شهد العراق منذ منتصف القرن الثامن عشر، وحتى منتصف القرن التالي تكون عدد من الحكومات المحلية في مدنه الرئيسة، شأن معظم ولايات الدولة العثمانية عامة والولايات العربية منها خاصة. فقد ادى ضعف السلطة المركزية، والانحسار الفعلي للوجود العثماني المباشر عن اقاليمها العديدة، الى قيام سلطة محلية قوية تتمكن من ملء الفراغ الناجم عن ذلك الانحسار، فظهرت في اقاليم عربية مختلفة، حكومات محلية نسقت بدرجات متفاوتة، بين استقلالها الاداري والعسكري الفعلي وبين وجودها ضمن السيادة العثمانية الرسمية، مثل ال العظم في دمشق، وال القرماني في طرابلس الغرب، وحكومة علي بك الكبير في مصر. وكانت الولايات العراقية قد شهدت منذ مطلع القرن السابع عشر محاولات متعددة لقوى محلية مختلفة استهدفت تأسيس حكومات وراثية، وكانت أبرز هذه المحاولات في النصف الاول من القرن الثامن عشر حين استطاعت قوى محلية، بعضها جلب من الخارج تحت ضغط ظروف معينة، ونشأت اجيال منه في العراق، وهم المماليك الذين تولوا السلطة في بغداد والبصرة، والبعض الآخر من اسر عراقية صميمة، كالجليليين والبابانيين الذين تولوا حكم مناطق مهمة اخرى من العراق. وقد ساهموا جميعا في تغيير خصائص الحكم العثماني في البلاد تغييرا واضحا على نحو ميز عهدهم عن سائر عهود السيطرة العثمانية، وأسبغ عليه خصائص اجتماعية وسياسية جديدة.