة عادية يجد لنفسه مجرى منحرفاً منفصلاً تماماً عن سلوكية الإنسان وأخلاقه ومودياً به إلى الإنحراف والفناء»(5).
ما اكثر الشباب الذين أساؤوا فهم معنى اللهو والترفيه فغرقوا في المعاصي من إدمان على الخمر وتعاطي المخدرات ولعب القمار والقيام بما يتنافى والعفة والأخلاق، فخسروا شخصيتهم لدنائتهم وجلبوا لأنفسهم عار الفضيحة وسوء السمعة.
وما أكثر شباب اليوم الذين لم يتعظوا ويعتبروا من ذل أولئك وهوانهم ومن بؤسهم وشقائهم، فراحوا يسيرون على نهج من سبقهم وراء اللذات، معرضين أنفسهم لخطر الإنحراف والسقوط .
قال أمير المؤمنين علي (عليه السلام) : عجبت لمن عرف سوء عواقب الذات كيف لا يعف(6) .
وهنا لا بد من أن نوضح للشباب أن عمر الإنسان هو أغلى ما في حياته ، وهذا العمر يجب أن يكرس جزء منه لساعات العمل والقسم الآخر للترفيه عن النفس والسياحة الاستجمام ، والإنسان العاقل هو ذاك الذي يقضي ساعات ترفيهه بما يعود عليه بالنفع والفائدة ، ويستفيد من أوقات فراغه لصالح جوانبه المادية والمعنوية. وبعبارة أوضح نقول ليس معنى الترفيه واللهو اللامبالاة والإباحية والإنحلال، ولا هو بمعنى البطالة وهدر الوقت، ولا يعني الترفيه أيضاً اللجوء إلى المعاصي والآثام ، ولا هو بمعنى البؤس والشقاء ، بل الترفيه عبارة عن نشاط مريح ولذيذ يقوم به الإنسان خارج نطاق عمله اليومي وبالتحديد ضمن ساعات فراغه مما يبعث على راحة باله وسروره ويترك على جسمه وروحه آثاره المفيدة .
«إن الترفيه وسيلة مؤثرة لتنمية القوى الجسمانية والفكرية والأخلاقية للأفراد وعامل مناسب لمنعه عن الإنحراف والجريمة. فالرياضة والترفيه لا يمكن اعتبارهما مجرد لهو ولعب ، بل هما عاملان مهمان لتأمين سلامة الإنسان الفردية والإجتماعية. ويعتبر دعم وتعزيز الوسائل الترفيهية اليوم من الواجبات الأساسية الملقاة على عاتق الشعوب»(7).
يقول الدكتور (كارل) : إن إرضاء الشهوات بشكل وحشي قد يثير نوعاً من الأهمية، ولكن لا شيء أبعد منطقاً عن تلك الحياة ، فما هي فائدة الحياة لو كانت تقتصر على الرقص والتجوال حول المدينة بواسطة السيارة والذهاب إلى السينما وسماع الراديو ؟ ، فإذا لم يتضمن الترفيه منافع معينة للإنسان ، فإن الفرص التي حصل عليها العمال نتيجة تطور الآلة وجودة الإنتاج ستذهب أدراج الرياح».
«إن الجهود المبذولة تضيف ما لا يقل عن أربع ساعات يومياً لفترة الحياة ، بمعنى أن الإنسان العاقل إذا ما استثمر الوقت الثمين بحكمة ودراية ، فإن باستطاعته تعلم الكثير وتعزيز قدرته الجسمية والروحية واكتساب الشخصية المناسبة وأداء مسؤولياته كإنسان» .
«يقضي الكثير من العمال الشباب ثلاث أو أربع ليال اسبوعياً في دور السينما وصالات الموسيقى ونوادي الرقص ، ويملأون بقية أوقاتهم في النهار بمطالعة الروايات والقصص القليلة الفائدة، كما أنهم يهدرون بعضاً من أعمارهم في الاستماع إلى أكاذيب الراديوهات»(8).
وحرصاً مناً على أن ينتفع الشاب من ساعات فراغم بالنحو الذي يليق به ويقضيها في النشاطات المفيدة ، نشير فيما يلي إلى بعض أنواع الترفيه السليم والتسلية الممتعة التي نصح بها الإسلام واهتم بها العالم المعاصر أيضاً ، عسى أن يعتمدها الشباب في أوقات فراغهم لما في نتائجها من فوائد لأجسامهم وأرواحهم.
_____________________
(1) الكافي5، ص87.
(2) غرر الحكم، ص 775.
(3) فهرست الغرر، ص358.
(4) علم الاجتماع، ص303.
(5) الأخلاق والشخصية، ص152.
(6) غرر الحكم، ص 494.
(7) علم الإجتماع، ص303.
(8) سنن الحياة، ص17.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|