المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 8830 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
{ربنا وآتنا ما وعدتنا على‏ رسلك}
2024-04-28
ان الذي يؤمن بالله يغفر له ويكفر عنه
2024-04-28
معنى الخزي
2024-04-28
شروط المعجزة
2024-04-28
أنواع المعجزة
2024-04-28
شطب العلامة التجارية لعدم الاستعمال
2024-04-28

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


الدليل النقلي على ولادة وإمامة ووجود الإمام المهدي (عليه السلام) : الآيات القرآنية  
  
1287   07:00 مساءً   التاريخ: 2023-07-08
المؤلف : الشيخ خليل رزق
الكتاب أو المصدر : الإمام المهدي ( ع ) واليوم الموعود
الجزء والصفحة : ص 60-77
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام محمد بن الحسن المهدي / الولادة والنشأة /

لا يكاد أي كتاب أو مصدر من المصادر الإسلامية يخلو من ذكر الإمام المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف وخروجه وظهوره وقيامه بالعدل والقسط ، وقد نقلت هذه المصادر المئات من الروايات التي ذكرها العلماء في كتبهم نقلا عن النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وأئمة أهل البيت عليهم السّلام .

ولم تقتصر هذه القضية على كتب علماء الشيعة فقط ولا أنها كانت من العقائد المختصة بهم ، بل تسالم عليها علماء السنّة أيضا وذكروها كما ذكرها علماء الشيعة إن لم يكن أكثر منهم .

والحديث عن الإمام المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف ليس هو مجرد حديث عن شخص يختلف المسلمون في وجوده أو عدم وجوده ، ولا هي مسألة نظرية لا ربط لها بالواقع ، بل المفروض أنها قضية لها آثارها وانعكاسها على واقع الأمة ، لكونها ترسم لها مستقبلها . ولها أبعادها ودلالاتها الكبيرة والهامة والخطيرة .

من هنا يأتي السؤال الكبير وهو :

هل أن موضوع الإمام المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف وكل الحوادث المتعلقة بزمان خروجه والأحداث التي تواكب عصر ظهوره لها جذور في القرآن الكريم بحيث أن القرآن لم يغفل عن ذكرها ولم يهملها ، أم أنه لا وجود لهذه القضية سواء بالتصريح أو التلميح في القرآن الكريم ؟

فإذا كان للإمام المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف هذا الشأن الخاص والهام فلا بد أن يتعرض القرآن الكريم للحديث عنه ، وإلا فلا .

أجمع علماء الشيعة قاطبة على وجود العشرات من الآيات القرآنية التي تحدثت عن الإمام المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف وعلى كون العشرات من الآيات القرآنية مأوّلة بقيام الإمام المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف .

يقول الشيخ محمد رضا حكيمي :

« إن موضوعا على هذه الأهمية البالغة - قد علمه النبي وتحدث عنه كثيرا ، ثم ورد الكثير من الحديث والبيان حوله عن علي عليه السّلام والأئمة الآخرين - له جذوره القرآنية قطعا ، وقد نزلت بشأنه آيات من الكتاب . . . لقد جاء الحديث في القرآن الكريم - بالإشارة حينا وبالتصريح حينا آخر حول تطورات المستقبل ، وحوادث آخر الزمان ، وامتداد الصلاح على العالم ، وتحقق حكومة الصالحين .

وقد اعتبر المفسرون المسلمون هذا اللون من الآيات ، ذا علاقة بالمهدي وظهور آخر الزمان . وهناك آيات أخرى في القرآن الكريم أشارت إلى لحاظ بسط ولاية المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف سلطانه - بل كانت صريحة في هذا الصدد . . . »[1].

وبعد أن أورد العلامة الشيخ حكيمي عددا من الآيات القرآنية الواردة أو المأولة والمفسّرة بالإمام المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف ذكر أسماء عدد من كتب التفسير لعلماء أهل السنّة والتي فسّرت فيها بعض آيات القرآن الكريم بالإمام المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف ووقائع ظهوره ، والتي جاء فيها ذكر هذا الإمام العظيم ، وهذه الكتب هي :

1 - تفسير غرائب القرآن الكريم - النظام النيشابوري .

2 - تفسير الكشف والبيان - أبو إسحاق الثعلبي .

3 - تفسير الكشاف - جار اللّه الزمخشري .

4 - تفسير كشف الأسرار - رشيد الدين الميبدي .

5 - تفسير مفاتيح الغيب - الفخر الرازي .

6 - تفسير الدر المنثور - جلال الدين السيوطي .

7 - تفسير المنار - الشيخ محمد عبده .

8 - تفسير روح البيان - إسماعيل حقّي .

9 - تفسير روح المعاني - شهاب الدين الألوسي .

10 - تفسير الجواهر - الطنطاوي[2].

أما علماء الشيعة فقد ذكر البعض أكثر من مائة آية من القرآن الكريم من الآيات المأوّلة والمفسّرة بالإمام المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف ، ومن هؤلاء :

1 - المحدّث الجليل والعالم النبيل السيد هاشم البحراني ( قدس سره ) الذي ألف كتابا وأسماه « المحجّة فيما نزل في القائم الحجّة » وأورد في كتابه مائة وعشرين آية من القرآن الكريم من الأحاديث الواردة عن النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وأهل بيته عليهم السّلام وكل هذه الأحاديث تفسر هذه الآيات بالإمام المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف .

ثم ذكر في مستدرك هذا الكتاب اثنا عشر آية من الكتاب العزيز وكلها مأولة أيضا بالإمام المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف .

2 - العلامة الحجّة فخر الأمة الشيخ محمد باقر المجلسي ( قدس سره ) في موسوعته الحديثية « بحار الأنوار الجامعة لدور أخبار الأئمة الأطهار » في الجزء الواحد والخمسين حيث أورد ستة وستين آية من الكتاب العزيز في باب « الآيات المأوّلة بقيام القائم عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف » .

3 - النسّابة المحدّث الفقيه السيد علي بن عبد الكريم النيلي النجفي وهو من أعلام القرن التاسع ، والذي استدل على إثبات وجود الإمام المهدي وإمامته من الكتاب العزيز بإثنا عشر آية قرآنية .

4 - شيخ الفقهاء والمحدّثين الشيخ علي اليزدي الحائري المتوفى سنة 1333 ه .

في كتابه « إلزام الناصب في إثبات الحجّة الغائب عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف » في الجزء الأول في الغصن الثاني تحت عنوان ( أخبار اللّه تعالى بقيام القائم ) وأورد مئة وثلاثة

وثلاثين آية من القرآن المجيد وكلها تثبت وجود الإمام القائم عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف وغيبته وعلائم ظهوره وقيامه في آخر الزمان .

5 - آية اللّه العظمى المرحوم السيد صدر الدين الصدر ( قدس سره ) الذي نقل عددا من الآيات القرآنية نزلت في الإمام القائم عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف نقلا عن أكابر العلماء أمثال ابن حجر صاحب كتاب « الصواعق » في قوله تعالى : ( وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ ) . وأبي عبد اللّه الكنجي صاحب كتاب « نور الأبصار » في قوله تعالى : لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ . * والخوارزمي في كتابه « المناقب » في قوله تعالى : هُدىً لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ . وصاحب كتاب « فرائد السمطين » في قوله تعالى : وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها . وتفسير النيسابوري في قوله تعالى : الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ . وقوله تعالى : وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ . هذا فضلا عما نقله من كلمات لأمير المؤمنين الإمام علي عليه السّلام التي فيها تفسير لبعض آيات الكتاب بحق الإمام المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف .

6 - العلامة السيد جواد السّيد حسين الحسيني آل علي الشاهرودي في كتابه « الإمام المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف وظهوره » حيث ذكر ثلاثة وعشرين آية وردت في شأن الإمام المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف بحسب روايات الشيعة وثلاث آيات بحقه عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف بحسب كتب التفسير وروايات أهل السنّة .

7 - معجم أحاديث الإمام المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف وهو من أعظم وأهم الموسوعات التي تحدثت عن الإمام المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف وما ورد من آيات قرآنية وأحاديث شريفة نزلت فيه وتحدثت عنه ، وقد خصّص الجزء الخامس منه للآيات القرآنية التي نزلت في شأن الإمام المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف وظهوره والأحداث التي ستحصل في عصره وقيام دولة الحق على يديه وما شاكل ذلك .

وقد أحصي في هذا الجزء حوالي الثمانين سورة من القرآن الكريم وفي كل سورة منها عدد من الآيات التي وردت في شأن الإمام المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف .

ويمكن للباحث أن يعتبر هذا الكتاب أهم مصدر للاطلاع على ما ورد في القرآن الكريم بشأن الإمام المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف .

بالإضافة إلى ما ذكره أكابر علماء الشيعة القدامى أمثال الشيخ المفيد والشيخ الطوسي والشيخ الصدوق وابن طاووس وغيرهم من العلماء حيث أوردوا في طيات كلماتهم وأبحاثهم في كتبهم العديد من الآيات القرآنية التي نزلت أو تحدثت عن الإمام المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف .

ونحن نكتفي هنا بذكر بعض هذه الآيات من الكتاب العزيز والتي اتفق المسلمون على أن مورد نزولها هو الإمام المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف .

الآية الأولى : وهي تبيّن كيفية شمول الإسلام للعالم وزوال الشرك على يد المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف الموعود مع أصحابه بالاستخلاف في هذه الأرض .

قوله تعالى :

وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ[3] « 1 » .

شهد التاريخ البشري صولات وجولات بين أتباع الحق وأتباع الباطل ، وكان الأنبياء والمرسلون يمثلون خط الهداية والرشاد والدعوى إلى سبيل اللّه . . .

سبيل الحق ، وكان البشر دائما ينقسمون بين مؤيد ومعارض أو معاند .

وقد تعرض الدعاة إلى الحق سواء الأنبياء أو من وقف إلى جانبهم وسلك منهجهم إلى الكثير من العذابات وكل ألوان الظلم والجور والتعسف التي مارسها ضدهم الظالمون والمنحرفون ، ولطالما صبر أولياء اللّه على هذا الظلم والجور .

وفي مقابل هذا الصبر والتحمل للأذى يأتي وعد اللّه سبحانه وتعالى لعباده المؤمنين بتمكينهم من حكومة الأرض ومن عليها وممارسة سلطة العدل على كافة أرجاء الدنيا ليحكموا فيها ، وذلك كما استخلف اللّه تعالى بعض أوليائه من قبل ، وأعطاهم السلطة والإمكانيات لتطبيق شعائر دين اللّه الذي ارتضاه لهم ، ومدهم بالقدرة اللازمة لإرساء حكم اللّه على الأرض .

فهذه الآية المباركة تتضمن وعد اللّه لعباده المؤمنين الصالحين من هذه الأمة بتحقيق المجتمع العادل والحياة الطيبة .

عن الإمام زين العابدين عليه السّلام في تفسير هذه الآية يقول :

« هم شيعتنا أهل البيت ، يفعل اللّه ذلك بهم على يدي رجل منا ، وهو مهدي هذه الأمة ، وهو الذي قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم : لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول اللّه ذلك اليوم حتى يلي رجل من عترتي اسمه اسمي يملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما »[4].

وعن الإمام الصادق عليه السّلام قال :

« نزلت في القائم وأصحابه »[5].

وقد تناول المفسّر الكبير والفيلسوف العظيم السيد الطباطبائي هذه الآية وتفسيرها في كتابه « تفسير الميزان » فقال : وقد اشتد الخلاف بين المفسّرين في الآية . . .

فقيل : إنها واردة في أصحاب النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وقد أنجز اللّه وعده لهم باستخلافهم في الأرض وتمكين دينهم وتبديل خوفهم أمنا بما أعز الإسلام بعد رحلة النبي في أيام الخلفاء الراشدين ، والمراد باستخلافهم استخلاف الخلفاء الأربعة بعد النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أو الثلاثة الأول منهم ، ونسبة الاستخلاف إلى جميعهم مع اختصاصه ببعضهم وهم الأربعة أو الثلاثة من قبيل نسبة أمر البعض إلى الكل كقولهم : قتل بنو فلان وإنما قتل بعضهم .

وقيل : هي عامة لأمة محمد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ، والمراد باستخلافهم وتمكين دينهم وتبديل خوفهم أمنا إيراثهم الأرض كما أورثها اللّه الأمم الذين كانوا قبلهم أو استخلاف الخلفاء بعد النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم - على اختلاف التقرير وتمكين الإسلام وانهزام أعداء الدين وقد أنجز اللّه وعده بما نصر الإسلام والمسلمين بعد الرحلة ففتحوا الأمصار وسخروا الأقطار .

وعلى القولين الآية من ملاحم القرآن حيث أخبر بأمر قبل أوان تحققه ولم يكن مرجوا ذلك يومئذ .

وقيل : إنها في المهدي الموعود عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف الذي تواترت الأخبار على أنه سيظهر فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا ، وأن المراد بالذين آمنوا وعملوا الصالحات النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم والأئمة من أهل بيته عليهم السّلام .

والذي يعطيه سياق الآية الكريمة على ما تقدم من البحث بالتحرز عن المسامحات التي ربما يرتكبها المفسرون في تفسير الآيات وهو أن الوعد لبعض الأمة لا لجميعها ولا لأشخاص خاصة منهم وهم الذين آمنوا منهم وعملوا الصالحات فالآية نص في ذلك ، ولا قرينة من لفظ أو عقل يدل على كونهم هم الصحابة أو النبي وأئمة أهل البيت عليهم السّلام ، ولا على أن المراد بالذين آمنوا وعملوا الصالحات جميع الأمة وإنما صرف الوعد إلى طائفة خاصة منهم تشريفا لهم أو لمزيد العناية بهم فهذا كله تحكم من غير وجه . . .

والمتحصل من ذلك كله أن اللّه سبحانه يعد الذين آمنوا منهم وعملوا الصالحات أن سيجعل لهم مجتمعا صالحا خالصا من وصمة الكفر والنفاق والفسق يرث الأرض ، لا يحكم في عقائد أفراده عامة ولا أعمالهم إلا الدين الحق ، يعيشون آمنين من غير خوف من عدو داخل أو خارج ، أحرارا من كيد الكائدين وظلم الظالمين وتحكّم المتحكّمين .

وهذا المجتمع الطيب الطاهر على ما له من صفات الفضيلة والقداسة لم يتحقق ولم ينعقد منذ بعث النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم إلى يومنا هذا ، وإن انطبق فلينطبق على زمن ظهور المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف على ما ورد من صفاته في الأخبار المتواترة عن النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وأئمة أهل البيت عليهم السّلام لكن على أن يكون الخطاب للمجتمع الصالح لا له عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف وحده . . .

فالحق أن الآية إن أعطيت حق معناها لم تنطبق إلّا على المجتمع الموعود الذي سينعقد بظهور المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف . . . »[6].

وما ذكره صاحب الميزان هو ما نطقت به الروايات الواردة عن النبيّ وأهل بيته عليهم السّلام في تأويل هذه الآية الكريمة : إن الوعد الإلهي يتحقق عند ظهور الإمام المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف ، ومن هذه الروايات المتواترة التي تصرّح بأن هذه الآية ستنطبق على عصر الإمام المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف ما ورد :

عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري قال : « دخل جندب بن جنادة على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم فقال : - في حديث طويل جاء فيه : فقال . . . يعني جندب : يا رسول اللّه قد وجدنا ذكرهم في التوراة ، وقد بشرنا موسى بن عمران بك وبالأوصياء بعدك من ذريتك . ثم تلا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم الآية الكريمة . . . ثم قال جندب يا رسول اللّه ، فما خوفهم ؟ قال : يا جندب في زمن كل واحد منهم سلطان يعتريه ويؤذيه ، فإذا عجّل اللّه خروج قائمنا يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما .

ثم قال صلّى اللّه عليه وآله وسلّم :

« طوبى للصابرين في غيبته ، طوبى للمتّقين على محجّتهم ، أولئك وصفهم اللّه في كتابه وقال : الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وقال : أُولئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ »[7].

وعن الإمام الصادق عليه السّلام أنه قال :

« لم يجيء تأويل هذه الآية ، ولو قام قائمنا بعد ، سيرى من يدركه ما يكون من تأويل هذه الآية ، وليبلغن دين محمد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ما بلغ الليل ، حتى لا يكون مشرك على ظهر الأرض ، كما قال اللّه تعالى : يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً »[8].

وعن إسحاق بن عبد اللّه بن علي بن الحسين في هذه الآية : فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ .

قال : « قيام القائم عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف من آل محمد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ، وفيه نزلت وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ . . . فقال : نزلت في المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف »[9].

الآية الثانية : وهي تشير إلى أن المستضعفين هم آل محمد عليهم السّلام وكيف سينهض المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف ليرفع الظلم والاستضعاف عنهم .

قوله تعالى :

وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ[10].

هذه الآية الكريمة وردت في جملة ما ورد من الآيات المفسّرة والمأوّلة بالإمام المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف الذي سيبيد الجبابرة والفراعنة والطغاة ، ويرفع الاستضعاف والظلم عن أهل بيت النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ليتّسع المجال أمام إقامة دولتهم وسلطانهم العادل في الأرض .

عن الإمامين الباقر والصادق عليهما السّلام كما ورد في كشف البيان :

« إن هذه مخصوصة بصاحب الأمر الذي يظهر في آخر الزمان ، ويبيد الجبابرة والفراعنة ، ويملك الأرض شرقا وغربا ، فيملأها عدلا كما ملئت جورا »[11].

وعن محمد بن سنان عن المفضل بن عمر قال : سمعت أبا عبد اللّه الصادق عليه السّلام يقول :

« إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم نظر إلى علي والحسن والحسين عليهم السّلام فبكى وقال : أنتم المستضعفون بعدي ، قال المفضّل : فقلت له : ما معنى ذلك يا بن رسول اللّه ؟

قال : معناه أنكم الأئمة من بعدي ، إن اللّه عزّ وجل يقول : وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ ، فهذه الآية جارية فينا إلى يوم القيامة »[12].

وعن الإمام الصادق عليه السّلام عن الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام أنه قال :

« لتعطفن علينا الدنيا بعد شماسها ، عطف الضّروس على ولدها ، ثم قرأ وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ . . . »[13].

وشرح هذا الحديث :

قوله ( لتعطفن ) ، يقال : عطفت الناقة على ولدها أي حنّت عليه ودرّ لبنها ، ( شماسها ) يقال : شمس الفرس يشمس : أي استعصى على راكبه ومنع ظهره من الركوب ، ( الضروس ) الناقة السيئة الخلق ، تعض حالبها .

ومعنى كلامه عليه السّلام : إن الدنيا تقبل على أهل البيت عليهم السّلام بعد الجفاء الطويل والمكاره الكثيرة ، والمقصود : قيام حكومة أهل البيت وانتصاراتهم على أعدائهم وتذلّل جميع الصعوبات التي وقفت حجر عثرة في طريق نهضتهم المقدّسة ، فتسهل لهم الدنيا بعد صعوبتها ، وتحلو بعد مرارتها ، وتخضع بعد تمردها ، وتنقاد بعد عصيانها .

الآية الثالثة : وهي تشير إلى أن الإمام المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف وأصحابه هم الموعودون بوراثة الأرض وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ[14].

قال صاحب الميزان في تفسير هذه الآية : « الظاهر أن المراد بالزبور كتاب داود عليه السّلام وقد سمّي بهذا الاسم في قوله : وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً[15] ، وقيل المراد به القرآن ، وقيل : مطلق الكتب المنزلة على الأنبياء أو على الأنبياء بعد موسى . . .

والمراد بالذكر قيل : هو التوراة وقد سمّاها اللّه به في موضعين من هذه السورة وهما قوله : فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ الآية 7 ، وقوله :

وَذِكْراً لِلْمُتَّقِينَ الآية 48 منها ، وقيل : هو القرآن وقد سمّاه اللّه ذكرا في مواضع من كلامه وكون الزبور بعد الذكر على هذا القول بعدية رتبية لا زمانية ، وقيل : هو اللوح المحفوظ . . .

والمراد من وراثة الأرض انتقال التسلّط على منافعها إليهم واستقرار بركات الحياة بها فيهم ، وهذه البركات إما دنيوية راجعة إلى الحياة الدنيا كالتمتّع الصالح بأمتعتها وزينتها فيكون مؤدى الآية أن الأرض ستتطهّر من الشرك والمعصية ويسكنها مجتمع بشري صالح يعبدون اللّه ولا يشركون به شيئا كما يشير إليه قوله تعالى : وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ . . . إلى أن يقول : وبين من يخصّها بالوراثة الدنيوية ويحملها على زمان ظهور الإسلام أو ظهور المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف الذي أخبر به النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم في الأخبار المتواترة المروية من طرق الفريقين ، ويتمسّك لذلك بالآيات المناسبة التي أومأنا إلى بعضها »[16].

وقال الشيخ مغنية في تفسير الكاشف : « والمعنى أن الحكم والسلطان في الأرض ، وإن كان الآن بأيدي الطغاة الفجرة فإن اللّه سينقله من أيديهم إلى الطيبين الأخيار لا محالة ، وعندها يعم الأمن والعدل الكرة الأرضية ، وينعم بخيراتها وبركاتها الناس كل الناس ، وفي هذا المعنى أحاديث كثيرة وصحيحة ، منها ما رواه أبو داود في كتاب السنن وهو أحد الصحاح الستة . قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم :

« لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطوّل اللّه تعالى ذلك اليوم حتى يبعث رجل مني ومن أهل بيتي . . . »[17].

وفي هذا المعنى الذي ذكره أصحاب كتب التفسير وردت روايات منها :

عن الإمام الباقر عليه السّلام قال :

« وقوله : وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ ، قال : الكتب كلها ذكر . أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ . قال : القائم عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف وأصحابه »[18].

الآية الرابعة : ومفادها أن الإسلام سيعم العالم على يد الإمام المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف .

يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ ( 32 ) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ( 33 )[19].

هذه الآية من الآيات التي وعد اللّه تعالى فيها عباده الصالحين بسيطرة الدين الإسلامي على العالم بحيث لا يبقى مكان فيه لا لمشرك ولا لكافر .

عن الإمامين الباقر والصادق عليهما السّلام :

« إن القائم منّا منصور بالرعّب ، مؤيد بالنصر ، تطوى له الأرض ، وتظهر له الكنوز كلّها ، ويظهر اللّه به دينه على الدين كلّه ولو كره المشركون ، ( ثم ذكر جملة من علاماته ) ثم قال : فعند ذلك خروج قائمنا »[20].

عن المفضّل بن عمر قال : سألت سيدي أبا عبد اللّه جعفر بن محمد الصادق عليه السّلام في ضمن حديث طويل إلى أن قال : قلت له : لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ، * ما كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ظهر على الدين قال عليه السّلام :

« . . . يا مفضّل لو كان ظهر على الدين كله ما كان مجوسية ولا نصرانية ولا يهودية ولا صابئة ولا فرقة ولا خلاف ولا شك ولا شرك ولا عبدة أصنام ولا أوثان ولا اللّات ولا العزّى ولا عبدة الشمس ولا القمر ولا النجوم ولا النار ولا الحجارة ، وإنّما قوله : لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ * في هذا اليوم ، وهذا المهدي وهذه الرجعة ، وهو قوله : وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ . . . . . . »[21].

وقال الفخر الرازي في التفسير الكبير : « عن أبي هريرة قال : هذا وعد من اللّه بأنه تعالى يجعل الإسلام عاليا على جميع الأديان » ثم قال الراوي : « وتمام هذا يحصل عند خروج عيسى » ، وقال السّدّي : « ذلك عند خروج المهدي ، لا يبقى أحد إلّا دخل في الإسلام ، أو أدّى الخراج »[22].

وسمع أمير المؤمنين عليه السّلام من قبل بعض أصحابه وهو يقول :

« هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ، * أظهر بعد ذلك ؟ قالوا : نعم .

قال : كلا فوالذي نفسي بيده حتى لا تبقى قرية إلّا وينادى فيها بشهادة أن لا إله إلّا اللّه بكرة وعشيّا »[23].

الآية الخامسة : في كون الإمام المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف وأصحابه هم المظلومون .

أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ[24].

عن الإمام الصادق عليه السّلام أنّه قال :

« إن العامة يقولون نزلت في رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم لمّا أخرجته قريش من مكّة وإنّما هو القائم عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف إذا خرج يطلب بدم الحسين عليه السّلام وهو قوله نحن أولياء الدم وطلّاب الديّة »[25].

عن الإمام الباقر عليه السّلام قال :

« هي في القائم عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف وأصحابه »[26].

الآية السادسة : أن الإمام المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف وأصحابه يملكون مشارق الأرض ومغاربها .

الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ[27].

عن الإمام الباقر عليه السّلام قال :

« وهذه الآية لآل محمد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم إلى آخر الآية ، والمهدي وأصحابه يملكهم اللّه مشارق الأرض ومغاربها ، ويظهر الدين ويميت اللّه به وأصحابه البدع والباطل ، كما أمات السّفه الحق ، حتى لا يرى أثر للظلم »[28].

الآية السابعة : النداء من السماء عند ظهور الإمام المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف .

إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ[29].

عن الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام قال :

« انتظروا الفرج من ثلاث ، فقيل : يا أمير المؤمنين وما هن ؟ فقال :

اختلاف أهل الشام بينهم ، والرايات السود من خراسان ، والفزعة في شهر رمضان . فقيل : وما الفزعة في شهر رمضان ؟ فقال : أوما سمعتم قول اللّه عزّ وجل في القرآن إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً . . . هي آية تخرج الفتاة من خدرها ، وتوقظ النائم ، وتفزع اليقظان »[30].

وعن الإمام الباقر عليه السّلام في تفسير هذه الآية قال :

« واللّه إن ذلك في كتاب اللّه عزّ وجل لبيّن حيث يقول : إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ ، فلا يبقى في الأرض يومئذ أحد إلّا خضع وذلّت رقبته لها ، فيؤمن أهل الأرض إذا سمعوا الصوت من السماء ألا إن الحق في علي بن أبي طالب عليه السّلام وشيعته ، قال : فإذا كان في الغد صعد إبليس في الهواء حتى يتوارى عن أهل الأرض ، ثم ينادي : ألا إن الحق في عثمان بن عفان وشيعته فإنه قتل مظلوما فاطلبوا بدمه ، قال : فيثبّت اللّه الذين آمنوا بالقول الثابت على الحق وهو النداء الأول ، ويرتاب يومئذ الذين في قلوبهم مرض ، والمرض واللّه عداوتنا ، فعند ذلك يتبرّؤون منّا ويتناولوننا فيقولون : إن المنادي الأول سحر من سحر أهل ( هذا ) البيت ، ثم تلا أبو عبد اللّه عليه السّلام قول اللّه عزّ وجل : وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ »[31].

الآية الثامنة : وهي تبيّن أن المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف يهدي بأمر اللّه تعالى .

وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ وَإِقامَ الصَّلاةِ وَإِيتاءَ الزَّكاةِ وَكانُوا لَنا عابِدِينَ[32].

عن زيد بن علي عليه السّلام قال : كنت عند أبي علي بن الحسين عليه السّلام إذ دخل عليه جابر ابن عبد اللّه الأنصاري ، فبينما هو يحدّثه إذ خرج أخي محمد من بعض الحجر ، فأشخص جابر ببصره نحوه ثم قام إليه فقال : يا غلام أقبل فأقبل ثم قال : أدبر فأدبر فقال : شمائل كشمائل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ما اسمك يا غلام ؟

قال : محمد . قال : ابن من ؟ قال : ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، قال : أنت إذا الباقر ، قال : فانكب عليه وقبّل رأسه ويديه ثم قال : يا محمد إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم يقرئك السلام ، قال : على رسول اللّه أفضل السلام وعليك يا جابر بما أبلغت السلام .

ثم عاد إلى مصلاه ، فأقبل يحدّث أبي ويقول :

« إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم قال لي يوما : يا جابر إذا أدركت ولدي الباقر فأقرئه منّي السلام فإنّه سميّي وأشبه الناس بي ، علمه علمي وحكمه حكمي ، سبعة من ولده أمناء معصومون أئمة أبرار ، والسابع مهديّهم الذي يملأ الدنيا قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما ، ثم تلا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا وَأَوْحَيْنا . . . »[33].

الآية التاسعة : وهي تشير إلى أن الاعتقاد بالمهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف من الإيمان بالغيب ، وأنه عليه السّلام أحد أيام ثلاثة للّه تعالى .

وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ[34].

عن الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام :

قال : « . . . الغيب : يوم الرجعة ، ويوم القيامة ، ويوم القائم ، وهي أيام آل محمد ، وإليها الإشارة بقوله : وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ ، فالرجعة لهم ، ويوم القيامة لهم ويوم القائم لهم ، وحكمه إليهم ، ومعوّل المؤمنين فيه عليهم »[35].

وعن الإمام الباقر عليه السّلام قال :

« أيام اللّه ثلاثة : يوم القائم ، يوم الموت ، ويوم القيامة »[36].

الآية العاشرة : وهي تتحدّث عن لقاء الإمام المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف بأصحابه في مكّة وخطبته التي يلقيها فيهم .

أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ أَ إِلهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ[37].

يقول الإمام الباقر عليه السّلام :

« يكون لصاحب هذا الأمر غيبة في بعض هذه الشّعاب ، ثم أومأ بيده إلى ناحية ذي طوى ، حتى إذا كان قبل خروجه بليلتين ، انته المولى الذي يكون بين يديه حتى يلقى بعض أصحابه ، فيقول : كم أنتم ههنا ؟ فيقولون : نحو من أربعين رجلا ، فيقول : كيف أنتم لو قد رأيتم صاحبكم ؟ فيقولون : واللّه لو يأوي بنا الجبال لأويناها معه .

ثم يأتيهم من القابلة ( القابل ) فيقول لهم : أشيروا إلى ذوي أسنانكم وأخياركم عشيرة ، فيشيرون له إليهم فينطلق بهم حتى يأتوا صاحبهم ، ويعدهم إلى الليلة التي تليها » .

ثم قال أبو جعفر : واللّه لكأنّي أنظر إليه وقد أسند ظهره إلى الحجر ، ثم ينشد اللّه حقّه ، ثم يقول :

« يا أيها الناس من يحاجّني في اللّه ، فأنا أولى الناس باللّه ، ومن يحاجّني في آدم فأنا أولى الناس بآدم .

يا أيها الناس من يحاجّني في نوح ، فأنا أولى الناس بنوح .

يا أيها الناس من يحاجّني في إبراهيم ، فأنا أولى الناس بإبراهيم .

يا أيها الناس من يحاجّني في موسى ، فأنا أولى الناس بموسى .

يا أيها الناس من يحاجّني في عيسى ، فأنا أولى الناس بعيسى .

يا أيها الناس من يحاجّني في محمد ، فأنا أولى الناس بمحمد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم .

يا أيها الناس من يحاجّني في كتاب اللّه ، فأنا أولى الناس بكتاب اللّه » .

ثم ينتهي إلى المقام فيصلي ركعتين ، ثم ينشد اللّه حقّه .

قال أبو جعفر عليه السّلام :

« هو واللّه المضطرّ في كتاب اللّه ، وهو قول اللّه أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ وجبرائيل على الميزان ، في صورة طائر أبيض ، فيكون أوّل خلق اللّه يبايعه جبرائيل ، ويبايعه الثلاثمائة والبضعة العشر رجلا »[38].

كان هذا غيض من فيض مما ورد في القرآن الكريم حول الإمام المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف وكيفية ظهوره وبسطه لسلطانه ولدولته على العالم . وقد اكتفينا بذكر هذه الآيات كنموذج ومثال ليطّلع عليها القارئ ، ومن أراد التوسعة والاطلاع تفصيليا على ما جاء في القرآن الكريم عن الإمام المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف فيمكنه مراجعة الموسوعات والكتب التي ذكرناها في بداية هذه الفقرة .

 

[1] شمس المغرب ، محمد رضا الحكيمي ، ص 109 - 110 .

[2] شمس المغرب ، محمد رضا الحكيمي ، ص 117 .

[3] سورة النور ، الآية : 55 .

[4] معجم أحاديث الإمام المهدي ، ج 5 ، ص 281 نقلا عن مجمع البيان ج 7 ، ص 152 ، وتفسير البرهان ، ج 3 ، ص 150 ، ح 11 ، وتفسير نور الثقلين ، ج 3 ، ص 620 ، ح 226 ، وتفسير الصافي ، ج 3 ، ص 444 .

[5] المصدر نفسه ، ص 282 ، نقلا عن البحار ، ج 51 ، ص 58 ، ب 5 ، ح 50 ، وعن ينابيع المودة ، ص 425 - 426 ، ب 71 .

[6] الميزان ، ج 15 ، ص 53 - 156 .

[7] الميزان ، ج 5 ، ص 277 - 278 .

[8] مجمع البيان ، ج 2 ، ص 543 .

[9] الغيبة - الطوسي ، ص 110 ، البحار ، ج 51 ، ص 53 ، باب 5 ، ح 34 .

[10] سورة القصص ، الآيتان : 5 - 6 .

[11] معجم أحاديث الإمام المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف ، ج 5 ، ص 324 ، ح 1759 .

[12] البحار ، ج 24 ، ص 168 ، باب 49 ، ح 1 ، نقلا عن معاني الأخبار .

[13] البحار ، ج 24 ، ص 167 ، ح 49 .

[14] سورة الأنبياء ، الآية : 105 .

[15] سورة النساء ، الآية : 163 .

[16] الميزان في تفسير القرآن ، ج 8 ، ص 329 - 330 .

[17] التفسير الكاشف ، الشيخ محمد جواد مغنية ، ج 5 ، ص 302 .

[18] البحار ، ج 9 ، ص 126 ، باب 1 .

[19] سورة التوبة ، الآيتان : 32 - 33 .

[20] معجم أحاديث الإمام المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف ، ج 5 ، ص 142 ، ح 1561 .

[21] المصدر نفسه ، ج 5 ، ص 148 ، ح 1570 ، نقلا عن تفسير الرازي ، ج 16 ، ص 40 .

[22] البحار ، ج 53 ، ص 1 ، باب 25 .

[23] المصدر السابق ، ص 138 - 139 ، ح 1557 .

[24] سورة الحج ، الآية : 39 .

[25] البحار ، ج 51 ، ص 47 ، باب 5 ، ح 7 .

[26] المصدر نفسه ، ج 24 ، ص 227 ، باب 58 ، ح 23 .

[27] سورة الحج ، الآية : 41 .

[28] تفسير القمي ، ج 2 ، ص 87 - البحار ، ج 24 ، ص 165 ، باب 48 ، ح 9 .

[29] سورة الشعراء ، الآية : 4 .

[30] عقد الدرر ، ص 104 ، ب 4 ، فصل 3 - والبحار ، ج 52 ، ص 229 ، باب 35 ، ح 95 .

[31] البحار ، ج 52 ، ص 292 ، باب 26 ، ح 40 .

[32] سورة الأنبياء ، الآية : 73 .

[33] البحار : ح 36 ، ص 65 ، ح 1 .

[34] سورة إبراهيم ، الآية : 5 .

[35] معجم أحاديث الإمام المهدي : ج 5 ، ص 190 ، ح 1612 نقلا عن الشارق اليقين ، ص 159 .

[36] البحار : ج 53 ، ص 63 ، باب 29 ، ح 53 ومعاني الأخبار : ص 365 - 366 ، ح 1 .

[37] سورة النمل ، الآية : 62 .

[38] معجم أحاديث الإمام المهدي : ج 5 ، ص 307 - 308 ، ح 1739 نقلا عن تفسير العياشي : ج 2 ، ص 56 ، ح 49 .




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.






لأعضاء مدوّنة الكفيل السيد الصافي يؤكّد على تفعيل القصة والرواية المجسّدة للمبادئ الإسلامية والموجدة لحلول المشاكل المجتمعية
قسم الشؤون الفكرية يناقش سبل تعزيز التعاون المشترك مع المؤسّسات الأكاديمية في نيجيريا
ضمن برنامج عُرفاء المنصّة قسم التطوير يقيم ورشة في (فنّ الٕالقاء) لمنتسبي العتبة العباسية
وفد نيجيري يُشيد بمشروع المجمع العلمي لحفظ القرآن الكريم