المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
حرمة زواج زوجة الاب
2024-05-01
{ولا تعضلوهن}
2024-05-01
{وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى اذا حضر احدهم الـموت}
2024-05-01
الثقافة العقلية
2024-05-01
بطاقات لدخول الجنة
2024-05-01
التوبة
2024-05-01

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


الطفل والحاجة الى الاستقلال  
  
2322   07:47 صباحاً   التاريخ: 14-1-2023
المؤلف : د. علي القائمي
الكتاب أو المصدر : الأسرة ومتطلبات الطفل
الجزء والصفحة : ص529 ــ 540
القسم : الاسرة و المجتمع / الطفولة /

الانسان موجود شديد الحاجة وفي مرحلة الطفولة المبكرة يتسم بكونه شديد التبعية ايضاً لغرض تأمين متطلباته. أن تبعيته وتعلقه بوالدته تصل الى درجة لا ينفك معها آنٍ واحد عنها. وحتى انه يرجع اليها في اكثر المسائل جزئية. وما اتكاء الطفل على الأم واعتماده عليها في الاكل والشرب واللبس إلا لغرض قضاء حاجته وشعوره بالعجز عن تأمين احتياجاته.

إلا أنه ليس بوسعه البقاء والاستمرار على هذه الحالة ولا يجب ان يبقى كذلك دائماً ؛ إذ ان الطفل المعتمد على الآخرين يجب ان يصبح مستقبلاً محل اعتماد الآخرين عليه ليس فقط في تأمين احتياجاته الفردية، بل في تأمين احتياجات الآخرين ايضاً. كما ان الخطوات التربوية للأبوين والمربين انما تصب في مسار الهدف الذي ينبغي ايصاله فيه الى هذا الموضع.

الحاجة الى الاستقلال:

الطفل بحاجة الى الاستقلال. وتتعلق هذه الحاجة بالمحافظة على احترام شخصيته وايضاً هي ضرورة لحياته الفردية والاجتماعية. ومنذ الاشهر الاولى لحياة الطفل نجد ان الطفل يتوقع ان يكون مستقلاً في محيط عمله ولا يرى مسؤولاً أو صاحب نفوذ يراقبه ويشرف عليه. انه يسعى ويبذل ما بوسعه لكي ينجو بنفسه من تبعيته لأبويه واعتماده عليهم ويؤدي اعماله بنفسه.

وهذا الامر يتكامل في الطفل بما يتناسب ونموه السني والعقلي بشكل تصاعدي ويصل الطفل الى المرحلة التي ينزعج معها حتى من تدخل الابوين في عمله وشؤون حياته بل وحتى الالعاب التي يمارسها. وفي المراحل التالية يطالب الاستقلالية بكل حزم وشدة لدرجة لا يريد معها ان يسمع كلام أو رأي أبويه والآخرين أو أن يعيش في ظل وحماية الآخرين له. فتراه يخطط بنفسه لحياته الشخصية ويطبق خططه شخصياً لسعادته وهنائه.

فطرية هذا الاحتياج :

يرى بعض علماء النفس ان الرغبة في الاستقلال والحاجة في الوصول الى ذلك يعد أمراً فطرياً ويقولون ان الدليل على ذلك يكمن في وجود الرغبة لدى جميع الاطفال وفي مراحل العمر المختلفة ويتجلى ذلك بصورة مختلفة لديهم. كما ان جميع افراد البشرية، وحتى أولئك الذين تمت تربيتهم ليكونوا عبيداً يستحوذ عليهم شعور داخلي يطلب الاستقلال أيضاً ويتمنون التخلص من تلك الحالة وان يأتي اليوم الذي يلغون فيه سلطة الآخرين عليهم.

ويقولون ان دافع الاستقلال ناجمٌ عن دافع التملك ويريد الانسان ان يتصرف ويسيطر على ما يملكه ويشعر بانه ملكه حقا. انه يريد ان يملك حق التصرف باملاكه ويرى نفسه متملكاً.  كما انه يرغب بان يشعر في هذا المجال بالحرية ولا يرى لاحد حق التصرف به سواه. وبناءً على هذا الاساس فان تصور الطفل عن عدم امتلاك الاستقلالية هو تصورٌ ينم عن فقدان الحرية ومنعها عنه وتعد الحرية امراً فطرياً وان منعها يعد نوعاً من محاربة الفطرة.

مظاهر حب الاستقلال :

يتجلى هذا الامر بصورة مختلفة لدى الاطفال، إذ بسبب حب الاستقلال تظهر لنا مسألة التمرد والتخلص من الطاعة وعدم مراعاته للأصول والضوابط التي يضعها أبويه له. والمظهر الآخر لذلك هو اصرار الطفل على ان يؤدي اعماله بنفسه.

ولعلكم ترون افراداً صغاراً السن لم يعرفوا بعد يمنهم من يسارهم ويدعون اموراً من قبيل: اصراره على ان يرتدي ملابسه بنفسه، ويتناول طعامه بنفسه، ويذهب بمفرده الى باحة الدار، ويلبس حذاءه بنفسه، ويزر ازرار قميصه بنفسه و... ولغرض الوصول الى هذا الهدف فانه يتسبب احياناً الاخلال بعمل الآخرين، واحداث الضوضاء والفوضى، واظهار العناد واللجاجة والعصيان.

ونحن نعلم بوجود علاقة بين الحاجة الى الاستقلال والتكبر، إذ انه يشبع احياناً غروره وتكبره في ظل مسألة المطالبة بالاستقلال وهذين الامرين مرتبطين ببعضهما البعض ويساعدان على تصاعد حدة السلوك والتعامل.

محاولات الحصول عليها :

ولغرض حصول الطفل على الاستقلال من الممكن احياناً ان يلجأ الى القيام بأعمال غير مستساغة أو أن يقوم بأعمال لا يرضى بها الآباء والمربون. ومن أجل الاستقلال يلجأ أحياناً الى الانزواء في احدى زوايا الغرفة أو يغلق الباب على نفسه ويقوم بأعمال معينة.

ولغرض استغنائه عن الاتكاء على الآخرين يمسك احياناً مقبض الباب ويقف على قدميه، ويستند الى الكرسي وينتصب على قدميه. ولو ارادت والدته ان تعينه وتسنده مثلاً في هذه المسألة لينهض مستنداً عليها فانه ينزعج ويصرخ رافعا صوته. واحيانا يمسك علبتين ويحاول ادخال احدهما بالآخر دون ان يعرف طريقة ذلك. ولو ارادت والدته مساعدته ينزعج ولأنه لا يعرف اداء هذا العمل ايضاً فانه يتعصب ويبدأ بالنياحة والبكاء. هذه المحاولات موجودة بصور مختلفة ومتعددة في هذا المجال.

فوائد الاحتياج الى الاستقلال:

ينطوي الاحتياج الى الاستقلال على فوائد وآثار كثيرة للطفل؛ إذ يشرع الطفل بالحركة ويبذل الجهد في ظله ويعثر على اسلوب ونمط معين لمواصلة حياته وهذا الامر سيؤثر فيما بعد في بناء شخصيته ونموها. كما أنه على اثر هذا الاحتياج وتأمينه يشعر الطفل بالغرور والاعتزاز ويشعر كذلك بهويته وشخصيته ويجعل شخصيته اكثر تمييزاً عن الآخرين ومستقلة عنهم.

ان الاحساس بوجود هذا الاحتياج يهيئ الارضية امام تحمل الطفل للمسؤولية والقيام بأداء الاعمال الخاصة؛ إذ انه يحمل الطفل ومنذ السنة السادسة من العمر على البدأ بحركة منظمه وواعية نحو هدفه. ويحصل بالتالي على تجربة ثمينة من ذلك. والاطفال الذي يمتلكون روح الاستقلال اكثر من غيرهم ويبذلون في سبيل ذلك حركة وجهداً متميزين ويحققون نجاحاً اكبر في هذا المجال فانهم سيمتلكون ثقة اكبر بأنفسهم ايضاً.

ضرورته:

لا ان نمنح الاستقلال للطفل وهذا الاستقلال من ضروريات حياة الطفل سواء في الوقت الحاضر أم في المستقبل. فالطفل بحاجة الى الانفصال عن والدته تدريجياً ويعتمد على نفسه ويجعل علاقته مع الآخرين علاقة طبيعية دون ان يكون مرتبطاً بهم وتابعاً لهم. وعادة ما يكون بكاء الطفل حين انفصاله عن والدته في سني الطفولة معبراً عن حتمية اليوم الذي يتوجب فيه على الطفل ان يكون مستقلا عن والدته ويتصب على قدميه معتمداً على نفسه.

ومن الناحية التربوية وملاحظة الحقوق التي للأطفال على آبائهم من الضروري ايضاً ان نسوق الاطفال نحو البلوغ ومن مظاهر هذا البلوغ هو التحرك نحو كسب الاستقلال. ويجب ان تكون أرضية التربية بالشكل الذي يتمكن معه الولد والبنت في سني البلوغ البدني وحتى البلوغ الشرعي من الاعتماد على انفسهم. ان الاستمرار على الاعتماد على الآخرين تنجم عنه شخصية ذيلية تابعة تؤدي الى إعاقة النمو والحاق الاذى بشخصية الفرد.

اضرار فقدان الاستقلال :

ولكي يحافظ الطفل على شخصيته واحترامه والتعبير ايضاً عن جدارته وكفاءته وحسن استخدامها فانه بحاجة الى ان يخطط بنفسه ، ويتحرك ، ويفكر، ويعزم ويقرر، ويستفيد من الحلول والامكانيات المختلفة. وان عدم مراعاة حالة الطفل في مطالبته بالاستقلال يساعد على استمرار مسألة الاتكال على الآخرين بل وتوصله من الناحية الاقتصادية الى المرحلة التي يصبح فيها ملعوناً من قبل الله تعالى لأنه يصبح كلاً على الآخرين: «ملعون من القى كله على الناس»، وما اكثر الآباء الذين يتسببون من خلال اخطائهم في التمهيد للقضاء على استقلال الطفل واضعاف شخصيته في الحاضر والمستقبل. وكلما تصاعدت حدة وقوفهم امام جنوحه لطلب الاستقلال فان ذلك يمثل طعنة في شخصيته وروحيته ويزيدون في ذلك في حياته الحالية والمستقبلية اكثر فاكثر.

ان قلق الابوين في اعطاء الاستقلال الكافي للطفل يكمن في التخوف من ان يؤدي هذا الامر الى خلق الارضية المناسبة لبروز المشاكل والمعضلات. أنهم قلقون لهذا الأمر لانهم يتخوفون من عواقب هذا الأمر وبالتالي يصبح هذا الامر سبباً في تأخير نمو الطفل ونضوجه. اذن لا بد مراعاة مسألة الاستقلال ولكن بنوع من الحيطة والحذر، لأن الافراط فيه يولد المخاطر أيضاً.

الهدف من الاستقلال ونوعه :

الهدف من الاستقلال يتمثل في التحرر من التبعية والارتباط بالغير والعلم بالواجبات المطروحة في اطار التكليف ونضوج الفرد؛ إذ لا بد له من امتلاك الاستقلال ليتمكن في ظله توفير موجبات خيره وسعادته وتمكنه من الاعتماد على نفسه.

ويشمل هذا الاستقلال كافة الانواع المهمة في حياة الانسان الفردية والاجتماعية في الحاضر والمستقبل. كالاستقلال في العمل وارتداء الملابس، والذهاب الى المستراح، فرش وجمع الفراش، وكل امر اخر له ارتباط بنحو أو آخر بحياته.

كما انه بحاجة الى الاستقلال في الاخلاق وابداء وجهة نظره؛ إذ يجب ان يكون قادراً على بيان وجهة نظره وسط افراد المجتمع ويدافع عنها. ويجب ان يكون تأسيس ذلك بشكل يشمل معه في المستقبل أرضية افكاره واعماله ويصبح بوسعه ايضاً ايصال ابداعه وابتكاره الى الميدان العملي.

ابعاد وحدود الاستقلال :

يجب ان تكون حدود الاستقلال الممنوحة للطفل متناسبة مع :

ـ شروط السن وبالشكل الذي يكون معه قادراً على استيعابها والاستفادة بنحو لائق.

ـ شروط ادراكه وفهمه وبالشكل الذي يعلم معه ماذا يفعل وما هي الخطوات التي خطاها.

ـ شروط احتياجاته ؛ إذ ان للفرد حاجات معينة في كل مرحلة من مراحل العمر ولا بد من اخذها بنظر الاعتبار.

ـ شروط حياته الحاضرة والآفاق التي صورناها له في هذا المجال.

وعلى اي حال نريد له ان يتمتع بذلك الاستقلال الذي يمكنه من العيش بمفرده دون أي خلل. وهذه الحياة لا تتعلق بمحيط الاسرة فقط بل تمتد لتشمل المدرسة والمجتمع أيضاً. ويجب ان ندعه يعيش حراً بنفس المقدار الذي يقدر فيه على الاستفادة بشكل صحيح من الاستقلال ويمتلك معه القدرة على حسن استخدامه لذلك حتى ولو كان قداراً على الذهاب الى المدرسة بمفرده أو السفر مستقلاً في السنين اللاحقة.

وفي هذا المجال توجد ملاحظة معينة وهي ان يكون الطفل مستقلاً ولكن ليس بالشكل الذي يتسبب فيه الاستقلال بالحاق الاذى به وبالآخرين. وعلى سبيل المثال يمكنه ان يكون مستقلاً في ادائه للأعمال الجماعية التي تبرز في البيت بل وحتى يجب عليه ان يقبل بتبعيته لأبويه.

التربية من اجل الاستقلال :

مع الاخذ بنظر الاعتبار احتياج الطفل الحالي والمستقبلي للاستقبال من الضروري ان يصار الى تربية الطفل للوصول الى هذا الهدف وان يخلق لديه الاستعداد للاعتماد على نفسه ويغسل ملابسه بنفسه ويتناول طعامه بنفسه، ويتقبل المسؤولية ذاتياً ويقوم بأدائها، ويذهب بنفسه الى التواليت و...

وهذه التربية يتم تطبيقها طبعاً على مراحل متعددة ولكن من الضروري تطبيقها بشكل كامل في كل مرحلة منها كي لا تقترن بالهرج والمرج والاضطراب. وعلى سبيل المثال يجب ان يكون الطفل قادراً على الذهاب إلا التواليت بشكل مستقل ولغاية السنة الرابعة من العمر ويجب ان يستغني تماماً عن مساعدة الام اياه في هذا المجال في السنة السادسة من العمر. أو أن يكون قادراً على ارتداء ملابسه الخارجية في السنة الثالثة من العمر ويكون قادراً في السنة الخامسة من العمر على زر ازرار حذائه وملابسه حتماً.

وما من شك في أن استقلال الطفل ناجم عن وجود الامن والحرية ولا بد من اخذ هذين العاملين بنظر الاعتبار بشأن تربية الطفل من أجل الاستقلال. ان مراعاة ذوق الطفل وتربيته من اجل تحقيق الاستقلال وللحد الذي لا يؤدي معه الى الحاق الاذى بالطفل يعد أمراً مقبولا حتى انه من الضروري في هذا البعد من الاستقلال ان نراعي ذوق التوائم أيضاً. وان لا نضطر الى توفير ملابس متشابهة لهم ذلك ان التشابه في الملابس يؤدي الى التبعية.

تمرين الاستقلال :

تحتاج التربية من أجل الاستقلال الى التمرين والممارسة ومن الضروري في هذا التمرين ان نضع في متناول يده الامكانيات والوسائل والادوات اللازمة وان نوفر له الظروف والمكانيات المناسبة في هذا المجال. ولغرض تحقيق الاستقلال من الضروري اولا ان يشعر باحترام شخصيته ويشعر بوجود ارتباط مبني على اساس الاحترام المتبادل بينه وبين أبويه كما أن الاحتكاك والارتباط بالآخرين والعيش وسط المجموعة المقارنة له في السن يمكن ان يلعب دوراً في ازالة التضاد الحاصل بينه وبين ابويه والناجم عن الاتكال والاستقلال وان يكون بمثابة تمرين على الاستقلال.

ومن الضروري في التمرين على الاستقلال ان نلقي مسؤولية أو عملاً معيناً على عاتق الطفل يحظى برغبته وتعلقه به ويكون قادراً على ادائه بمفرده. وفي حالة انجازه لذلك العمل من الضروري ان نقوم بتشجيعه والثناء عليه لكي يشعر بالزهو وقوة شخصيته ويقبل على المزيد من الابتكار والعمل. وينبغي له ان يخلق الاجواء التي تدفعه الى ان يخطط بنفسه، ويعمل، ويتمرن ليصبح بالتدريج فرداً مستقلاً.

الشروع بهذا التمرين :

وأما تعيين الوقت الذي يجب ان يبدأ فيه هذا التمرين ومتى نُقدم على هذا الامر فالجواب هو أنه ومنذ الاشهر الاولى تتوفر للطفل الارضية والظروف التي تمكنه من امتلاك موقفي فعال امام ابويه ويطمح الى نيل الاستقلال. ومنذ ان يبتسم الطفل ابتسامة واعية لأبويه فانه يمتلك الاستعداد على ان يكون مستقلاً.

ومنذ السنة الأولى على وجه الخصوص فانه يقف على مفترق طريقين. فلو منح الفرصة اللازمة يمكنه ان يصبح فرداً اجتماعياً ومستقلاً ويضاعف من اعتماده على نفسه. ففي هذه السن يتحرك بمفرده، يستند الى الكرسي وينهض، ويريد ان يتناول طعامه بنفسه بدون ان تساعده والدته في هذا الأمر. ومنذ السنة الرابعة أو الخامسة من العمر يصبح بمقدوره ارتداء ملابسه او حذائه وفي السنة السادسة من العمر يستخدم المحبة أو يظهر البرود في ذلك.

وعلى أي حال فان اكثر المراحل حساسية في تمرين الاستقلال هي المرحلة التي يفرض فيها الابوين ضوابط ومقررات معينة على الطفل ويكون قادراً على اكتشافها وادراكها والعمل طبقاً لها. وفي تلك الحالة نكون قد إهتممنا بتطبيق المقررات من جهة ومسألة التمهيد كذلك بالشكل الذي تساعده الى اكتشاف سبيل نحوه وسلامته.

التمهيد للاستقلال:

لغرض تربية الطفل من اجل الوصول الى مرحلة الاستقلال بإمكان الآباء والمربون القيام بالتمهيدات اللازمة ويستفيدوا في هذا المجال من مختلف الاساليب والتي يتمثل احداها بتقديم النماذج السالمة والبناءة. كما ان لمواقف الآباء تجاه المسائل التي تطرأ لهم حديثاً مؤثرة في هذ الجال.

ويريد الطفل ان يتناول طعامه بشكل مستقل، ويرتدي ملابسه بمفرده ويقدم شخصياً على بعض الاعمال. ويجب في هذا المجال الاسراع الى مساعدته وتمهيد الارضية امامه للحصول على الاستقلال باي شكل من الاشكال. كما ان ايداع المسؤوليات المناسبة والجديرة بمقدور الطفل تعد خطوة في هذا المجال بإمكانها ان تساعد الطفل على كسب اسقلاليته.

ويجب ان نأخذ بنظر الاعتبار رغبات الطفل في عملية الاعانة هذه وان نحاول اجتناب عمليات الفرض والافراط في ذلك أو نبتعد عن القلق من اعطاء الاستقلال للطفل وعن كل أمر يساعد على التمهيد لاستمرار التبعية ضمن ملاحظتنا لعدم الخروج عن حد التعادل والتوازن.

خطر الافراط في الاستقلال:

الطفل بحاجة الى الاستقلال ولابد من تأمين هذا الاحتياج وليس ذلك بموضوع حديثنا ولكن لو كان اعطاء الاستقلال بشكل يخرج معه المتعارف والمألوف فأنه يمهد الارضية للاعتداء والعنف ويؤدي بالطفل الى التسلط. وفي هذه الحالة من الممكن ان يعمد الطفل الى الاعتداء والتجاوز على الآخرين ويستغفل مكانته استغلالاً سيئاً.

ولهذا السبب نقول بان امتلاكه الاستقلال يجب ان لا يؤدي الى عدم اكتراثه بالواجبات والتكاليف وان يتملص عن ادائها. ويجب تعليم الطفل على النظام والضبط في الطريق الى اكتساب الاستقلال وتفهيمه بانه لو كان يريد ان يبقى مستقلاً فلا بد له ان يراعي الضبط والانضباط ويفكر بتعقل وفي نفس الوقت الذي ينطوي فيه استقلاله على البعد البدني يجب ان ينطوي على البعد العاطفي والاخلاقي أيضاً.

التدخل في شؤون الطفل :

يفرض الاباء في كثير من الموارد حدود معينة لاستقلالية الطفل ويتدخلون في مسألة اختيار نوع لعب الاطفال أو نوعية نشاطاته، وهذا الأمر مخالف لأصول وقواعد التربية ويجب ان نترك الحرية للطفل فيما يتعلق بهذا النوع من الامور وان لا نتدخل في شؤونه.

ويجب ان يحصل التدخل عندما نشعر بوجود خطر يهدد الطفل أو عندما يكون عمله مخالف للضوابط الاسلامية والانسانية. وهذه التدخلات تؤدي الى احدى حالتين :

ـ الاستسلام والعبودية المفرطة.

ـ الاستقلال المقرون بالتمرد، وعدم الطاعة، والاثنان منافيان للأخلاق والتربية ولا ينبغي للآباء والمربين التمهيد لذلك. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.






بالصور: عند زيارته لمعهد نور الإمام الحسين (عليه السلام) للمكفوفين وضعاف البصر في كربلاء.. ممثل المرجعية العليا يقف على الخدمات المقدمة للطلبة والطالبات
ممثل المرجعية العليا يؤكد استعداد العتبة الحسينية لتبني إكمال الدراسة الجامعية لشريحة المكفوفين في العراق
ممثل المرجعية العليا يؤكد على ضرورة مواكبة التطورات العالمية واستقطاب الكفاءات العراقية لتقديم أفضل الخدمات للمواطنين
العتبة الحسينية تستملك قطعة أرض في العاصمة بغداد لإنشاء مستشفى لعلاج الأورام السرطانية ومركز تخصصي للتوحد